أدى رهان المتداولين في وول ستريت على أن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيتمكن من إدارة تحقيق الهبوط السلس إلى تحفيز صعود القطاعات الأكثر خطورة في السوق، لتسجل مؤشرات الأسهم الأميركية أعلى مستوياتها على الإطلاق.
صعد مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) بسنبة 1.7% مسجلاً رقمه القياسي التاسع والثلاثين في 2024، ليرفع مكاسبه خلال العام الحالي إلى 20%. قادت أسهم التكنولوجيا الصعود، بينما كان أداء القطاعات الدفاعية ضعيفاً. ارتفع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 2.6% وصعد مؤشر “راسل 2000” للأسهم الصغيرة للجلسة السابعة على التوالي. وقفز سعر “بتكوين” 5%. تباين أداء سندات الخزانة، وتفوقت آجال الاستحقاق الأقصر أجلاً على نظيراتها طويلة الأجل. انخفضت قيمة الدولار.
البداية الجريئة لبنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة وتصميمه على عدم التخلف عن السوق، أعادت الآمال في أن البنك المركزي سيكون قادراً على تجنب الركود. أظهرت بيانات يوم الخميس انخفاضاً في طلبات إعانة البطالة إلى أدنى مستوى منذ مايو، مما يشير إلى أن سوق العمل لا تزال قوية على الرغم من تباطؤ التوظيف.
“خطوة جريئة”
قال فؤاد رزاقزادة من “سيتي إندكس” و”فوركس.دوم”: “رغم بعض التقلبات التي شهدتها السوق بعد خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، إلا أن الاتجاه الصعودي لمؤشر (إس آند بي 500) لا يزال قائما. لقد حظي قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس بترحيب كبير من قبل المستثمرين. واعتبروا هذه الخطوة جريئة ولكنها ضرورية لتخفيف المخاوف الاقتصادية دون إرسال إشارات ذعر تذكرنا بالأزمة المالية لعام 2008”.
تخطى مؤشر “إس آند بي 500” مستوى 5700 نقطة. انخفض مؤشر التقلب المفضل في وول ستريت -“VIX”- إلى حوالي 17 نقطة. يأتي ذلك قبل الحدث ربع السنوي المعروف باسم “الساحرة الثلاثية” حيث تحين آجال عقود المشتقات المرتبطة بالأسهم وخيارات المؤشرات والعقود الآجلة، مما قد يؤدي إلى تضخيم تحركات السوق. ومن المقرر أن تنتهي صلاحية حوالي 5.1 تريليون دولار يوم الجمعة، وفقًا لتقدير من “Asym 500”.
ارتفع العائد على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات نقطتين أساس إلى 3.72%. وصعدت قيمة الجنيه الإسترليني بعد أن أبقى بنك إنجلترا أسعار الفائدة دون تغيير، وقال إنه لن يتسرع في تيسير السياسة النقدية. وانخفضت قيمة الين قبيل قرار السياسة النقدية لبنك اليابان.
ارتفاع متوقع
تميل الأسهم إلى الاستجابة بشكل إيجابي لخفض أسعار الفائدة خلال العام المقبل إذا تم تجنب الركود، وفق كيث ليرنر من “ترويست أدفايزوري سرفيسر” (Truist Advisory Services). وألمح إلى أن السوق مرت بـ6 دورات لخفض أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي منذ عام 1989، وارتفعت مؤشرات الأسهم بعد عام، في أربع من ست حالات.
إذا نظرنا بشكل أكثر تفصيلاً، فقد تفوق أداء الأسهم الكبيرة في الولايات المتحدة على الشركات الصغيرة في العام الذي أعقب أول خفض لسعر الفائدة في أربع من الحالات الست السابقة. فيما تفوق أداء الشركات الصغيرة، على نحو غير متوقع، في فترتي الركود في عامي 2001 و2008.
وقال: “على المدى القصير، قد تشهد الأسهم ذات القيمة السوقية الأصغر دفعة أكبر جراء تخفيضات أسعار الفائدة بالنظر إلى أن هذه الشركات عموماً لديها نسبة أكبر من الديون ذات معدلات الفائدة المتغيرة مقارنة بالشركات الكبيرة. وأضاف “مع ذلك، لا تزال اتجاهات أرباح الشركات الصغيرة متخلفة، ويعتبر هدوء النمو الاقتصادي تاريخياً بمثابة تحدي لفئة الأصول هذه. وبالتالي، ما زلنا نفضل الشركات الكبيرة على المدى الطويل”.
على أساس مكرر السعر إلى المبيعات المستقبلية، يُتداول مؤشر “راسل 2000” بأكبر خصم لمؤشر “إس آند بي 500” منذ أكثر من 20 عاماً.
الذكاء الاصطناعي وأسهم التكنولوجيا
“تاريخياً، سجلت أسواق الأسهم أداءاً جيداً في الفترات التي خفض فيها الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بينما لم يكن الاقتصاد الأميركي في حالة ركود، نتوقع ألا تكون هذه المرة استثناءً”، وفق سوليتا مارسيلي من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”، وأضافت :”تظل توقعاتنا الأساسية هي أن يستهدف مؤشر (إس آند بي 500) مستوى 5900 بحلول نهاية العام، ثم 6200 بحلول يونيو 2025”.
وتوقعت مارسيلي أن يتوسع نطاق صعود أسعار الأسهم، مع استمرار إمكانية ارتفاع أسهم النمو، خاصة في قطاع التكنولوجيا.
وقالت: “على صعيد قطاع التكنولوجيا، نتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي محركاً رئيسياً لعوائد الأسهم خلال السنوات المقبلة، ونوصي بالتعرض الاستراتيجي لهذا الموضوع”. و”قد يستغل المستثمرون تقلبات أسهم قطاع التكنولوجيا، والتي قد تتصاعد في الأشهر المقبلة بسبب المخاطر الدورية والجيوسياسية، لبناء مراكز طويلة الأجل بالأسهم المرتبطة بالذكاء الاصطناعي بأسعار أكثر ملاءمة”.
في غضون ذلك، أظهر استطلاع “MLIV Pulse” الأخير أن 57% من المشاركين البالغ عددهم 173 شخصاً يعتقدون أن التحول إلى أسهم القيمة من المرجح أن يتسارع الآن بعد أن بدأ الاحتياطي الفيدرالي دورة التيسير النقدي.
ويتوقع غالبية المشاركين في الاستطلاع، 75%، أن تتمكن الولايات المتحدة من إدارة هبوط سلس بعد خفض سعر الفائدة 50 نقطة أساس، ولكن حتى هؤلاء يفضلون أسهم القيمة على أسهم الذكاء الاصطناعي، وفقاً للاستطلاع الذي تم إجراؤه مباشرة بعد قرار البنك المركزي. كما حظيت أسهم القيمة بشعبية خاصة بين أولئك الذين توقعوا أن تعاني الولايات المتحدة من الركود.