انخفض معدل التضخم في فرنسا وإسبانيا إلى ما دون 2%، ما عزز توقعات المستثمرين وخبراء الاقتصاد بأن البنك المركزي الأوروبي سيعمل على تسريع وتيرة خفض أسعار الفائدة.
أظهرت البيانات الصادرة يوم الجمعة أن أسعار المستهلكين في فرنسا ارتفعت 1.5% مقارنة بالعام الماضي في سبتمبر، منخفضة إلى ما دون 2% للمرة الأولى منذ أكثر من ثلاث سنوات، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى انخفاض تكاليف الطاقة. وشهدت إسبانيا اتجاهاً مماثلاً، مع تراجع التضخم إلى 1.7% بسبب كلفة الوقود والطاقة والغذاء.
وكان المحللون توقعوا بلوغ التضخم 1.9% لكل دولة. وأظهر مسح منفصل أجراه البنك المركزي الأوروبي أن المستهلكين يتوقعون ارتفاع الأسعار بشكل أبطأ خلال السنوات المقبلة.
الأدلة على انحسار ضغوط (الأسعار) في أوروبا تتوافق مع صور مؤشر التضخم الاكثر متابعة من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي، والذي أظهر أقل زيادة سنوية منذ أوائل 2021.
إشارات ضعف
وسمح تباطؤ نمو أسعار المستهلك في جميع أنحاء الكتلة المكونة من 20 دولة للبنك المركزي الأوروبي بخفض سعر الفائدة على الودائع مرتين هذا العام، وأشار معظم صناع السياسات النقدية إلى بدء مسار الخفض التدريجي للفائدة. ولكن الانكماش المفاجئ في اقتصاديات القطاع الخاص كان سبباً في تعزيز الرهانات على أن التيسير النقدي سوف يتسارع قريباً.
ظهرت علامات أخرى على الضعف يوم الجمعة في ألمانيا، حيث ارتفعت البطالة أكثر من المتوقع هذا الشهر، مما يشير إلى أن التصحيح الاقتصادي القاسي الآخر له تأثير متزايد على سوق العمل.
وفي الوقت نفسه، انخفض مؤشر الثقة الاقتصادية لمنطقة اليورو -إذ ظل مستقرا تقريباً عند نفس مستويات ديسمبر- متأثراً بالصناعة وتجارة التجزئة. وارتفعت ثقة المستهلك، وكذلك الخدمات.
بعد البيانات الصادرة صباح الجمعة، عززت الأسواق رهاناتها على تخفيض آخر بمقدار ربع نقطة مئوية في أسعار الفائدة في 17 أكتوبر، متوقعة احتمالاً نسبته 80% لمثل هذا السيناريو. كما عدّل محللو “غولدمان ساكس” و”بي إن بي باريبا” توقعات لشهر أكتوبر إلى “خفض الفائدة”، كما فعلت “بلومبرغ إيكونوميكس”. ويُذكر أن “إتش إس بي سي” اتخذ النهج نفسه في وقت سابق من هذا الأسبوع.
رأي “بلومبرغ إيكونوميكس”:
“عدّلنا توقعاتنا الأساسية لاجتماع البنك المركزي الأوروبي في أكتوبر إلى خفض الفائدة. إذ توقعنا سابقاً أن ينتظر صناع السياسات النقدية في البيانات تأكيداً إضافياً لاتجاهات انكماش الأسعار قبل خفض تكاليف الاقتراض في ديسمبر، لكن يبدو أن هذا التأكيد وصل مبكراً”.
ومع ذلك، حذر البنك المركزي الأوروبي من أن مكاسب الأسعار في المنطقة سترتفع على الأرجح مرة أخرى في وقت لاحق من هذا العام، ومن غير المرجح أن يكتمل تقهقر التضخم إلى الهدف بالكامل حتى أواخر 2025.
يُتوقع أن يحصل مسؤولو السياسة النقدية على صورة أوضح للوضع خلال الأيام المقبلة. إذ من المقرر أن تنشر إيطاليا وألمانيا بيانات هذا الشهر يوم الإثنين، ثم منطقة اليورو يوم الثلاثاء.
نهج تدريجي
ولكن بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي، فإن أرقام التضخم الرئيسية كانت أقل من بيانات ضغوط الأسعار في قطاع الخدمات، والتي تجاوزت 4% في أغسطس، وكثيراً ما يستشهد بها أنصار التشديد النقدي في دعواتهم للتحلي بالصبر أثناء خفض أسعار الفائدة.
وأظهرت بيانات فرنسا لشهر سبتمبر أيضاً اعتدالاً في الخدمات، حيث تراجع التضخم إلى 2.5% من 3%.
قال محافظ بنك فرنسا، فرانسوا فيليروي دي جالهاو، إن البنك المركزي الأوروبي يجب أن يتبنى نهجاً تدريجياً لسياسة التيسير النقدي، مع الحرص على عدم التقليل من احتمالية ارتفاع ضغوط الأسعار عن هدف 2%. ويتوقع البنك المركزي الوطني أن يتباطأ التضخم في فرنسا في وقت أقرب مما هو عليه في منطقة اليورو، ليصل إلى 1.5% في المتوسط في 2025 بعد 2.5% هذا العام.