ترقب كبير لندوة وزير المالية الصيني يوم السبت للإعلان عن حزمة تمويل لدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم
تترقب الأسواق في الصين ما ستعلنه وزارة المالية بخصوص حزمة تحفيز مالية جديدة قد تصل إلى تريليوني يوان (283 مليار دولار أميركي) في سعي حثيث لدعم ثاني أكبر اقتصاد في العالم وتعزيز ثقة المستثمرين وإعادة وتيرة الإنفاق الاستهلاكي نحو الارتفاع.
من المرجح أن يعلن وزير المالية الصيني عن تفاصيل الحزمة خلال مؤتمر صحفي مرتقب يوم السبت. ويُتوقع أن يأتي هذا التمويل في شكل سندات حكومية، بحسب استطلاع أجرته “بلومبرغ” وشمل 23 مشاركاً من السوق.
يسود التساؤل حول حجم الحزمة وأيضاً الوجهة المستهدفة من هذا الدعم، إذ سيوضح ذلك الاستراتيجية التي تعتزم الحكومة اتباعها لإدارة اقتصادها بعد أعوام من النمو القائم على الديون، بجانب الاستثمار، خاصة في قطاعي العقارات والبنية التحتية.
“الشرق” ناقشت هذا الموضوع في حلقة خاصة بعنوان “الصين.. النمو الصعب” وبمشاركة عدد من المحللين والخبراء وأجمع أغلبهم على أن التأثير على المدى الطويل قد لا يتحقق مع الحزم التحفيزية المعلنة بالنظر للمشكلات الكبيرة التي يعاني منها الاقتصاد، وهو ما يتطلب الاستمرار في اعتماد السياسات التحفيزية كلما دعت الضرورة.
الطريق إلى الصعود
يرى مارك موبيوس، رئيس مجلس إدارة صندوق “Emerging Opportunities” أن “الحكومة الصينية ستحاول إنعاش السوق أكثر مما حدث بالفعل والهدف هو زيادة تدفق الأموال إلى الصين لأن هناك حاجة كبيرة للتمويل. السوق في طريقها نحو الصعود على المدى الطويل بشرط أن تستمر السياسات”.
رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الصيني إلى 5% للعام الحالي لكنه حذر من التباطؤ إلى 3.3% في عام 2029، وضغط ذلك على اقتصادات دول شرق آسيا. وسبق أن خفضت الصين أسعار الفائدة وعززت الدعم لأسواق العقارات والأسهم عبر سلسلة من الإجراءات التي أُعلنت في أواخر سبتمبر. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يطالبون بمزيد من التدخلات المالية التي يراها الاقتصاديون ضرورية لتعزيز الثقة في السوق.
“سوق العقارات مشكلة كبيرة جداً ويصعب حلها على المدى القصير، ما هو ناقص هو الثقة لدى المستهلكين ومن يتعامل بأسواق الأسهم”، بحسب راجات أغاروال، استراتيجي الأسهم لمنطقة آسيا في “سوسيته جنرال”.
تحديات طويلة المدى
يُجمع المحللون على أن تحديات الاقتصاد الصيني ذات طبيعة هيكلية وتحتاج معالجة على المدى الطويل، إذ تقول جانو تشان، مُؤسسة “Bitesized Economics” إن “التحديات طويلة الأمد ستبقى موجودة بغض النظر عما سيتم اتخاذه على المدى القصير، رأينا بعض الخطوات المشجعة لكنها ليست الرصاصة السحرية لحل كل مشكلات الاقتصاد الصيني”.
بحسب تشان فإن “تخفيض أسعار الفائدة وزيادة السيولة إضافة إلى بعض المحفزات الموجهة نحو المستهلكين ليست الإجابة على كل شيء لكنها خطوة في الاتجاه الصحيح نحو تقديم المزيد من المحفزات لمعالجة المشكلات الأخرى لدفع النمو وهذا يحتاج وقتاً طويلاً. لحد الآن هناك خيبة أمل في الأسواق لأن الحزم المعلنة تهم قطاعات محددة وليس كلها”.
تحسن الثقة
يشير ثيودور شو، الرئيس التنفيذي لشركة “YIYI Capital” إلى أن الاقتصاد الصيني يوجد في مرحلة جد مبكرة من الصعود، لكن ذكر أن هناك مشكلات على المدى الطويل وهو المدى الذي قد يُحسب بالنسبة للصين في بضعة أشهر أو بضعة أرباع عكس الاقتصادات الأخرى. وزاد قائلاً: “المحفزات المعلنة حتى الآن لم تغير سوق العقارات، لكنها ستعطي بعض الحوافز للمستهلكين للإنفاق أكثر، وقد لا يتحقق إنفاق أكبر لكن سنرى تحسناً في ثقة المستهلكين للإنفاق أكثر مقارنة بالفترة السابقة”.
سبق أن خفضت الصين أسعار الفائدة وعززت الدعم لأسواق العقارات والأسهم عبر سلسلة من الإجراءات التي أُعلنت في أواخر سبتمبر. ومع ذلك، لا يزال المستثمرون يطالبون بمزيد من التدخلات المالية التي يراها الاقتصاديون ضرورية لتعزيز الثقة في السوق.
قد يسهم تعزيز الاستهلاك في إعادة توازن الاقتصاد وتقليل اعتماده على الصادرات كمحرك رئيسي للنمو وسط التوترات التجارية المتصاعدة. ومع ذلك، تظل بكين مترددة في تقديم مساعدات مباشرة على نطاق واسع خشية تبني ما تصفه بـ”سياسات الرعاية الاجتماعية”، بحسب بلومبرغ.
خيبة أمل
شهدت الأسهم الصينية المحلية تقلبات طوال الأسبوع بعد انتهاء موجة مكاسب استمرت عشرة أيام يوم الأربعاء، حيث أُصيب المسؤولون بخيبة الأمل لعدم الإعلان عن أي تحفيزات جديدة كبيرة بعد عطلة دامت أسبوعاً. وتهاوى مؤشر “سي إس آي 300” القياسي بأكثر من 1% في بداية التداولات يوم الجمعة.
وبحسب ألفين تان، استراتيجي الأسواق في “RBC Capital Markets” فإن القفزة المسجلة لن تتكرر على المدى القصير، وأضاف: “إذا لم يتم الكشف عن حزمة مالية كما هو متوقع بنحو تريليوني يوان ستكون خيبة أمل. قد تكون الحزمة في حدود تريليون فقط ومع ذلك ستساهم في تحقيق بعض المكاسب”. وتوقع أن تأتي الحزمة المالية من الحكومة المركزية لدعم المستهلك إضافة إلى دعم الحكومات المحلية من أجل المساعدة على شراء المساكن وبالتالي مساعدة المطورين العقاريين.
من جهته، يعتقد راجات أغاروال، استراتيجي الأسهم لمنطقة آسيا في “سوسيته جنرال” أن “السوق تتطلع إلى حزمة التحفيز نهاية الأسبوع والتي ربما سيكون لديها تأثير على المدى القصير، لكن ما يهم على المدى الطويل هو المحفزات من المالية العامة وحجمها، لكن المزاج العام في السوق شهد تحسناً ولم نر نزولاً في الأسواق بل هناك صعود”.