شركات تعدين بتكوين تتبنى مسارين مختلفين بعد 6 أشهر من تنصيف الإيرادات

تواجه شركات تعدين العملات المشفرة بعد 6 أشهر من تنصيف المكافآت مقابل تدقيق المعاملات على شبكة بتكوين خيارين مختلفين لاستمرار نشاطها.

تحتفظ بعض شركات التعدين العامة، مثل “مارا هولدينغز” (MARA Holdings)، و”رايوت بلاتفورمز” (Riot Platforms)، و”كلين سبارك” (CleanSpark)، بما تنتجه من بتكوين على أمل ارتفاع قيمة العملة المشفرة، بينما تستثمر شركات أخرى بشكل مكثف في تطوير مراكز بيانات تدعم تطبيقات الذكاء الاصطناعي.

تزايدت حالة تباين هذه المواقف في الصناعة منذ تحديث البرمجيات في سلسلة الكتل “بلوكتشين” الذي حدث في أبريل، والمعروف باسم “التنصيف”، وهو برمجة مسبقة تخفض مكافآت تعدين بتكوين بنسبة 50% كل أربع سنوات. يهدف هذا التقليص إلى الحفاظ على الحد الأقصى النهائي البالغ 21 مليون بتكوين، ومنع تضخم العملة الرقمية.

قال وولفي تشاو، محلل في شركة “ذا ماينرماغ” (TheMinerMag) للأبحاث: “مع تضييق هوامش الربح بشكل كبير نتيجة التنصيف، فإن إحدى الاستراتيجيات القليلة المتاحة للحفاظ على ثقة المستثمرين هي أن يحتفظ المُعدّنون ببتكوين التي قاموا بتعدينها، ويراهنون على ارتفاع الأسعار مستقبلاً، بينما يعتمدون على تمويل الأسهم أو الديون”. وبذلك، يمكنهم تجنب بيع بتكوين بخسارة فورية، وعدم تحقق الخسائر المحتملة، ما يتيح لهم الاستفادة إذا حدث ارتفاع في السوق.

الأسهم أقل أداءً من بتكوين

رغم أن معظم أسهم الشركات حققت أداءً دون مستوى ارتفاع بتكوين الذي تجاوز 60% هذا العام، حيث انخفضت الإيرادات المستقبلية من التعدين، إلا أن المتداولين يتوقعون أن تكون الشركات التي تستثمر في الذكاء الاصطناعي هي الأكثر نجاحاً. على سبيل المثال، تراجعت أسهم “مارا” و”رايوت”، وهما من أكبر شركات تعدين بتكوين المدرجة في البورصة، بنسبة 20% و36% على التوالي هذا العام. ويُستخدم مصطلح “Hodl” في الصناعة للإشارة إلى الاحتفاظ بالعملات الرقمية على المدى الطويل.

في المقابل، شهدت أسهم “كور ساينتيفيك” (Core Scientific)، التي خرجت من الإفلاس في يناير، ارتفاعاً بأربعة أضعاف بعد إعلانها عن سلسلة من العقود التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات مع شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة “كورويف” (CoreWeave). ستقوم الشركة بتعديل بعض مراكز بياناتها لاستضافة وحدات معالجة الرسومات (GPUs) لتوليد قوة حوسبة عالية الأداء لتطبيقات الذكاء الاصطناعي. كما أن شركة “تيرا وولف” (TeraWulf) التي تضاعفت قيمة أسهمها هذا العام، تعمل أيضاً على تطوير مساحات لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، رغم أن حجمها صغير نسبياً.

أسهم شركات تعدين بتكوين الأخرى التي تكرس موارد أكثر لتطوير الذكاء الاصطناعي، مثل “آيريس إنيرجي” (Iris Energy) و”بيت ديجيتال” (Bit Digital)، يميل أداؤها إلى الجانب الأفضل مقارنة ببعض نظيراتها التي تركز على الاحتفاظ ببتكوين التي تنتجها.

مع ذلك، لا يزال من غير الواضح أي استراتيجية ستثبت نجاحها. فعلى الرغم من رواج الذكاء الاصطناعي، هناك إشارات إلى تراجع الاهتمام بهذا القطاع. كما أن هناك تساؤلات حول ما إذا كانت شركات تعدين بتكوين تمتلك الموارد الكافية والالتزام القوي لدخول سباق الذكاء الاصطناعي، نظراً لأن هذه العملية تتطلب استثمارات كبيرة.

شركات تعدين بتكوين أكثر براعة

في الوقت نفسه، أصبحت شركات تعدين بتكوين التي تحتفظ بالعملة أكثر براعة في توقيت دورات السوق بعد معاناتها من انهيار الصناعة في السنوات الماضية. بالنسبة لبعض الشركات، وخاصة الكبيرة منها، مثل “مارا” و”كلين سبارك”، لا يزال تعدين بتكوين مربحاً مع هوامش إجمالية إيجابية.

قال بول غولدينغ، محلل أول في “ماكوري كابيتال يو إس إيه” (Macquarie Capital USA): “رأينا أن تعدين بتكوين الخالص له مكان في السوق حالياً من حيث توليد قيمة اقتصادية من زيادة القدرة على التعدين”. وأعرب عن تقييمات متفوقة لشركات “مارا” و”رايوت” و”كور ساينتيفيك” و”آيريس إنيرجي” و”كلين سبارك” و”سايفر ماينينغ” (Cipher Mining).

أشار غولدينغ إلى أن التقدم في كفاءة الأجهزة والارتفاع المحتمل في سعر بتكوين من بين الأسباب التي تمكن المعدّنين من البقاء قادرين على المنافسة من منظور هوامش الربح الإجمالية، حتى بعد التنصيف.

مع عودة أسعار بتكوين للارتفاع بعد انهيار السوق في عام 2022، استأنفت شركات التعدين الاقتراض وإصدار المزيد من الأسهم. وهذه المرة، تقوم شركات مثل “مارا” باستخدام العائدات لشراء العملات المشفرة، مما يحاكي استراتيجية شركة “مايكروستراتجي” (MicroStrategy)، التي تحولت من شركة برمجيات مغمورة إلى أشهر شركة تعتمد على بتكوين على مستوى العالم.

قال إيثان فيرا، الرئيس التنفيذي لشركة “لوكسور تكنولوجي” (Luxor Technology): “في بيئة يرتفع فيها سعر بتكوين، ستكون هذه استراتيجية ناجحة للغاية، لكنها ستكون كارثية إذا انخفضت الأسعار. ستستمر في تحقيق أرباح سلبية، وهم يخفون مدى سوء الصناعة وضعف عملياتهم من خلال تخفيف حصص المساهمين وشراء أجهزة جديدة”.