تقلبت مؤشرات الأسهم الأميركية مع تقييم المتداولين لاحتمالات تباطؤ وتيرة خفض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة. وحامت عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات حول مستوى 4.2%.
قلصت وول ستريت رهاناتها على تخفيف السياسة النقدية وسط استمرار قوة الاقتصاد الأميركي، يبدي مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي لهجة حذرة بشأن وتيرة انخفاض أسعار الفائدة في المستقبل. وأدى ارتفاع أسعار النفط واحتمال حدوث عجز مالي أكبر بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة إلى تفاقم مخاوف السوق. منذ نهاية الأسبوع الماضي، قلص المتداولون نطاق التخفيضات المتوقعة من بنك الاحتياطي الفيدرالي حتى سبتمبر 2025 بأكثر من 10 نقاط أساس.
“بالطبع، لا ينبغي أن تكون العوائد المرتفعة سلبية بالنسبة للأسهم. دعونا نواجه الأمر، ترتفع سوق الأسهم مع صعود عائدات السندات لمدة شهر كامل الآن”، وفق مات مالي، من شركة “ميلر تاباك+كو” (Miller Tabak + Co). وأضاف: “ومع ذلك، ونظراً لمدى كلفة السوق اليوم، فهذه العوائد المرتفعة يمكن أن تسبب بعض المشاكل لسوق الأسهم في وقت قريب جداً”.
وصل التعرض لمؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) إلى مستويات أعقبها انخفاض 10% في السابق ، وفقاً لاستراتيجيي “سيتي جروب”. وكتب الفريق بقيادة كريس مونتاغو في مذكرة، إن المراكز الشرائية على العقود الآجلة المرتبطة بالمؤشر المرجعي بلغت أعلى مستوياتها منذ منتصف 2023 وتبدو “مجهدة بشكل خاص”.
استقر مؤشر “إس آند بي 500”. وارتفع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 0.1%. واستقر مؤشر “داو جونز الصناعي”. وانخفض مؤشر “راسل 2000” للشركات الصغيرة 0.1%. أبدت شركة “تكساس إنسترومنتس” توقعات إيرادات باهتة للربع الرابع. سيتم تأجيل صدور توقعات “ستاربكس” لعام 2025.
عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات استقرت عند 4.20%. وسجل اليورو أدنى مستوياته منذ أوائل أغسطس وسط رهانات على أن البنك المركزي الأوروبي سيواصل خفض أسعار الفائدة. يزيد متداولو الخيارات رهاناتهم على أن “بتكوين” ستصل إلى مستوى قياسي يبلغ 80 ألف دولار بحلول نهاية نوفمبر بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأميركية.
ارتفعت أسعار النفط مع تتبع التجار التوترات بين إسرائيل وإيران. وصعد سعر الذهب إلى مستوى قياسي جديد.
مخاطر
ارتفعت سوق الأسهم هذا العام بفضل تماسك الاقتصاد وأرباح الشركات القوية والتكهنات حول انجازات الذكاء الاصطناعي -مما أدى إلى ارتفاع مؤشر “إس آند بي 500” بأكثر من 20%. ومع ذلك، تستمر المخاطر في الظهور: من انتخابات أميركية متقاربة إلى الحرب في الشرق الأوسط، وعدم اليقين بشأن مسار تيسير الاحتياطي الفيدرالي للسياسة النقدية.
من جهتها، قالت سوليتا مارسيلي، من “يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت”: “في حين تشير البيانات الأخيرة إلى اقتصاد أميركي أكثر مرونة مما كان يعتقد سابقاً، فإن الاتجاه العام لخفض التضخم لا يزال متماسكا، ولا تزال المخاطر السلبية -وإن كانت أقل- على سوق العمل قائمة”، و”ما زلنا نتوقع خفض أسعار الفائدة 50 نقطة أساس أخرى في 2024، و100 نقطة أساس من التخفيضات في 2025. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة”.
أدت سلسلة من نقاط البيانات الأقوى من المتوقع إلى إرسال النسخة الأميركية من مؤشر “سيتي غروب” للمفاجآت الاقتصادية إلى أعلى مستوى منذ أبريل. يقيس المؤشر الفرق بين إصدارات البيانات الفعلية وتوقعات المحللين.
وقالت لورين غودوين من “نيويورك لايف انفستمنتس”: “على خلفية البيانات الاقتصادية القوية في سبتمبر، توقعت الأسواق بالفعل وتيرة أبطأ للتخفيضات. إذا كان الاحتياطي الفيدرالي قادراً على التحرك نحو سعر فائدة 4% -وهو لا يزال أعلى من المستويات التي يعتقد معظم الناس أنها تمثل المعدل “المحايد”- فيمكن أن يستمر ارتفاع سوق الأسهم. ومن شأن التغيرات في هذا الرأي أن ترفع احتمالات تقلبات سوق الأسهم”.
وتيرة أبطأ لخفض الفائدة
أشار معظم مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي الذين تحدثوا في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى أنهم يفضلون وتيرة أبطأ لخفض أسعار الفائدة. وبدأ صناع السياسات النقدية في اجتماعهم الشهر الماضي بخفض الفائدة للمرة الأولى منذ ظهور الوباء. وخفضوا مؤشرهم المرجعي بمقدار نصف نقطة مئوية، إلى نطاق يتراوح بين 4.75% إلى 5%، مع تزايد المخاوف من تدهور سوق العمل وتباطؤ التضخم بالقرب من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2%.
“يمكننا أن نشير إلى بضعة أسباب لارتفاع أسعار الفائدة على الأوراق المالية طويلة الأجل عالمياً، لكن أحد الاحتمالات هو أن الأسواق تؤيد بشدة قيام البنوك المركزية بتخفيف سياستها النقدية قبل أن نشهد انخفاضاً مستداماً في التضخم”، وفق بيتر بوكفار مؤلف “بوك ريبورت”، مضيفاً “ما زلت أبدي نظرة هبوطية على الأوراق المالية طويلة الأجل، ونظرة متفائلة لنظيراتها قصيرة الأجل”.
كانت آخر مرة شهدت فيها سندات الحكومة الأميركية عمليات بيع كبيرة بهذا القدر عندما بدأ الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة، كان ألان غرينسبان يتولى تنسيق عملية هبوط سلس نادرة.
ارتفعت عائدات الأوراق المالية لأجل عامين بمقدار 34 نقطة أساس منذ أن خفض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة في 18 سبتمبر للمرة الأولى منذ 2020. وارتفعت العائدات بالمثل في عام 1995، عندما تمكن الاحتياطي الفيدرالي – بقيادة غرينسبان- من تهدئة الاقتصاد دون التسبب في الركود.
وفي دورات خفض أسعار الفائدة السابقة التي تعود إلى 1989، انخفضت عوائد السندات لأجل عامين في المتوسط بمقدار 15 نقطة أساس بعد شهر واحد من بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي في خفض أسعار الفائدة.
تقلبات
في غضون ذلك، قال صندوق النقد الدولي إن الانتخابات الأميركية تخلق “قدرا كبيرا من عدم اليقين” للأسواق وصناع السياسات، نظرا للتباين الحاد في الأولويات التجارية للمرشحين. وتخلق هذه الفجوة خطر حدوث جولة أخرى محتملة من التقلبات في الأسواق العالمية على غرار عمليات البيع الهائلة في أغسطس.
قالت كالي كوكس، من شركة “ريثولتز ويلث مانجمنت” (Ritholtz Wealth Management): “الرؤساء لا يسيطرون على الأسواق”، و”بمرور الوقت، كان القاسم المشترك في سوق الأسهم هو الاقتصاد والأرباح، وليس من يجلس في المكتب البيضاوي. نتوقع تقلبات مبنية على المعنويات في الأسواق مع اقترابنا من يوم الانتخابات. لكن تذكروا أن العواصف التي تغذيها الانتخابات غالبا ما تتبدد بسرعة”.
موسم نتائج الأعمال
ومع بداية موسم الأرباح، تجني الشركات الأميركية أفضل مكافأة في سوق الأوراق المالية منذ خمس سنوات لتجاوزها توقعات الأرباح التي تم تخفيضها في الفترة التي سبقت موسم إعداد التقارير.
تفوقت أسهم الشركات المدرجة على مؤشر “إس آند بي 500” التي سجلت أرباحًا أفضل من المتوقع في الربع الثالث على المؤشر المرجعي بمتوسط 1.74% في يوم إعلان النتائج، وفقاً للبيانات التي جمعتها “بلومبرغ إنتليجنس”. ويعد هذا هو أقوى معدل في سجلات “بلومبرغ إنتليجنس” التي تعود إلى عام 2019.
وفي الوقت نفسه، أظهرت البيانات أن الشركات التي جاءت نتائج أعمالها دون التقديرات تخلفت عن مؤشر “إس آند بي 500” بمتوسط 1.5%، وهو أداء أقل حدة من 1.7% التي حققتها في الربع الثاني.
قالت ميغان هورنمان من شركة “فيردينس كابيتال أدفيزورز”: “في موسم الأرباح هذا، نراقب ما تقوله الشركات عن التضخم والاقتصاد”، وأضافت: “بالإضافة إلى ذلك، وجهة نظرهم بشأن أسعار الفائدة، خاصة إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يستطيع أن يكون جريئاً كما تتوقع السوق في هذه المرحلة. من الجيد أن نرى المحللين أصبحوا واقعيين بشأن نمو الأرباح لعام 2025. ومع ذلك، عند نمو الأرباح 15%، نعتقد أنه لا يزال متفائلاً للغاية نظرًا لتوقعات تباطؤ النمو الاقتصادي في عام 2025”.