توقعات “غولدمان” بصعود الأسهم الأميركية بعد الانتخابات لن تتحقق لهذا السبب

عادة ما تحقق سوق الأسهم الأميركية أداء جيداً خلال الشهور الأخيرة من سنوات الانتخابات الرئاسية، ربما يعود ذلك إلى أن الغموض السياسي يتلاشى على ما يبدو، ما يسمح بلحظة توافق عام في وول ستريت. أشار سكوت روبنر من بنك “غولدمان ساكس غروب” الأسبوع الماضي إلى أن الأنماط التاريخية ربما تتكرر، وقد يرتفع مؤشر”ستاندرد أند بورز 500″ 7% إضافية وينهي السنة الحالية عند حوالي 6270 نقطة.

نستعرض فيما يلي الأسباب الجوهرية التي قد تجعل هذا التوقع خاطئاً.

تعتمد معظم الملاحظات حول الأداء الموسمي للسوق في سنوات الانتخابات على عينات صغيرة. تشير هذه البيانات إلى أن الأسهم عادة ما تنخفض في سبتمبر وأكتوبر ثم ترتفع مرة أخرى في الشهرين الأخيرين من سنة إجراء الانتخابات، كما تتميز انتصارات الجمهوريين بموجات ارتفاع قوية في نهاية العام. للأسف، لدينا فقط 24 سنة انتخابية رئاسية في فترة العينة، والعديد منها تتضمن أحداثاً كبرى تؤثر على النتائج. قد تكون أنماط سنوات الانتخابات مجرد نتيجة لعوامل مرتبطة بالتقويم العادي (رغم وجود أسباب للتشكيك في هذه الأسس التي تقوم عليها الفرضية أيضاً).

فكر في أن أفضل موجة صعود بعد الانتخابات كانت خلال 2020 بعد فوز المرشح عن الحزب الديمقراطي جو بايدن على الجمهوري دونالد ترمب. ولا يتحدث الناس عن هذا بوصفه “موجة صعود مرتبطة بالانتخابات”، لأن الأسواق كانت تركز على وعود توفير لقاحات كوفيد-19 والانتعاش الاقتصادي غير المسبوق مع نهاية الوباء. بالمثل، كانت أفضل موجة صعود بعد فوز مرشح الحزب الجمهوري خلال 1928 وسط حالة من هوس المضاربة في الأسواق، لكنها انهارت بعد أقل من عام عندما بدأ الكساد الكبير. والسياق يكون مهماً في العادة.

كانت هناك أيضاً تراجعات كبيرة في السوق قريبة من موعد الانتخابات، بما في ذلك نوفمبر السيئ بعد انتخابات 2008. وكما في الأمثلة الأخرى، كانت الأزمة المالية هي التي حطمت الثقة في الأسواق، وليس سياسات باراك أوباما.

3 سيناريوهات محتملة

هذه المرة، تشير استطلاعات الرأي وأسواق الرهانات إلى 3 سيناريوهات محتملة تتمثل في فوز جمهوري كامل برئاسة دونالد ترمب مع سيطرة الجمهوريين على مجلسي النواب والشيوخ، أو حكومة منقسمة بقيادة ترمب (فوز الديمقراطيين بالنواب والجمهوريين بالشيوخ)، أو حكومة منقسمة مع فوز كامالا هاريس ونفس تشكيل الكونغرس الأميركي. وتبين استطلاعات الرأي أن احتمالية فوز كامل للديمقراطيين غير مرجحة، لذا سأستبعد هذا الاحتمال.

في بعض أوساط وول ستريت، هناك اعتقاد شائع بأن الأسهم ستحقق أداء متميزاً إذا عاد دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، بناءً على حقيقة أن الأسهم ارتفعت في المرة السابقة عندما فاز.

كما أن الملياردير ستانلي دروكنميلر، الذي صرح بأنه لا يدعم أياً من المرشحين و”سيكتب اسم شخص ما” آخر على الأرجح، دعم هذا الرأي في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الأسبوع الماضي، قائلاً إن السوق قد اقتنع بفوز ترمب، وأن هذا كان واضحاً في أداء أسهم البنوك والعملات المشفرة، إلى جانب استثمارات أخرى.

لكن الوضع في 2024 مختلف تماماً عن 2016. ففي ذلك الوقت، كان الجمهوريون في مجلس النواب بقيادة رئيس المجلس السابق بول رايان قد وضعوا بالفعل حزمة إصلاحات جريئة تضمنت تخفيضات كبيرة في الضرائب على الشركات، وكانت الحسابات المالية بالنسبة لمستثمري الأسهم مغرية للغاية عندما سيطر الجمهوريون على الكونغرس الأميركي، وفاجأ ترمب أصحاب الفكر التقليدي بفوزه في الانتخابات الرئاسية.

كما أن الاقتصاد حينها كان يملك فائضاً في القدرات، مع تضخم منخفض وعجز في الموازنة أقل نسبياً، مما وفر مجالاً كبيراً لتحفيز الاقتصاد دون التسبب في أزمة رفع تكلفة معيشية، وهو ما لا ينطبق على 2024. رغم ذلك، فإن ترمب يدير حملة انتخابية تضع خططاً تنطوي على عجز مالي أكبر بصورة ملحوظة، بالإضافة إلى سياسات فرض رسوم جمركية وهجرة قد تضيف ضغوطاً تضخمية جديدة في ظل أسوأ تضخم في الولايات المتحدة خلال 4 عقود. علاوة على ذلك، كان مؤشر “ستاندرد أند بورز 500” نفسه أقل قيمة نسبياً خلال 2016، إذ كان مكرر الربحية الآجل حينها حوالي 16.8 مرة في يوم الانتخابات، في حين أنه اليوم يصل إلى 22 مرة، وحقق أداء جيداً طوال العام، بما في ذلك فترة خريف قوية. (تذكر أن إحدى السمات المفترضة لموسمية سنوات الانتخابات هي الضعف في سبتمبر وأكتوبر، لذا فقد خرقنا هذا النمط بالفعل).

سيناريو فوز ترمب

في السيناريو الذي يفوز فيه ترمب بالرئاسة ولكن يسيطر الديمقراطيون على مجلس النواب، قد يجد المستثمرون ارتياحاً في نظام الضوابط والتوازنات في الكونغرس الأميركي. وبالمثل، رغم أن الأسواق قد لا تحب مقترحات الديمقراطيين لرفع الضرائب، إلا أنها قد تكون راضية بوجود كامالا هاريس على رأس حكومة منقسمة. رغم ذلك، فإن احتمالاً يزيد عن الثلث بفوز الجمهوريين الكامل تبقي المشاركين في السوق على حذر.

عموماً، ما تزال هناك العديد من الأسباب للتفاؤل بشأن الأسهم الأميركية، ومن المستحيل التنبؤ بكل سيناريوهات الشركات والاقتصاد والسياسة المحتملة.

لقد شهد الاقتصاد انتعاشاً منذ خروجه من وباء كورونا، وأثارت أرباح البنوك من جديد التفاؤل بشأن الأسس الاقتصادية للشركات. بالإضافة إلى ذلك، فإن الارتفاع الذي حققته أسهم قطاع أشباه الموصلات على مدى العامين الماضيين، بقيادة شركة “إنفيديا”، قد يكون مجرد بداية للفرص التي يقدمها الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، إذا كنت تشتري أسهم الشركات الأميركية الكبرى فقط لأنك تعتقد أنها عادة ما ترتفع بعد الانتخابات، فمن الجدير تذكر القول المأثور القديم: أداء الماضي لا يؤشر بالضرورة على نتائج المستقبل.