لعدة أشهر، سارع العديد من الجمهوريين، بمن في ذلك الرئيس السابق دونالد ترامب، إلى التأكيد -دون دليل- على أن المراجعات لتقديرات التوظيف الأولية التي نشرها مكتب إحصاءات العمل كانت مقصودة من أجل إخفاء الحالة الحقيقية للاقتصاد في الولايات المتحدة.
ولكن مكتب إحصاءات العمل كان قد أصدر تقديراً أولياً بأن أصحاب العمل قاموا بتعيين 114 ألف عامل جديد فقط في يوليو، وهو ثاني أقل مكسب شهري منذ ديسمبر 2020. وأثار هذا التقرير -الذي أدى أيضاً إلى ارتفاع معدل البطالة إلى 4.3 بالمئة، وهو أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021- مخاوف من ركود وشيك وساعد في المساهمة في عمليات بيع كبيرة في سوق الأسهم. (تم تعديل رقم يوليو لاحقاً إلى 144 ألفاً).
قد يتخلى ترامب عن رأيه صباح الجمعة، عند صدور تقرير الوظائف لشهر أكتوبر، قبل أيام فقط من يوم الانتخابات؛ وذلك لأن التقرير يمكن أن يُظهر أن نمو الوظائف الشهري كان هو الأكثر تباطؤاً منذ أن سرح أصحاب العمل صافي 253 ألف عامل في ديسمبر 2020، ويرجع ذلك جزئياً إلى تأثيرات إعصاري هيلين وميلتون، والتي منعت بعض الأشخاص مؤقتاً من العمل.
ومع ذلك، إذا كان الأمر مثل تقرير التوظيف في القطاع الخاص يوم الأربعاء الذي نشره معالج الرواتب ADP، والذي أظهر أن أصحاب العمل أضافوا 233 ألف وظيفة في أكتوبر مقابل 108 آلاف وظيفة توقعها الاقتصاديون، فقد يؤدي ذلك إلى إشعال اتهامات بأن التقرير متحيز.
على سبيل المثال، بعد أن أفاد مكتب إحصاءات العمل بأن أصحاب العمل قاموا بتعيين ما يقدر بنحو 254 ألف عامل جديد في الشهر الماضي -وهو ما يفوق توقعات الاقتصاديين بالمثل- نشر السيناتور الجمهوري ماركو روبيو من فلوريدا على موقع X أنه «تقرير وظائف مزيف آخر»، استند ادعاؤه إلى حقيقة أن مكتب إحصاءات العمل قد قام مؤخراً بمراجعة العديد من التقديرات الأولية لعدد الموظفين الجدد كل شهر.
وأضاف روبيو، الذي كان يقوم بحملة لصالح ترامب، في المنشور: «جميع الأرقام المزيفة في العالم لن تخدع الأشخاص الذين يتعاملون مع كارثة بايدن-هاريس الاقتصادية كل يوم». ولم يعلق ممثل لروبيو على التصريح.
وقالت إيريكا جروشين، المفوضة السابقة لمكتب إحصاءات العمل ومستشارة اقتصادية كبيرة في كلية العلاقات الصناعية وعلاقات العمل بجامعة كورنيل، إن مثل هذه الادعاءات «لا أساس لها من الصحة».
وقالت إنه «لا يوجد حقاً مجال لشخص يتلاعب بالأرقام، هؤلاء هم المهووسون بالبيانات الذين يمكنهم كسب المزيد من المال في أماكن أخرى، والذين يؤمنون حقاً بسلامة البيانات وهذا جزء ممّا يفعلونه».
في الواقع، يتعين على مكتب إحصاءات العمل، الذي يقع تحت إشراف وزارة العمل، والوحدات الفيدرالية الأخرى مثل مكتب الإحصاء ومكتب التحليل الاقتصادي، أن «يعمل في بيئة منفصلة ومستقلة بشكل واضح عن الهيئات الإدارية والتنظيمية الأخرى»، أو إنفاذ القانون أو أنشطة صنع السياسات داخل الإدارات المعنية، وفقاً لتوجيهات مكتب الإدارة والميزانية.
وقال متحدث باسم DOL لشبكة CNN، في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن البيانات التي ينشرها مكتب إحصاءات العمل «يتم جمعها وتبويبها وتحليلها من قبل موظفين مدنيين خبراء، وهي ممارسة مكتب إحصاءات العمل منذ عام 1915، ويتم بعد ذلك إتاحة البيانات للجمهور لضمان حصول قادة الأعمال والاقتصاد والسياسة على بيانات اقتصادية مهمة وفي الوقت المناسب لتوجيه عملية صنع القرار اللازمة»… وفقاً لما يقتضيه القانون، تنتج BLS إحصائيات موضوعية دقيقة وغير متحيزة.
وقال: «لقد تم القبض على إدارة هاريس-بايدن وهي تتلاعب بشكل احتيالي بإحصائيات الوظائف لإخفاء المدى الحقيقي للخراب الاقتصادي الذي ألحقته بأميركا».
تحدث هذه المراجعات السنوية عندما يقوم مكتب إحصاءات العمل بتسوية بيانات المسح التي جمعها للوصول إلى التقديرات الشهرية الأولية، والتي تخضع أيضاً لمراجعتين سابقتين يتم إصدارهما في تقارير الشهرين التاليين، مع البيانات الفعلية التي يتلقاها لاحقاً من التقارير الضريبية ربع السنوية المقدمة من الشركات إلى دولها.
على سبيل المثال، عندما كان ترامب في منصبه، قدر مكتب إحصاءات العمل إضافة 514000 وظيفة أقل في مارس 2019 مقارنة بما تم الإبلاغ عنه سابقاً.
وقالت كارولين ليفيت، السكرتيرة الصحفية الوطنية لحملة ترامب، لشبكة CNN في بيان عبر البريد الإلكتروني، إن نائبة الرئيس كامالا هاريس «كذبت بشأن خلق 818 ألف وظيفة».
صداع البيانات
يضع BLS أفضل تقدير يمكن إجراؤه باستخدام المعلومات المتوفرة لديه في أي وقت محدد، لكن هذه المهمة أصبحت أكثر إرهاقاً خلال السنوات القليلة الماضية.
اختبرت التأثيرات المرتبطة بالوباء المنهجيات التي يعتمد عليها مكتب إحصاءات العمل لتقدير عدد الأشخاص الذين ينبغي اعتبارهم عاملين أو عاطلين عن العمل، ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن معدلات الاستجابة لاستطلاعات الأسر والشركات التي تستند إليها تقارير الوظائف الشهرية انخفضت بشكل ملحوظ عندما بدأ الوباء ولم تعد بعد إلى مستويات ما قبل الوباء، وفقاً لبيانات معدل استجابة مكتب إحصاءات العمل.
وقالت لورا كيلتر، رئيسة فرع التقديرات الوطنية في قسم إحصاءات التوظيف الحالية في مكتب إحصاءات العمل، لشبكة CNN سابقاً إن الوكالة واجهت صعوبة أكبر في توظيف المشاركين في الاستطلاع، ما يساعد في تفسير انخفاض معدلات الاستجابة.. ومع ذلك، فإنها لا تسبب مراجعات أكبر بين تقديرات التوظيف الأولية والنهائية، على حد قولها، (قال متحدث باسم DOL لشبكة CNN إن بيانها السابق لا يزال قائماً).
اختلف جروشين مع ذلك، قائلاً إن التقديرات الأولية للتغير الشهري في التوظيف «أكثر ضجيجاً مما كانت عليه من قبل» بسبب انخفاض الاستجابة.
ومع ذلك، يتم تسهيل ذلك في المراجعات اللاحقة مع تحسن معدلات الاستجابة مع مرور الوقت الإضافي.
إن انخفاض معدلات الاستجابة يجعل الأمر أكثر تكلفة بالنسبة لـBLS للوصول إلى المشاركين في الاستطلاع الذين يحتاجون إلى دفعات إضافية للرد.
وقالت كيتلر إن ذلك يؤدي إلى تفاقم نقص التمويل في مكتب إحصاءات العمل، حيث انخفض التمويل المعدل حسب التضخم بشكل مطرد خلال العقد الماضي.
وقالت: «من الناحية المثالية، سيتحول BLS إلى نهج أكثر حداثة يتضمن إجراء الاستطلاعات عبر الإنترنت بدلاً من إجراءها عبر الهاتف أو شخصياً، لكن التحويل غير ممكن دون مزيد من التمويل».
وقال جروشين لشبكة CNN إن ذلك من شأنه أن يساعد، على سبيل المثال، في تحسين قدرة مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي على اتخاذ قرارات أسعار الفائدة التي تعتمد على أحدث بيانات سوق العمل.
إن الاهتمام الذي حظيت به بيانات سوق العمل الخاصة بمكتب إحصاءات العمل «هو شهادة على مدى أهمية هذه المعلومات وكيف نهملها على مسؤوليتنا، لأنه عندما تكون المعلومات أسوأ فإن القرارات المبنية عليها لن تكون جيدة أيضاً».