يراهن أباطرة العملات المشفرة المعاصرون بشكل كبير على أن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب سيفي بالوعود التي قدمها لهم خلال حملته الرئاسية عندما يتولى زمام الأمور في البيت الأبيض بدءاً من 20 يناير/ كانون الثاني.
قال ترامب خلال مؤتمر العملات المشفرة الأميركي الذي عقد في الصيف الماضي تحت شعار “بتكوين 2024”: “أنتم أمثال إديسون ورايت براذرز وكارنيغي وهنري فورد في العصر الحديث. ستكون وظيفتي تحريركم… والسماح لكم بفعل ما يجيده الأميركيون على أفضل وجه”.
وأعلن ترامب، منذ أيام قليلة، أن الولايات المتحدة ستصبح القائد العالمي للعملات المشفرة في ولايته المقبلة. وقال ترامب لشبكة CNBC في بورصة نيويورك للأوراق المالية: “سنفعل شيئاً رائعاً بالعملات المشفرة لأننا لا نريد الصين أو أي شخص آخر (يسبق الولايات المتحدة)… لكن الآخرين يحتضنونها، ونريد أن نكون في المقدمة”.
في العامين الماضيين منذ أن أدى انهيار العملات المشفرة في العام 2022 إلى القضاء على العديد من أكبر الأسماء في صناعة الأصول الرقمية، انضم العديد من اللاعبين الكبار في المجال إلى الحركة السياسية الداعمة لترامب “ماغا”، بحسب صحيفة فايننشال تايمز البريطانية.
أنفقت صناعة التشفير عشرات الملايين من الدولارات لدعم ترامب خلال المنافسة الانتخابية، واستهداف الأعداء المفترضين للمجال في سباقات انتخابية أخرى، مما أدى إلى الإطاحة بالمشرعين، بما في ذلك رئيس لجنة الخدمات المصرفية في مجلس الشيوخ، شيرود براون الذي فشل في الفوز بالانتخابات الأخيرة.
وعد ترامب باتباع نهج أكثر ودية تجاه أسواق الأصول الرقمية بعد سنوات من الملاحقات والدعاوى القضائية من الجهات التنظيمية في ظل إدارة الرئيس جو بايدن. أدى فوزه والترشيحات المقترحة لمناصب مثل رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصة إلى ارتفاع سعر بتكوين بأكثر من 40% إلى أعلى من 100 ألف دولار.
وحقق ما عرف بارتفاع ما بعد الانتخابات أو “Trump rally” بالفعل أرباحاً كبيرة لمؤيديه من العملات المشفرة، حتى قبل توليه منصبه. بينما يأمل عدد من الرؤساء التنفيذيون في الاستفادة خلال عهد ترامب بتحقيق أكبر مكاسب لهم ولشركاتهم وللمجال بشكل عام.
1- برايان أرمسترونغ
أشاد الرئيس التنفيذي لشركة Coinbase، برايان أرمسترونغ، الذي أسس بورصة العملات المشفرة الأكثر شهرة في العام 2012، بفوز ترامب باعتباره “فجر عصر جديد”، والتقى بالفعل مع الرئيس القادم في منتجع “مار إيه لاغو”، مقر إقامة ترامب، لتقديم أفكاره حول سياسة التشفير المحتملة.
كان أرمسترونغ، البالغ من العمر 41 عاماً، أحد المحركين الرئيسيين وراء “Fairshake”، وهي مجموعة عمل سياسية وجهت الأموال من المتبرعين الأثرياء للعملات المشفرة إلى المرشحين الودودين. إن إنفاقها البالغ 135 مليون دولار في الفترة التي سبقت التصويت يجعلها واحدة من أكبر مجموعات المانحين في دورة الانتخابات الأخيرة.
حاول رجل الأعمال أن يسير بحذر على طول الخطوط السياسية خلال الانتخابات الأميركية، حيث تبرع لكل من المرشحين الجمهوريين والديمقراطيين المؤيدين للعملات المشفرة.
وزعم أرمسترونغ أن شركته حاولت دائماً اتباع المتطلبات القانونية وأصبحت محبطة بشكل متزايد من موقف لجنة الأوراق المالية والبورصات “القاسي” بشأن العملات المشفرة، والذي بلغ ذروته في رفع الوكالة دعوى قضائية اتهمت Coinbase بالفشل في التسجيل كبورصة للأوراق المالية.
يمتلك أرمسترونغ 34 مليون سهم من الفئة المزدوجة في Coinbase، والتي ارتفعت قيمتها إلى 11 مليار دولار مع ارتفاع سعر سهم الشركة منذ نتيجة الانتخابات الأميركية.
2- مايكل سايلور
بعد أن اشتهر بتسوية التهم في العام 2000 مع لجنة الأوراق المالية والبورصات بشأن التلاعب المزعوم بأرباح شركة MicroStrategy لمدة عامين، أصبح رئيس مجلس إدارة الشركة والمؤسس المشارك ورئيسها التنفيذي السابق، مايكل سايلور، المدافع الأكثر بروزاً عن صناعة التشفير.
في واحدة من أكثر التحولات المؤسسية غير العادية في التاريخ، حول سايلور، البالغ من العمر 59 سنة، شركة برمجيات الأعمال إلى أكبر مالك مؤسسي لعملة بتكوين في العالم مع حيازات بقيمة 43 مليار دولار من العملة المشفرة.
ومنذ ذلك الحين، استخدم سايلور الظهور على شاشات التلفزيون والمؤتمرات ووسائل التواصل الاجتماعي للترويج لعملة بتكوين، التي وصفها في الماضي بأنها “سفينة من الطاقة المشفرة للهروب من طوفان العملة”.
وارتفعت أسهم MicroStrategy بنسبة 550% هذا العام. وقال سايلور ذات مرة: “كانت كل استثماراتي الأفضل في شبكات يحتاجها الجميع، ولا أحد يستطيع إيقافها، وقليلون هم من يفهمونها. البتكوين هي الشبكة النقدية”.
ومع ارتفاع سعر بتكوين، يخطط سايلور لمزيد من عمليات شراء الوحدات من العملة المشفرة ووضع خططاً لشراء ما قيمته 42 مليار دولار في السنوات القادمة، باستخدام أسهم MicroStrategy لدفع ثمنها. وكتب مؤخراً على شبكة X: “لا تتخلف عن الركب. بتكوين تتجه نحو الجنون”.
3- كاميرون وتايلر وينكلفوس
يعد الرئيسان المشاركان لبورصة Gemini للعملات المشفرة، كاميرون وشقيقه التوأم تايلر وينكلفوس – المعروفان بخلافهما مع مارك زوكربيرغ حول تأسيس Facebook – من المؤيدين منذ فترة طويلة للعملات المشفرة، حيث اشتريا أول عملة بتكوين لهما في العام 2012 عندما كانت قيمتها أقل من 15 دولاراً.
كانا يُنظر إليهما ذات يوم على أنهما معتدلان نسبياً وكانت علامتهما التجارية Gemini تدور حول محاولة اتباع القواعد. ومع ذلك، في العامين الماضيين، تحول إحباطهما من الهيئات التنظيمية الأميركية إلى معارضة شرسة. واشتعلت هذه المعارضة بعد أن رفعت لجنة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية ضد Gemini بشأن شرعية منتج الإقراض المنهار الخاصة بالشركة.
في وقت سابق من هذا العام، أيد كاميرون ترامب، واتهم إدارة بايدن والجهات التنظيمية الفدرالية بـ “تفكيك أسلوب حياتنا الاقتصادي والنظام الذي جعل أميركا أعظم دولة في العالم”. ووصف رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات المنتهية ولايته، غاري غينسلر بأنه “عار شوه سمعة لجنة الأوراق المالية والبورصات إلى الأبد”.
دعم التوأمان، البالغان من العمر 43 عاماً، ترامب بقوة خلال حملته الانتخابية، حيث تبرع كل منهما بمليون دولار من بتكوين لحملته، وقضيا وقتاً معه في الحملة الانتخابية وساهما بملايين الدولارات في مجموعة العمل السياسي Fairshake. ويأملان الآن أن يؤدي وصول بول أتكينز كرئيس للجنة الأوراق المالية والبورصات إلى “إدخال الحس السليم ونهج عدم الإضرار”.
4- باولو أردوينو
أصبحت عملة تيثر المشفرة، الدولار الرقمي الذي تديره شركة خاصة، العملة الاحتياطية الفعلية للعملات المشفرة. إن ارتباطها بهوارد لوتنيك يضع الرئيس التنفيذي لشركة Tether، باولو أردوينو، على بعد خطوات من الدائرة الداخلية لترامب.
لوتنيك، الرئيس المشارك لفريق انتقال ترامب والمرشح لمنصب وزير التجارة، هو الرئيس التنفيذي والمالك الأكبر لشركة Cantor Fitzgerald منذ فترة طويلة. تمتلك شركة الوساطة في وول ستريت حصة 5% في Tether، وهي أيضاً عميل رئيسي.
أصدرت Tether أكثر من 138 مليار دولار من الرموز وتشتري كميات هائلة من سندات الخزانة الأميركية كاحتياطيات لدعمها. ومع ذلك، غالباً ما تستشهد وكالات إنفاذ القانون برمزها كقناة مفضلة لغاسلي الأموال والمتاجرين بها.
أصبح أردوينو، الذي انضم إلى Tether كرئيس تنفيذي للتكنولوجيا في العام 2017، المدافع العام عنها. ويشير الإيطالي، البالغ من العمر 40 عاماً، إلى تعاون Tether مع الشرطة والسلطات الأخرى في جميع أنحاء العالم للقضاء على عمليات الاحتيال.
قال لمنصة “كوين ديسك” في أكتوبر/ تشرين الأول، قبل الانتخابات الأميركية مباشرة: “إذا أرادت الولايات المتحدة قتلنا، فيمكنها الضغط على زر وقتلنا في أي مكان”. “لن نحارب الولايات المتحدة”.
5- ريتشارد تنغ
تم تكليف الرئيس التنفيذي لشركة Binance، ريتشارد تنغ، بتطهير منصة التداول بعد تغريم أكبر بورصة للعملات المشفرة في العالم بمبلغ قياسي قدره 4.3 مليار دولار العام الماضي وإقراره بالذنب في تهم جنائية أمريكية تتعلق بغسل الأموال وانتهاك العقوبات الدولية.
تولى السنغافوري البالغ من العمر 54 عاماً، المنصب خلفاً للمؤسس تشانغ بينغ تشاو، الذي قضى أربعة أشهر في السجن بعد إقراره بالذنب في تهمة جنائية أميركية بالفشل في منع غسل الأموال وتلقي غرامة قدرها 50 مليون دولار. لكن معركة Binance لمحو ماضيها مع السلطات لم تنته بعد: فهي تواجه 13 تهمة من لجنة الأوراق المالية والبورصات، بما في ذلك اتهامات بالتلاعب بالسوق.
يعتبر تنغ، وهو منظم سابق في سوق أبو ظبي، ومدير تنفيذي سايق أيضاً في بورصة سنغافورة، شخصية عامة أكثر حذراً من سلفه المتفائل. ومع ذلك، فهو متفائل بأن فوز ترامب قد يفتح السوق الأمريكية أمام Binance.
قال تنغ مؤخراً إن ترامب “حقن التفاؤل في السوق”، مضيفاً: “مع محادثات حول احتياطي بتكوين استراتيجي أميركي وإضافة المزيد من الشركات عملة بتكوين إلى خزائنها المؤسسية، نحن على حافة التبني العالمي السائد الحقيقي”.
6- فيتاليك بوتيرين
كان فيتاليك بوتيرين، مؤسس شركة Ethereum المسؤولة عن عملة إيثريوم المشفرة، يسبح ضد تيار زملائه من أباطرة العملات المشفرة. وبحسب ما ورد، فإن حيازاته من العملات المشفرة جعلت الكندي مليارديراً على الورق، لكن أنشطة أعماله تعد أقل تجارية بشكل ملحوظ وتركز على بناء نظام إيثريوم البيئي للعملات المشفرة من خلال مؤسسة غير ربحية.
بينما أيد قادة العملات المشفرة الآخرون ترامب هذا الصيف، نشر بوتيرين منشوراً على مدونته ينتقد أولئك الذين دعموا المرشحين لمجرد أنهم “مؤيدون للعملات المشفرة”.
كتب بوتيرين، البالغ من العمر 30 عاماً: “إن اتخاذ القرارات بهذه الطريقة ينطوي على مخاطر عالية تتمثل في مخالفة القيم التي جلبتك إلى مجال العملات المشفرة في المقام الأول”.
وأضاف مؤسس إيثريوم في العام 2013 عندما كان عمره 19 عاماً، أن العملات المشفرة ولدت من “حركة التشفير” وقيم الحرية الفردية والعالمية. كما حذر المبرمج الروسي المولد من أن العملات المشفرة قد تجذب أيضاً “السلطويين”.
دون ذكر اسم ترامب، انتقد بوتيرين التعرفات الجمركية وقواعد الهجرة الأكثر صرامة – وهما اثنتان من السياسات الرئيسية للرئيس المنتخب. كما انتقد مستثمري العملات المشفرة الذين يدعمون “نرجسياً يسعى إلى السلطة” لمجرد أن هذا المرشح “سيضمن سهولة تداول العملات”.
7- براد غارلينغهاوس
أصبح خريج كلية هارفارد للأعمال، الرئيس التنفيذي لشركة Ripple Labs، أحد رواد مجال العملات المشفرة بعد أن حققت شركته انتصاراً جزئياً في المحكمة العام الماضي، عندما حكم القاضي بأنها لم تنتهك قانون الأوراق المالية من خلال بيع الرموز الرقمية لأفراد الجمهور.
كان غارلينغهاوس، البالغ من العمر 53 عاماً، مساهماً بارزاً في لجنة العمل السياسي Fairshake، حيث أخبر قناة CBS الأسبوع الماضي أن Fairshake كانت رد فعل على ما رآه “حرباً على العملات المشفرة” من لجنة الأوراق المالية والبورصات. منذ الانتخابات، ارتفعت قيمة الرمز المرتبط بشركته، XRP، لتصبح رابع أكبر عملة مشفرة.
واصل غارلينغهاوس دفع قضية صناعة التشفير، ويقول إنه يريد قواعد واضحة من الولايات المتحدة. “لم نطالب بإلغاء القيود التنظيمية. لقد طالبنا بالتنظيم”، بحسب ما قاله لـ CBS.
8- مارك أندريسن وبن هورويتز
صدمت قرارات المؤسسين المشاركين لشركة Andreessen Horowitz، مارك أندريسن وبن هورويتز، بدعم ترامب في يوليو/ تموز وادي السيليكون. عكست تبرعاتهما، التي بلغت خمسة ملايين دولار، للجان العمل السياسي المؤيدة للجمهوريين سنوات من الدعم للمرشحين الديمقراطيين.
يدير الثنائي المليارديران، شركة Andreessen Horowitz، أكبر صندوق رأس مال استثماري في الولايات المتحدة لشركات التشفير والتكنولوجيا. كان أندريسن، البالغ من العمر 53 عاماً، منتقداً صريحاً لسياسات إدارة بايدن، حيث قال في برنامجه “البودكاست الخاص” الشهر الماضي أن مناخ التشفير والتكنولوجيا في ظل إدارة بايدن بدا وكأنه “قمع”.
كما تبرعا بمبلغ 12.5 مليون دولار لكل منهما لـ Fairshake. تحول هورويتز، البالغ من العمر 58 عاماً، لاحقاً إلى دعم منافسة ترامب كامالا هاريس، لكن أندريسن ضاعف دعمه لترامب.
في البودكاست الخاص بهما بعد الانتخابات، خلص كلاهما إلى أنهما سيظلان نشطين سياسياً. “يجب أن يكون هذا دوراً دائماً نلعبه. علينا أن نبقى حاضرين … علينا أن نناضل وندافع عن الأشياء التي نؤمن بها”.