سندات لبنان تدخل أسبوع الحسم بعد تسجيلها أقوى ارتفاع بالأسواق الناشئة

يدخل لبنان أسبوعاً حاسماً في مساعيه طويلة الأمد لتحقيق الاستقرار السياسي بينما يتحرك بعض حاملي السندات بانتظار بارقة أمل إيجابية استثنائية.

بعد 26 شهراً من خلو منصب رئيس الجمهورية، وغياب التوافق السياسي اللازم للخروج من أزمته الاقتصادية، سيجري لبنان في 9 يناير انتخابات نيابية لانتخاب رئيس جديد. بينما ينصح مديرو الأموال بالحذر الشديد نظراً لفشل المحاولات السابقة، تشير تحركات سوق السندات إلى تفاؤل بإمكانية تشكيل حكومة فعّالة قريباً قد تعمل على تنفيذ إصلاحات.

ارتفعت السندات الدولارية السيادية المتعثرة في لبنان لليوم الثالث على التوالي، يوم الاثنين، ما عزز صعودها بنسبة 5.6% خلال أول يومين من التداول هذا العام، وهي أعلى نسبة بين الأسواق الناشئة. هذا الأداء الإيجابي يستند إلى عائد بنسبة 114% حققه حاملو السندات العام الماضي، وهو الأكبر في فئته.

يحتاج السياسيون في لبنان إلى اجتياز عدة محطات مهمة هذا الشهر قبل التفرغ لمعالجة الاقتصاد، والتعافي من التخلف عن سداد الديون، والعمل على إنهاء النزاعات العسكرية. يولي حاملو السندات اهتماماً خاصاً بمصير الهدنة الهشة بين إسرائيل و”حزب الله”، المجموعة السياسية والعسكرية المدعومة من إيران التي تتمتع بنفوذ كبير في لبنان، وتصنفها الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية. وتنتهي الهدنة الممتدة لـ60 يوماً في وقت لاحق من الشهر الجاري.

قال سورين ميرش، مدير المحافظ في “دانسكي بنك” (Danske Bank AS) في كوبنهاغن الذي بدأ بشراء السندات اللبنانية في سبتمبر: “إذا تمكن لبنان من انتخاب رئيس جديد، أتوقع أن ترتفع السندات. فانتخاب رئيس يعني على الأرجح تعيين رئيس وزراء، وتشكيل حكومة فعّالة بدلاً من تلك القائمة بالوكالة”.

سندات لبنان مهيأة للارتفاع

وصلت السندات اللبنانية إلى أكثر من 14 سنتاً للدولار، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2021، بعد أن كانت أقل من 6 سنتات قبل أقل من عام. كان لبنان قد تخلف عن سداد ديونه الدولية في مارس 2020 ليصبح أول دولة تواجه ذلك في خضم أزمة ديون بمليارات الدولارات تسببت بها جائحة كوفيد. وأعقبت ذلك سلسلة من تخفيضات قيمة العملة، والتضخم المرتفع، وأزمة مصرفية، وفقر واسع الانتشار.

منذ ذلك الحين، توقف لبنان عن تسديد جميع التزاماته من مدفوعات سندات اليوروبوند بانتظار إعادة هيكلة، ومع غياب حكومة فعّالة، لم تبدأ عملية إعادة الهيكلة بعد. كما تظل البلاد مستبعدة من الحصول على تمويل جديد سواء من الأسواق الخاصة، أو من المؤسسات متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي.

مع ذلك يواصل المستثمرون رفع قيمة السندات اللبنانية منذ شهور وسط توقعات بتحسن وشيك، ولكن دون أن يشهد الوضع السياسي والاقتصادي تغييراً يُذكر. وتأتي الهدنة التي بدأت في 27 نوفمبر بعد صراع مع إسرائيل ترك أجزاء من البلاد في حالة دمار.

يراقب المستثمرون أيضاً أسماء المرشحين المحتملين للرئاسة، مع إشارة شركة “تيلمير ريسيرش” (Tellimer Research) إلى الجنرال جوزيف عون كمرشح بارز.

مكاسب السندات اللبنانية

قال جيمي فالون، الاقتصادي في “تيلمير”، في مذكرة يوم الاثنين: “جاءت مكاسب السندات نتيجة مناقشات حول انتخاب رئيس، حيث قد تؤدي التوغلات الإسرائيلية على الأراضي اللبنانية إلى توحيد الفصائل المختلفة التي فشلت في اختيار رئيس في 12 محاولة سابقة. واصلنا التوصية بالاحتفاظ بالسندات في ديسمبر، حيث أظهرت نماذجنا قدراً محدوداً من الفوائد المحتملة من أي إعادة هيكلة مستقبلية”.

على الجانب الآخر، يواجه المستثمرون في السندات خيارين متضادين نتيجة عدم اليقين السياسي. وتقول ليلى داغر، أستاذة مساعدة في الجامعة الأميركية في لبنان إن تعيين رئيس يركز على الإصلاح قد يؤدي إلى تعزيز طفيف في معنويات المستثمرين، مع التركيز على تنفيذ التغييرات السياسية الضرورية. في المقابل، فإن استمرار الجمود السياسي سيؤدي على الأرجح إلى معنويات سلبية بشدة، وانخفاض حاد في قيمة العملة، وخطر كبير بفرض عقوبات دولية.

واختتم ميرش من “بنك دانسكي”: “إذا فشلوا في تحقيق النصاب القانوني، فإننا سنعود إلى نقطة الصفر بطريقة ما، وأتوقع أن تعاني السندات”.