تبعت الأسهم الآسيوية نظيرتها الأميركية في التراجع، حيث أدت التقلبات المستمرة في نهج الرئيس الأميركي دونالد ترمب تجاه التعريفات الجمركية على الشركاء التجاريين إلى إثارة حالة من عدم اليقين في الأسواق وإضعاف الثقة في التوقعات الاقتصادية.
انخفضت مؤشرات الأسهم من سيدني إلى هونغ كونغ، حيث تراجع مؤشر الأسهم اليابانية بنسبة تقارب 2%، وانخفض مؤشر الأسهم الصينية بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له في أربع سنوات. كما انخفض مؤشر الدولار للجلسة الخامسة على التوالي، في أطول سلسلة خسائر له منذ ما يقرب من عام. في الوقت نفسه، هبطت عملة بتكوين بعدما جاءت تفاصيل حول الاحتياطي الاستراتيجي الأميركي دون التوقعات.
وأشار المتداولون إلى حالة عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب، حيث فشلت الأسهم الأميركية في تحقيق انتعاش، حتى بعد قرار ترمب بتأجيل فرض الرسوم الجمركية على السلع المكسيكية والكندية التي يشملها اتفاق التجارة الشمال الأميركي، مما يؤكد ضعف شهية المستثمرين للمخاطرة.
إشارات أميركية متضاربة
وشهدت الأسواق المالية تقلبات حادة هذا الأسبوع، حيث يحاول المستثمرون التعامل مع حالة عدم اليقين الجيوسياسي والإشارات المتضاربة من الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية.
قال كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة بيبرستون: “يسود الارتباك حول أجندة السياسة الاقتصادية لإدارة ترمب، وبينما لا توجد علامات على حالة من الذعر، فإن الصناديق المالية وحسابات التداول السريع تقلل من تعرضها للأسهم”.
يتناقش استراتيجيو “وول ستريت” حول ما إذا كانت إدارة ترمب ستتأثر في خططها للرسوم الجمركية بانخفاض الأسهم. أصبحت الفكرة الأساسية هي أن ترمب قد يتراجع عن سياساته إذا تدهورت سوق الأسهم – الذي يعتبرها بمثابة تقرير أداء لإدارته – مما قد يثير قلق المستثمرين.
ووضعت عدة شركات مالية تقديرات حول مدى التراجع في مؤشر “إس أند بي 500” الذي يمكن أن يتحمله ترمب قبل أن يعدل عن موقفه. وأصبح هذا المستوى من المؤشر معروفاً باسم “ترامب بوت”، في إشارة إلى خيار البيع الذي يحمي المستثمرين من الانخفاضات الحادة في السوق.
حتى الآن، لم يُظهر ترمب أي إشارات على تغيير مساره. فقد قلل من أهمية رد فعل السوق على التطورات الأخيرة، قائلاً: “أنا لا أنظر حتى إلى السوق”. جاء ذلك بعد تصريحه أمام الكونغرس في وقت سابق هذا الأسبوع، حيث قال إن “الرسوم الجمركية ستسبب بعض الاضطرابات، لكننا بخير مع ذلك. لن يكون الأمر كبيراً”.
التعريفات قادمة لا محالة
قام ترمب يوم الخميس بتأجيل فرض الرسوم الجمركية على السلع المشمولة في اتفاقية التجارة لأميركا الشمالية حتى 2 أبريل. لكن وزير الخزانة سكوت بيسنت أوضح لاحقاً أن التعريفات قادمة لا محالة. كما رفض بيسنت الفكرة القائلة بأن رفع الرسوم الجمركية سيؤدي إلى موجة جديدة من التضخم، مشيراً إلى أن الاحتياطي الفيدرالي يجب أن ينظر إليها على أنها تأثير لمرة واحدة فقط.
في حين تتعرض الأسهم الأميركية لتقلبات بسبب عدم اليقين حول الرسوم، كان المستثمرون يضخون الأموال في أوروبا والصين. حقق مؤشر “ستوكس يوروب 600” مكاسب لمدة 10 أسابيع متتالية، حيث عززت تخفيضات أسعار الفائدة وخطة ألمانيا لزيادة الإنفاق الدفاعي السوق. في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر الأسهم الصينية المدرجة في هونغ كونغ بنسبة تقارب 23% حتى الآن هذا العام، بدعم من التفاؤل حول دفعة البلاد لتبني الذكاء الاصطناعي والتحفيز المتوقع من بكين.
في المقابل، تراجعت عملة بتكوين بعد ظهور تفاصيل حول احتياطي العملات المشفرة في الولايات المتحدة، والتي أشارت إلى أن الحكومة ستستخدم الأصول المشفرة المصادرة من القضايا الجنائية أو المدنية.
رسالة طمأنة بشأن الذكاء الاصطناعي
ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية يوم الجمعة بعد أن منحت توقعات الإيرادات المتفائلة من شركة تصنيع الرقائق الأميركية “برودكوم” طمأنة للمستثمرين بأن الإنفاق على الحوسبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا يزال مستمرا، مما دفع أسهمها للارتفاع بنحو 13% في تداولات ما بعد الإغلاق.
امتد الارتفاع بعد ساعات التداول إلى شركات التكنولوجيا التي كانت من بين الأكثر تضرراً يوم الخميس. وارتفعت أسهم “إنفيديا”، و”مارفيل تكنولوجي”، اللتين انخفضتا خلال الجلسة الرئيسية بسبب توقعات مخيبة للآمال، بعد الإغلاق.
كانت سندات الخزانة مرتفعة قليلاً يوم الجمعة بعد جلسة هادئة يوم الخميس. ارتفع البيزو المكسيكي والدولار الكندي بعد أنباء عن احتمال تأجيل الرسوم الجمركية. وانخفضت عوائد السندات الأسترالية والنيوزيلندية في وقت مبكر من يوم الجمعة.
في آسيا، قال وزير المالية الصيني لان فوآن، يوم الخميس على هامش الجلسة التشريعية السنوية، إن للحكومة المركزية الصينية أدوات سياسة مالية واسعة ومساحة للرد على التحديات المحلية والخارجية المحتملة. وقال محافظ بنك الشعب الصيني بان غونغشنغ إن البنك سيطبق سياسة نقدية فضفاضة بشكل معتدل، مكرراً تعهداً سابقاً بخفض أسعار الفائدة وتقليل نسبة الاحتياطي المطلوب للمقرضين في “وقت مناسب”.
.
من المقرر أن يلقي رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول كلمة في منتدى السياسة النقدية بعد ظهر يوم الجمعة. ومن المتوقع أن يُبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه القادم يومي 18-19 مارس، حيث يُقيم اتجاهات سوق العمل والتضخم إلى جانب التغيرات الأخيرة في السياسات الحكومية.
موقف أسعار الفائدة
في غضون ذلك، قال عضو مجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر إنه لن يؤيد خفض أسعار الفائدة في مارس، لكنه يرى إمكانية إجراء تخفيضين أو ربما ثلاثة خلال هذا العام.
وأضاف والر، خلال قمة “وول ستريت جورنال” لشبكة المديرين الماليين يوم الخميس: “إذا كانت سوق العمل وكل شيء آخر مستقراً، يمكنك حينها مراقبة التضخم عن كثب. إذا بدا أنه يتحرك نحو الهدف، يمكنك البدء في خفض الفائدة. لن أقول إن ذلك سيحدث في الاجتماع القادم، لكنه احتمال وارد مستقبلاً”.
في أسواق السلع، حقق النفط مكاسب هامشية يوم الخميس، حيث أغلقت عقود خام غرب تكساس الوسيط فوق 66 دولاراً للبرميل، لتنهي بذلك سلسلة خسائر استمرت أربعة أيام متتالية.