انتقاماً من ترمب.. أوروبا تستهدف بضائع أميركية بقيمة 26 مليار يورو

أطلق الاتحاد الأوروبي اليوم إجراءات مضادة رداً على الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية على الصلب والألمنيوم، معلناً عن خطط لفرض رسوم على بضائع أميركية بقيمة 26 مليار يورو (28.3 مليار دولار).

أعلنت المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- في بيان إنها ستتخذ تدابير “سريعة ومتناسبة” رداً على الخطوة الأميركية.

تصعيد الحرب التجارية

جاء إعلان الاتحاد الأوروبي بعد ساعات فقط من فرض الإدارة الأميركية رسوماً جمركية 25% على واردات الصلب والألمنيوم، في تصعيد كبير للحرب التجارية بين الحليفين من قديم الأزل.

بالنسبة لأوروبا، فإن الرسوم الجديدة ستكون أكبر بنحو 4 أضعاف من تلك التي فرضتها الولايات المتحدة الأميركية خلال الولاية الرئاسية الأولى لدونالد ترمب، عندما استهدفت صادرات معادن أوروبية بقيمة تقترب من 7 مليارات دولار بدعوى حماية الأمن القومي.

إلى جانب ذلك، أعلن ترمب عن رسوم جمركية بالمثل سيتم تطبيقها في أوائل أبريل المقبل، بناء على سياسات للشركاء ينظر لها على أنها عوائق أمام التجارة الأميركية، تتضمن ضريبة القيمة المضافة الأوروبية، وتستهدف بضائع معينة من بينها السيارات الأوروبية.

سافر ماروش شيفتشوفيتش، مفوض التجارة في الاتحاد الأوروبي، إلى واشنطن الشهر الماضي في محاولة للتوصل إلى حل ودي مع كبار المسؤولين في إدارة ترمب، بمن فيهم وزير التجارة الأميركي هوارد لوتنيك. وعرض شيفتشوفيتش خفض الرسوم على البضائع الصناعية، بما فيها السيارات، وهو أحد المطالب القديمة لترمب، بالإضافة إلى زيادة واردات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال والمنتجات الدفاعية الأميركية.

أوضح شيفتشوفيتش أمس الأول: “لا ترغب الإدارة الأميركية على ما يبدو في التوصل إلى اتفاق. وكما تحرص الولايات المتحدة الأميركية على مصالحها، فإن الاتحاد الأوروبي يفعل الشيء نفسه. سنحمي دائماً الشركات والعمال والمستهلكين الأوروبيين من الرسوم الجمركية غير المبررة، لأننا نعلم أنهم ينتظرون ذلك منا”.

رد متناسب على الرسوم الجمركية

كانت بروكسل قد أكدت في وقت سابق أنها سترد على أي رسوم أميركية بسرعة وبصورة متناسبة، وعملت لعدة أشهر على وضع قوائم مختلفة من البضائع المستهدفة، بما فيها منتجات حساسة من الناحية السياسية من دوائر انتخابية أميركية معينة، بهدف إلحاق ضرر اقتصادي أكبر بالولايات المتحدة الأميركية مقارنة بالتأثير على الاقتصاد الأوروبي.

في سوق الصلب الأوروبية، يستعد المنتجون لتأثير مزدوج، حيث من المتوقع أن تنخفض الصادرات الأوروبية إلى الولايات المتحدة الأميركية، في حين ستزداد الواردات إلى أوروبا مع إعادة توجيه المعادن التي لم تعد تدخل السوق الأميركية.

قال متحدث باسم جمعية الصلب الأوروبية وهي مجموعة ضغط بالقطاع تعرف بـ”يوروفير” (Eurofer): يمكننا بالفعل توقع أن يغرق السوق الأوروبي -المشبع أصلاً بواردات الصلب الرخيص من آسيا وشمال إفريقيا والشرق الأوسط- بكميات إضافية من الصلب، إذ ستُعاد توجيه الشحنات التي كانت مخصصة للسوق الأميركية بسبب الرسوم الجديدة”.

أضاف المتحدث أنه خلال الولاية الأولى لترمب، من بين كل 3 أطنان من الصلب التي تم تحويلها بعيداً عن السوق الأميركية بسبب الرسوم، ذهب طنان إلى الاتحاد الأوروبي.

كما يستعد منتجو الألمنيوم لموجة من الواردات، لا سيما من كندا، التي تمثل عادة أكثر من نصف واردات الولايات المتحدة الأميركية من الألمنيوم. وأعلن ترمب أمس أنه سيرفع الرسوم على واردات الصلب والألمنيوم الكندية إلى 50%.

الرسوم الجمركية على المعادن

بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بدأت المواجهة بشأن الرسوم الأميركية على المعادن خلال 2018 إبان الولاية الأولى لترمب، عندما فرضت الولايات المتحدة الأميركية رسوماً جمركية على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية بدعوى حماية الأمن القومي. في ذلك الوقت، سخر المسؤولون في بروكسل من فكرة أن الاتحاد الأوروبي يشكل تهديداً للأمن الأميركي.

ورد التكتل المكون من 27 دولة بفرض رسوم انتقامية استهدفت شركات حساسة سياسياً، من بينها المفروضة على الدراجات النارية من شركة “هارلي ديفيدسون” وسراويل الجينز من شركة “ليفي شتراوس أند كو “.

وخلال 2021، توصل الجانبان إلى هدنة مؤقتة، إذ أزالت الولايات المتحدة الأميركية بعض الرسوم ووضعت نظاماً للحصص الجمركية تُطبق بموجبه رسوم إضافية على المعادن التي تتجاوز كميات معينة، في حين جمد الاتحاد الأوروبي جميع إجراءاته التقييدية.

مع نهاية شهر مارس الحالي، من المقرر استئناف تطبيق الرسوم الأوروبية المجمدة على بضائع أميركية بقيمة 3 مليارات دولار. من الناحية الإجرائية، يمكن للاتحاد الأوروبي إعادة تفعيل تلك الرسوم سريعاً.