واصلت سندات الخزانة الأميركية تراجعها الحاد يوم الثلاثاء، في ظل اضطرار المستثمرين إلى بيع السندات لتغطية خسائرهم في أصول أخرى، وسط مسارعة إلى التخلي عن توقعات خفض كبير في معدلات الفائدة الأميركية، في أحدث إشارة مقلقة إلى احتمال وجود توتر في الأسواق المالية.
عوائد السندات الأميركية
وقد سجّل نطاق تداول عائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات يوم الإثنين أحد أكبر التحركات في العقدين الماضيين، بالتزامن مع تبخّر التوقعات بأن يبدأ الفدرالي الأميركي خفض أسعار الفائدة خلال أسابيع للتخفيف من الأثر الاقتصادي للرسوم الجمركية الأميركية الضخمة على الواردات.
قفزت عوائد السندات الأميركية لأجل 10 سنوات من أدنى مستوى لها خلال الليل عند 3.87% لتصل إلى 4.216% خلال تداولات آسيا.
وقال مشاركون في السوق إن حجم التحركات وحالة عدم اليقين في تداولات العقود الآجلة للفائدة الفدرالية كانا غير مسبوقين، حيث تراجعت توقعات خفض الفائدة بمقدار 130 نقطة أساس هذا العام إلى 92 نقطة أساس خلال ساعات قليلة.
وقد سجّل نطاق تحرك العائد يوم الإثنين، البالغ 35 نقطة أساس، ثامن أكبر نطاق منذ 25 عاماً وفقاً لبيانات “تريدويب”.
ولم يتضح بعد ما الذي أدى إلى التحول المفاجئ من الشراء إلى البيع، لكن هذا الانقلاب السريع يشير إلى ضغوط على أسواق الأسهم والمعنويات، مع اقتراب موعد التاسع من أبريل نيسان، وهو الموعد النهائي لبدء تنفيذ الرسوم الجمركية الأميركية. وقد خسر مؤشر “ستاندرد آند بورز 500″، نحو 10.7% خلال ثلاث جلسات فقط.
قال مارتن ويتون، رئيس استراتيجية الأسواق المالية في “ويستباك” بسيدني: “عندما تحتاج إلى تلبية نداءات الهامش أو تأمين السيولة، فإنك تبيع السندات والخُرْد الذهبية”.
وأشار إلى أن ندرة المشترين دفعت العوائد إلى الارتفاع بشكل غير متناسق مع عقود المقايضة، ما أدى إلى اتساع حاد في الفارق بين الاثنين، وهو فارق عادة ما يكون مستقراً. وعلى مستوى السندات لأجل 10 سنوات، قفز الفارق إلى أكثر من 50 نقطة أساس، وهو الأكبر على الإطلاق، بينما كانت سرعة التحرك في الأيام الأخيرة أيضاً غير مسبوقة.
من جانبه، قال أندرو ليلي، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة لدى بنك الاستثمار “بارينجوي” في سيدني: “هذا يُعد دليلاً إضافياً على النظرية القائلة بوجود تراجع في الطلب الفعلي على السندات الأميركية”.
قال أندرو ليلي: “في كل أزمة سوقية، هناك فترة لا تحاول فيها حتى التفكير في التداعيات، بل تقوم فقط بتصفية جميع المخاطر التي تحملها”.
وأضاف أن الأسواق بدأت ربما تدرك التغييرات في المشهد التجاري العالمي، والتي قد تؤدي إلى تقليص الفوائض التجارية الخارجية والتدفقات الدولية نحو سوق السندات الأميركية. وفي المقابل، يرى آخرون أن الأسواق تمر ببساطة بحالة من عدم الاستقرار.
وقال فيشنو فاراثان، رئيس أبحاث الاقتصاد الكلي لآسيا لدى “ميزوهو” في سنغافورة: “هناك غياب واضح للوضوح في الأسواق”.
وقد ارتفعت عوائد السندات لأجل عامين بمقدار 7 نقاط أساس خلال تعاملات الليلة الماضية، لتواصل صعودها في الجلسة الآسيوية وتصل إلى 3.796%.