الأصول الآمنة التقليدية تتراجع رغم الحاجة إليها لمواجهة رسوم ترمب

خفت بريق الأصول الأمنة خلال إحدى أشد موجات البيع الكثيف على الإطلاق في الأسواق منذ سنوات، ما دفع المستثمرين إلى البحث عن سبل جديدة للتحوط.

انخفضت أسعار سندات الخزانة الأميركية الأربعاء بعد دخول الرسوم الجمركية المتبادلة التي فرضها دونالد ترمب حيز التنفيذ، ما أدى إلى ارتفاع عائد السندات القياسية لأجل 10 أعوام أكثر من 10 نقاط أساس ليبلغ أعلى مستوى منذ فبراير. ورغم ارتفاع سعر الذهب، إلا أنه لا يزال منخفضاً خلال الأسبوع الذي شهد اقتراب الأسهم العالمية من أقل مستوى لها في عام. فيما تراجع الدولار أيضاً.

بينما تدفع أحدث حرب رسوم جمركية يشنها ترمب التجارة العالمية إلى مسار مجهول، تسعى الأسواق المالية بسرعة إلى العثور على إجابات عن الأسئلة المحيطة بدور الأصول الآمنة، التي تحمي المستثمرين عادةً خلال الأزمات. ورغم إشارة عدد من المحللين إلى السندات الألمانية والين الياباني على أنها ملاذات جديدة محتملة، فإنها عرضة أيضاً لمخاطر تتراوح ما بين السيولة والآفاق الاقتصادية وتوقعات السياسة النقدية.

خيارات محدودة من الأصول الآمنة

قالت بيلار غوميز برافو، الرئيسة المشاركة للاستثمار في أدوات الدخل الثابت العالمية لدى “إم إف إس إنسفتمنت مانجمنت” (MFS Investment Management): “لا يتوفر عديد من الخيارات إذا كنت تسعى لحماية رأس مالك والحصول على عائد بقدر ما”.

شكلت موجة بيع سندات الخزانة المثال الأوضح على فقدان الثقة في الأصول الآمنة التي كانت محل طلب سابقاً في هذه المرة. وتزامن الضغط المفاجئ على الديون الحكومية الأميركية في ظل تزايد المخاوف من أن يدفع ارتفاع العائدات المشترين المعتمدين على الاقتراض إلى بيع السندات، ما سيؤدي إلى حلقة مفرغة من ارتفاع العائدات والبيع.

أشار كريس وستون، مدير البحوث لدى “بيبر ستون غروب” (Pepperstone Group)، إلى أن المزيج الذي يجمع بين تباطؤ نمو الاقتصاد الأميركي، وارتفاع علاوة المخاطر التي يطلبها المستثمرون مقابل الاحتفاظ بسندات الخزانة، ستقلل من جاذبيتها بشكل أكبر.

وأضاف: “ربما تشكل السندات الألمانية خياراً أفضل من سندات الخزانة الأميركية حالياً، بالأخص مع احتمال فحص صناديق الاستثمار، المعتمدة على استغلال الزخم، لأجل البيع. سأحرص على متابعة ما يحدث في سوق سندات الخزانة نظراً لأن الأوضاع تتغير بسرعة”.

مخاطر مرتبطة بالأصول الآمنة

ارتفع سعر الين الياباني مقابل الدولار أيضاً هذا الأسبوع، رغم أنه لا يزال في مرحلة تعافي ناشئة من انخفاضه لعدة سنوات، نتيجة الفارق الكبير بين أسعار الفائدة بين الولايات المتحدة واليابان والأزمات التي يواجهها الاقتصاد الياباني.

في الوقت نفسه، أثارت موجة صعود الفرنك السويسري قلقاً من أن يؤدي التدخل في سعر صرف العملة وأسعار الفائدة السالبة إلى تأثير إلحاق الضرر بالطلب، في مثال آخر على العيوب التي قد ينطوي عليها أي أصل آمن.

ينطبق ذلك على سندات الخزانة الأميركية أيضاً، إذ يمكن للمستثمرين أن يستخدموها بسهولة على أنها “أداة لتوليد السيولة” في إطار بحثهم عن سبل سريعة لتمويل مدفوعات التمويل بالهامش. ازدحمت تداولات الذهب بعد تحقيقه عدداً من أعلى المستويات القياسية المتتالية هذا العام. فيما أظهر الدولار مخاطر من أن تؤدي حرب التعريفات الجمركية التي يشنها ترمب إلى تحويل الولايات المتحدة إلى اقتصاد معزول بشكل متزايد.

وقالت غوميز برافو “لطالما كان الدولار أصلاً آمناً، حتى الآن. في الفترة الحالية، لم يعد الدولار يتحرك على النحو المعتاد. فعادة كنت ستشهد ارتفاعاً أكبر في سعره خلال سيناريو العزوف عن المخاطرة الحالي”.