اليابان تقود مؤشرات آسيا للارتفاع وسط آمال بتعليق بعض الرسوم على السيارات

ارتفعت الأسهم الآسيوية، بقيادة اليابان، بعدما لمّح الرئيس دونالد ترمب إلى احتمال تجميد الرسوم الجمركية على السيارات، مما وفّر ارتياحاً إضافياً للأسواق، بعد قراره تعليق فرض الرسوم على بعض الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية.

سجلت المؤشرات في اليابان ارتفاعاً تجاوز 1%، وقفزت أسهم شركات مثل “تويوتا موتور” و”هوندا موتور”.

كما قلّصت العقود الآجلة لمؤشر “إس آند بي 500” خسائرها السابقة، بينما شهدت الأسهم في الصين وهونغ كونغ تقلبات عند الافتتاح. وصعدت سندات الخزانة الأميركية، كما ارتفع مؤشر الدولار بنسبة ضئيلة ليقلّص بعض خسائره التي سجلها يوم الإثنين.

بداية أسبوع إيجابية

حظيت الأسواق المالية ببداية أسبوع إيجابية بعد فترة من الاضطرابات، حيث أثار الحديث عن إعفاءات مؤقتة من الرسوم الجمركية لبعض القطاعات –كما لمّح ترمب– آمالاً بإمكانية التوصل إلى تسويات عبر التفاوض، على الرغم من أن تقلبات السياسة المتكررة ما زالت تثير قلق المستثمرين.

وقد حذّر قادة أعمال، من بينهم جيمي ديمون الرئيس التنفيذي لـ”جيه بي مورغان”، من أن محاولة ترمب لإعادة تشكيل النظام التجاري العالمي قد تدفع الولايات المتحدة نحو ركود اقتصادي.

وقال هيدييوكي إيشيغورو، كبير استراتيجيي الاستثمار في شركة “نومورا لإدارة الأصول”: “ترمب بدأ يُظهر بعض المرونة في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، ومن المحتمل أن تكون الأسهم اليابانية قد بلغت القاع الأسبوع الماضي”.

تزايد عدم اليقين

بينما جلبت تصريحات ترمب حول إعفاء مؤقت للواردات من السيارات وقطع الغيار بعض الارتياح لصناعة السيارات، إلا أنها أضافت في الوقت نفسه مزيداً من عدم اليقين إلى خططه المتعلقة بالرسوم الجمركية.

وتهدد الرسوم على واردات السيارات برفع الأسعار على المستهلكين الأميركيين وإحداث فوضى في سلاسل توريد السيارات.

كما مضت الولايات المتحدة قدماً في خططها لفرض رسوم جمركية على واردات أشباه الموصلات، والمنتجات الدوائية، من خلال فتح تحقيقات تجارية تقودها وزارة التجارة. وتُعد هذه الخطوات تمهيداً لفرض رسوم جمركية، ما ينذر بتوسيع نطاق الحرب التجارية التي يشنها الرئيس ترمب.

كتب كايل رودا، كبير المحللين في “كابيتال دوت كوم”: “لا يزال هناك على الأرجح الكثير من الضرر الواقع على الاقتصاد الحقيقي، وما زالت أزمة الثقة قائمة في الأسواق، مما يعني أن احتمال تراجع الأصول عالية المخاطر وتقلبها لا يزال قائماً”.

وفي المقابل، حاول وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت التقليل من أهمية التراجع الأخير في سوق السندات، رافضاً التكهنات بأن دولاً أجنبية تخلّصت من حيازاتها من سندات الخزانة الأميركية. وأشار إلى أن وزارته تمتلك أدوات لمعالجة أي اختلال محتمل إذا دعت الحاجة.

وقال بيسنت في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” يوم الإثنين: “لا أعتقد أن هناك عمليات ‘تخلص’ من قبل المستثمرين الأجانب”، مشيراً إلى ما وصفه بزيادة في الطلب الأجنبي خلال مزادات الأسبوع الماضي على سندات الخزانة لأجل 10 و30 سنة.

تقويض هيمنة الدولار

رفض بيسنت المخاوف بشأن التراجع المتزامن في أسعار سندات الخزانة والدولار الأسبوع الماضي، والذي فسّره البعض على أنه فقدان الولايات المتحدة لوضعها كملاذ آمن. وكان الدولار قد انخفض الإثنين إلى أدنى مستوى له هذا العام.

وقال بيسنت: “نحن ما زلنا نمتلك عملة احتياطية عالمية، ولا تزال هناك سياسة داعمة للدولار القوي”.

وقال استراتيجي الأسواق في “ماركتس لايف”، غارفيلد رينولدز: “دور الدولار  الأميركي كمرتكز للنظام المالي العالمي يتعرض للتقويض بسبب الحرب التجارية التي يشنها الرئيس دونالد ترمب”، وأضاف: “الضرر الواقع على مكانة الدولار كملاذ آمن بات كبيراً لدرجة قد تدفع العملة إلى مسار هبوط مستمر”.

وأبرزت كبرى الشركات في “وول ستريت” مدى صعوبة التنبؤ بمسار الأسهم.

وقال فينو كريشنا من “باركليز” إن التقلبات الأخيرة تترك القليل من الثقة في أي تسعير حالي. فيما أشار دوبرافكو لاكوس-بوياس من “جيه بي مورغان” إلى أن التنبؤ في البيئة الحالية يُعدّ تحدياً كبيراً، ويؤدي إلى مجموعة واسعة من النتائج المحتملة.

زيارات الرئيس الصيني

أما استراتيجيّو وحدة البحوث في “بلاك روك”، فقالوا إنهم بصدد زيادة انفتاحهم على المخاطر وتبنّي الأسهم الأميركية واليابانية، بعد قرار وقف الرسوم الجمركية على عدد من الشركاء التجاريين العالميين، حتى في ظل تجنّبهم السندات الأميركية طويلة الأجل.

وكتب استراتيجيّو معهد “بلاك روك للاستثمار”، ومن بينهم جان بوفان ووي لي: “إن خطر وقوع كارثة مالية على المدى القريب قد تراجع”. وأضاف: “وقد سمح الاستقرار في السياسات بتمديد الأفق التكتيكي لنا إلى ما بين 6 و12 شهراً، واستئناف رؤيتنا الإيجابية تجاه الأسهم الأميركية واليابانية”.

تتجه الأنظار أيضاً إلى أول زيارة خارجية للرئيس الصيني شي جين بينغ هذا العام، حيث وصل إلى فيتنام يوم الإثنين، ومن المقرر أن يزور ماليزيا وكمبوديا. ومن المتوقع أن يُقدم الصين كشريك أكثر استقراراً مقارنةً بالولايات المتحدة في ظل إدارة ترمب.

وفي السياق ذاته، قدّم محافظ الاحتياطي الفيدرالي كريستوفر والر سيناريوهين حول كيفية تأثير سياسة ترمب التجارية على الاقتصاد الأميركي، لكنه قال إن التأثير التضخمي في كلا السيناريوهين سيكون مؤقتاً على الأرجح.

وقال والر، في تصريحات مُعدّة لفعالية أقيمت في مدينة سانت لويس يوم الإثنين، إن “السياسة الجمركية الجديدة تُعد واحدة من أكبر الصدمات التي تؤثر على الاقتصاد الأميركي منذ عقود”.

وأضاف: “إذا كان تأثير الرسوم على التضخم محدوداً، فإن خفض أسعار الفائدة سيكون مطروحاً بقوة خلال النصف الثاني من عام 2025”.