قال رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول إن البنك المركزي الأميركي “في وضع جيد” يسمح للمسؤولين “بالانتظار لمزيد من الوضوح قبل النظر في أي تعديلات على السياسة النقدية”، مؤكداً على تركيز مسؤولو السياسة النقدية على منع ارتفاع الأسعار المحتمل بسبب الرسوم الجمركية من التسبب في ترسخ التضخم.
جاء ذلك في خطاب ألقاه رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نادي شيكاغو الاقتصادي اليوم الأربعاء، وأكد باول أنه “مع اكتسابنا فهماً أفضل للتغيرات السياسية، سيتوفر لدينا معرفة أفضل بالتأثيرات على الاقتصاد، وبالتالي على السياسة النقدية”. وأوضح أن التعريفات الجمركية من المرجح جداً أن تُسبب “ارتفاعاً مؤقتاً في التضخم. كما قد تكون آثار التضخم أكثر ترسخاً”، مكرراً تحذيره من أن التأثير الاقتصادي للرسوم الجمركية سيكون على الأرجح أكبر من المتوقع.
وتزامناً مع تصريحات باول وإشارته إلى تأثر الاقتصاد والتضخم بتداعيات سياسة الرسوم الجمركية التي تنتهجها إدارة ترمب، فاقمت مؤشرات الأسهم الأميركية خسائرها، ليهوي مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 3.4%، ووصل تراجع مؤشر “داو جونز الصناعي” إلى 1.6%، فيما هبط مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 2.48%. وعلى الجانب الآخر، واصل الذهب مكاسبه ليصل إلى 3351 للأونصة.
وقال باول “إن التزامنا هو الحفاظ على توقعات التضخم على المدى الطويل راسخة”، والتأكد من أن الزيادات المؤقتة في الأسعار “لا تتحول إلى مشكلة تضخم مستمرة”.
الرسوم الجمركية تهدد بإشعال التضخم وتباطؤ الاقتصاد
لفت باول إلى أن تجنب ترسخ التضخم سيعتمد على “حجم الرسوم، وعلى المدة التي تستغرقها حتى تنتقل بالكامل إلى الأسعار، وفي نهاية المطاف، القدرة على الحفاظ على توقعات التضخم على المدى الأطول مستقرة”.
وأضاف باول أن الإجراءات التي تتخذها الإدارة الأميركية والمتعلقة بالرسوم الجمركية تبعد البنك المركزي الأميركي عن تحقيق أهدافه، في إشارة إلى تصاعد الأسعار على خلفية هذه التعريفات. وقال: “الإدارة الحالية تطبق سياسات في 4 مجالات تؤثر على الاقتصاد، وهي التجارة والهجرة والسياسية المالية والتنظيم.. هذه السياسات تتطور، وتأثيراتها على الاقتصاد تتغير باستمرار”.
وكرر باول تحذيره من أن الرسوم جاءت أعلى من المتوقع. وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي أن معدل البطالة بالتالي قد يرتفع إذا ما تباطأ الاقتصاد، خاصة أن قوة سوق العمل تعتمد بشكل كبير على استقرار الأسعار. وقال “بدون استقرار الأسعار، لن نتمكن من تحقيق فترات طويلة من ظروف سوق العمل القوية التي تعود بالنفع على جميع الأميركيين”.
وخلص إلى أنه “قد نجد أنفسنا في وضعٍ صعبٍ تتعرض فيه أهدافنا المزدوجة (أي أعلى معدلات التوظيف، واستقرار الأسعار) للتهديد”، مضيفاً “إذا حدث ذلك، فسننظر في مدى بُعد الاقتصاد عن كل هدف، والآفاق الزمنية المختلفة المحتملة التي يُتوقع خلالها سدُّ هذه الفجوات”.
وتتابع الأسواق التغيرات المتلاحقة في سياسات الرسوم الجمركية المتبادلة التي تراجع ترمب عن تطبيقها بعد أن أعلن عنها في الثاني من أبريل. وأصرّ الرئيس الأميركي على فرض رسوم جمركية عالمية أساسية بنسبة 10%، ورسوم جمركية تتجاوز 140% على الصين، ثم أرسل إشارات متضاربة بشأن إعفاءات الهواتف الذكية وغيرها من المنتجات التكنولوجية. كما فرض رسوماً جمركية على واردات السيارات والصلب والألمنيوم، وأشار إلى أن الأدوية وأشباه الموصلات قد تُفرض عليها رسوماً أيضاً.
باول: الأسواق منظمة وتعمل بشكل جيد
وعن الاضطرابات التي شهدتها الأسواق خلال الأسبوع الماضي، وخاصة السندات، أكد باول أن الأسواق “منظمة وتعمل بشكل جيد”، وأشار إلى أنه يتوقع “استمرار التقلبات” في الأسواق، لافتاً إلى أن الأسواق ” تعاني من الكثير من عدم اليقين”.
وأكد أن التباطؤ في وتيرة التشديد الكمي -مما يسمح لبعض حيازات الاحتياطي الفيدرالي من السندات بالاستحقاق دون استبدال- من شأنه أن يسمح باستمرار التشديد الكمي لفترة أطول.
شهدت سندات الخزانة الأميركية تراجعاً حاداً الشهر الحالي، إذ فاقمت الرسوم الجمركية التي يفرضها الرئيس دونالد ترمب التهديدات التي تواجه الاقتصاد، مما قوّض سمعة سندات الخزانة الأميركية كأكثر الأصول أماناً في العالم. وأدى تراجع أسعار السندات بحدة إلى قفزة بعوائد الأوراق المالية الأميركية لأجل 10 سنوات -والتي تُعد معياراً لتكاليف كل شيء من سندات الشركات إلى القروض العقارية- يوم الجمعة الماضية ليقترب من 4.6%، وهو ارتفاع يتجاوز نصف نقطة مئوية منذ نهاية الأسبوع السابق، قبل أن يتراجع جزئياً عن هذا الصعود، متجنباً تسجيل أعنف هبوط أسبوعي منذ 1982. كما ارتفع العائد على السندات لأجل 30 عاماً بما يصل إلى 12 نقطة أساس ليقترب من 5%. وجاء هذا التراجع تحت ضوط بيعية من قبل المستثمرين الأجانب في الأصول الأميركية.
الديون الأميركية
كرر رئيس الاحتياطي الفيدرالي تحذيره بشأن حجم العجز والديون الأميركية، وقال إن هذه الأمور “نحتاج بشدة إلى معالجتها”.
“استقلالية الفيدرالي يكفلها القانون”
وعن مدى استقلالية البنك المركزي الأميركي، خاصة في ظل المطالب المتكررة من الرئيس الأميركي لخفض الفائدة، قال باول إن “الاحتياطي الفيدرالي لن يتأثر بأي جوانب أو ضغوط سياسية”، وكرر تأكيده على أن “استقلالية البنك المركزي الأميركي يكفلها القانون”. وأكد باول أن البنك المركزي الأميركي ماض في مهمته دون الالتفات لأي ضغوط سياسية.
وأشار باول إلى وجود قضية قيد النظر في المحكمة العليا تنظر في قدرة الرئيس على عزل موظفين من وكالات مستقلة. ورغم أن باول قال إنه لا يعتقد أن هذه القضية تنطبق على الاحتياطي الفيدرالي، إلا أنه قال “ولكنني في الحقيقة، لا أعلم”.
طالب الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة أكثر من مرة، كان أحدثها في 4 أبريل في تغريدة على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيها “هذا هو التوقيت المثالي لرئيس الفيدرالي الأميركي جيروم باول لخفض أسعار الفائدة”، واحتد الرئيس الأميركي على رئيس الاحتياطي الفيدرالي وقال “جيروم باول، خفّض أسعار الفائدة، وتوقف عن لعب دور سياسي”.
:::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أبرز 5 استنتاجات من تصريحات رئيس الفيدرالي الأميركي في شيكاغو
فيما يلي أبرز 5 استنتاجات من تصريحات رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في نادي شيكاغو الاقتصادي يوم الأربعاء.
في كلمته الافتتاحية المعدة، أكد باول مجدداً على تركيز الاحتياطي الفيدرالي على منع الزيادات المحتملة في الأسعار بسبب الرسوم الجمركية في التسبب بإشعال ارتفاع أكثر استمرارية في التضخم.
قال باول “نلتزم بالحفاظ على توقعات التضخم طويلة الأجل مستقرة، والتأكد من أن الزيادة غير المتكررة في مستويات الأسعار لا تتحول إلى مشكلة تضخم مستمرة”.
رئيس الاحتياطي الفيدرالي أكد أن صناع السياسات النقدية سوف يوازنون بين مسؤولياتهم المزدوجة المتمثلة في تعزيز أقصى معدلات التوظيف واستقرار الأسعار.
وفي الأسئلة والأجوبة، قال باول إن بنك الاحتياطي الفيدرالي سيواصل القيام بدوره بغض النظر عن الضغوط السياسية، وأكد: “استقلالية البنك المركزي يكفلها القانون”.
سعى باول إلى تهدئة المخاوف من خلال وصف الأسواق بأنها تعمل بكفاءة ومنظمة؛ وبينما كان يتحدث، تواصلت الضغوط البيعية على الأسهم وارتفعت أسعار السندات. وانخفض مؤشر “إس آند بي 500” بنسبة 2.2%، وتراجع مؤشر “ناسداك 100” بنسبة 3.2%.