موجة انتعاش في الأسواق العالمية بعد مواقف ترمب من الصين وباول

شهدت الأسواق المالية موجة انتعاش واسعة حيث قفزت الأسهم وارتفع الدولار، بعد موجة من الارتياح ناتجة عن تصريح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بأنه لا يخطط لإقالة رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، وتفاؤل متزايد بإمكانية تخفيف التوترات التجارية مع الصين.

ارتفعت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية في التعاملات الآسيوية، وسجلت سندات الخزانة الأميركية مكاسب، في حين واصل مؤشر الدولار تقدمه لليوم الثاني على التوالي، في موجة دعم شاملة للأصول الأميركية.

كما سجلت الأسهم الآسيوية مكاسب عند الافتتاح، وارتفع الدولار الأسترالي بدعم من الأمل المتجدد في نجاح محادثات التجارة الأميركية مع الصين. في الوقت نفسه، ارتفعت أسهم شركة “تسلا” بعد ساعات التداول، بعدما أعلن الرئيس التنفيذي إيلون ماسك أنه سيتنحى “بشكل كبير” عن دوره في إدارة الكفاءة الحكومية.

الرئيس يتراجع

تصريحات ترمب بشأن رئيس الفيدرالي، والتي أدلى بها مساء الثلاثاء في واشنطن، جاءت تراجعاً عن مواقف سابقة أطلقها خلال الأسبوع الماضي أثارت مخاوف بشأن استقلالية البنك المركزي الأميركي، وأعادت حينها الزخم لموجة بيع واسعة للأصول الأميركية.

كما ساعدت إشارات التقدم في بعض محادثات التجارة على تحسين معنويات السوق، حيث قال وزير الخزانة سكوت بيسينت إن المواجهة مع الصين “ستتجه نحو التهدئة”.

وكتب كريس ويستون، رئيس قسم الأبحاث في مجموعة “بيبرستون” في ملبورن، قائلاً: “رغم أننا لا نزال في مراحل مبكرة، إلا أن المزاج في السوق بدأ يتغير بوضوح. فالزخم القوي نحو التخلي عن الأصول الأميركية الذي هيمن على الأسواق بالأمس، بدأ يتراجع جزئياً”.

وكان ترمب، الذي أعرب عن استيائه من أن الفيدرالي لم يسرّع خطوات خفض أسعار الفائدة، قد نشر الأسبوع الماضي على وسائل التواصل الاجتماعي قائلاً إن “إقالة باول لا يمكن أن تأتي بالسرعة الكافية!”، في انتقاد مباشر للبنك المركزي.

كما أفادت تعليقات من مسؤولين بأن ترمب كان يدرس ما إذا كان بمقدوره قانوناً إقالة باول، الأمر الذي دفع الدولار إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2023.

لكن يوم الثلاثاء، خفف ترمب من لهجته، قائلاً إنه لا يعتزم إقالة باول رغم إحباطه من عدم تحرك الفيدرالي بوتيرة أسرع في خفض الفائدة.

وقالت روبي أغاروال، المحللة الاستراتيجية في “سانفورد سي بيرنشتاين”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ”: “هذا يبرز أن هناك الكثير من عدم اليقين، وأن المخاطر المرتبطة بالعناوين الرئيسية عادت إلى الواجهة. المستثمرون يحاولون فعلياً التعامل ليس فقط مع الضبابية السياسية، بل أيضاً مع حالة عدم اليقين على الصعيد الكلي”.

مكاسب التهدئة

واصلت الأسهم الأميركية مكاسبها الثلاثاء مع دفع الأخبار المرتبطة بالمفاوضات التجارية الزخم إلى الأمام. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت إن التقدم مستمر، وإن “الكرة تتحرك في الاتجاه الصحيح مع الصين”، وذلك عقب تقرير لموقع “بوليتيكو” أفاد بأن البيت الأبيض يقترب من التوصل إلى اتفاقيات عامة بشأن التجارة مع كل من اليابان والهند.

وحظيت الأسهم أيضاً بدعم من تقرير “بلومبرغ” والذي أفاد بأن وزير الخزانة سكوت بيسينت أدلى بتصريحات مغلقة مفادها أن المواجهة الجمركية مع الصين “لا يمكن استمرارها” وأنه يتوقع تهدئتها. وقال ترمب أيضاً يوم الثلاثاء إن الرسوم الجمركية النهائية على الصين “لن تقترب من” نسبة 145% التي تم تحديدها سابقاً.

كما أعلنت الولايات المتحدة عن “تقدم كبير” نحو اتفاق تجاري ثنائي مع الهند، بعد محادثات جرت بين نائب الرئيس جيه دي فانس ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

وقال ستيوارت كايزر، رئيس استراتيجية تداول الأسهم في “سيتي غروب”، في مقابلة مع تلفزيون “بلومبرغ” يوم الثلاثاء: “نحن نتجه نحو مفاوضات تجارية أكثر نجاحاً مع حلفاء تجاريين رئيسيين. أضع أوروبا والهند واليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا في هذه الفئة. أعتقد أننا سنرى تقدماً جيداً هناك، وهذا أمر إيجابي للأسواق”.

بدأت مؤشرات الأسهم في آسيا تمحو الخسائر التي تكبّدتها منذ إعلان ترمب عن رسومه الجمركية المتبادلة الواسعة في 2 أبريل. وكانت الهند، التي برزت كملاذ آمن نسبياً وسط حروب الرسوم الجمركية، أول سوق رئيسية تمحو تلك الخسائر الأسبوع الماضي. كما فعلت مؤشرات كوريا الجنوبية وأستراليا ذلك يوم الأربعاء.

تراجع الأصول الآمنة

وفي المقابل، شهدت الأصول الآمنة مثل الذهب والين الياباني موجة بيع.

في الوقت نفسه، خفض صندوق النقد الدولي بشكل حاد توقعاته للنمو العالمي هذا العام والعام المقبل، محذراً من أن التوقعات قد تتدهور أكثر بسبب الحرب التجارية.

وظهرت حالة القلق تجاه الأصول الأميركية في سوق الخيارات، حيث وصلت كلفة الحماية ضد الخسائر الكبيرة إلى أعلى مستوياتها منذ “الانهيار المفاجئ” عام 2021، في إشارة إلى تصاعد المخاطر.

وقالت أنويتي باهوجونا، مديرة الاستثمار في إدارة الأصول العالمية بشركة “نورذرن ترست”، في مقابلة مع “بلومبرغ”: “نحن في فترة من عدم اليقين الشديد، ويجب ألا نتفاعل بشكل مفرط مع التحركات اليومية”.

في خضم هذا الزخم، ارتفع سعر “بتكوين” فوق حاجز 90 ألف دولار لأول مرة منذ أوائل مارس، مما عزز التفاؤل بأن أكبر عملة رقمية بدأت في الانفصال أخيراً عن نمط تحركاتها المتزامن مع أسهم التكنولوجيا الأميركية.