أول 100 يوم بولاية ترامب الثانية.. الأسواق تحت الضغط!
أكثر من 30 محللاً بشركات وبنوك استثمار كبرى يشاركون في استطلاع CNBC عربية حول تداعيات سياسات ترامب على “وول ستريت” في أول 100 يوم
▪️ نحو 72% يرون أن أداء “الأسهم الأميركية” الباهت انعكاس للضوضاء وعدم اليقين السياسي
▪️ نسبة 31% يحذرون من زيادة مخاطر التراجعات الحادة في “وول ستريت” تحت ضغط غموض السياسات والضغوط العالمية وتأثيراتها على معنويات الأسواق
▪️ ربع المشاركين يتوقعون “ارتفاعاً طفيفاً” للأسهم الأميركية “لكن دون زخم قوي”
▪️ نصف المشاركين بالاستطلاع يصفون التعرفات الجمركية بأنها “قوة معطلة” من شأنها إثارة وزيادة المخاطر العالمية
▪️ نحو 28% يرون أنه من المبكر جدًا الحكم على مدى تأثير الرسوم.. والتأثيرات الحقيقية سوف تظهر في الأرباع المقبلة
▪️ بنوك وول ستريت تخفض توقعاتها لـ S&P500.. و53% من المشاركين بالاستطلاع: البيئة الاقتصادية تبرر التشاؤم
في أول 100 يوم من ولاية ترامب الثانية، وجدت الأسهم الأميركية نفسها أمام تحديات غير مسبوقة، في وقت غمرت فيه عواصف سياسية واقتصادية “وول ستريت” وسط حالة من الترقب الشديد.
ومع تصاعد المخاوف، يتجه المستثمرون نحو تقييم تأثير السياسات الاقتصادية التي يتبناها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، في ظل أجواء مشحونة بالضبابية وعدم اليقين الاقتصادي.
استطلاع خاص أجرته CNBC عربية، بمشاركة أكثر من 30 محللاً من كبريات شركات وبنوك الاستثمار بالولايات المتحدة وعواصم مختلفة، يقدم لمحة شاملة حول التحديات التي تواجهها الأسواق الأميركية في ظل هذه السياسات المثيرة للجدل.
تكشف نتائج الاستطلاع عن واقع الأسواق خلال أول 100 يوم من ولاية ترامب الثانية، إذ يعكس الأداء الضعيف للأسهم الأميركية القلق الواسع في أوساط المستثمرين، لا سيما مع المواقف السياسية والاقتصادية الضبابية، فضلًا عن غياب السياسات الواضحة، وبما يجعل من “وول ستريت” ساحة تتأرجح فيها المخاوف والتوقعات المتباينة.
تُظهر النتائج العامة لهذا الاستطلاع تحولاً في مواقف المحللين تجاه الأسواق مع مراجعات هبوطية للتوقعات السابقة، إذ أشاروا إلى أن المخاطر السياسية والاقتصادية تهيمن على المشهد، بينما يبقى المستثمرون في حالة ترقب، بانتظار خطوات ملموسة من الإدارة الجديدة.
هذه الأجواء المشحونة تضع “وول ستريت” في موقف دفاعي، ما يطرح عديداً من الأسئلة حول مستقبل الأسواق في الأشهر المقبلة.
وفي وقت تصاعدت فيه المخاوف من تداعيات السياسات الجمركية والاقتصادية، يأتي استطلاع CNBC عربية -الذي أجري في وقت تواجه فيه الأسواق تقلبات حادة تحت وطأة تصريحات ترامب بخصوص حربه التجارية مع الصين وكذلك تصريحاته المرتبطة بموقفه من الفدرالي الأميركي، قبل أن يتخذ موقفاً مرناً بعد ذلك يهدئ من روع الأسواق- يسلط الضوء على هشاشة الثقة في الأسواق المالية الأميركية.
ما بين التوقعات الصعودية المتحفظة والمخاوف من استمرار الضبابية، يظل التحدي الأكبر هو قدرة السياسات المستقبلية على استعادة الزخم الذي فقدته “وول ستريت”.
أداء ضعيف لـ “وول ستريت”
يعتبر 72% من المحللين أن التقلبات التي شهدتها “وول ستريت” تعكس بشكل مباشر القلق من سياسات ترامب والضوضاء المصاحبة، وذلك في معرض تعليقاتهم بشأن السبب الرئيسي وراء الأداء “الباهت” للأسهم الأميركية خلال أول 100 يوم من ولاية ترامب الثانية.
في المقابل، رأى 22% من المحللين أن المستثمرين ما زالوا في وضع الترقب؛ بانتظار إعلان سياسات مالية واضحة مثل خطط الضرائب والإنفاق العام قبل اتخاذ قرارات استثمارية كبيرة. بينما أشار 6% فقط إلى أن الأداء الضعيف قد لا يكون مرتبطاً بترامب مباشرة، بل نتيجة إرهاق (أو تصحيح) السوق بعد دورة صعود طويلة. في حين لم يُرجع أي من المشاركين التباطؤ إلى عوامل خارجية مثل تأثيرات الاقتصاد الصيني أو أسعار الفائدة العالمية.
تعكس هذه النتائج بوضوح أن الأسواق ما زالت تتعامل مع إدارة ترامب بقدر كبير من الحذر، في ظل انعدام الوضوح بشأن الأولويات الاقتصادية للإدارة الجديدة مع التصريحات والسياسات المتضاربة أحياناً. كما أن نسبة المشاركين الذين ينتظرون خطوات ملموسة، تشير إلى أن الأسواق لا تزال تمنح ترامب “مهلة سماح”، لكنها مشروطة بتحركات حقيقية على الأرض.
ويؤكد المحللون أن استمرار الغموض السياسي قد يطيل أمد الأداء المتذبذب للأسواق، في حين أن الإعلان عن سياسات تحفيزية أو إصلاحات مالية كبرى قد يعيد الزخم إلى حركة المؤشرات الأميركية.
زيادة التقلبات
الرئيس التنفيذي لـ Blue Chip Daily Trend Report، لاري تينتاريلي، يقول لـ CNBC عربية: “لقد ازدادت تقلبات السوق بشكل ملحوظ مع إعلان إدارة ترامب زيادة الرسوم الجمركية العالمية.. ونتيجةً لذلك، شهدنا ارتفاعاً حاداً في التقلبات وانخفاضات حادة في معظم الأسواق العالمية”.
ويضيف: “لقد اتخذنا نهجاً دفاعياً أكثر خلال الأسابيع الأربعة إلى الستة الماضية، ومن المرجح أن نستمر في ذلك حتى تتضح الصورة أكثر حول دورة مفاوضات الرسوم الجمركية وتأثيرها على الاقتصادات العالمية”.
ويلفت تينتاريلي -الذي شارك في الاستطلاع- إلى أن الأسواق العالمية تُقيّم الوضع على أساس “أسوأ الاحتمالات” حتى الإعلان عن تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً في 9 أبريل/ نيسان. ويبدو أن الأسواق الآن في حالة انتظار وترقب لاكتشاف الأسعار. ربما يكون المجهول الأكبر هو تأثير دورة التعرفات الجمركية هذه على الاقتصادات العالمية.
“الأسهم الأميركية” في مواجهة عاصفة ترامب.. سيطرة تشاؤم المستثمرين مع تصاعد المخاطر السياسية والاقتصادية
وأعلن ترامب عن الرسوم الجمركية في الثاني من أبريل/ نيسان الماضي والتي شملت عشرات الدول، وذلك قبل أن يقوم بتأجيل فرضها لمدة 90 يوماً، مع البدء في مفاوضات تجارية مع عدد من الدول. وقد بعث برسائل مرنة أخيراً بخصوص المفاوضات مع الصين واحتمالية التوصل لاتفاق تجاري بين أكبر اقتصادين في العالم، مما هدأ من المخاوف التي تأثرت بها الأسواق بشكل لافت خلال الأسابيع الماضية.
وفي تقييمها للمشهد العام، تقول المحللة المالية المعتمدة، جوليان سميث لـ CNBC عربية، لدى مشاركتها في الاستطلاع: “يجد المستثمرون أنفسهم في مناطق مجهولة؛ فبدلاً من النظر إلى أساسيات الشركات وتحليل الرسوم البيانية، يواجهون الآن مسألة التحقق من اعتبارات التعرفات الجمركية وما إذا كانت إدارة ترامب تنظر بإيجابية إلى الشركة”.
وتوضح مؤسسة أكاديمية الاستثمار للنساء، أن بعض المستثمرين يشترون الأسهم بناءً على منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، ويستيقظ الكثيرون كل صباح متسائلين عن عناوين الأخبار لهذا اليوم.
وذلك في إشارة إلى تدوينات الرئيس الأميركي ترامب على منصته تروث سوشيال والتي تؤثر بشكل أو بآخر على أسواق الأسهم، بما في ذلك تدوينته المثيرة للجدل قبل تعليق الرسوم الجمركية لمدة 90 يوماً، والتي اعتبرها البعض بأنها تشكل تلاعباً بالأسواق.
وفي واحدة من أسوأ بدايات السوق المالي تحت رئاسة أميركية منذ قرن، هوى مؤشر S&P 500 بنسبة 14% خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الولاية الثانية لدونالد ترامب، بحسب تحليل نشرته مجموعة “بيسبوك إنفستمنت”.
وكتب المحللون في التقرير أن هذا التراجع “هو الأعمق بفارق شاسع بين جميع الانخفاضات التي سجلها المؤشر في أول 90 يومًا من حكم أي رئيس أميركي منذ عام 1928”. أما المرتبة الثانية، فقد احتلها تراجع عام 1941 خلال الولاية الثالثة لفرانكلين روزفلت، حين هبطت الأسهم 9% وسط انقسام داخلي بشأن دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الثانية.
وكانت الأسواق قد استقبلت نتائج الانتخابات الأميركية الأخيرة (التي فاز فيها ترامب على منافسته الديمقراطية كامالا هاريس) بقدر كبير من الحماسة، دفع المؤشر إلى تسجيل مستويات قياسية في نوفمبر/ تشرين الثاني وديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي 2024، مدفوعًا بوعود ترامب بخفض الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية.
حينها، تعامل المستثمرون مع تهديداته بفرض رسوم جمركية باعتبارها أوراق ضغط تفاوضية أكثر من كونها سياسة فعلية. لكن سرعان ما تغيّر المشهد، إذ أدخلت سياساته التجارية المتقلبة الأسواق في دوامة من القلق والارتباك، وسط ضبابية قاتمة تلف الأفق الاقتصادي.
ما المتوقع في الستة أشهر المقبلة؟
وبين التفاؤل المحدود والقلق من المخاطر، أظهر استطلاع CNBC عربية تبايناً واضحاً في توقعات المحللين لأداء الأسهم الأميركية خلال الأشهر الستة المقبلة، وذلك في ضوء الإشارات السياسية الصادرة حتى الآن عن إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ عودته إلى البيت الأبيض في 20 يناير/ كانون الثاني 2025.
جاءت النتائج لتعكس حالة من الحذر والضبابية، حيث اعتبر 31% من المحللين أن الأسواق تواجه مخاطر هبوطية متزايدة، مع غموض السياسات والتحديات العالمية التي قد تؤثر سلباً على ثقة المستثمرين.
في المقابل، توقع 25% من المشاركين تسجيل صعود طفيف في أداء الأسواق، لكنهم أشاروا إلى أن هذا الارتفاع سيكون بطيئاً ومن دون زخم قوي، في ظل غياب محركات واضحة للنمو.
ومنح 25% آخرون أصواتهم لخيار “عدم القدرة على التنبؤ”، مشيرين إلى أن كثرة المتغيرات والتحديات المحتملة – بما في ذلك سياسات الفدرالي الأميركي والمخاطر الجيوسياسية – تجعل من الصعب رسم مسار واضح للأسواق. أما 19% فقط رأوا أن الأسواق ستسير في نطاق عرضي؛ نتيجة غياب المحفزات وسط رسائل سياسية متضاربة من إدارة ترامب.
هذه التوقعات تشير إلى أن المستقبل القريب للأسواق الأميركية يبقى مفتوحاً على جميع الاحتمالات، وسط مشهد تهيمن عليه الضبابية السياسية، وضغوط الاقتصاد العالمي، وتوقعات السياسة النقدية. ويبدو أن المستثمرين سيواصلون البحث عن إشارات أوضح قبل ضخ مزيد من السيولة أو اتخاذ رهانات كبيرة.
عوامل مؤثرة على الاتجاهات الرئيسية
من جانبه، يُضيء الرئيس التنفيذي لـ “ريسك ريوارد ريتيرن”، سانكار شارما، لدى حديثه مع CNBC عربية، على عددٍ من النقاط الرئيسية فيما يخص تحديد آفاق “وول ستريت” في المرحلة المقبلة.
بداية يتحدث عن أهمية حل الخلافات العالمية بشأن الرسوم الجمركية، بما في ذلك قضايا الرسوم مع الصين، خلال الأقل من 90 يوماً القادمة، وإلا فمن المتوقع تسارع حالات إفلاس الشركات الصغيرة وفقدان الوظائف، مشدداً على أن “الرسوم الجمركية طويلة الأجل مدمرة لجانب الطلب، وقد تؤدي إلى سياسات حمائية في جميع أنحاء العالم، وهو ما يضر بالنمو العالمي طويل الأجل والتعاون الدولي في المشاريع المشتركة”.
ويلفت استراتيجي الأسواق العالمية في سياق متصل، إلى أن فقدان الدولار بريقه وارتفاع عوائد سندات الخزانة ليسا أمرين جيدين للديون الأميركية المرتفعة، وقد يؤثران على الاقتصاد الأميركي والأسواق في حال بدء الركود. وطالما استمرت تهديدات الرسوم الجمركية، ستظل الأسواق متقلبة.
ويستطرد: “نحن في دورة انكماش متأخرة.. في حال حدوث ركود اقتصادي هذا العام، يُتوقع أن يعود الاقتصاد الأمريكي والعالمي إلى دورة نمو وتوسع مبكرة خلال عامين”.
وفيما يخص قرارات الفدرالي الأميركي -الذي يتعرض للضغط من أجل خفض الفائدة من جانب ترامب- فيقول: “يتمثل التفويض المزدوج للفدرالي في تحقيق أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار. ولهذا السبب، سيبقى في حالة ترقب وترقب. ومن غير المرجح أن يخفض أسعار الفائدة حتى يتمكن من تحديد آثار الرسوم الجمركية، أو حتى يشهد تسارعًا في فقدان الوظائف”.
تحذيرات من “افتقار المحفزات في “وول ستريت” وسط إشارات سياسية متباينة
زلزال الرسوم الجمركية.. والتوقعات الاقتصادية
وقد أثار تجديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب لسياساته الجمركية خلال أول 100 يوم من ولايته الثانية ردود فعل واسعة في الأوساط المالية العالمية، حيث اعتبرها نصف المحللين المشاركين في استطلاع CNBC عربية، أنها قوة مدمّرة رئيسية، أدت إلى تصاعد التوترات وزيادة أسعار المخاطر عالمياً.
الاستطلاع الذي شمل أكثر من 30 محللاً اقتصادياً من مؤسسات مالية عالمية، يُظهر أن 50% من المشاركين يرون أن هذه السياسات أثارت اضطرابات ملحوظة في الأسواق، وأعادت أجواء التوتر إلى المشهد التجاري العالمي، وسط مخاوف من تصعيد تجاري محتمل.
في المقابل، رأى 28% أن الوقت لا يزال مبكراً لإصدار حكم نهائي على تداعيات تلك السياسات، معتبرين أن الآثار الحقيقية لن تظهر إلا خلال الفصول القادمة. أما 13% فأشاروا إلى أن التأثيرات كانت محدودة حتى الآن، حيث لا تزال الأسواق في مرحلة استيعاب القرار وتقييم نتائجه المحتملة على التجارة والنمو.
وبنسبة أقل، 9% فقط وصفوا الخطوة بأنها محسوبة ومدروسة، تهدف إلى تعزيز موقف ترامب التفاوضي في ملفات التجارة من دون أن تترك آثارًا فورية سلبية.
تعكس هذه النتائج وجود قلق عميق في أوساط المستثمرين من تبني ترامب مجدداً لسياسات حمائية من شأنها إعادة إشعال الحروب التجارية، لا سيما مع الاقتصادات الكبرى مثل الصين والاتحاد الأوروبي. ويرى كثير من المحللين أن تجدد مثل هذه الإجراءات يُنذر بمزيد من الاضطرابات في سلاسل التوريد، وتقلبات في أسعار السلع، وضغوط إضافية على معدلات النمو العالمية
وضع معكوس
“أعتقد بأن المواجهة التجارية والرسوم الجمركية كانت حتمية في مرحلة ما”، وفق مؤسس Kuderna المالية، برايان كوديرنا، والذي يقول في تصريحات خاصة لـ CNBC عربية إلى أن “ما فاجأ الكثيرين هو أن الرسوم الجمركية جاءت قبل خفض الضرائب، بينما كان الوضع معكوساً في فترة ترامب الرئاسية الأولى”. ويضيف: “علاوة على ذلك، فإن فرض جميع الرسوم الجمركية دفعة واحدة، مع خط أساسي عالمي، صدم أسواق الأسهم والسندات”.
التوقف السريع والخفض والاستئناف، وما إلى ذلك، يثير حالة من عدم اليقين الكبير، في تقدير كوديرنا، الذي يستطرد: “كان الاقتصاد الأميركي في وضع قوي جداً مع بداية هذا العام، لذا إذا استقرت الرسوم الجمركية بحلول الصيف وظل التضخم كما هو، فقد تؤدي تخفيضات أسعار الفائدة من الفدرالي في وقت لاحق من هذا العام إلى دعم أسواق الأسهم في النصف الثاني”.
تفسير السياسات الأميركية
الرئيس التنفيذي لشركة سابراينت سيستمز، سكوت مارتينديل، يقول لـ CNBC عربية على هامش مشاركته في الاستطلاع: “لم يكن المسار الذي استمر لأربعين عامًا في الولايات المتحدة نحو دوامة الدين والعجز في الإنفاق مستدامًا، وكان من الضروري تغييره بشكل جذري وليس تدريجيًا، بل إن عملية إصلاحه قد تكون مؤلمة ومقلقة”. وفي تفسيره للسياسات الأميركية، أوضح أن “نظام التعرفات الجمركية الذي فرضه الرئيس ترامب في “يوم التحرير” هو في ذات الوقت بسيط ومُحير، بينما لا تزال السوق هشة. لكني أدركتُ أن هناك منهجًا وراء التصرفات غير التقليدية لترامب عندما يتعلق الأمر بأساليب التفاوض”.
وأضاف: “بعد الصدمة الأولية للأسعار، تصبح التعرفات الجمركية انكماشية، تمامًا كأي ضريبة، وقد بدأت الدول بالفعل في التفاوض لخفضها”. مشيرًا إلى أن “الولايات المتحدة أصبحت أقل اعتمادًا على التجارة، وأقل عرضة للاضطرابات التجارية، وهي في وضع أفضل بكثير لتجاوز حرب تجارية قصيرة مقارنة بأي دولة أخرى، بما في ذلك الصين، التي تستخدم الحرب كتكتيك تفاوضي ولإشعال الانقسام السياسي في الولايات المتحدة من وجهة نظري”.
وتابع: “الـ 10 تريليونات دولار التي خرجت من سوق الأسهم لم تكن بمثابة “تدمير لرأس المال” كما في حريق هائل يحرق المنازل، بل تحولت ببساطة إلى سندات ونقد، ويمكن أن تعود بسرعة إذا لم تتغير توقعات الأرباح بشكل كبير، إذا تم تقديم حوافز مالية، ودعم من الاحتياطي الفدرالي، وزيادة في السيولة العالمية”.
وفيما يتعلق بالتقلبات المستقبلية، قال: “من المتوقع أن تستمر التقلبات (صعودًا وهبوطًا) خلال النصف الأول من العام حتى تتحسن الأوضاع في وقت لاحق من العام. بالنسبة لأولئك الذين ما زالوا يساهمون في خطط التقاعد أو يستثمرون من أجل المستقبل، فقد كانت فترة البيع هذه فرصة طال انتظارها للشراء بسعر منخفض، حيث تراجعت مضاعفات التقييم المرتفعة بشكل ملحوظ”. ويؤكد أنه “بدلاً من الاستثمار في مؤشرات السوق التي تركز على القيمة السوقية، قد يكون من الأفضل للمستثمرين اختيار الأسهم النشطة التي تركز على تحديد الشركات عالية الجودة والقوية من الناحية الأساسية، والتي يمكن للعديد منها دعم تعافي شركات التكنولوجيا الكبرى وتقديم عوائد أعلى”
من المتوقع أن تستمر التقلبات (صعودًا وهبوطًا) خلال النصف الأول من العام
في تحول لافت يعكس تصاعد المخاوف من تباطؤ اقتصادي وتشديد نقدي مطول، خفّضت أكثر من 10 مؤسسات مالية كبرى، بينها جي بي مورغان وبنك أوف أميركا وسيتي غروب، توقعاتها لمؤشر S&P 500 بنهاية العام الجاري. وبات متوسط هدف وول ستريت الجديد للمؤشر عند 6012 نقطة، مقارنةً بـ 6539 نقطة في نهاية عام 2023، ما يعكس تراجعًا واضحًا في ثقة الأسواق تجاه أداء الأسهم الأميركية خلال الأشهر المقبلة.
سيتي غروب تتوقع الآن أن ينهي المؤشر العام عند 5800 نقطة، بعدما كانت تتوقع 6500 نقطة، بينما خفّض جي بي مورغان مستهدفه إلى 5200 نقطة فقط، وهو من أدنى التقديرات بين البنوك الكبرى. أما بنك أوف أميركا فقلص هدفه إلى 5600 نقطة، نزولًا من 6666 نقطة، وتبعه في الاتجاه ذاته إيفركور آي إس آي التي خفضت هدفها من 6800 إلى 5600 نقطة. كذلك، عدّلت أوبنهايمر مستهدفها من 7100 إلى 5950 نقطة، في إشارة جماعية إلى أن الحذر بات العنوان الأبرز للربع الأخير من العام.
وفي هذا السياق، كشفت نتائج استطلاع CNBC عربية، عن توافق أغلب المحللين على موجة المراجعات النزولية التي أجرتها البنوك الكبرى في وول ستريت لتوقعات أداء مؤشرات الأسهم الأميركية بنهاية العام
أظهر الاستطلاع أن 53% من المشاركين يعتقدون أن “البيئة الاقتصادية والظروف السياسية تبرر تبنّي نظرة أكثر حذراً”، ما يعكس حالة من التشاؤم المتزايد بشأن قدرة السوق على تحقيق مكاسب قوية خلال ما تبقى من العام.
في المقابل، توزعت بقية الآراء بالتساوي تقريباً، لجهة أن نحو 16% اعتبروا أن الأسواق ستظل متقلبة لكنها لا تزال تحتفظ بهوامش صعود، ما يجعلهم يتبنون موقفًا “جزئيًا” من المراجعات، و16% آخرون (تقريباً) عبّروا عن نظرة مغايرة، متوقعين انتعاشًا مدفوعًا بتغيرات محتملة في السياسات الاقتصادية أو تحسن البيانات الكلية.
بينما رأى 16% أن الوقت لا يزال مبكرًا لاتخاذ موقف حاسم، داعين إلى انتظار مزيد من الوضوح بشأن توجهات الفائدة وأرباح الشركات.
يعكس هذا التباين في الآراء حجم الضبابية المسيطرة على مشهد الأسواق العالمية، وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي وبيئة نقدية مشددة. كما يأتي الاستطلاع في وقت تتصاعد فيه التوترات الجيوسياسية، ما يضيف ضغوطًا إضافية على صنّاع القرار والمستثمرين على حد سواء.
محمد خالد