بدأت الرسوم الجمركية الأميركية التي فرضها دونالد ترامب في تعطيل عجلة الاقتصاد العالمي على نحو متزايد، والذي اعتمد لعقود على حرية التجارة النسبية وإمكانية التنبؤ بمساراتها.
وقد خفّضت الشركات الكبرى متعددة الجنسيات، خلال الأسبوع الماضي، أهدافها للمبيعات، وراجعت خطط أعمالها، وحذّرت من احتمالات تسريح موظفين، في وقت خفّضت فيه الاقتصادات الكبرى توقعات النمو، على خلفية بيانات غير مواتية.
وتُراهن الأسواق المالية على تراجع كلٍّ من الولايات المتحدة والصين عن الدخول في حرب تجارية شاملة، وعلى توجه الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو عقد اتفاقيات تجارية. إلا أن الضبابية المحيطة بكيفية انتهاء هذا الوضع أصبحت عاملاً إضافياً في تأزيم الأوضاع الاقتصادية.
وقالت إيزابيل ماتيوس، كبيرة الاقتصاديين في بنك «بي إن بي باريبا» لرويترز: «تشكل السياسة الجمركية الأميركية صدمة سلبية خطيرة للاقتصاد العالمي على المدى القصير».
وأضافت: «قد يكون الهدف النهائي من الرسوم الجمركية الأميركية أبعد مما هو متوقَّع، وبمستوى أعلى مما كان يُعتقد سابقاً».
وكانت بكين قد أعلنت، يوم الجمعة، أنها تُقيّم عرضاً من واشنطن لإجراء محادثات بشأن الرسوم الجمركية الأميركية البالغة 145%، والرسوم المضادة الصينية بنسبة 125%. وأشارت إدارة ترامب إلى أنها باتت قريبة من إبرام اتفاقيات تجارية مع دول مثل الهند وكوريا الجنوبية واليابان.
وفي غضون ذلك، خفّضت شركات مثل «إلكترولوكس» السويدية لتصنيع الأجهزة المنزلية توقعاتها، فيما سحبت كلٌّ من «فولفو» لصناعة السيارات، و«لوجيتك» لتصنيع أجهزة الحاسوب، و«دياجيو» العملاقة للمشروبات، أهدافها بسبب حالة الضبابية.
خفض توقعات النمو في العديد من الدول
كما شكّل إلغاء الإعفاء الجمركي على الطرود الإلكترونية الواردة من الصين والتي تقل قيمتها عن 800 دولار، الأسبوع الماضي، ضربة قاسية لعدد كبير من الشركات الصغيرة.
وقد أدت هذه الرسوم إلى خفض توقعات النمو في كلٍّ من اليابان وهولندا ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وشهد نشاط التصنيع في الصين انكماشاً هو الأسرع منذ 16 شهراً خلال أبريل/نيسان، فيما أظهرت البيانات أن صادرات المصانع البريطانية تراجعت الشهر الماضي بأسرع وتيرة منذ نحو خمس سنوات.
ورأى اقتصاديون أن تحسن البيانات الاقتصادية في ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على التصدير، ربما يعود إلى تسريع المصانع وتيرة إنتاجها قبل تطبيق الرسوم الجمركية.
وفي الوقت الراهن، يصف معظم الاقتصاديين السياسات التجارية التي ينتهجها ترامب بأنها «صدمة من جانب الطلب» على الاقتصاد العالمي، إذ إنها تؤدي، من خلال رفع تكلفة الواردات على الشركات والمستهلكين الأميركيين، إلى استنزاف النشاط الاقتصادي في مناطق أخرى من العالم.