نما نشاط قطاع الخدمات في الصين، بأبطأ وتيرة له في سبعة أشهر خلال أبريل نيسان، متأثراً بتراجع نمو الطلبيات الجديدة والغموض الناتج عن الرسوم الجمركية الأميركية.
وتراجع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات الصيني الصادر عن «كايشين/ستاندرد آند بورز غلوبال» إلى 50.7 نقطة في أبريل نيسان، مقارنة بـ51.9 نقطة في مارس آذار، مسجلاً أدنى قراءة له منذ سبتمبر أيلول الماضي. وتشير القراءة فوق 50 نقطة إلى النمو، بينما تعكس القراءة دون هذا المستوى انكماشاً في النشاط.
وجاءت هذه النتائج متماشية إلى حدّ كبير مع بيانات المسح الرسمي، الذي أظهر بدوره تباطؤ نمو القطاع إلى 50.1 نقطة من 50.3 في الشهر السابق، بحسب رويترز,
ويُعتبر مؤشر «كايشين» مرآة أدق لأداء الشركات الأصغر حجماً والأكثر توجهاً نحو التصدير، مقارنةً بالمؤشر الرسمي.
رغم تسجيل الاقتصاد الصيني نمواً أقوى من التوقعات خلال الربع الأول من عام 2025، بدعم من الحوافز الحكومية، إلا أنه لا يزال يواجه تحديات مستمرة تتمثل في مخاطر انكماشية، وتراجع طويل الأمد في قطاع العقارات، فضلاً عن التهديدات الناجمة عن الرسوم الجمركية الأميركية.
وأشارت البيانات إلى أن نحو 48% من العاملين في الصين كانوا يعملون في قطاع الخدمات عام 2023، فيما ساهم القطاع بنسبة 56.7% من الناتج المحلي الإجمالي. ومع ذلك، فإن الإجراءات التجارية التي يتبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد تُلحق أضراراً كبيرة بقطاع التصنيع، ما قد يؤثر على خطط التوظيف وثقة المستهلكين.
وقال وانغ تشه، كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة «كايشين إنسايت»، إن «ضبابية التوقعات في السوق تؤثر سلباً على ثقة الشركات والمستهلكين على حد سواء، مما يصعّب من مهمة تحفيز الطلب المحلي».
تباطؤ نمو الأعمال الجديدة
حذر وانغ تشه، كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة «كايشين إنسايت»، من أن «الآثار الارتدادية للمواجهة التجارية المستمرة بين الصين وأميركا ستبدأ في الظهور تدريجياً خلال الربعين الثاني والثالث من هذا العام»، داعياً صناع السياسات إلى الاستعداد الجيد واتخاذ التدابير اللازمة في وقت مبكر.
وأظهر مسح «كايشين» لقطاع الخدمات تباطؤ نمو الأعمال الجديدة إلى أضعف وتيرة منذ ديسمبر كانون الأول 2022، على الرغم من تسجيل طلبات التصدير ارتفاعاً طفيفاً، مدعوماً جزئياً بانتعاش قطاع السياحة. وأشار بعض مقدمي الخدمات إلى أن الرسوم الجمركية الأميركية أثّرت سلباً على تجارة السلع، ما تسبب في اضطرابات ملموسة.
وتراجعت ثقة الشركات في قطاع الخدمات إلى أدنى مستوياتها منذ فبراير شباط 2020، إذ اعتبر العديد من المشاركين في المسح أن الرسوم الأميركية تشكل مصدر قلق رئيسياً. وخفض مقدمو الخدمات عدد الوظائف للشهر الثاني على التوالي في مسعى لخفض التكاليف، ما أدى إلى زيادة في حجم الأعمال المتراكمة، لتدفع المؤشر الفرعي المعني إلى منطقة التوسع للمرة الأولى هذا العام.
ضعف الطلب المحلي
خفضت الشركات أسعار البيع في محاولة لجذب الزبائن، رغم ارتفاع تكاليف المدخلات، في مؤشر على ضعف الطلب المحلي. وتراجع مؤشر كايشين المجمع لمديري المشتريات في الصين إلى 51.1 نقطة في أبريل نيسان، مقارنة بـ51.8 نقطة في مارس آذار.
وكان المكتب السياسي للحزب الشيوعي الحاكم قد تعهّد الشهر الماضي بدعم الشركات والعمال المتضررين من تداعيات الرسوم الجمركية الأميركية الثلاثية الأرقام، مشدداً على أهمية الاستعداد لأسوأ السيناريوهات المحتملة.
وحذّر خبراء اقتصاديون في «مورغان ستانلي» الأسبوع الماضي من أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني قد يتباطأ بنحو نقطة مئوية كاملة، بفعل تصاعد الضغوط الناجمة عن الرسوم الأميركية. وقال البنك في مذكرة بحثية: «نتوقع أن تتعامل بكين مع التحديات عبر حزمة تحفيز حذرة وغير متناسقة، مع استمرار التركيز على الاستثمار في القطاعات الناشئة وتجديد المدن، إلى جانب التحول التدريجي نحو دعم الاستهلاك على المدى المتوسط».