مؤشرات وول ستريت تفقد الزخم وسط ترقب للمفاوضات التجارية

اختتمت وول ستريت تعاملات الأسبوع وسط توجه أكثر حذراً، إذ تقلبت مؤشرات الأسهم والسندات وسط تأهب أكبر اقتصادين في العالم لبدء مفاوضاتهما التجارية.

أحجم المستثمرون عن القيام بمراهنات أكثر خطورة وسط تكهنات بأنه في حين أن المحادثات بين المسؤولين الصينيين والأميركيين قد تكسر حالة الجمود الدبلوماسية، إلا أنها من غير المرجح أن تسفر عن اتفاق شامل في هذه المرحلة. بعد تجنب مؤشر “إس آند بي 500” (S&P 500) الدخول في السوق الهابطة وإضافته قرابة 6 تريليونات دولار، هدأت وتيرة النشاط في الأيام الأخيرة. وأغلق المؤشر تعاملات الجمعة دون تغيير يذكر.

يتوق المتداولون حول العالم لأي بوادر انفراجة في حرب الرسوم الجمركية التي هزت الأسواق وزادت من مخاطر تباطؤ الاقتصاد العالمي. وطرح الرئيس دونالد ترمب فرض رسوم جمركية بنسبة 80% على الصين قبل بدء المفاوضات يوم السبت، وحثّها على بذل المزيد من الجهود لفتح أسواقها أمام السلع الأميركية.

الأسواق تتابع المفاوضات التجارية

قال خوسيه توريس من “إنتراكتيف بروكرز”: “من المرجح أن تكون تطورات نهاية هذا الأسبوع محورية للأسواق، ولكن لا نتوقع حلاً سريعاً للتوترات التجارية بين الولايات المتحدة والصين. وأتوقع العديد من التقلبات في المستقبل مع محاولات واشنطن وبكين التوافق وفي الوقت نفسه السعي إلى تأمين مصالحهما الاقتصادية الخاصة”.

أفاد أشخاص مطلعون على الأمر أن فريق ترمب وضع قائمة تضم نحو 20 شريكاً كمحور للمفاوضات المبكرة. وتضم هذه المجموعة دولًا مثل اليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام، وهي من أهم مصادر الواردات الأميركية التي يسعى ترمب إلى تقليص العجز التجاري معها. كما تضم ​​شركاء أصغر نسبياً مثل فيجي وليسوتو وموريشيوس.

قال مارك هاكيت من “نيشن وايد”: “لا تزال الأسواق تتفاعل مع أخبار” الحرب التجارية. وأضاف: “نتوقع على الأرجح فترة من التحركات العرضية في السوق حتى نبدأ بتحقيق نتائج ملموسة وقابلة للقياس. لا أحد يعلم النتيجة النهائية، لذا فهذا هو الوقت المناسب للبقاء على اطلاع ويقظة، ولكن دون انفعال أو تهور”.

استقر مؤشرا “إس آند بي 500″ و”ناسداك 100” دون تغيير. وانخفض مؤشر “داو جونز الصناعي” بنسبة 0.3%. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، أصبح “داكس” الألماني أول مؤشر أوروبي رئيسي يتجاوز ذروته التي سجلها في مارس، معوضاً جميع الانخفاضات التي سببتها حرب ترمب التجارية.

كما استقر العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات عند 4.38%. وخسر مؤشر بلومبرغ للدولار الفوري 0.2%، مسجلاً أفضل أداء أسبوعي له منذ مارس.

“حتى مع اتخاذ الولايات المتحدة خطوات نحو مفاوضات التجارة، من المرجح أن يكون الانتعاش المذهل للسوق الأميركية قد ولى”، وفق مايكل هارتنت من “بنك أوف أميركا”. ولا يتوقع هارتنت مزيداً من المكاسب، إذ يميل المستثمرون إلى “الشراء على الشائعات والبيع مع تحققها”.

تم بيع نحو 24.8 مليار دولار في الأسهم الأميركية في الأسابيع الأربعة الماضية، وهو الأكبر في عامين، بحسب مذكرة من “بنك أوف أميركا” نقلا عن بيانات من “إي بي إف آر غلوبال”.

ضغوط اقتصادية

قال الملياردير باري ستيرنليشت إن الاقتصاد من المرجح أن يضعف رغم انتعاش مؤشرات الأسهم من تداعيات إعلان ترمب عن الرسوم الجمركية الكبرى في أوائل أبريل.

أوضح ستيرنليشت يوم الجمعة، خلال مكالمة هاتفية مع شركة “ستاروود بروبرتي تراست”، حيث يشغل منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، إن “الأسواق تعافت، بشكل صادم، إلى أعلى مستوياتها قبل يوم التحرير، لكن هذا لا يبدو صحيحاً”. وأضاف: “من الواضح أن قطاعات مثل السفر متراجعة”.

إيرادات بتريليونات الدولارات معرضة للخطر

مع اقتراب بدء المحادثات بين الولايات المتحدة والصين، تتعرض تريليونات الدولارات التي تجنيها الشركات الأميركية للخطر. ووفقاً لتحليل أجرته جينا مارتن آدامز وجيليان وولف من “بلومبرغ إنتليجنس”، بلغ متوسط ​​الإيرادات التي تجنيها الشركات المدرجة في مؤشر “إس آند بي 500” من عملائها في الصين حوالي 6.1% في 2024.

وكتب تورستن سلوك، كبير الاقتصاديين في “أبولو”، “الخلاصة هي أنه إذا اضطرت الولايات المتحدة إلى الانفصال تماماً عن الصين، فسوف يؤدي ذلك إلى انخفاض كبير في أرباح شركات (إس آند بي 500)”.

تحذير

في غضون ذلك، دخل مؤشر بسوق الأسهم مرحلة ارتبطت تاريخياً بأسوأ احتمالات العائد لمؤشر “إس آند بي 500” بعد أن سيطرت المخاوف التجارية على الأسواق المالية وأضعفت توقعات الشركات الأميركية لنمو الأرباح.

هبط “نموذج نظام سوق الأسهم” إلى المنطقة الحمراء الحذرة في شهري مارس وأبريل، وفقاً للبيانات التي جمعها جينا مارتن آدامز وجيليان وولف من بلومبرغ إنتليجنس. وتجدر الإشارة إلى أن نموذج نظام سوق الأسهم طورته بلومبرغ إنتليجنس لتتبع مؤشر الأسهم المرجعي ويقسم الفترات إلى ثلاث مراحل: النمو المتسارع (الأخضر)، والنمو المعتدل (الأصفر)، التراجع (الأحمر).

وارتبطت الحالات السبع السابقة (بدخول المؤشر المنطقة الحمراء) بانخفاض مؤشر “إس آند بي 500” بمتوسط ​​5.6% في الأشهر الـ12 التالية.

لا يزال الصراع بين المراهنين على الصعود ونظرائهم الذين يتوقعون الهبوط قوياً، مع وجود حجج مقنعة على كلا الجانبين، وفق هاكيت من “نيشن وايد”.

“يزعم المتفائلون أن ذروة عدم اليقين قد ولّت، وهو ما تؤكده ديناميكيات التداول التيباتت أفضل، وحركة الأسعار القوية، والأرباح التي فاقت التوقعات” وفق هاكيت، مضيفاً: “ويركز المتشائمون على التحديات التي تواجه الزخم الاقتصادي ونمو الأرباح في الأرباع القادمة، مع تراجع تقديرات الأرباح”.

ومع عدم ورود بيانات اقتصادية ذات صلة يوم الجمعة، تابع المستثمرون سلسلة من التصريحات التي أدلى بها مسؤولو البنك المركزي.

قالت أدريانا كوغلر، محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، إن صناع السياسات النقدية يجب أن يبقوا أسعار الفائدة في الوقت الحالي دون تغيير وسط استقرار الاقتصاد في ظل عدم اليقين بشأن التعريفات الجمركية. حذّر زميلها مايكل بار من أن السياسات التجارية قد تضع المسؤولين في موقف صعب من خلال توليد ضغوط تضخمية وارتفاع معدلات البطالة. وقال توم باركين، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في ريتشموند، إنه ليس بإمكان جميع الشركات رفع الأسعار بما يعكس أثر الرسوم الجمركية.