انكمش الاقتصاد الياباني لأول مرة منذ عام، مما يعكس هشاشته حتى قبل أن يتأثر بإجراءات الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب.
وأظهرت بيانات صادرة عن مكتب مجلس الوزراء الياباني، يوم الجمعة، أن الناتج المحلي الإجمالي المعدل وفقاً للتضخم انخفض بنسبة 0.7% على أساس سنوي خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام. وجاءت النتيجة أضعف قليلاً من متوسط توقعات الاقتصاديين الذين رجّحوا انكماشاً بنسبة 0.3%، مما يضع الاقتصاد في دائرة خطر الدخول في ركود فني خلال هذا الربع، بناءً على مدى تأثير الرسوم الأميركية.
وساهم تراجع الصادرات وارتفاع الواردات في تقليص صافي الفائض التجاري، ما ضغط على الأداء الاقتصادي بعد أن شكّلت التجارة دفعة قوية في الربع السابق. وظل الإنفاق الاستهلاكي، الذي يمثل نحو نصف الاقتصاد، شبه مستقر، إذ لا يزال دون مستوياته ما قبل الجائحة بسبب التضخم الذي ينهك القوة الشرائية.
مصدر قلق إضافي
يمثل هذا الانكماش الأول تحت قيادة رئيس الوزراء شيغيرو إيشيبا مصدر قلق إضافي بشأن قدرة الاقتصاد على الصمود، قبل بدء سريان رسوم ترمب في هذا الربع. وتدعم هذه المؤشرات الضعيفة الرأي القائل بأن على بنك اليابان التريث في رفع أسعار الفائدة، لا سيما بعدما خفّض توقعاته للنمو لهذا العام إلى النصف في وقت سابق من مايو.
قد يزيد هذا الانكماش من حدة النقاش السياسي المستمر حول ضرورة تقديم تخفيضات ضريبية أو توزيع منح نقدية قبيل انتخابات مجلس الشيوخ المقررة هذا الصيف. وتُظهر استطلاعات الرأي المحلية تراجع معدل تأييد إيشيبا إلى أدنى مستوى منذ توليه المنصب.
ويُسجّل مستوى المعيشة (مؤشر أسعار المستهلكين) ارتفاعاً يتجاوز هدف بنك اليابان البالغ 2% هذا العام، مدفوعاً بزيادة في أسعار المواد الغذائية. وارتفع سعر الأرز، الغذاء الأساسي في البلاد، بنسبة 92% في مارس مقارنة بالعام الماضي، ما اضطر بعض المدارس العامة إلى تقليص عدد وجبات الغداء التي تحتوي على الأرز من ثلاث مرات أسبوعياً إلى مرتين، وفقاً لما ذكرته هيئة الإذاعة والتلفزيون اليابانية “NHK”.
تداعيات الرسوم الجمركية
وبينما تنتظر الأسر تراجع التضخم وارتفاع الأجور الحقيقية، خفّضت شركة “هوندا موتور” هذا الأسبوع توقعاتها للأرباح خلال السنة المالية الحالية بسبب الرسوم الأميركية، وذلك بعد خطوة مماثلة من شركة “تويوتا موتور”. وتمثل هذه التطورات إشارات مقلقة لصانعي السياسات، حيث إن كبريات الشركات اليابانية قد قادت محادثات الأجور التي أسفرت عن أكبر زيادات في الرواتب منذ ثلاثة عقود خلال العامين الماضيين.
وبدأت أولى جولات الرسوم الأميركية في مارس، عندما فرض ترمب رسماً بنسبة 25% على واردات الصلب والألمنيوم، وتبعها فرض النسبة نفسها على السيارات في أبريل، إلى جانب فرض رسم شامل بنسبة 10% على السلع اليابانية سيرتفع إلى 24% في غضون أشهر إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري.
تقدم محدود
ورغم تصريح وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الشهر الماضي بأن المحادثات مع اليابان ستكون أولوية، فإن التقدم ظل محدوداً. وفي حين توصلت واشنطن إلى اتفاق مع المملكة المتحدة، وأبرمت هدنة مؤقتة مع الصين، قال وزير التجارة هوارد لوتنيك في وقت سابق من مايو إن “التوصل إلى اتفاق مع طوكيو سيستغرق وقتاً طويلاً للغاية”.
وتُعد اليابان ثاني دولة بعد الولايات المتحدة تسجل نمواً سلبياً في الربع الأول. ومع تقدير معدل نموها المحتمل عند نحو 0.6%، وهو الأدنى بين دول مجموعة السبع، شهد الاقتصاد الياباني انكماشاً ربعياً واحداً على الأقل في كل عام منذ تفشي الجائحة.