افتتحت الأسهم الآسيوية تعاملاتها على ارتفاع، مقتفية أثر أكبر موجة صعود في وول ستريت منذ أكثر من أسبوعين، مدفوعةً بانتعاش ثقة المستهلك الأميركي وارتفاع عالمي في أسعار السندات.
وسجّل المؤشر الإقليمي للأسهم ارتفاعاً بنسبة 0.5% مع مكاسب في اليابان وكوريا الجنوبية. واستقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 30 عاماً، بعد تسجيلها أكبر انخفاض يومي منذ أواخر مارس، وسط مؤشرات على أن اليابان قد تُعدّل مبيعات ديونها بعد اضطرابات في السوق. كما ارتفع سعر النفط قبيل اجتماع لجنة “أوبك+”.
وينتظر المستثمرون نتائج أعمال شركة “إنفيديا” يوم الأربعاء، لمعرفة ما إذا كان الزخم الحالي قابلاً للاستمرار. وكسر انتعاش يوم الثلاثاء ما يُعرف باتجاه “بيع أميركا” في الأسواق، والذي كان أكثر وضوحاً في أداء الدولار بعد أن أشعل الرئيس الأميركي دونالد ترمب حرب الرسوم الجمركية ودفع باتجاه خفض الضرائب، ما أثار مخاوف بشأن عجز الميزانية في الولايات المتحدة.
تفاؤل أكبر
قال توني رودريغيز، رئيس استراتيجية الدخل الثابت في شركة “نوفين” (Nuveen)، لتلفزيون “بلومبرغ”: “هناك قدر أكبر من التفاؤل حالياً. السوق أكثر هدوءاً بالتأكيد”. وأضاف: “مع ذلك، نحن ندخل في نطاق يبدو هشاً للغاية نظراً لوجود الكثير من عدم اليقين”.
وحصل المستثمرون في السندات طويلة الأجل، الذين تعرضوا لضغوط كبيرة مؤخراً، على بعض الارتياح يوم الثلاثاء مع موجة ارتفاع عالمية في السندات أدت إلى انخفاض كبير في العوائد. كما ساهم الطلب القوي على مزاد بيع سندات أميركية لأجل عامين بقيمة 69 مليار دولار في تعزيز المكاسب في الولايات المتحدة.
وأثقلت المخاوف بشأن قدرة الحكومات على تغطية عجوزات الميزانيات الضخمة كاهل ديون الأسواق المتقدمة في الأيام الأخيرة، مما دفع عوائد السندات الأميركية طويلة الأجل نحو مستويات لم تُسجل منذ عام 2007.
وفي اليابان، سيتجه التركيز إلى إصدار سندات رئيسي يوم الأربعاء. ويأتي هذا الإصدار في وقت تشهد فيه تكاليف الاقتراض طويلة الأجل ارتفاعاً أيضاً في الاقتصادات الكبرى الأخرى، بما في ذلك الولايات المتحدة. وتزداد عوائد السندات اليابانية، لا سيما في الفئة طويلة الأجل جداً، مع تقليص بنك اليابان لمشترياته من السندات، بينما تفشل شركات التأمين على الحياة في سد هذا النقص.
وقت غير مناسب
قالت ميكي دين، كبيرة استراتيجيي أسعار الفائدة في “إس إم بي سي نيكو” (SMBC Nikko Securities) للأوراق المالية بطوكيو: “أظهر قطاع السندات فائقة الطول في الآجال بعض القوة منذ نهاية الأسبوع الماضي”. وأضافت: “ما لم تُحل المخاوف الأساسية بشأن المزيد من ارتفاع العوائد -الناجمة عن اختلالات العرض والطلب وتوقعات التوسع المالي- فإن الوقت ليس مناسباً حالياً للشراء المباشر أو الدخول في صفقات موازية للعوائد”.
سيتجه التركيز أيضاً إلى أرباح شركة “إنفيديا”، صانعة الرقائق الإلكترونية الحيوية للبنية التحتية المتسارعة في مجال الذكاء الاصطناعي. وستُصدر الشركة تقرير أرباحها مساء الأربعاء، ما سيمنح المستثمرين تصوراً حول ما إذا كان هذا التدفق الضخم من الإنفاق يمكن أن يستمر.
وقال في-سيرن لينغ، المدير الإداري في بنك “يونيون بانكير برايفيه” (Union Bancaire Privée): “تشير التعليقات الأخيرة من شركات التكنولوجيا العملاقة مثل مايكروسوفت وأمازون وجوجل إلى أن الطلب على رقائق إنفيديا سيظل قوياً جداً في الفصول المقبلة”. وأضاف: “إذا ألمحت تعليقات أرباح نفيديا إلى هذا المستوى من القوة، فإن التأثير سيكون إيجابياً على سلسلة توريد أشباه الموصلات في آسيا”.
ثقة المستهلك الأميركي
وفي نتائج أعمال الشركات الآسيوية، أعلنت شركة “شاومي” عن إيرادات فاقت التوقعات خلال الربع الأول من العام، فيما تواصل بقوة توسيع وجودها في سوق السيارات الكهربائية في الصين وتعزيز أعمال الهواتف الذكية الأساسية.
في المقابل، تراجعت أسهم شركة “بي دي دي هولدينغز” (PDD Holdings)، المالكة لتطبيق “تيمو”، في تداولات الولايات المتحدة بعد أن جاءت مبيعاتها وأرباحها الفصلية دون التوقعات، ما يسلط الضوء على تأثير التوترات التجارية بين بكين وواشنطن على أعمالها.
وفي الولايات المتحدة، تعافت ثقة المستهلكين بشكل حاد في مايو من أدنى مستوى لها في نحو خمس سنوات، في ظل تحسن التوقعات بشأن الاقتصاد وسوق العمل بعد الهدنة التجارية.
ورغم القلق الواسع بين المستهلكين والشركات على حد سواء، فإن الاقتصاد العام وسوق العمل تحديداً لا يزالان متماسكين إلى حد كبير. ويتوقع خبراء الاقتصاد أن تستغرق آثار الرسوم الجمركية أشهراً على الأرجح قبل أن تنعكس بالكامل على الاقتصاد، فيما لا يزال المستهلكون محميين إلى حد كبير من التأثير المباشر بفضل استيعاب تجار التجزئة للزيادات في التكاليف.
وقال ستيفن ستانلي، كبير الاقتصاديين في “سانتاندر يو إس كابيتال ماركتس” (Santander US Capital Markets)، في مذكرة: “الحديث عن الرسوم الجمركية لم ينتهِ بعد، كما رأينا خلال الأيام الماضية مع التهديد بفرض رسوم بنسبة 50% على الاتحاد الأوروبي، لكن يبدو أن الأسواق المالية مستعدة للمضي قدماً، وتشير هذه البيانات إلى أن الأسر ربما تسير في الاتجاه ذاته أيضاً”.
في سياق آخر، يُتوقع أن تحصل الحكومة الأميركية على ما يُعرف بـ”السهم الذهبي” في شركة “يونايتد ستيتس ستيل” (United States Steel Corp) كشرط للموافقة على صفقة استحواذ “نيبون ستيل” (Nippon Steel) اليابانية على الشركة الأميركية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.