تراجعت العقود الآجلة للأسهم الأميركية وارتفعت أسعار النفط في التداولات الآسيوية يوم الإثنين، بعد أن استهدفت الولايات المتحدة مواقع نووية في إيران خلال عطلة نهاية الأسبوع.
انخفضت عقود مؤشر “إس آند بي 500” بنحو 0.3%، وتراجع مؤشر لأسهم آسيا إلى أدنى مستوى له منذ مطلع يونيو. من جهته، ارتفع خام “برنت” بنسبة 2% بعدما كان قد قفز بما يصل إلى 5.7% في وقت سابق. كما ارتفع الدولار مقابل اليورو ومعظم العملات الرئيسية، في حين سجلت عائدات سندات الخزانة الأميركية ارتفاعاً طفيفاً.
قلّصت الأسواق العالمية معظم تحركاتها المبكرة، إذ ينتظر المستثمرون رد إيران بعد أن توعدت بالانتقام، فيما لم تُبدِ إسرائيل أي مؤشر على التراجع عن هجماتها. وبقي النفط محور التركيز الرئيسي، خصوصاً أن أي تعطيل لحركة الملاحة في “مضيق هرمز”، الشريان الحيوي لنقل النفط الخام والغاز الطبيعي عالمياً، يثير احتمال قفزة في أسعار الطاقة.
قال جوش غيلبرت، محلل الأسواق لدى شركة “إيه تورو” (eToro) في سيدني إن “هذا النوع من الضبابية بدأ يتحول سريعاً إلى الوضع الطبيعي الجديد في الأسواق، لذا أتوقع أن نشهد هدوءاً نسبياً ما لم تستمر التوترات بالتصاعد، وهو أمر ممكن بكل وضوح”. وأضاف: “حتى من دون تداعيات فورية، فإن مزيج تقلب أسعار النفط وتجدد الضبابية، سيكون كافياً لكبح شهية المخاطرة”.
بقي رد الفعل في الأسواق محدوداً بشكل عام منذ الهجوم الإسرائيلي الأول هذا الشهر. ورغم التراجع خلال الأسبوعين الماضيين، لا يزال مؤشر “إس آند بي 500” منخفضاً بنسبة 3% فقط عن ذروته القياسية المسجلة في فبراير. وارتفع الدولار بأكثر من 1% منذ أن لامس أدنى مستوى له في ثلاث سنوات في وقت سابق من هذا الشهر.
تحذيرات من انتقام إيراني وتعقيدات أمنية في السوق
لكن استمرار هذا التماسك يبقى مرهوناً بتحرك إيران المقبل، وفقاً لبعض المراقبين في السوق.
وقال بن زالا، المحاضر البارز في العلاقات الدولية في جامعة موناش في ملبورن: “من المرجح جداً أن ترد إيران على الولايات المتحدة بطريقة ما”.
وأضاف: “السوق ستكون شديدة الحساسية تجاه أي تطورات عسكرية في المنطقة، سواء في الأسهم أو السندات أو العملات، لأننا ببساطة لا نعلم كيف سيتطور هذا الوضع”.
كانت إيران توعدت بـ”عواقب وخيمة” على القصف الأميركي، وقالت إنها تحتفظ بجميع الخيارات للدفاع عن سيادتها. وفي المقابل، واصلت إسرائيل هجماتها، مستهدفة مواقع عسكرية في طهران وغرب إيران.
وكتب أتارو أوكومورا، كبير استراتيجيي أسعار الفائدة في شركة “إس أم بي سي نيكو سيكيوريتيز” (SMBC Nikko Securities)، في مذكرة: “إذا استمرت دورة الانتقام، فقد يؤدي الإنفاق المالي الأميركي المتزايد إلى ارتفاع عائدات سندات الخزانة وأسعار الأسهم الأميركية”.
وأضاف أن “الأسهم الأميركية انتعشت خلال حرب العراق في 2003 وحرب الخليج في 1991، عندما بدأ تأثير الإنفاق الحربي الضخم بالظهور، أو تم توقع ظهوره”.
استعداد مسبق لاحتمال تصاعد الصراع
قد يكون الجانب السلبي محدوداً لأن بعض المشاركين في السوق استعدوا مسبقاً لاحتمال تصاعد الصراع. وتراجع مؤشر “إم أس سي آي لجميع دول العالم” بنسبة 1.5% منذ هجوم إسرائيل على إيران في 13 يونيو.
كما خفض مديرو الصناديق من حيازاتهم من الأسهم، ولم تعد أسعار الأسهم في حالة شراء مفرط، وزاد الطلب على أدوات التحوط، ما يجعل حدوث موجة بيع حادة أقل احتمالاً في هذه المرحلة.
في الوقت ذاته، اتسعت العلاوات على سندات الشركات الآسيوية من الدرجة الاستثمارية المقومة بالدولار خارج اليابان بأعلى وتيرة في أكثر من شهر.
وفي سوق الأسهم، ارتفعت أسهم شركات الشحن مثل “نينغبو مارين” و”نانجينغ تانكر” بفعل توقعات بارتفاع أسعار الشحن البحري بعد الضربات الجوية الأميركية. كما صعدت أسهم شركات الدفاع الآسيوية، بينما تراجعت أسهم شركات الطيران متأثرة بارتفاع أسعار النفط.
وانخفضت أسهم شركة “تايوان لصناعة أشباه الموصلات” (TSMC) بعد أن أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن مسؤولاً في وزارة التجارة الأميركية أبلغ كبار شركات الرقائق بأنه يرغب في سحب الإعفاءات التي تتيح لها الوصول إلى التكنولوجيا الأميركية في الصين. وتراجعت أيضاً أسهم “سامسونغ إلكترونيكس” و”إس كيه هاينيكس”.
الأنظار تتجه نحو بيانات أوروبا
في مكان آخر، قالت ماري دالي، رئيسة فرع الاحتياطي الفيدرالي في سان فرانسيسكو، يوم الأحد إن موقف السياسة النقدية الحالي “في مكان جيد”، معتبرة أن مخاطر الفيدرالي بشأن التوظيف واستقرار الأسعار متوازنة تقريباً.
ورأت أن خفض الفائدة قد يحدث في الخريف، أي لاحقاً على ما توقعه المحافظ كريستوفر والر الذي قال يوم الجمعة إنه يتوقع خفضاً في يوليو.
وسيتابع المتعاملون بيانات النشاط الاقتصادي في أوروبا والولايات المتحدة في وقت لاحق من يوم الإثنين، سعياً لتقييم ما إذا كانت الحرب التجارية الأميركية قد كبحت الإنتاج الصناعي قبل حلول الموعد النهائي للتعرفة الجمركية المتبادلة في 9 يوليو. ومن المقرر أيضاً أن تتحدث رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد.