الأسبوع الاقتصادي القادم: البنوك المركزية تدلي برؤيتها حول تأثيرات سياسات ترامب

“السياسة لا تُحرك ساكناً، بل تُحرك كل شيء”. تُجسد هذه الكلمات القوية التي أدلى بها أحد مديري الثروات لشبكة CNBC الأسبوع الماضي النصف الأول من التداولات المحمومة. كما أنها تُمهّد الطريق لنصف ثانٍ يكتنفه عدم اليقين، حيث يبدو أن “الاقتصاد الجيوسياسي” سيظل قوةً مهيمنةً في السوق.

هذا الأسبوع، من المتوقع أن يعود الاهتمام إلى السياسة النقدية، حيث يستعد محافظو البنوك المركزية من جميع أنحاء العالم، الذين اكتفوا بالصمت وسط التوترات السياسية والضغوط التي تفرضها سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتقلبة، لإلقاء كلمات في منتدى البنك المركزي الأوروبي في سينترا، البرتغال.

تقرير الشوط النصفي

شهدت الأشهر الستة الماضية أحداثاً كثيرة، حيث أدت التوترات التجارية واتفاقات الهدنة إلى اضطراب أسواق الأسهم العالمية.

شهد مؤشر التقلبات VIX، المعروف أيضاً باسم مؤشر الخوف في وول ستريت، ارتفاعاً حاداً في أبريل، حيث تسببت تهديدات الرسوم الجمركية، وما تبعها من توقف مؤقت لها، في تقلبات حادة خلال اليوم في المؤشرات الرئيسية. في الوقت نفسه، أبقت أحداث “البجعة السوداء” في الشرق الأوسط المستثمرين في حالة من التوتر.

في خضم كل هذه الشكوك، أظهرت بعض أسواق الأسهم مرونة ملحوظة: لا يزال مؤشر داكس الألماني هو الأفضل أداءً في أوروبا، بارتفاع تجاوز 18% حتى الآن هذا العام، يليه مؤشر فوتسي 100 اللندني بارتفاع يقارب 9%، بينما يتخلف مؤشر كاك 40 الفرنسي بمكاسب بلغت حوالي 5%.

ولكن ماذا يعني كل هذا بالنسبة للتداول في النصف الثاني من العام؟ يحذر غولدمان ساكس من أن “ارتفاع حالة عدم اليقين السياسي، مقترناً بتدهور الوضع الاقتصادي الكلي، من المرجح أن يدعم تقلبات أكبر في أسواق الأسهم في الأشهر المقبلة”.

البنوك المركزية تتصدر المشهد في سينترا

مع تزايد صدى تحذيرات غولدمان ساكس في أذهان المستثمرين، باتت الساحة مهيأة لعودة البنوك المركزية إلى دائرة الضوء.

هذا الأسبوع، تستضيف مدينة سينترا في البرتغال المنتدى السنوي للبنك المركزي الأوروبي، حيث ينضم إلى محافظي البنوك المركزية الأوروبية نظرائهم الدوليين لتبادل الآراء حول قضايا السياسة الراهنة.

قد تكون الشمس مشرقة في البرتغال، لكن تصريحات الرئيس دونالد ترامب الأخيرة ستلقي بظلال غيومها بلا شك على الاجتماع، في ظل استمراره في ممارسة ضغوط غير مسبوقة على رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول.

في الأسبوع الماضي فقط، تصاعدت حدة انتقادات ترامب لباول، مما أثار الحديث عن ما يُسمى بـ”رئيس ظل لمجلس الاحتياطي الفيدرالي”، والذي قد يُراقب الأمور حتى توليه منصبه العام المقبل.

كما ضغط باول على نظرائه في السياسة النقدية، داعياً محافظي البنوك المركزية إلى الثبات ريثما يروا تأثير الرسوم الجمركية التجارية: “نحن في وضع جيد للانتظار ومعرفة المزيد عن المسار المحتمل للاقتصاد قبل النظر في أي تعديلات على سياستنا”.

ستحتاج أوروبا إلى تحديد مدى سماحها للنهج الأميركي بتحديد سياستها، حيث افتتحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد فعاليات المؤتمر في سينترا بخطاب مساء الاثنين.

توقعوا لهجة قوية؛ فقد دعت في مقالها الأخير في صحيفة فاينانشال تايمز إلى استفادة اليورو من البيئة الحالية و”اكتساب مكانة عالمية”.

عام حزب العمال الأول في السلطة

يصادف يوم الجمعة المقبل الذكرى السنوية الأولى لتولي حزب العمال السلطة في المملكة المتحدة، بعد 14 عاماً من حكم المحافظين. وقد شهد فوزاً ساحقاً عودة حزب العمال إلى داونينغ ستريت بفرحة غامرة، حاملًا وعداً بالتغيير والنمو. لكن فترة الرخاء لم تدم طويلًا.

بعد مرور 12 شهراً، يبدو أن رئيس الوزراء كير ستارمر على وشك بلوغ عامه الأول في منصبه مع تراجع حاد في نسب التأييد، مما يضعه في مرتبة أدنى من قادة الحزب المنافسين له، بمن فيهم زعيم حزب الإصلاح نايغل فاراج، والديمقراطي الليبرالي السير إد ديفي، وزعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوخ.

واجه ستارمر ضغوطاً خارجية كبيرة، بدءاً من خلاف علني مع إيلون ماسك، ووصولاً إلى سلسلة من تحديات السياسة الخارجية في أوكرانيا والشرق الأوسط. حتى ثلاث اتفاقيات تجارية، مع أوروبا والهند وأول اتفاقية مع الولايات المتحدة، لم تُحسّن شعبيته كثيراً.

ولكن التحديات الاقتصادية في الداخل هي التي تسبب أكبر قدر من السخط، مع وجود ضغوط حتى من داخل حزبه لمراجعة بعض الإصلاحات.