نشاط المصانع في الصين يتوسع بشكل غير متوقع في يونيو

أظهر مسح خاص نُشر اليوم الثلاثاء أن نشاط المصانع في الصين سجّل نمواً غير متوقع خلال يونيو حزيران، مدفوعاً بتحسّن أداء الشركات المُصدّرة، وذلك رغم التحديات المستمرة المرتبطة باضطرابات التجارة العالمية.

وبلغ مؤشر مديري المشتريات الصناعي (PMI) الصادر عن «كايتشن/ستاندرد آند بورز غلوبال» 50.4 نقطة، متجاوزاً التوقعات التي أشارت إلى 49.0 نقطة، ومرتفعاً من قراءة مايو أيار البالغة 48.3 نقطة، والتي كانت الأسوأ منذ سبتمبر أيلول 2022.

وقال وانغ جَه، كبير الاقتصاديين في مجموعة «كايتشن إنسايت»: «يمثّل هذا الشهر ثامن نمو يسجّله قطاع التصنيع خلال الأشهر التسعة الماضية، ما يعكس تحسّناً تدريجياً في أوضاع السوق».

ورغم القراءة الإيجابية للمسح الخاص، فقد أظهر مؤشر مديري المشتريات الرسمي، الذي صدر يوم الإثنين، انكماشاً في النشاط الصناعي للشهر الثالث على التوالي في يونيو حزيران، رغم تحسّن طفيف مقارنة بالشهرين السابقين.

 

وأرجع أندرو تيلتون، كبير الاقتصاديين لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ في بنك «غولدمان ساكس»، هذا التباين إلى «استجابة متأخرة لخفض الرسوم الجمركية بين الصين والولايات المتحدة» الذي أُعلن في منتصف مايو أيار، موضحاً أن اختلاف توقيت المسحين ونطاق الشركات التي يغطيها كل منهما يفسّران التفاوت في النتائج.

وأشار تيلتون إلى أن المسح الرسمي يشمل عيّنة أوسع تتجاوز 3 آلاف شركة، ويميل إلى التركيز على القطاعات الصناعية الكبرى والمبكرة في سلاسل الإنتاج، بينما يغطي مسح «كايتشن» عيّنة أصغر تضم أكثر من 500 شركة، معظمها شركات مُصدّرة، ويُجرى عادة في منتصف الشهر، بخلاف المسح الرسمي الذي يُنفَّذ في نهايته.

 

نمو الإنتاج يدعم تحسّن مؤشر كايتشن

 

 

أرجعت «كايتشن» و«ستاندرد آند بورز غلوبال» الارتفاع الأخير في مؤشر مديري المشتريات الصناعي إلى توسّع ملحوظ في الإنتاج، الذي نما خلال يونيو حزيران بأسرع وتيرة منذ نوفمبر تشرين الثاني الماضي، مدفوعاً بتحسّن ظروف التجارة وأنشطة ترويجية دعمت الطلبيات الجديدة.

لكن الطلبيات التصديرية الجديدة تراجعت للشهر الثالث على التوالي، ما يُشير إلى تحديات محتملة أمام قطاع الصادرات في النصف الثاني من العام.

وأشار التقرير إلى أن سوق العمل في قطاع التصنيع لا تزال ضعيفة، إذ يُبدي أصحاب الأعمال حذراً في خطط التوظيف، مع تركيز متزايد على ضبط التكاليف. وسُجّلت أكبر نسبة انخفاض في الوظائف لدى مصنّعي السلع الاستهلاكية، ما أدى إلى تراكم الأعمال المؤجّلة وزيادة حجم الأعمال غير المنجزة.

كما ألقى تصاعد «حرب الأسعار» بظلاله على هوامش الربحية في الشركات الصناعية، حيث أشار وانغ جَه من «كايتشن» إلى أن «حدة المنافسة في السوق دفعت المصنّعين إلى خفض الأسعار لتعزيز المبيعات، ما حدّ من قدرتهم على الحفاظ على هوامش ربح كافية».

 

تراجع الثقة وسط ضعف الطلب المحلي

 

وأوضح وانغ أن مستوى تفاؤل الشركات بشأن المستقبل قد تراجع، في ظل استمرار تعقيد الأوضاع الخارجية، إلى جانب ضعف الطلب المحلي، الذي «لا يزال دون المعالجة الجذرية».

ورغم تصاعد الدعوات إلى بكين لكبح فائض الطاقة الإنتاجية في القطاع الصناعي، أشار تقرير «كايتشن» إلى أن قطاع التصنيع لا يزال يشكّل نحو 26% من الناتج المحلي الإجمالي للصين في الربع الأول من العام، وفقاً للبيانات الرسمية.

سعى المصدّرون الصينيون إلى تسريع وتيرة الشحنات إلى الخارج خلال الأسابيع الماضية، في محاولة لتجنّب الزيادة المرتقبة في الرسوم الجمركية الأميركية مع اقتراب انتهاء مهلة التهدئة التجارية الممتدة لـ90 يوماً في منتصف أغسطس آب، في وقت لا يزال فيه مصير تمديد الهدنة غير محسوم.

 

ورغم التوترات المستمرة، حافظت الصادرات الصينية على أداء قوي نسبياً خلال الشهرين الماضيين، مستفيدة من إعادة توجيه الشحنات نحو أسواق بديلة، لا سيّما دول جنوب شرق آسيا ودول الاتحاد الأوروبي، بحسب بيانات التجارة الرسمية.

لكن صادرات الصين إلى الولايات المتحدة سجّلت تراجعاً حاداً، إذ انخفضت بنسبة 34.5% في مايو أيار مقارنةً بالعام الماضي، وبهبوط تجاوز 21% في أبريل نيسان، وسط استمرار تأثير الرسوم المرتفعة رغم اتفاق التجميد المؤقت.

 

تباطؤ الزخم وقلق بين المصدرين الصغار

 

وأشار اقتصاديون في «مورغان ستانلي» إلى أن زخم الصادرات بدأ في التراجع مؤخراً، بعد انحسار ظاهرة «الشحن المسبق» التي تبنّاها المصدرون تحسّباً لتصاعد النزاع الجمركي.

وقال فريق من الاقتصاديين في «نومورا» يوم الإثنين إن «النزاع التجاري بين الصين والولايات المتحدة بات يُلحق ضرراً غير متناسب بالشركات التصديرية الصغيرة»، موضحين أن الرسوم الأميركية المرتفعة لا تزال تمثّل عبئاً كبيراً رغم الهدنة المؤقتة.

وعلى الصعيد الدبلوماسي، يُعتقد أن بكين وواشنطن تقتربان من التوصّل إلى حلّ في ملف المواد المرتبطة بمخدّر الفنتانيل، ما قد يدفع الولايات المتحدة إلى إلغاء التعريفة البالغة 20% المفروضة على سلع صينية ذات صلة.

 

وقال نيو وانغ، كبير اقتصاديي الصين لدى شركة «إيفركور ISI»، إن «جميع المؤشرات حتى الآن تشير إلى مزيد من خفض التصعيد» في العلاقات التجارية.

وكانت الصين قد أعلنت الشهر الماضي عن إضافة مادتين كيميائيتين تُستخدمان في تصنيع الفنتانيل إلى قائمة المواد الخاضعة للرقابة، وذلك بعد اجتماع نادر جمع وزير الأمن العام الصيني وانغ شياوهونغ مع السفير الأميركي لدى الصين ديفيد بيردو. وأعرب المسؤول الصيني خلال اللقاء عن استعداد بلاده للعمل مع الولايات المتحدة في ملف مكافحة المخدرات، بحسب بيان رسمي صيني.