أبقى البنك المركزي الأوروبي، اليوم الخميس، على معدلات الفائدة دون تغيير، في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي، بينما تسارع دول الاتحاد الأوروبي لإبرام اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة قبل نهاية الشهر الجاري.
وكان البنك قد خفّض معدلات الفائدة في كل واحدة من اجتماعاته الأربعة منذ بداية العام، ليتراجع سعر تسهيلات الإيداع الرئيسية من 3% في يناير كانون الثاني إلى 2% في يونيو حزيران، بعد أن كان قد خفّضها العام الماضي من مستوى قياسي بلغ 4%.
وقال البنك في بيان صادر عقب القرار: «لا يزال المناخ الاقتصادي يتّسم بدرجة استثنائية من عدم اليقين، لا سيّما بسبب النزاعات التجارية»، مضيفاً أن توقعاته بشأن نمو الأسعار بقيت «دون تغييرات تُذكر».
التضخم السنوي في منطقة اليورو
على الرغم من أن معدل التضخم السنوي في منطقة اليورو بلغ هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% خلال الشهر الماضي، فقد توقّع المتعاملون على نطاق واسع أن يُبقي البنك الفائدة دون تغيير في يوليو تموز، وذلك إلى حدٍّ كبير نتيجة التقلّبات الجيوسياسية.
تُعد الولايات المتحدة الشريك التجاري والاستثماري الثنائي الأكبر للاتحاد الأوروبي، وقد صدّر التكتّل، المؤلف من 27 دولة، ما قيمته 503 مليارات يورو (590 مليار دولار) من السلع إلى الولايات المتحدة العام الماضي.
واعتباراً من اليوم الخميس، لا يزال مستقبل العلاقة التجارية بين الطرفين غير محسوم، وسط احتمالات بفرض تعرفات جمركية بنسبة 15% على جميع الواردات القادمة من الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، إلى جانب إجراءات انتقامية محتملة من جانب الاتحاد الأوروبي.
وكان مسؤولو البنك المركزي الأوروبي قد أشاروا منذ فترة إلى أن جهود خفض التضخم أوشكت على الاكتمال، فيما يسعى البنك للوصول إلى ما يُعرف بـ«المستوى المحايد» للفائدة — أي المعدل الذي لا يُحفّز النمو الاقتصادي ولا يُقيده.
وقالت رئيسة البنك، كريستين لاغارد، في مقابلة مع CNBC أواخر أبريل نيسان، إن «مسار خفض التضخم يوشك على الاكتمال».
أما كبير الاقتصاديين في البنك، فيليب لين، فقال في وقت سابق من هذا الشهر إن «دورة الخفض الأخيرة قد أُنجزت، ونجحنا في كبح التضخم»، لكنه أشار إلى أن صنّاع السياسة النقدية سيظلون يقظين لأي تغيّرات محتملة في الآفاق المتوسطة الأجل.
وقال جوليان لافارغ، كبير استراتيجيي السوق في بنك «باركليز برايفت»، قبيل صدور قرار يوليو تموز، إن البنك المركزي الأوروبي سيظل «حذراً» طالما لم تُحسم التساؤلات المتعلقة بالتعريفات الجمركية، مرجّحاً أن ينتظر البنك حتى صدور تحديثات توقعات النمو والتضخم في سبتمبر أيلول قبل اتخاذ أي خطوات جديدة.
وأضاف لافارغ أن اهتمام المستثمرين سينصبّ، في المقابل، على نبرة الخطاب الصادر عن البنك بشأن قوة اليورو مؤخراً، والتي قد تُسهم في إحداث أثر انكماشي، نظراً لانخفاض تكلفة الواردات
وسجّل اليورو تراجعاً بنسبة 0.15% أمام الدولار الأميركي بعد صدور قرار البنك، ليصل إلى 1.175 دولار، صعوداً من مستوى 1.026 دولار في مطلع العام، في ظل توجّه المستثمرين بعيداً عن العملة الأميركية نتيجة الغموض السياسي والمالي.
من جانبه، قال جو نيلّيس، المستشار الاقتصادي لدى شركة المحاسبة MHA، في تعليقات عبر البريد الإلكتروني اليوم الخميس: «قد نشهد خفضاً إضافياً في معدلات الفائدة في وقت لاحق من هذا العام، لكن البنك المركزي الأوروبي ينتظر ليرى ما إذا كان بالإمكان تجنّب التهديد بفرض رسوم جمركية أميركية بنسبة 30% على السلع الأوروبية اعتباراً من الأول من أغسطس آب».
وأضاف: «إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق تجاري بين أميركا والاتحاد الأوروبي قبل هذا الموعد، فقد ينظر البنك المركزي في خفض جديد للفائدة في سبتمبر، كوسيلة للتصدّي للعوائق التي ستفرضها التعرفات الجمركية على النمو الاقتصادي».