على وقع مسمى “العظماء السبعة”، الفيلم الأميركي الشهير من أفلام الويسترن تم انتاجه عام 1960، ثم مجدداً عام 2016، مقتبساً من رواية وفيلم ياباني أنتج عام 1954. تُعرف أكبر سبع شركات في وول ستريت بذات الاسم “العظماء السبعة”، وهي بحسب ترتيب قيمتها السوقية في منتصف شهر مايو (أيار) الجاري “مايكروسوفت” (3.05 تريليون دولار)، و”آبل” (2.8 تريليون دولار)، و”إنفيديا” (2.26 تريليون دولار)، و“ألفابيت” (2.12 تريليون دولار)، و”أمازون” (1.96 تريليون دولار)، و”ميتا” (1.2 تريليون دولار)، وأخيراً “تسلا” (557.2 مليار دولار)، لتناهز قيمتها مجتمعة نحو 14 تريليون دولار، متفوقة بذلك على الناتج الإجمالي لأي دولة في العالم باستثناء الولايات المتحدة الأميركية (25.46 تريليون دولار)، والصين (17.96 تريليون دولار)، بحسب بيانات البنك الدولي لعام 2023.
ولقياس مستوى الأداء بشكل مبسط، فقد ارتفع مؤشر داو جونز منذ بداية عام 2023 بنسبة 17%، فيما ارتفع أداء الشركات السبع مجتمعة بنسبة 161%.
وفي عام 2024، ارتفع مؤشر داو جونز الصناعي 1% فقط، فيما ارتفع أداء “العظماء السبعة” مجتمعة بنسبة 26 % حتى يوم 27 مايو (أيار) الجاري.
ورغم الطبيعة التنافسية بين هذه الشركات، كونها كلها شركات تعمل في قطاع التكنولوجيا، إلا أن مجال أنشطتها قد يتباين.
وتركز “مايكروسوفت” على البرمجيات، فيما تركز “آبل” على منتجات الهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر، بينما تركز “إنفيديا” على الشرائح الذكية، و”ألفابت” على محركات البحث وبرامج التشغيل، و”أمازون” على التسويق الإلكتروني، و”ميتا” على تطبيقات التواصل، و”تسلا” على إنتاج السيارات الكهربائية.
ورغم ذلك فإن تقاطعات كثيرة تظهر في الاهتمامات والتوجهات، ما يفضي إلى علاقات متشابكة ومعقدة فيما بينها… لنستعرض بعضاً من هذه العلاقات بين “العظماء السبعة”.
“مايكروسوفت” و”أبل”
شهدت العلاقة بين مايكروسوفت وأبل تقلبات كبرى، إذ بدأت بمحاولة للتكامل، ثم انقلبت لعداوة، قبل أن تعود إلى التشارك، ولاحقا انحصرت في طور المنافسة.
تأسست الشركتان في نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وبعدما طور ستيف جوبز مؤسس آبل أول جهاز كومبيوتر “ماكنتوش”، أظهر اهتماما باستخدام برمجيات مايكروسوفت. لكن كون الأخيرة المزود الرئيسي للبرمجيات لشركة “آي بي إم” شق الصف بين جوبز وبيل غيتس.
وبعد نحو 20 عاما، تدخل غيتس لإنقاذ جوبز وآبل من عثرة مالية، ليتعاون الخصمان مع شراء “مايكروسوفت” لحزمة تبلغ 150 ألفاً من أسهم “أبل” مقابل 150 مليون دولار، قبل أن تبيعها لاحقاً في عام 2003.
وحالياً، تتنافس الشركتان في مجال أنظمة التشغيل، لكن كذلك على صدارة شركات العالم من حيث القيمة السوقية، مع تبادل المراكز بين حين وآخر.
“مايكروسوفت” و”إنفيديا”
تبدو العلاقة بين العملاقين تكاملية إلى حد بعيد. إذ يتعاون الطرفان لتطوير مجالات الذكاء الاصطناعي، باستخدام برمجيات الأولى وشرائح الثانية.
إلا أن الأمر لا يخلو من إعلاء المصالح بين الطرفين، حيث تتعاون “مايكروسوفت” مع منافسين لـ”إنفيديا” على غرار “إيه إم دي”. فيما تتعاون “إنفيديا” بدورها مع منافسي “مايكروسوفت” في مجال الذكاء الاصطناعي، بما يشمل “أوبن إيه أي” و”غوغل” و”إكس” وغيرها.
“مايكروسوفت” و”غوغل”
رغم التنافسية الشديدة في محركات البحث بين الطرفين، “إدج” من “مايكروسوفت” و”غوغل” من “ألفابيت”، إلا أن العلاقة تبدو نفعية من الدرجة الأولى، إذ أن الأولى فتحت أوابها مبكرا لتطبيقات الثانية في محاولة أدت إلى نجاح وتفوق الطرفين.
ولا يتوقف التنافس على محركات البحث، إذ يمتد إلى الخدمات السحابية وبرامج المساعدة الحاسوبية، ومؤخراً في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي… لكن “مايكروسوفت” لم تحظر يوما برمجيات “غوغل” التي تعد الأكثر شهرة ورواجاً عالمياً، كما تهتم “ألفابيت” بأن تكون متوافقة ومتناغمة مع برمجيات التشغيل الخاصة بـ”ويندوز”، الأكثر استخداما على مستوى العالم.
“مايكروسوفت” و”أمازون”
بعيدا عن الاهتمام الأصلي لـ”مايكروسوفت” بالبرمجيات، و”إمازون” بالتسويق الإليكتروني، فإن مجال أنشطتهما تتداخل في مناح لا حصر لها، بداية من الخدمات السحابية، ووصولاً إلى تقنيات الذكاء الاصطناعي… لكن رغم التنافسية الشديدة في هذه المجالات، والتي تصل كثيراً إلى “المواجهات المباشرة”، إلا أن الطرفين يحافظان على الحد الأدنى من العلاقات المتكاملة في مجاليهما الأساسيين.
“مايكروسوفت” و”ميتا”
تتعاون “ميتا” كثيراً مع “مايكروسوفت” لتطوير منتجاتها الخاصة بالواقع الافتراضي، وأحدث مظاهر هذا التعاون كانت إعلان “مايكروسوفت” قبل أيام عن تقديم تطبيقات “ويندوز فوليومتريك” في نظارات “كويست” الجديدة من إنتاج “ميتا”.
“مايكروسوفت” و”تسلا”
علاقة شائكة يحكمها بالأساس علاقة بيل غيتس وإيلون ماسك أكثر من علاقة الشركتين العملاقتين.
فغيتس لا يتوانى بين حين وآخر عن انتقاد تكنولوجيا “تسلا” والتشكيك في قدراتها، خاصة فيما يخص القيادة الذاتية. بينما لا يدع ماسك فرصة لانتقاد غيتس والسخرية منه أحياناً على وسائل التواصل الاجتماعي، خاصة منصة “إكس” التي يملكها.
“آبل” و”إنفيديا”
تعد “إنفيديا” أكبر مهدد لمكانة “أبل” من حيث القيمة السوقية، إذ أن عملاق الرقائق الإليكترونية الصاعد بسرعة الصاروخ في طريقة لإزاحة “آبل” من المركز الثاني عالمياً.
وبعيدا عن المكانة، فإن “آبل” تتعاون بشكل كبير مع أحد أبرز منافسي “إنفيديا” وهي شركة “آرم” البريطانية، وتعتمد عليها كثيراً في تطوير معالجات هواتفها الذكية وأجهزتها الحاسوبية. وقامت بإبرام صفقة طويلة الأمد معها لإمدادها بالشرائح حتى عام 2040.
“آبل” و”ألفابيت”
ربما تتشارك “أبل” و”الفابيت” في “التنافس السلبي” على قمة “الاحتكار” عالمياً، وسط طوفان من القضايا التي تواجهها الشركتان كل على حده، خاصة في الاتحاد الأوروبي، وتخضع كل منهما لتدقيقات وغرامات غير مسبوقة من حيث الحجم عالمياً… لكن الخطورة الفعلية لا تكمن في الغرامات المالية، بل في فرضية صدور أحكام بتفكيك هذه الشركات العملاقة إلى مؤسسات أصغر حجما من أجل السماح بفرصة للمنافسة في الأسواق. وهو أمر حدث من قبل بالمناسبة في الولايات المتحدة مع شركة “إيه تي آند تي” عملاق الاتصالات.
اقرأ أيضاً: شركة Microsoft تستثمر 1.5 مليار دولار في G42 بأبوظبي
ورغم المنافسة المفترضة بين الشركتين، خاصة في محركي البحث “غوغل” و”سفاري”، وكذلك بين متجري التطبيقات “آبل ستور” و”غوغل ستور”، إلا أن أوراق تحقيقات أميركية في دعوات مكافحة الاحتكار، كشفت مطلع الشهر الجاري عن واقعة صدمت الجميع، إذ أثبتت أن “ألفابت” دفعت نحو 20 مليار دولار لـ”أبل” في عام 2022، لكي يصبح غوغل محرك البحث الافتراضي في متصفح سفاري. كما كشفت مصادر خلال التحقيقات أن “ألفابت” تدفع لـ”آبل” نسبة 36% من الإيرادات التي تجنيها من الإعلانات على “غوغل” التي يتم تصفحها عبر أجهزة الأخيرة.
وإلى جانب ذلك، فإن المباحثات بين الشركتين لا تتوقف من أجل تطوير أدوات الذكاء الاصطناعي الخاصة بتطبيق “جيميني” الخاص بـ”غوغل” على أجهزة “آبل”، بما يخدم مصالح الطرفين.
“آبل” و”أمازون”
تبدو العلاقة بين “آبل” و”أمازون” تكاملية إلى حد بعيد، إذ تستفيد الأولى من مبيعاتها الكبيرة على الثانية، فيما تستفيد الأخيرة من كونها أحد التطبيقات المفضلة والمرجحة على أجهزة الأولى.
وأشارت تقارير في نهاية العام الماضي إلى وجود اتفاقية بين الطرفين لتقليص نتائج المنافسين على موقع أمازون عند البحث من أجهزة أبل، فيما تبرز نتائج البحث عن أي منتجات عبر منصة أمازون قبل غيرها… لكن السلطات المعنية بالاحتكار والمنافسة لم تعلق على الأمر بشكل رسمي حتى الآن.
اقرأ أيضاً: شركة تسلا تلغي خططها لإنتاج سيارة كهربائية جديدة منخفضة التكلفة.. واللوم يقع على إيلون ماسك!
“آبل” و”ميتا”
بينما الاستفادة متبادلة بين “آبل” وتطبيقات التواصل الاجتماعي الخاصة بـ”ميتا”، مثل “فيسبوك” و”انستغرام” و”واتساب”، إلا أن مجال التنافس الأبرز هو نظارات الواقع الافتراضي، حيث الحرب مشتعلة بين “أبل فيجين برو” و”ميتا كويست برو”.
وبينما تمتاز الأخيرة بأفضلية سعرية (تبدأ من نحو 1000 دولار، مقابل 3500 دولار لنظارات آبل)، وكذلك حصة سوقية أعلى نظراً لإطلاقها قبل عامين من منافستها، إضافة إلى وجود مستشعرات إضافية ملحقة، فإن “آبل” تتطلع لتقديم خدمة أكثر جودة بحسب مسؤوليها، وتعول أيضا على سمعتها في السوق كعلامة تجارية تخدم فئة أعلى دخلاً.
“آبل” و”تسلا”
رغم أن “آبل” خططت لنحو 10 سنوات وأنفقت نحو 10 مليارات دولار من أجل إنتاج سيارة كهربائية لمنافسة “تسلا”، إلا أنه تم الإعلان بشكل مفاجئ عن إجهاض المشروع في مطلع الربيع الماضي… ولم يفوت إيلون ماسك الفرصة، ليسخر من آبل على موقع “إكس”.
“إنفيديا” و”ألفابيت”
بعدما أزاحت “إنفيديا” غريمتها “ألفابيت” من المركز الثالث لأكبر شركات وول ستريت، تحكم العلاقة بين الطرفين المصلحة العامة، إذ برغم عدم تنافسهما أو تعاونهما المباشر، فإن كلاهما يعد شريكا لأطراف ثالثة قوية، خاصة في مجال الهواتف الذكية.
فـ”ألفابيت” هي أحد أهم مطوري برامج التشغيل “أندرويد” والتطبيقات الذكية، و”نفيديا” هي الفرس الرابح في عالم الشرائح المتطورة.. وذلك بالطبع إلى جانب مشاركة كل منهما القوية في التطور الهائل في مجال الذكاء الاصطناعي.
“إنفيديا” و”أمازون”
على ذات المسار مع “ألفابيت”، تسير العلاقة بين “إنفيديا” و”أمازون”، حيث أن الأخيرة تنشط في مجالات الحوسبة السحابية، وتخدمها تقنيات “إنفيديا”، والتي بدورها تستفيد من التسويق على مواقع “أمازون”.
“إنفيديا” و”ميتا”
لم تحسم “ميتا” حتى الآن شكل علاقتها مع “إنفيديا”، إذ تمضي في مسارات متوازية مع عدد من الشركات العملاقة في مجال الشرائح المتطورة من أجل خدمة مشروعاتها التي تخص الذكاء الاصطناعي.
“إنفيديا” و”تسلا”
لا توجد معلومات موثقة حول استخدام “تسلا” لتقنيات “إنفيديا”، لكن يبدو أن هناك ثمة إعجاب متبادل بين رئيسي الشركتين. إذ قال هوانغ جنسين مؤخراً أن “تسلا” متفوقة بمراحل عن أقرانها فيما يخص تقنيات وتطورات القيادة الذاتية.
ومن جانبه، قال ماسك في تصريحات سابقة إنه يراهن بشكل كبير على نجاح “إنفيديا” في سباق الذكاء الاصطناعي العالمي.
“ألفابت” و”أمازون”
رغم عدم وجود معلومات حول أي علاقة بين الشركتين، رغم تنافسهما في كثير من المجالات وأبرزها التخزين السحابي، إلا أن الخبر الأبرز كان منذ عدة سنوات، حين دارت تسريبات إعلامية حول مشاركة الشركتين في مشروع غامض يدعى “نيمبوس” لصالح الحكومة الإسرائيلية، وهو ما واجهته اعتراضات من بعض الموظفين والمستثمرين وأدى إلى توقف الحديث عن المشروع.
“ألفابيت” و”ميتا”
رغم اختلاف مجال عمل الشركتين، إلا أنه يبدو أنهما ستتنافسان قريباً. خاصة بعدما أكدت تقارير متطابقة خلال الأشهر الأخيرة أن مارك زوكربيرغ يقوم باستقطاب بعضا من الخبراء بمجال الذكاء الاصطناعي، من العاملين في شركات تابعة لإمبراطورية “ألفابيت”.
“ألفابت” و”تسلا”
رغم عدم تداخل اهتمامات الشركتين بشكل مباشر، يبدو أيضا سباق الذكاء الاصطناعي أرضاً خصبة لصراع مستقبلي محتمل وإن كان لا يتصل هذه المرة بـ”تسلا” نفسها، ولكن بخطط رئيسها التنفيذي إيلون ماسك.
“أمازون” و”ميتا”
ربما لا تتشارك “أمازون” و”ميتا” فعلياً إلا في أخبار مطاردات الاحتكار والغرامات، أو تشغيل مزيد من الخبراء في مجال الذكاء الاصطناعي من شركات أخرى.
“أمازون” و”تسلا”
قد يكون العامل المشترك الأبرز بين الشركتين هو الصراع الدائم خلال العقد الأخير بين رئيسيهما جيف بيزوس وإيلون ماسك على صدارة أثرياء العالم، والتي أزاحهما عنها مؤخرا الملياردير وقطب الأعمال والسلع الفاخرة الفرنسي برنارد أرنو منذ فبراير (شباط) 2024، تاركا لهما الصراع على المركز الثاني، الذي يحتله حالياً بيزوس بهامش بسيط عن ماسك.
“ميتا” و”تسلا”
قبل شراء إيلون ماسك لـ”إكس” (تويتر سابقاً)، ثم إطلاق زوكربيرغ لـ”ثريدز” كمنافس، لم تكن بين الشركتين أي علاقات أو اهتمامات مشتركة. لكن عقب الواقعتين، تعددت حوادث التنابذ العلني بين الرجلين، والتي وصلت في واقعة طريفة لعرض النزال في حلبة على غرار المصارعة في عهد الإمبراطورية الرومانية!
لمياء نبيل.
ْ