عن نتائج اجتماع الفدرالي والمؤتمر الصحافي لرئيسه.

اجتماع الفدرالي الاميركي اسفر عن قرار رفع الفائدة بنسبة 50 نقطة مئوية.
تراجع الدولار وسندات الخزانة الاميركية بردة الفعل المياشرة.
ارتفاع مؤشرات الاسهم.
ارتفاع الذهب.

……………………………………….

قرر الاحتياطي الفيدرالي بدء دورة تيسير سياسته النقدية فعلياً عبر خفض أسعار الفائدة من أعلى مستوى في 22 عاماً بواقع 50 نقطة أساس، ما يُعد الخفض الأول لسعر فائدة التمويل لدى البنك المركزي الأميركي منذ فترة الجائحة عام 2002.

صوتت اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة في نهاية اجتماعها يوم الأربعاء على خفض أسعار الفائدة إلى نطاق 5% و4.75%، في إطار سعي البنك المركزي الأميركي لتفادي تأثر النمو الاقتصادي بأجرأ دورة تشديد نقدي منذ عقود، ولتجنب المزيد من التدهور في ظروف سوق العمل.

توقع الاقتصاديون إلى حد كبير أن تخفض اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية، ولكن الأسواق تطمح لتحرك بمقدار نصف نقطة مئوية، إذ ارتفعت احتمالات خفض الفائدة 50 نقطة أساس من 4% في بداية الشهر الحالي إلى أكثر من 55% أمس، وفق عقود المقايضة المرتبطة بقرارات البنك المركزي الأميركي.

قرار الاحتياطي الفيدرالي اليوم يأتي بعد الإبقاء على أسعار الفائدة عند أعلى مستوى في 22 عاماً لأكثر من عام، انتظاراً لحصول مسؤولي السياسة النقدية على “ثقة مطلقة” بأن التضخم ينخفض نحو الهدف البالغ 2%.

في أغسطس الماضي، ارتفع التضخم الأساسي في الولايات المتحدة بشكل مفاجئ بنسبة 0.3% من يوليو، وهي أعلى نسبة في أربعة أشهر، وبلغ 3.2% على أساس سنوي، فيما ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين العام خلال نفس 0.2% من الشهر السابق، و2.5% على أساس سنوي.

رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول قال في نهاية أغسطس إن الوقت حان لتعديل السياسة النقدية، وأوضح حينها: “لا نسعى إلى أو نرحب بمزيد من التباطؤ في ظروف سوق العمل”.

وتتجه أنظار الأسواق إلى المؤتمر الصحفي الذي يعقده رئيس البنك جيروم باول خلال نصف ساعة من الآن، بحثاً عن أي دلائل تتعلق بقرارات الفائدة المستقبلية وحجم التخفيضات المتوقعة خلال بقية عام 2024 الحالي.

…………………………………………………………………………………………………………….

رئيس الفدرالي يقول:

مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي ارتفع في اغسطس الماضي 2.2%.
سوق العمل لا يظهر مخاطر مقلقة ولا يحمل بوادر ضغوط تضخمية.
الاقتصاد يستمر في التوسع بوتيرة قوية.
ملتزمون بهدف اعادة التضخم الى 2%.
حان الوقت لاعادة ضبط السياسة النقدية الخاصة بنا.
كان لدينا تقريران عن الوظائف وتقريران عن التوظيف منذ الاجتماع الأخير ومراجعات لبيانات الوظائف.
نقطة البداية الجيدة لما سيأتي بعد ذلك هي تقرير السياسة النقدية.
سنأخذ الأمر اجتماعًا تلو الآخر .
إننا في صدد إعادة ضبط موقفنا ، وسيحدث ذلك بمرور الوقت.
لا يوجد شيء في تقرير السياسة النقدية يشير إلى أن اللجنة في عجلة من أمرها.
يمكننا التحرك بشكل أسرع أو أبطأ أو نتوقف مؤقتًا إذا كان ذلك مناسبًا.
إن حالتنا الأساسية هي إزالة القيود ومعرفة كيف يتفاعل الاقتصاد.
مع ذلك لقد أجرينا مناقشة جيدة بشأن 25 نقطة أساس مقابل 50 نقطة أساس.
وكان هناك دعم واسع النطاق لـ 50 نقطة أساس.
رأى جميع المسؤولين التسعة عشر في بنك الاحتياطي الفيدرالي زيادة  50 نقطة أساس اضافية على الأقل هذا العام
لقد بدأنا بداية جيدة وقوية في هذا الأمر وهذه علامة على ثقتنا في عودة التضخم إلى الهدف
اذا راينا تباطؤا في سوق العمل سنسرّع في وتيرة خفض الفائدة
نود استعادة استقرار الاسعار ولكن دون بطالة مرتفعة..

…………………………………………………………………………………………………….

بدد رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، يوم الجمعة كل الشكوك في ما إذا كان موعد خفض أسعار الفائدة قريباً، وقال في خطابه السنوي، الذي توجهت إليه أنظار الكثيرين، في جاكسون هول، وايومنغ: “حان الوقت لتعديل أسعار الفائدة”. وجاء رد الفعل في صورة موجة ارتفاع في الأسهم والسندات.

أضاف أن على الرغم من انحسار مخاطر التضخم، تزايدت المخاطر على سوق العمل، وأن البنك المركزي لا “يسعى أو يرحب بمزيد من التباطؤ في ظروف سوق العمل”. تشير كل تلك التصريحات إلى إجراء سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة خلال الفصول المقبلة.

جدل يحيط بسعر الفائدة المحايد

لكن قبل أن يقترب باول من المنصة لإلقاء كلمته حتى، كانت السوق تتوقع تيسير السياسة النقدية بمقدار 2.25 نقطة مئوية، لتبلغ أسعار الفائدة على الودائع الفيدرالية نحو 3%-3.25%. وبنك الاحتياطي الفيدرالي لن يدفع الأسواق لمزيد من الطموحات بمجرد إثبات صحة هذه التوقعات. فإذا واصلت تكاليف الاقتراض المرتفعة لفترة طويلة تراجعها، يجب أن يكون ذلك نتيجة إعادة تقييم للهدف النهائي لـ”الاحتياطي الفيدرالي”.

جاءت توقعات سعر الفائدة طويل الأجل نتيجة الجدال الأكاديمي المحتدم حول سعر الفائدة المحايد، أي سعر الفائدة الذي يجب أن يسود في بيئة الحد الأقصى من التوظيف ومعدل التضخم المستقر الثابت. وفي جوهر الأمر، فإن سعر الفائدة المحايد لا يحفز النشاط الاقتصادي ولا يقيّده في الوقت نفسه.

حتى الآونة الأخيرة، كان الاعتقاد السائد بين الأسواق وصناع السياسة بشكل كبير أن سعر الفائدة المحايد طويل الأجل يقارب 2.5% (أي أن سعر الفائدة الحقيقي يبلغ 0.5% بعد تعديله وفق معدل التضخم عند 2%). وحتى عندما أظهر الاقتصاد مرونة مفاجئة أمام زيادة أسعار الفائدة في عامي 2022 و2023، استغرقت الإطاحة بذلك الاعتقاد سنوات.

أشار استطلاع لآراء الشركات الرئيسية للتعامل في الأوراق المالية أجراه بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، إلى أن متوسط التوقعات لسعر الفائدة طويل الأجل لم يبدأ الارتفاع بشكل ملموس إلا في أكتوبر 2023 تقريباً، ومنذ ذلك الوقت، ارتفع إلى نحو 3.1%، لذلك أصبح التساؤل حالياً عما إذا كان من المحتمل أن يصبح تراجع تلك التوقعات أمراً منطقياً، فحتى إذا تراجعت، فسيستغرق الأمر بعض الوقت.

عوائد سندات الخزانة تتأثر بسعر الفائدة طويل الأجل

ماذا يعني ذلك لأسواق الدخل الثابت؟

بلغ عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات- الذي يعكس جزئياً توقع السوق لسعر الفائدة المحايد، بالإضافة إلى علاوة الأجل وبعض العوامل الأخرى قصيرة الأجل- نحو 3.8%، وقت كتابة المقال. فإذا كنت تتوقع أن يتراوح سعر الفائدة على الودائع الفيدرالية ما بين 3% و3.25% خلال معظم أجل السند، فلا يوجد مجال لتراجع أكبر في عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات. مما سيتطلب عملية إعادة تقييم ملموسة لسعر الفائدة المحايد.

جدير بالملاحظة أن توقعات الشركات الرئيسية للتعامل في الأوراق المالية لسعر الفائدة طويل الأجل توقفت أخيراً عن الارتفاع في استطلاع الآراء الذي أُجري في يوليو. يجب أن تتراجع بشكل طفيف للغاية مجدداً خلال الشهور المقبلة، حيث ترسم التعديلات في الرواتب والارتفاع الحديث في معدل البطالة صورة مختلفة قليلاً عن مدى مرونة الاقتصاد أمام رفع أسعار الفائدة.

يُعتقد أن المستوى الدقيق لسعر الفائدة المحايد تحدده قوى من بينها العوامل الديموغرافية والإنتاجية. وللأسف يستحيل تقديره فورياً بمستوى عالٍ من الثقة، كما أشار باول نفسه في خطابات سابقة في جاكسون هول، قال في 2018: “مواقع النجوم تتغير بشكل كبير”، واستخدم لغة مشابهة في 2023 عندما قال: “كما هي الحال في الأغلب، نبحر مسترشدين بالنجوم تحت سماء ملبدة بالغيوم”. أما من الناحية العملية، يحاول صناع السياسة النقدية تلمُس طريقهم نحو سعر الفائدة المحايد بالتحرك ببطء.

توقعات التضخم مرشحة للتحقق

يشك رئيس البنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، جون وليامز، وهو واحد من أشهر الأكاديميين المهتمين بسعر الفائدة المحايد، في حدوث تغير كبير في سعر الفائدة “المحايد” طويل الأجل، وأتفهّم وجهة النظر هذه. استفاد العديد من الأُسر والشركات الأميركية من أسعار الفائدة فائقة الانخفاض، وجمعوا قدراً كبيراً من المال خلال جائحة كورونا، ما جعلهم في البداية يبدون كما لو كانوا لن يتأثروا بتغير السياسة النقدية.

لكن المدخرات الكبيرة لن تستمر إلى الأبد، ولا تأثير تثبيت فائدة القرض العقاري. علاوة على ذلك، توضح التعديلات الأولية الحديثة على بيانات الأجور في الولايات المتحدة أن سوق العمل لم تكن بالقوة التي توقعناها جميعاً في 2023 و2024.

بلا شك كانت تصريحات باول يوم الجمعة مؤيدة للتيسير النقدي. فإضافة إلى تحدثه عن مخاطر سوق العمل، أشار أيضاً إلى أن توقعات التضخم الراسخة بمنزلة نبوءة تحقق نفسها نوعاً ما. ورغم قلق مديري البنوك المركزية من أن التجربة السابقة قد تطيح بتلك التوقعات، بدا أن باول يرى أنها اجتازت أكبر اختبار تحمل لها بنجاح باهر.

الوصول لسعر الفائدة المحايد قد يستغرق سنوات

لكن قد لا يهم رأي الخبراء والمحللين في هذه المرحلة، إذ سيكون الرجوع عن تغير التصورات عن سعر الفائدة المحايد صعباً. وسيجد صناع السياسة طريقهم في النهاية نحو سعر الفائدة المحايد بخطى بطيئة واعتماداً على التجربة والملاحظة، ما يعني أن إنهاء الجدل قد يستغرق سنوات.

عندما يصل سعر الفائدة الأساسي بالاحتياطي الفيدرالي إلى 3%-3.25% في 2025، يُرجح أن يوقف صناع السياسة النقدية الوتيرة مؤقتاً لرصد تجاوب الاقتصاد. فإذا بدا أن التضخم في نطاق السيطرة، وأوضاع سوق العمل محبطة، فقد يجرون خفضاً دقيقاً آخر في 2026، ثم ربما خفضاً آخر في المستقبل.

حتى لو كان مؤيدو انخفاض سعر الفائدة المحايد على صواب، فتقديرات سعر الفائدة المحايد قد لا تعود بشكل كامل إلى 2.5% قبل 2027 أو 2028، ما يعني أن ارتفاع عائد سندات الخزانة قد يواجه عقبة في وقت قريب.