سجلت الأسهم الصينية المدرجة في بورصة هونغ كونغ أكبر مكاسب لها منذ نحو عامين، بفضل تفاؤل واسع النطاق بالتدابير التحفيزية التي اتخذتها الحكومة، وتزامناً مع عودة المتداولين من عطلة عامة.
ارتفع مؤشر “هانغ سينغ تشاينا إنتربرايزيس” (Hang Seng China Enterprises Index) بنحو 8.4%، مواصلاً سلسلة مكاسبه لليوم الثالث عشر على التوالي. وتصدرت شركات التطوير العقاري المكاسب، حيث قفز مؤشر يتتبع القطاع بنسبة 31%، وهو أكبر ارتفاع يومي له على الإطلاق، بينما زاد مؤشر أسهم شركات الوساطة، الذي يُعد مؤشراً لمدى تحمل المستثمرين للمخاطرة، بنسبة 28%. وتبقى أسواق البر الرئيسي الصيني مغلقة حتى 8 أكتوبر بسبب عطلة تستمر أسبوعاً.
التفاؤل يعزز السوق الصينية
تأتي هذه المكاسب وسط تفاؤل متزايد بشأن اقتصاد الصين والأصول المرتبطة بالمخاطر، بعد أن كشفت السلطات الأسبوع الماضي عن مجموعة من التدابير التحفيزية، التي شملت خفض أسعار الفائدة وتحرير السيولة النقدية للبنوك، بالإضافة إلى دعم السيولة في أسواق الأسهم. كما خففت أربع مدن رئيسية من القيود المفروضة على شراء المنازل، فيما خفض البنك المركزي الفائدة على الرهون العقارية.
ووفقاً لبيلي ليونغ، استراتيجي الاستثمار بشركة “غلوبال إكس مانجمنت” (Global X Management) في سيدني، فإن هذه المكاسب “تعكس تحولاً جذرياً في استراتيجيات المستثمرين، حيث بدأت صناديق التحوط وصناديق الاستثمار المشترك في التعرض الأكبر للأصول الصينية بعد أن كانت في السابق تحتفظ بمواقف حذرة تجاهها”. وأوضح أن “هذه التحركات مدعومة أيضاً بتغيرات إيجابية في الأسواق الرئيسية مثل النحاس وعملات منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مع تجدد التفاؤل بنمو اقتصاد الصين”.
تقييمات جذابة للأسهم الصينية
كذلك، تسهم التقييمات الجذابة للأسهم الصينية بعد تراجع دام ثلاثة أعوام أيضاً في جذب اهتمام المستثمرين.
وحتى مع الارتفاع الأخير، لا يزال مؤشر “هانغ سينغ تشاينا إنتربرايزيس” دون مستوى 9 أضعاف الأرباح المتوقعة خلال الاثني عشر شهراً المقبلة، وهو أقل من نصف مستوى مؤشر “إس آند بي 500″، وفق بيانات جمعتها “بلومبرغ”.
صناديق التحوط
في دلالة على اهتمام المستثمرين المتزايد بالأسهم الصينية، تتدفق صناديق التحوط نحو السوق الصينية بوتيرة غير مسبوقة.
يستثمر الملياردير ديفيد تيبر بشكل كبير في “كل شيء” يتعلق بالصين، بينما عززت شركة إدارة الأموال الأكبر في العالم “بلاك روك” (BlackRock) حيازتها للأسهم الصينية. كما اتخذت شركة “ماونت لوكاس مانجمنت” (Mount Lucas Management) ومقرها الولايات المتحدة موقف متفائل بشأن صناديق الاستثمار المتداولة في البورصة الصينية، بينما بدأت شركات مثل “جاو كابيتال” ومقرها سنغافورة (GAO Capital) و”تايم فوليو أسيت مانجمنت” (Timefolio Asset Management) الكورية الجنوبية بشراء أسهم الشركات الصينية ذات القيمة السوقية الكبيرة.
من جانبه، قال بو باي، محلل أبحاث الأسهم لدى “يو إس تايجر سيكيوريتيز” (US Tiger Securities): “ما زلت متفائلاً، وإذا تمكنت السياسات المستقبلية من تجاوز التوقعات، فإن السوق الصعودية قد تستمر بين ثلاثة أشهر إلى نصف عام”. وأضاف أن “التصحيح وسط هذا الارتفاع الحاد أمراً معتاداً، لكن ما يهم هو ما إذا كانت السوق ستواصل الارتفاع بعد التصحيح. أنا شخصياً أشعر بالثقة في هذا الأمر”.
استعادة الوزن في مؤشرات الأسواق الناشئة
شهدت الأسواق الصينية ارتفاعاً كبيراً أدى إلى استعادة البلاد وزنها الذي فقدته في مؤشرات الأسواق الناشئة على مدار الأشهر العشرة الماضية، وذلك خلال فترة قصيرة بلغت ثمانية أيام فقط.
ارتفع الوزن النسبي للصين في مؤشر “إم إس سي آي” لأسهم الدول النامية إلى 27.8% بنهاية سبتمبر، وهو أعلى مستوى منذ نوفمبر 2023، بحسب بيانات جمعتها “بلومبرغ” استناداً إلى الأسهم المدرجة في البر الرئيسي وهونغ كونغ والأسواق الخارجية.
وقالت سيلفيا شينغ، الخبيرة الاستراتيجية للأصول المتعددة العالمية لدى “جيه بي مورغان أسيت مانجمنت”، في مذكرة موجهة للعملاء: “نتبنى موقفاً أكثر إيجابية تجاه التوقعات الاقتصادية للصين”. وأوضحت أن “الإشارات الإيجابية الصادرة عن الحكومة الصينية والهيئات التنظيمية، بالإضافة إلى التركيز المتزايد على دعم النمو الاقتصادي واستقرار قطاع العقارات، من المحتمل أن تضع حداً أدنى لأسعار الأسواق وتعزز الزخم في أسواق الأسهم”.