خفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة السادسة منذ يونيو، وأشار إلى أن مرحلة تيسير السياسة النقدية ربما تقترب من نهايتها مع تباطؤ التضخم واستيعاب الاقتصاد للتحولات الجيوسياسية.
سعر الإيداع تقلص بمقدار ربع نقطة مئوية إلى 2.5%، كما توقع جميع المحللين باستثناء واحد في استطلاع بلومبرغ. ووصف المسؤولون موقفهم من السياسة النقدية بأنه أصبح “أقل تقييداً بشكل كبير”.
وقال البنك المركزي الأوروبي في بيان: “إن تخفيضات أسعار الفائدة تجعل الاقتراض الجديد أقل كلفة بالنسبة للشركات والأسر، كما أن نمو القروض آخذ في التزايد. وفي الوقت نفسه، تأتي التحديات لتخفيف شروط التمويل من ارتفاع أسعار الفائدة في الماضي والتي لا تزال تنتقل إلى مخزون الائتمان، ويظل الإقراض ضعيفاً بشكل عام”.
رهانات على توقف “المركزي الأوروبي” عن خفض الفائدة
ويغذي التغيير في صياغة البيان التكهنات بأن صناع السياسات النقدية يبحثون التوقف مؤقتاً عن خفض أسعار الفائدة الشهر المقبل، واثقين من أن هدفهم للتضخم البالغ 2% أصبح في المتناول. ولكن هذا قد يكون بمثابة أخبار سيئة بالنسبة للاقتصاد الأوروبي المتعثر، والذي يتعين عليه الآن أن يتعامل، بجانب الرسوم الجمركية الأميركية، مع فائض الإنفاق لإعادة تجهيز جيوش القارة.
التوقعات الفصلية المحدثة كشفت إلى إبقاء البنك المركزي الأوروبي إلى حد كبير على رؤيته للأسعار، في حين خفضها للنمو هذا العام والعام المقبل. لكنها لا تأخذ في حسبانها العواقب المترتبة على التراجع المفاجئ لموقف الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن الدعم العسكري لأوكرانيا وأوروبا.
هذا التغير المفاجئ وحده كفيل بدفع الحكومات الأوروبية إلى إنفاق مئات المليارات من اليورو في شكل نفقات دفاعية جديدة، مع ما يترتب على ذلك من آثار على التضخم والتوسع الاقتصادي والديون. وسوف يدرس الزعماء التفاصيل في قمة تُعقد يوم الخميس.
كانت الأمور على صعيد التضخم تتجه نحو التحسن بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي. إذ انخفضت بيانات الأسعار في فبراير إلى 2.3%، والأمر الحاسم هو أن مؤشر ارتفاع أسعار الخدمات الذي يخضع لمراقبة دقيقة سجل أول تراجع كبير له عن 4% منذ أبريل 2024.
وأظهرت الثقة أيضاً علامات أولية على التحسن، إذ تقترب ألمانيا، الاقتصاد الأكبر في أوروبا، من الحصول على حكومة مستقرة بعد الانتخابات التي جرت الشهر الماضي.
عدم يقين بشأن سياسات ترمب
لكن حالة عدم اليقين ارتفعت في الآونة الأخيرة، خاصة بعد موقف ترمب بشأن أوكرانيا والذي وضع على عاتق أوروبا مهمة الدفاع عن أوكرانيا، ونفسها.
ويسعى الاتحاد الأوروبي الآن إلى حشد حوالي 800 مليار يورو (861 مليار دولار) للإنفاق العسكري، كما تعهد المستشار الألماني المنتظر فريدريش ميرز بالقيام “بكل ما يلزم” للدفاع عن بلاده.
مثل هذا الإنفاق الباذخ قد يحفز النمو في منطقة اليورو، إذا أمكن توسيع قدرات الإنتاج العسكري لتلبية احتياجات الإنفاق. ولكن ليس كل الدول الأعضاء العشرين في الكتلة تتمتع بنفس الحيز المالي الذي تتمتع به ألمانيا، وهذا يعني أن الإنفاق الإضافي قد يفرض ضغوطاً على الميزانيات المتوترة بالفعل ويؤدي إلى رد فعل سلبي بين مستثمري السندات.