أسهم علي بابا تحلق عالياً بعد الكشف عن نموذج ينافس “ديب سيك”

ارتفعت أسهم “مجموعة علي بابا القابضة” خلال معظم الأسابيع الماضية بعدما كشفت للمرة الأولى عن نموذج ذكاء اصطناعي يضاهي أداء “ديب سيك” بجزء ضئيل فقط من حجم البيانات المطلوب.

قفزت رائدة التجارة الإلكترونية الصينية في 2025 إلى صدارة قطاع الذكاء الاصطناعي المحلي بطرح نماذج ذكاء اصطناعي عالية الأداء وفق المقاييس المعيارية، وأعلنت يوم الخميس أن نموذج “كيو دبليو كيو 32 بي” (QwQ-32B) أصبح مفتوح المصدر. ويُعد النموذج بمثابة تطور كبير عن النسخة السابقة، إذ استخدم نحو 5% فقط من المعلمات، أي وحدات البيانات، التي يستخدمها نموذج ” آر ون” (R1) الذي طورته “ديب سيك”.

ارتفعت أسهم “علي بابا” بحوالي 8.4% في هونغ كونغ، لتحقق أكبر ارتفاع خلال يوم تداول منذ نحو أسبوعين، ما ساعد على ارتفاع مؤشر أسهم شركات التكنولوجيا الصينية بحوالي 5.4%.

“علي بابا” تنتعش

شهدت شركة التكنولوجيا انتعاشاً قوياً هذا العام، إذ ارتفعت قيمته السوقية بنحو 153 مليار دولار. وتزايد إقبال المستثمرين على الشركة التي أسسها جاك ما، فيما تسعى لتحقيق الاستقرار في نشاط تعرض لحملة تشديد مفاجئة من الحكومة الصينية امتدت لسنوات. كما أسهم تزايد براعتها في مجال الذكاء الاصطناعي، والدلائل المتزايدة على دعم بكين، في تعزيز انتعاشها.

قال فاي سيرن لينغ، المدير الإداري لدى “يونيون بانكير بريفي” (Union Bankcaire Privee): “هناك القليل من العوامل الإيجابية التي تدعم (علي بابا)، أحدثها نموذج الاستدلال المنطقي مفتوح المصدر. النشاط الأساسي يتحسن، ومؤكد أنه سيستفيد من جهود الصين لتحفيز الطلب. كما يدرك المستثمرون حالياً القيمة التي سيضيفها الذكاء الاصطناعي إلى نشاط الشركة في الحوسبة السحابية”.

نال قطاع الذكاء الاصطناعي دفعة أخرى هذا الأسبوع، بعدما أعلنت الصين اعتزامها دعم التوسع في استخدام نماذج الذكاء الاصطناعي الضخمة، وتطوير الجيل الجديد من الأجهزة الذكية ومعدات التصنيع. فيما رحب المحللون بالرسائل الإيجابية التي صدرت في اجتماع مجلس الشعب الصيني في بكين هذا الأسبوع، حيث وضع المسؤولون الابتكار التكنولوجي والاستهلاك في مقدمة الأولويات.

الذكاء الاصطناعي يجذب المستثمرين

بعد ظهور “ديب سيك” هذا العام، طرحت عدة شركات نماذج وخدمات تدعي أنها تضاهي النماذج الذي طورتها الشركة الناشئة الصينية أو “أوبن إيه آي” (OpenAI)، التي يُنسب إلى نموذجها “تشات جي بي تي” إطلاق شرارة فورة الذكاء الاصطناعي التوليدي.

جذبت سلسلة إطلاقات نماذج الذكاء الاصطناعي اهتمام المستثمرين والشعب الصيني على حد سواء. وفي هذا الأسبوع، أطلقت “مانوس إيه آي” (Manus AI) نموذجاً وصفته بأنه وكيل ذكاء اصطناعي عام، أي روبوت بمقدوره أداء المهام.

وقالت الشركة إن أداء نموذجها يتفوق على “ديب ريسيرش” (DeepResearch) الذي أطلقته “أوبن إيه آي” في بعض الجوانب على الأقل وفق معيار “مساعدو الذكاء الاصطناعي العام” (GAIA)، المصمم لتقييم قدرة النموذج على التعامل مع سيناريوهات واقعية.

صعدت أسهم “فوكس تكنولوجي” (Focus Technology)، التي تقدم منتجات وكلاء الذكاء الاصطناعي، بالحد الأقصى لصعود الأسهم خلال يوم واحد عند 10% في شنتشن. كما ارتفعت أسهم الشركات الأخرى ذات الصلة، ومن بينها مطورة البرامج “كلاينت سيرفيس إنترناشيونال” (Client Service International).

“علي بابا” والذكاء الاصطناعي

يهدف أحدث نموذج تطرحه “علي بابا” إلى منافسة نموذجي “آر ون” من “ديب سيك” و”أو ون” (o1) من “أوبن إيه آي”. ويُعد نموذج الاستدلال المنطقي الجديد فعالاً عند مستوى 32 مليار معلمة، وسط تزايد الطلب على نماذج الذكاء الاصطناعي التي تحتاج إلى أقل حجم ممكن من البيانات، وتستهلك موارد حاسوبية أقل. والمعلمات هي العوامل التي يتعلمها نموذج الذكاء الاصطناعي من بيانات التدريب، كما تساعد في تعديل سلوكه لتقديم توقعات أكثر دقة، أو توليد نتائج مفيدة.

من جهتها، تعهدت “علي بابا” باستثمار أكثر 380 مليار يوان (52 مليار دولار) في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، مثل مراكز البيانات، على مدى السنوات الثلاث المقبلة، ما يمثل التزاماً كبيراً يعكس طموحات رائدة التجارة الإلكترونية في أن تصبح من رواد مجال الذكاء الاصطناعي.

تشكل خطة “علي بابا” إحدى أكبر ميزانيات البنية التحتية للذكاء الاصطناعي في الصين، ما يعكس تزايد طموحات الشركة في المجال. إلا أنها تأتي في فترة يدرس فيه المستثمرون ما إذا كانت كبرى شركات التكنولوجيا تبالغ في تقدير الطلب المستقبلي على خدمات الذكاء الاصطناعي، أو حجم رأس المال اللازم لابتكارها وتطويرها.