هذه خطة مصرف لبنان لإعادة أموال المودعين

فصّل حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، قضية الودائع العالقة في المصارف منذ الأزمة الاقتصادية التي عصفت بالبلاد في 2019، شارحاً الخطة التي يُفترض أن تحدد الأطراف المسؤولة عن إعادة هذه الأموال وكيفية القيام بذلك.

منصوري رأى في مقابلة مع “الشرق” أجرتها الزميلة نور عماشة، أن هذه القضية تشمل 4 أطراف هم: المودعون، والمصارف، والمركزي، بالإضافة إلى الحكومة. واعتبر أن المودع لا يتحمل أي مسؤولية في ما حدث، وأن الأطراف الثلاثة الأخرى هي من يجب عليها تحمل الأعباء.

شهد لبنان منذ 2019 انهياراً اقتصادياً، وفقدت الليرة أكثر من 90% من قيمتها أمام الدولار، ومنعت المصارف أصحاب الودائع من الحصول على كامل ودائعهم، وهو ما أفقد الثقة بالنظام المصرفي في لبنان.

منصوري أشار في هذا السياق إلى أن أي خطة لمعالجة هذه الأزمة يجب أن تركز على “بناء الاقتصاد اللبناني”، وذلك من خلال “الحفاظ على القطاع المصرفي واستعادة ثقة المودع”.

ولكنه لفت إلى أن طريقة تحمّل الحكومة للأعباء “يجب أن تكون منسجمة مع ما هو مقبول للمجتمع الدولي”، مضيفاً: “هناك عدة أفكار مقبولة”.

وفي توضيحه بشأن ما المقصود بهذه العبارة، أشار منصوري إلى أنه يتحدث عن العلاقة مع “صندوق النقد”، والشروط التي يضعها عموماً للتوصل لاتفاق جديد.

الاتفاق مع صندوق النقد

توصلت السلطات اللبنانية وفريق من خبراء صندوق النقد الدولي منذ أبريل 2022 إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن اتباعها للاستفادة من “تسهيل الصندوق الممدد” بما يعادل 3 مليارات دولار أميركي.

الصندوق طلب من لبنان إقرار 4 قوانين: السرية المصرفية، إعادة هيكلة المصارف، القيود على حركة رؤوس الأموال، ومعالجة الفجوة المالية، ولكن حتى اليوم لم يصل الاتفاق إلى حيز التنفيذ، بفعل تأخر السلطات اللبنانية في إقرار هذه الإصلاحات.

وصف منصوري هذا الاتفاق بأنه “لم يعد موجوداً”، ولكنه لفت إلى جانب إيجابي في هذا الأمر. إذ أكد أن “صندوق النقد” هو طريق إعادة لبنان إلى الأسواق العالمية، وهو سيناريو يتطلب تنفيذ بعض الشروط.

ولفت إلى أن معرفة شروط الصندوق بشكل مسبق، وتنفيذها، قد تمكن البلاد من تسريع وتيرة التوصل لاتفاق جديد مع الصندوق.

بعد سنوات من الجمود السياسي، شهد لبنان في فبراير الماضي، تشكيل حكومة جديدة تضم 24 وزيراً، لتعود المؤسسات الحكومية إلى العمل عقب انتخاب جوزاف عون رئيساً، وتكليف نواف سلام بتشكيل حكومة.

سلام صرح للصحفيين في بيروت، أن الحكومة الجديدة، والتي ستكون أول حكومة دائمة في لبنان منذ أكتوبر 2022، “ستمضي قدماً في تنفيذ الإصلاحات المالية والاقتصادية”، معتبراً أن الإصلاح “هو الطريق الوحيد نحو الإنقاذ الحقيقي”.

بعد تشكيل الحكومة، أبدى صندوق النقد استعداده للعمل مع لبنان، وانفتاحه على برنامج جديد “يمكن أن يبدأ بمعالجة هذه التحديات، وإعادة تأهيل الاقتصاد، إذا ما طلبت السلطات ذلك”، وفقاً لما كشفته متحدثة باسم الصندوق لـ”الشرق”.

لم تقر الحكومة الجديدة أو مجلس النواب، هذه القوانين. ولكن منصوري لفت إلى أنها “تدرس الخيارات، وستقر القوانين عند تبلور الأمور”.

إعادة هيكلة المصارف

تُعتبر قضية إعادة هيكلة المصارف شائكة جداً وسط تجاذبات بين السلطة السياسية من ناحية والمصارف من ناحية أخرى.

منصوري اعتبر أن إعادة هيكلة المصارف “مرتبطة بالخطة المتكاملة، وهو أمر علينا القيام به نظراً إلى تأخرنا نحو 5 سنوات”.

شدد أيضاً على أن إقرار هذه الخطط أحد مشاغل الحكومة الجديدة، مشيراً إلى أنه سيتم “وضع شروط على المصارف للبقاء في القطاع المصرفي، وسيقوم المساهمون بتلبيتها”. وأوضح أن تلبية هذه الشروط غالباً ما يكون من خلال الاندماج أو إدخال مساهمين جدد.

احتياطي الذهب والتضخم

نفى منصوري بشكل قاطع لجوء البلاد إلى الاستخدام من احتياطيات الذهب. واعتبر أن قيمة احتياطيات الذهب ارتفعت بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار الذهب عالمياً.

منصوري أشار إلى أن القيمة الحالية وصلت إلى 27 مليار دولار، من 15 ملياراً في 2019، منبهاً إلى أن هذا الارتفاع “ورقي”.

وبشأن التضخم، يستهدف لبنان حالياً معدل تضخم عند 3% في 2015، مقارنة بـ35% في العام الماضي، و223% في 2023، وفق منصوري.