▪️ الكاش في الصدارة بنسبة 40%.. أكثر من 20 مستشاراً مالياً معتمداً يرشحون السيولة كخيار آمن على المدى القصير في مواجهة التقلبات
▪️ الذهب يحافظ على بريقه على المدى المتوسط.. 50% من الخبراء يتوقعون استمرار المعدن الأصفر كملاذ آمن رغم الغموض العالمي
▪️ نحو 44% من المستشارين الماليين يضعون حماية رأس المال أولوية أولى.. والتحوط ضد التضخم في المرتبة الثانية بنسبة 28% كأساس لبناء قراراتهم الاستثمارية
▪️ الأصول الدفاعية في الواجهة.. وتحذيرات من الإفراط في الانكفاء على الأدوات قصيرة الأجل
▪️ نحو 33% من المستشارين الماليين يرون التوترات الجيوسياسية هي الخطر الأكبر
▪️ مخططون ماليون معتمدون ينصحون بالأسهم الموزعة للأرباح والشركات الصغيرة لتحقيق عوائد في ظل الأزمات
“تقلبات اقتصادية متلاحقة.. مخاوف تجارية تتسع.. وتوترات جيوسياسية تخيم على الأفق”.. أجواءٌ مشحونة تغلفها حالة من “عدم اليقين” يرزح المستثمرون حول العالم تحت وطأتها، يواجهون تحديات غير مسبوقة في تحديد وجهات أموالهم بأمان وفعالية.
تحوّلت الأسواق المالية إلى بيئة مليئة بالغموض، ما دفع الكثيرين إلى إعادة تقييم استراتيجياتهم الاستثمارية بحثًا عن ملاذات آمنة وأدوات تحقق عوائد مناسبة خلال المدى القصير.
في هذا السياق، استطلعت CNBC عربية آراء مجموعة من المخططين والمستشارين الماليين المعتمدين بالولايات المتحدة وعواصم أوروبية، حول أفضل الفرص الاستثمارية في الأفق القريب وحتى المتوسط.
ركزت التحليلات بشكل أساسي حول تفضيلات محددة تنصب على الاستثمارات قصيرة الأجل، تتراوح مدتها بين 6 إلى 12 شهراً، في ظل بيئة مالية تكتنفها حالة من عدم اليقين الاقتصادي والسياسي. كما تطرقت لرؤية متوسطة الأجل على مدى العامين المقبلين، بالتركيز على مدى إمكانية محافظة الذهب على بريقه كاستثمار آمن في الأفق الأبعد.
تبرز النتائج دلائل هامة حول القطاعات والأسواق التي يرى الخبراء أنها تمتلك قدرة على الصمود أو النمو في مواجهة تحديات العصر، مسلطين الضوء على نقاط رئيسية، مثل الحذر المتزايد تجاه الأصول ذات المخاطر العالية، وتفضيل الاستثمارات التي توفر سيولة وسرعة تحويل رأس المال إلى نقد، بالإضافة إلى الإقبال على الفرص التي تجمع بين الأمان والربحية المعقولة إن كان الاستثمار قصير الأجل.
كما تستعرض آراء المستشارين حول تأثير الأوضاع الجيوسياسية، خاصة الصراعات الإقليمية وتغيرات السياسات النقدية العالمية، على حركة الأسواق وأساليب إدارة المحافظ الاستثمارية.
الكاش يتصدر المشهد.. والذهب يحتفظ بجاذبيته
بحسب النتائج، يتصدّر النقد (الكاش) قائمة الخيارات الأكثر تفضيلاً -للادخار على المدى القصير من ستة أشهر إلى سنة- بنسبة 40%، في دلالة واضحة على الرغبة في الاحتفاظ بالسيولة ومواجهة تقلبات الأسواق بتجنب المخاطر.
بينما جاء الذهب في المرتبة الثانية بنسبة 15%، مما يعكس استمرار جاذبية المعدن الأصفر كملاذ آمن في أوقات الأزمات. لكن على المدى الأبعد يعتقد 50% من المشاركين بأنه مرشح لمواصلة الارتفاع، ويرشحونه كملاذ.
أما بقية الخيارات فيما يخص الاستثمار قصير الأجل، فقد توزعت بنسبة إجمالية بلغت 30% بين استثمارات أخرى متفرقة، شملت الأسهم المتنوعة محليًا ودوليًا، أذون الخزانة الأميركية ذات العائد المتغير، حسابات التوفير، صناديق السوق النقدي، والسندات قصيرة الأجل.
وركز محللون آخرون -من بينهم مستشار الثروة ومؤسس شركة Babylon Wealth Managemen، ستويان بانياتوف- على مجموعة أسهم التكنولوجية الكبرى (السبعة العظماء) في وول ستريت بدلاً من الأسهم بشكل عام، مؤكدين على أنها “تتمتع بجدران حماية قوية وتقود ثورة الذكاء الاصطناعي”.
وأشار بعض المشاركين في تعليقاتهم إلى أهمية التنويع في ظل التقلبات الحالية، مع التركيز على الأسهم التي تعيد رأس المال إلى المساهمين من خلال توزيعات الأرباح أو إعادة شراء الأسهم، خاصة لمن هم على أعتاب التقاعد.
من بين هؤلاء رئيسة شركة DS Financial Strategies المستشارة المالية المعتمدة داون سانتورييلو، والتي قالت: “أنا أؤمن بالاستثمار المبني على الأدلة، والذي ينص على شراء السوق، التنويع عالميًا، والميول نحو الشركات الصغيرة والقيمة”، مشيرة إلى أن هذه الاستراتيجية مدعومة بأبحاث أكاديمية وتم تصميمها لتكون قادرة على التعامل مع أي وضع.
كما نصح محللون بالاعتماد على استراتيجيات استثمارية طويلة الأجل مع تخصيص نسبة محددة للاستثمارات قصيرة الأجل كأداة لإدارة السيولة، مع التحذير من المبالغة في الانكفاء على الأصول قصيرة الأجل تجنبًا لتقويض العوائد طويلة الأجل، من بينهم مؤسس شركة Life Moves Wealth Management، دايل شافر، والذي قال: “أقترح الحفاظ على تخصيص أكبر للاستثمارات طويلة الأجل، مع استخدام الاستثمارات قصيرة الأجل كاستراتيجية لإدارة السيولة النقدية”، مردفاً: “من يأخذ جميع أصوله الاستثمارية إلى الاستثمارات قصيرة الأجل بسبب حالة عدم اليقين الحالية من المرجح أن يقلل من عوائده على المدى الطويل”.
الحفاظ على رأس المال والدفاع عن القوة الشرائية
عند سؤال المشاركين عن الأسباب التي تقف وراء اختياراتهم الاستثمارية، أكد أكثر من 44% أن الحفاظ على رأس المال يمثل أولويتهم القصوى في المرحلة الحالية، فيما اختار نحو 28% التحوط ضد التضخم كعامل رئيسي، وهو ما يعكس مخاوفهم من تآكل القوة الشرائية بفعل ارتفاع الأسعار.
وجاءت السيولة وسهولة الخروج من الاستثمارات كسبب مفضل لدى 11% من المشاركين، فيما أكد 11% آخرين أهمية تحقيق عوائد عالية على المدى القصير، بينما رأى 5.6% أن التنويع وتقليل المخاطر يمثلان المحرك الأساسي لاختياراتهم.
التقلبات الجيوسياسية على رأس المخاوف
أما بالنسبة لأبرز المخاوف التي تؤثر على توجهات المستثمرين على المدى القصير؛ فقد تصدرت التوترات الجيوسياسية المشهد بنسبة 33%، تليها تباطؤ النمو الاقتصادي بنسبة 27.8%. بينما توزعت باقي المخاوف بين تقلبات سوق الأسهم (16.7%)، التضخم المرتفع (16.7%)، وضعف العملات (5.5%).
هل يبقى الذهب ملاذًا آمنًا؟
وفي خضم هذه المعطيات المتشابكة، يتجدد السؤال الأزلي الذي يطرحه المستثمرون مع كل أزمة مالية أو توتر جيوسياسي: هل يبقى الذهب ملاذاً آمناً؟
تاريخياً لطالما كان الذهب الخيار التقليدي للهروب من تقلبات الأسواق والاضطرابات العالمية، لكن مع التحولات الحادثة في أسواق المال وتغير أولويات المستثمرين، أصبح هذا المعدن النفيس في مواجهة تحديات جديدة، خاصة مع صعود بدائل استثمارية أخرى مثل السندات مرتفعة العوائد أو الأصول الرقمية.
وفي ظل ارتفاع أسعار الفائدة عالمياً وتذبذب الدولار، يبدو أن معادلة الذهب لم تعد بنفس الثبات الذي اعتاد عليه المستثمرون، مما يدفع إلى إعادة النظر في جدوى الاعتماد عليه كملاذ وحيد في أوقات الأزمات.
بالنسبة للتوقعات على المدى المتوسط في غضون عامين، أعرب نصف المستطلعين (50%) عن ثقتهم في استمرار الذهب بلعب هذا الدور، فيما أبدى 38.9% حالة من عدم اليقين، بينما رأى 11.1% أن الذهب قد يفقد مكانته كأصل آمن في السنوات المقبلة.
وبينما يحذر بانياتوف من أن الذهب “سيكون خياراً منطقياً أيضاً، لكنه يبدو مبالغًا فيه بعض الشيء وقد يكون هناك احتمال لتراجع قريب”، تقول المستشارة المالية في Concierge Financial Advisory، الدكتورة كونستانس كريغ: “رغم اختياري للذهب كملاذ آمن قصير الأجل الأكثر ملاءمة، أوصي أيضًا بالجمع بينه وبين أدوات نقدية مرتفعة العائد (مثل أذون الخزانة أو صناديق السوق النقدي) لضمان السيولة، وسندات قصيرة الأجل لتحقيق الاستقرار”.
تعكس نتائج الاستطلاع حالة من الحذر الواضح بين المستثمرين، مع تفضيل الأصول الدفاعية مثل الكاش والذهب، وتراجع الثقة في الاستثمارات ذات المخاطر العالية خلال الأجل القصير.
كما تؤكد التوجهات نحو السيولة والتحوط ضد التضخم، بينما تبقى التوترات الجيوسياسية عامل القلق الأكبر الذي يسيطر على المشهد الاستثماري العالمي.
CNBC