البورصة : للنخبة أم للجميع ؟ ( 1 ) – – 20th January 2006 |
وعدت منذ فترة غير وجيزة قراء موقع ” بورصة إنفو ” بالاجابة عن هذا السؤال ، وكنت في كل مرة أفكر فيه أؤثر التأجيل ، ليس فقط رغبة في تقديم ما هو أكثر أهمية ، بل أيضا رغبة عن ولوج باب يودي بطارقه الى شعاب قد تكثر من خصومه . أنا أعرف جيدا أن مقدمي خدمة التجارة في البورصة وفي سوق العملات ( الفوركس ) – أو أكثرهم على الأقل – يعملون على إقناع كل من يصادفون في طريقهم للإقبال على هذه التجارة ، وإغرائه بكونها أفضل أنواع التجارة على الإطلاق ، وإن هم أبرزوا المخاطر فإنما خضوعا لأحكام القانون ، لا غيرة على مصلحة العميل . أنا اعرف أن بعض هذه الشركات باتت تستعمل خبراء في الدعاية لتعريف أوسع جمهور ممكن على مبادئ هذه التجارة ، فإذا بهم يسمونها مصلحة ، ويبرزون سهولة تعلمها ، وسهولة ممارستها ، وسهولة الربح فيها . وإن هم توقفوا في برامجهم الدعائية لفاصل إعلاني ، فالفاصل هو في معظم الأحيان سلعة لا بد من تحقيق ثروة لشرائها ، مثل سيارة رياضية أو شقة فخمة في حي راق . هذا جزء من الطُعم بحيث ان الاقناع يصير سهلا : انت تمتلك مبلغا صغيرا من المال . لشراء السيارة أو الشقة ، أنت تحتاج لمبلغ كبير . ألمبلغ الكبير لا يمكن تكوينه الا من التعامل في البورصة إنطلاقا من المبلغ الصغير . نحن نعلمك وندربك على الطريقة ؛ يقول مقدم الدعاية . إن ما ينقص هؤلاء المروجين في كلامهم هي كلمة صغيرة اسمها ” قد ” . هم يقولون : نحن نعلمك مصلحة تستطيع منها تكوين ثروة . كان عليهم أن يقولوا : قد تستطيع منها تكوين ثروة . ولو قالوا ، لانخفض مباشرة عدد الزبائن الى النصف ، وكانت لتكون كارثة بالنسبة لهم. هؤلاء قوم محنكون ، يعرفون موضع الوتر الحساس ، فيتعمدون الضرب عليه . أسمعهم فأفكر مباشرة بمسوقي البضائع في المخازن الكبرى . يرتبون البضائع التي تلفت نظر الاولاد في الرفوف السفلى من الخزائن ، على مستوى مناسب لعيون الأطفال ، وغالبا قرب صناديق الدفع . يتعلق الطفل بما يراه فتتحاشى أمه حرمانه منها ، إستحياء وخجلا من موظفة الصندوق التي ترميها بابتسامة تستعجل فيها قدومها اليها ، فتضم السلعة الى المشتريات ، وتدفع . أنا أعرف ذلك وأتحفظ على بعض هذه التصرفات ، وأسعى على الدوام الى فصل الخيط الأبيض عن الأسود . أنا أوافق على بعض ما يقوله هؤلاء المروجون . هذا صحيح : قد يمكنك ، أخي القارئ ، تكوين ثروة مما انت قادم عليه ، ولكن ، قد يمكن أيضا – وبنسبة لا يستهان بها من الخطر – أن تفقد ثروتك الصغيرة . حذار ، حذار ، لا تصدق كل ما يقال لك . كن حريصا لبيبا نبيها . تجارة البورصة – بما فيها الفوركس طبعا – قد لا تكون مؤهلا لممارستها . أنت وحدك يمكنك أن تقدّر ما تقوى عليه ، وما لا تقوى عليه . وفّ الموضوع حقه من التفكير والدرس .
– هل يعني أن تجارة البورصة لا تزال اليوم في عصر الانترنت للنخبة ولا علاقة للعامة فيها ؟ هل يعني انك حسمت الموضوع قبل البداية بالبحث ؟ هل هذا ما تريد أن تقوله لنا ؟
أكاد أسمع آلاف الأصوات المعترضة ، ومن ضمنها العشرات المتضررة الشاتمة ! – نعم ، أخي القارئ ، أنا أعني ما اقول . أرى الكثيرين مؤهلين لهذه التجارة ، وأرى الكثيرين أيضا غير مؤهلين لها . أرى أن تجارة البورصة هي للنخبة ، لن أخفي قناعاتي ، ولكن نخبتي هي غير النخبة المتعارف عليها . النخبة التي أعترف بها لها مميزاتها ، وهي، هي وحدها المؤهلة لتعلم هذه التجارة ؛ وهي ، هي وحدها المرشحة للبراعة في ممارستها . إن رغبت بالتعرف على نخبتي تابع قراءة البحث واسأل نفسك في آخر المطاف عما اذا كنت واحدا منها ؛ وإن لم ترغب ، فانصرف عن موضع لا شأن لك فيه لتوفرَ على نفسك جهدا ، وأقلع عن تجارة لم تولد لها فتوفرَ على جيبك خسارة . ( أقول هذا ، وأنا عارف أن الشتيمة ستكون من نصيبي من ناحية صيادي العملاء الباحثين عن رزقهم كيفما كان .. المعذرة .)
إنه لمن السائد عند العامة من الناس ، كما عند علية القوم منهم ، أن العمل في البورصة ، وامتلاك فنونها هو مدعاة للفخر والإعتزاز . كم رجلا شمخ برأسه زهوا ، ورفع أنفه اعتزازا ، إن هو شاء الرد على سائل خطر له أن يستفسر منه عن نوع عمله ، فيقول : أنا أعمل في البورصة ! كم امرأة أغاظت امرأة ، إثارة لمشاعر الغيرة في نفسها ، باستعجالها الحديث عن الاعمال ، ووسائل الكسب ، فقط لتقول : أنا زوجي يعمل في البورصة ! البورصة ، البورصة ، البورصة ، يا لسحرها ! أنا أعمل في البورصة . أنا زوجي يعمل في البورصة . هل يعني ذلك : أنا أعلى منك شأنا ، أو زوجي أعلى من زوجكِ شأنا ؟ هل العمل في البورصة يعني مباشرة : نحن نفوقكم مرتبة ونعلوكم قدرا ؟ هل يعني نحن من النخبة وأنتم من العامة ؟ سؤال جدير بالطرح ، وبالاجابة ، لكنه من الحرج بمكان . حسنا لنأتِ الامرَ من باب آخر . لنقل : من هي النخبة ؟ لا يخفى أن البعض يرى في النخبة طبقة المتنفذين ، الممسكين بالثروات ، المصيبين للغنى ، القادرين المقتدرين ، الآمرين الناهين . هم في الغالب أولي الأمر وأصحاب القرار . البعض الآخر يذهب في تحديده للنخبة بحصرها في طبقة من المؤهلين علميا ، باكتسابهم معرفة تبقى عصية على غيرهم من أبناء العامة ، وهم بذلك يوفرون لأنفسهم أسلوب حياة متميز يوصف عادة بالرفاه والترف . هؤلاء الممسكين إذا بمفاتيح المعرفة هم بنظر الجميع أقدر على بلوغ قمة ، وأبرع بتحقيق ثروة ، وأسرع في بلوغ هدف . هؤلاء إذا بحسب المفاهيم السائدة هم النخبة .
هل نسلم بهذا القول ونقبل بهذا المذهب ؟ هل يصح فعلا حصر النخبة بمن امتلكوا العلوم والمعارف العالية ، أو بمن امتلكوا الثروات والنفوذ وفرض القرار ؟ حسنا ، لنتروَ قليلا في أحكامنا ، ولنتلمس بهدوء طريقنا . ان سلمنا جدلا بأن الفئات السابق ذكرها هي نخبة الخلق وأميزها فماذا نقول برجلين :
برجلين اثنين ، متعلم وأمي ، – والقصد هنا رجل أو امرأة طبعا – صادفا نملة تناضل في سحب حبة حنطة ، فتعمد الأول ان يدهسها تحت حذائه واجدا في ذلك لذة جهنمية شهوانية ، وتحاشى الآخر أن يؤذيها شاعرا في ذلك بلذة سماوية ناعمة . ألم يمتلك الثاني كل الشروط التي تؤهله لان ينتسب الى نادي النخبويين ، بينما افتقر السها الأول على تعلمه وتمدنه ؟
برجلين اثتين ، أمي ومتعلم ، – والقصد هنا رجل وليس امرأة – سمعا كلاهما عصفورا يطلق تلاحينه على غصن شجرة قريبة ، فطرب الأول للنغم ، وتفاعل مع اللحن الى حد السمو ، فإذا هو يرتقي من سماع الترنيمة الى حد رؤية موسيقاها تتمايل تقاطيعها ألوانا عبر الاثير ؛ أما الآخر فما رأى في العصفور المسكين إلا كتلة من اللحم ، تطحنها أضراسه وتذوب في لعابه ، فتمنى لو كان يحمل بندقيته . رجلان اثنان ، أمي ومتعلم ، ألم يمتلك أولهما كل الشروط التي تؤهله ان ينتسب الى نادي النخبويين ؟
حسنا لن نطيل ، ألفضاء هذا رحب ، وللطيران فيه لذة ، لكن لنعد الى أرض البشر ونعالج موضوعنا . هل يجب أن يُفهم من كلامي أن الرجل الذي تعمد إبعاد قدمه عن النملة هو مؤهل للعمل في البورصة ، بينما زميله الذي داسها بحذائه يفتقر بالمقابل الى المعطيات التي تؤهله لذلك ؟ أو هل أريد الإيحاء بأن من وُهب نعمة رؤية لحن الكنار وليس فقط سماعه هو الذي سيكون بمقدوره ، ودون سواه ، سماع ما يختبئ وراء رموز الرسم البياني لليورو أو الدولار من أصوات ؟ لا ، لست من السذاجة ، اخي القارئ ، بحيث أظن أن بامكانك أن تقبل مثل هذا الإدعاء ، ولكن ، أستطيع أن أؤكد بكل اليقين ، وبكل الثقة والخبرة والمعرفة والممارسة ، أن الرجلين المذكورين هما أقدر من غيرهما على فهم ما يصعب فهمه ، وإدراك ما لا يستساغ إدراكه ، واستيعاب ما يثقل استيعابه . هما اقدر على كل ذلك لما وُهبا من نعمة ، وما أوتيا من هبة ، وما خُصا به من مكانة ، وما فُتح لهما من أبواب .
وبعدُ ، فمن هي النخبة إذا ؟ وكيف لنا أن نحدد شروط الإنتماء اليها ؟ ومن هو القادر ان يدخل الى حيث نحن ؟ غريب أمر هذا البحث ، فهو يحملني تباعا الى استطرادات . ثمة حادثة لفتتني ولن أمر دون التوقف عندها .
ما زلت أحمل ذكرى قديمة من زمن دراستي الثانوية . أستاذ الادب العربي كان وقتها من المميزين العقلانيين الموضوعيين الباحثن دوما عن الحقيقة ، باعتماد المناهج العلمية القائمة على المقارنة والقياس والاستنباط . كان رحمه الله – بحسب ما ذكراي له – من نخبة النخبة. حدثنا يوما عن شاعر عربي قل من طلاب المدارس الثانوية من لا يعرفه قال : ابن الرومي هو…. ….. ….. كان شاعرا مبدعا … …. ….. ويقال إن وزير المعتضد القاسم بن عبيد الله كان يخاف من هجائه فدس له طعاماً مسموماً فمات. من قصة ابن الرومي كلها تهمني فقط الجملة الاخيرة . هذا ما ورد في كتب الادب كلها . هذا ما تعلمه طلاب الادب كلهم . الوزير خاف من هجاء ابن الرومي فدس له السم فمات . استاذ الادب العربي الذي أقدر ، توقف عند هذه الحادثة . رأى فيها خللا . هي تناقض منهجه العلمي . لم تقنعه . مضى يبحث عن كلام مقنع . وجد التفاصيل التالية الثابتة : لابن الرومي قصيدة أبدع فيها في وصف الحلوى ، وبدا منها مقدار حبه لأصنافها ، واستساغته لأنواعها : منطلق جيد للبحث والتدقيق المنطقي . المنطلق للبحث عن الحقيقة هو من كلام قاله المغدور- المفترض – نفسه ( قصيدة شعر ) . العوارض التي نقلها المؤرخون عن مرض ابن الرومي قبل موته ومرحلة احتضاره ، تقارب ، ان لم نقل تطابق العوارض التي تصيب مرضى السكري في مثل هذه الحالات : نقطة ثانية تدعم البحث العلمي . ابن الرومي كان معروفا بحبه للوحدة . هو ككل الرومنطيقيين مكتئبا . زاد من حاله فقدُهُ لأولاده الثلاثة واحدا تلو الآخر . كان يقفل داره أياما على نفسه فلا يخرج منها . كان يحب الحلوى ويأكل منها كلما سنحت له الفرصة ، لم يكن يقوم بأعمال جسدية تتطلب مجهودا ، كل هذه النقاط تجعل من إصابته بالسكري إحتمالا عاليا . مرض السكري لم يكن معروفا في ذلك العصر . التفسير الأقرب للتصديق بالنسبة لناقلي الخبر من مؤرخين ورواة : خوفٌ من الهجاء ، مؤامرة ، دس السم ، الموت .
تفسير استاذي – الذي أظنه واحدا من الذين زرعوا في نفسي حب البحث المنهجي الموضوعي العلمي في تفسير النتائج الصادرة عن مسببات ، والذي لازمني طيلة حياتي – هو اذا : وزير المعتضد أراد أن يأمن شر هجاء ابن الرومي المحتمل ، فلجأ الى إكرامه والإفراط في إطعامه ، فقدم له أشهى الحلويات وأغناها بالسكر . الرجل الذي نقدر إصابته بالسكري ،أكثرَ من طعام يُمنع اليوم منعا تاما عن كل مصاب بهذا المرض . فكان ان وافته المنية . الفارق كبير بين الاحتمالين : إحتمال الإغتيال ، واحتمال الإكرام . أنا لا اتردد أبدا في ترجيح الاحتمال الثاني ، ليس حبا بمن أطلقه ، بل إحتراما لمبدأ الاعتماد على العقل في كل أحكامنا . أنا لا يهمني اليوم سبب موت ابن الرومي ، أنا لا أتوقف عند حادثة جرت منذ قرون ، سيّان عندي إن كان خبر المؤرخين هو الأصح أم تحليل أستاذي ، أنا أهتم فقط إلى طريقة جديدة علمية في التفكير والبحث والتدقيق قبل إصدار الأحكام . أنا على يقين بأن أستاذي لمادة الأدب العربي منذ ما يقارب الاربعين عاما ، كان سيكون تاجرا مبدعا في البورصة لو قدر له أن يتعرف على هذه التجارة فيمتهنها . آه منك أمتي ! منذ اربعين عاما ، سمعت هذا الكلام . لو انك اعتمدت منذ اربعين عاما مثل هذا المنهج في اختيار نُخبك ! ترى أين كان سيكون مقامنا اليوم ؟ آهاتي عليك أمتي !
والى استطراد ثان ، ألمعذرة فقد أطلنا !
كنت منذ فترة وجيزة أتابع حوارا على إحدى القنوات الفضائية حول موضوع سياسي يتعلق بأحداث مأساوية يعيشها واحد من البلدان العربية في المرحلة الراهنة . الحوار بين اثنين من حملة شهادة الدكتوراه . كلاهما يحمل لقب دكتور . بدأ الحديث هادئا ومضت الدقائق الأولى على خير . وفجأة ثارت ثائرة واحد من السيدين المحترمين لكلمة تلفظ بها زميله لا تتماشى مع معتقداته ، فكال له ما تيسر من التهم والشتائم ، وما صمت إلا وقد سال لعابُه على شفتيه وبدت الرغوة بيضاء بشعة عند نقطتي التقائهما . وجاء دور الثاني فأمِلت أن يكون نموذجا للدكتور العقلاني الهادئ المتزن ولكن الخيبة كانت من نصيبي . كان همّ الرجل أن يثأر لا أن يُقنع . ألثأر ، ثم الثأر ، ثم الثأر . وهكذا كانت له جولات وصولات استعمل فيها يديه في حراك مستديم ، وعينيه في جحوظ مقيت ، أكثر من استعماله للسانه ، وبلغ به الحنق أن وقف وانحنى فوق الطاولة التي تفصله عن زميله – عفوا عن غريمه – لعله يُسمعه بشكل أفضل فيتمكن من إقناعه بسلامة وجهة نظره . وفي كل هذه الحفلة المضحكة ، كان الأكثر سخرية موقف مقدم البرنامج – هو دكتور ايضا – . إن صراخه لم يكن أقل وقعا ولا أضعف حدة من صراخ ضيفيه . جاء الوقت المخصص لاتصالات المشاهدين . خطرت لي خاطرة . أسرعت الى الهاتف . طلبت الرقم وانتظرت طويلا . أردت أن أسأل الضيفين ، كما مقدم البرنامج سؤالا . أحجمت في اللحظة الأخيرة عن طرح السؤال . لم أشأ أن أحرج العناتر الثلاثة في بث تلفزيوني مباشر .
هل تريد أن تعرف ، أخي القارئ ، أي سؤال كنت أريد طرحه ؟ حسنا لن أبخل عليك . وددت أن أتحدى الدكاترة الثلاثة بأن يبرهن واحدٌ منهم على الأقل معرفته لعدد أسنانه . كنت على ثقة تامة بأن كل واحد من الثلاثة سوف يسارع الى إدخال أصبعه – على الأرجح أبهامه – في فمه متلمسا أسنانه ساعيا لإحصاء عددها .
لا ، لا يمكن باي حال من الأحوال ، لأي واحد من الثلاثة ان يكون تاجرا في البورصة ، كلهم غير مؤهلين لهذه الصفة ، كلهم غير جديرين بهذه المرتبة ، حتى ولو حمل الواحد منهم عشرة ألقاب ، إلى جانب لقب ” دكتور ” الذي يحمله . يا ثلاثة يسارع واحدكم قبل كل شيء ، وفي كل رد الى الثأر ! يا ثلاثة لا يحتمل واحد منكم القدرة على تقبل نقد ولو بناء ! يا ثلاثة لا يعرف واحد منكم أن يجري نقدا ولو ذاتيا ! يا ثلاثة يعتقد كل واحد منكم أنه دوما على حق ! يا ثلاثة لا يقبل واحدكم رأيا مخالفا لما يراه ! يا ثلاثة ، أنتم السوقة والنخبة منكم براء ! يا ثلاثة ، أنتم السوقة والنخبة هي نحن !
النخبة إخواني هي نحن ، جماعة القادرين على تمييز الصواب من الخطأ . هكذا بالإختصار كله ، وبالبساطة كلها . النخبة إخواني هي نحن ، أهل الصفاء القادرين على اتخاذ القرار الصائب ، القرار المبني على التحليل والتدقيق والاختبار والمقارنة والقياس والاستنتاج والاستنباط ، بصرف النظر عن أهواء النفس وميولها ، وعن تسلط المشاعر وشذوذها . ألنخبة إخواني هي نحن ، أهل الواقعية القادرين على الأعتراف بالخطأ إن عثرنا ، والساعين الى تصحيح الخطأ إن قدرنا . النخبة إخواني هي نحن ، أهل الهوى والعشق ؛ هوى العقل ، وعشق المنطق . هوى الموضوعية في البحث ، وعشق المنهجية في إصدار الأحكام . النخبة لا تعترف بألقاب أو مراتب . عرفت في حياتي الكثيرين من أصحاب العلم والفكر الذين لم ينطقوا الا بالكفر والضلال ، كما عرفت الكثيرين من الأميين المتواضعين الذين إن نطقوا أصغى الى كلامهم أعقل العقلاء .
قلنا حتى الان الكثير ، ولم نقل بعد ، اخي القارئ ، ما تتشوق لسماعه عمن هو مؤهل ، ومن هو غير مؤهل للعمل في البورصة . أعذرني فقد تقدم الليل ، وتمكنت من نفسي بعد ما مر من أفكاروأقوال كآبة ، قد تحول دون الحكم الذي أطمح اليه . فإلى القسم التالي من المقال ، في الاسبوع القادم أو الذي يليه ، حيث نبدي في الأمر رأيا ، نأمل أن يقارب الصواب ، إن شاء الله . |