كل مقالات Info

وماذا الآن في رمضان ؟

وماذا الآن في رمضان ؟  – 22th October 2004

 
وهل رمضان أهل البورصة هو غير رمضان سواهم من الصائمين ؟
قد لا يكون كذلك ، ولكنه كذلك يجب أن يكون .
نحن قومٌ مميزون ، وشهرنا لا بد أن يكون على ما نحن عليه من تميز .
نعم ، واستنادا الى كلّ ما املك من مصادر ثقة ، وارتكازا على كلّ ما ادرك من منابع معرفة ، وعونا بكل ما يتوفر من وسائل تأكيد وبرهان وجزم ، أراني أقول : نحن قومٌ مميزون .
من المتميز إن لم يكن ذلك الذي امتلك حفنة صغيرة من المال ، فآثر أن يقتحم عالم المال الواسع بها ، على ان يزحف أمام ابواب متنفذين مستجديا وظيفة تمنّ بها عليه مصالحهم الذاتية ؟
من المتميز إن لم يكن الخائض في مخاطر سوق ، راكبا تقلبات لججه المخيفة ، مرتعشا لا خاشيا ، محجما لا مترددا ، مقدما لا متهورا ، آملا لا طامعا ، رابحا لا غانما ، خاسرا لا منهزما ، طالبا لا مستجديا ؟
من المتميز إن لم يكن ذلك الذي تزلّ قدمه مرّة فيكبو ، ثمّ ، لا تراه وإلا ، قد انتفض من جديد ، ومن جديد انتصب ، كمارد ، كعملاق ، وعاد يبني ما رسم .
اجل ، المتميزون هم نحن ، لا غيرنا ، فكيف تراه يكون شهرنا الفضيل ؟
دعوتي الاخوية المتميزة للاخوة المتميزين ، ألا يكون شهرنا فقط دعوات لله عزّ وجلّ بزيادة ربحنا ، ومباركة ملكنا ، وتعزيز سلطاننا .
دعوتي الاخوية المتميزة ألا يكون شهرنا – أو لا يكون فقط – مائدة وصحنا وشوكة وسكينا .
لذتي في ان يكون شهري تعبدا ، والتعبد صيام ، والصيام يتلوه قوت لا طعام ، وأستشعر فرقا هائلا بينهما …
هلمّوا إخواني نتقوت في رمضان فيتبارك بنا ولنا وعلينا .
هلمّوا نتقوت فيكون صيامنا بذلك اكثر تأهلا ، وصلاتنا اكثر اتصالا …
نتقوّت ؟
نعم .
وفي رمضان ؟
نعم ، وألف الف نعم .
تعالوا نتقوّت في رمضان . تعالوا نفكك حروف هذه الكلمة ، ونستشعر ، سوية ، أصداء متميزة منبثقة من واوها المشدّدة . اصداء مميزة لا يحسها الا من عرف نعمة مداواة جوع الصيام بجوع التقوت في الافطار !!
جوع الإفطار ؟
وهل يعقل أن يكون الإفطار جوعا ؟
نعم ، وإن لفي ذلك لذة لو احسها ملوك الارض لحسدوا عارفيها عليها .
وإن حصل هذا ، فماذا بعده ؟
إذ ذاك ، وإذ ذاك فقط يمكننا ان نحسها ، الحقيقة المثلى ، وأن نقولها :
أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال فرحة إلى قلب يتيم حزين ؟
أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال لقمة الى فم جائع مسكين ؟
أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن إدخال نعمة الى نفس واحد من اليائسين التائهين ؟
أي فرح في الشهر المبارك ، إن لم يكن تسامحا بين الطوائف ، ولقاء بين الفرق ، وسلاما بين المختلفين ، وتقاربا بين المتباعدين ؟
أي فرح في الشهر المبارك ، ان لم يكن إعلان بداية معركة الجهاد الاكبر ، الجهاد اليومي الملازم لنا ، طيلة فترة إقامتنا على وجه البسيطة .
والجهاد الأكبر ، أي معنى له ؟ أي معنى له إن لم يكن معركة قمع  واغتيال وتفجير وتفخيخ يومي ، يمارسها كل واحد منا ، ضدّ أناه اللعينة ، أناه الحاملة لكل بذور الذات ، الذات الملتصقة بالتراب ، التراب المُضِع للشهوات ، الشهوات المؤتَمرَة للرغبات ، الرغبات المستحيلة شرورا وشذوذا . 
وما شأن البورصيّ في كل هذا ؟
شأنه كثير كثير !
البورصيّ الرابح شأنه ان يفكر الآن بالعطاء ، بالعطاء غير المشروط ، ولا ينغمس بالدعوات لمزيد من الربح .
شأنه ان يكون عطاؤه متجردا ، لا منّة فيه ولا طلب .
البورصيّ الرابح شأنه الآن ان يعطي مما أخذ !
شأنه ان يعطي ، لا ان يزرع انتظارا لمكافأة مقابلة لعطائه .
شأن البورصيّ الرابح ان يعطي ، ولا يهب .
دعوتي لكم إخواني الرابحين .
أعطوا كما تعطي الياسمينة شذاها ، هكذا دونما حساب ، دونما منة أو طمعا بتعويض العطاء .
أعطوا كما البلبل يعطي  شدوه ، كما الريحانة تنشر شذاها ، كما الساقية تنشد حداها ، في وادٍ من اأدية لبنان الجريح !
أعطوا ولا تنسَوا الى جانب فلسطين ، وطنَ النجوم ! دعواتُكم له بالخلاص !
والبورصيّ الذي عثر حظه ، وزلت قدمه ، فهو إن احتاج في الشهر الفضيل، فالى تأمل وتفكر ، إلى راحة وقتية ينصرف فيها الى ترتيب ما تعطل ، وتقويم ما تعثر ، انتظارا لمرحلة قادمة قد يكون له فيها ما لم يكن في ما سبقها …
كلّ واحد منا مرّ بخسارة او خسارات . كلّ واحد منا عرف خيبة أو خيبات . كلّ واحد منا واجه امتحانا أو امتحانات .
المهم ، ألا يسمح لقلبه بالانكسار ، ولعزمه بالانحسار .
المهم المهم ، ألا يخرج عن نطاق التحليل المنطقي الدقيق لواقع حاله ، مستسلما لهواجس وظنون وتقديرات ، لا جدوى منها ولا نفع .
المهم المهم ، ان يحلل وضعه ، ويتبصر في ما اودى به الى ما هو فيه ، وما منع الربح عنه او ما منعه عن الربح ، وان تكون له الجرأة في اتخاذ القرار .
قرار تغيير لطريقة عمل ونهج تصرف ومنهج اداء كان قد اتبعها . قرار مداوة عادة تحكمت بنفسه وفرضت عليها ما ليس محمودا  . قرار تطوير لما وضح الان انه لم يكن بكاف لتحقيق ربح مرغوب ، ونجاح محبوب .
وإن تعذر كلّ هذا !
إن تعذر كل هذا ، فدعوتي لكل من ثبت له إن هذا العمل بات عصيا عليه ، أن يتحلى بالشجاعة الكافية ، للانصراف عنه ، الى لا عودة ، أو لفترة ، قد يفتح الله له فيها بابا، كان في ما مضى موصدا .
 
 
 
 

 

 

إنتبهْ! ألغام! ما كلّ مَن سَلَكَ وَصَلْ ( 2 )ا

إستراتيجية عمل مبتَكَرة، لم يسبق أن وجدها أحد سواي، هو المبتغى والهدف إذا. هذا لسان حال كل داخل الى السوق وهدفه. يختطفه هذا الطموح، فيغرق شهورا، وقد أقول سنوات، في البحث والمقارنة والتركيب والتفكيك.  ألإستناد هو إلى رسم بياني تاريخي يمتد إلى سنوات مضت. هي مهمة فائقة السهولة ولا يخفق أحدٌ في بلوغها. هذا من الوجهة النظرية.
من الوجهة العملية يختلف الأمر وتبدو الخروقات ونقاط الضعف. تكون النتيجة فورا الخيبة وتسرّب الشك الى النفس والتخلي عن الاستراتيجية والعودة للبحث عن غيرها، إن لم يكن الإستسلام والتخلي عن المشروع برمته. هذا هو قانون الضعف البشري الذي لا ينهزم بسهولة في معظم الأحيان، ويؤدي الى مهالك الطموحات الرخيصة في معظم الأحيان.
مهالك الطموحات الرخيصة مَنبَتُها الغرور والجهل. ألغرور والظن بقدرات فائقة واستثنائية وغير مسبوقة. الجهل بواقع الأمر وبكون الملايين ممن قد يفوقونك مقدرة – أو على الأقل يساوونك – مروا قبلك على هذا الشارت ( الرسم البياني ) وأشبعوه تقليبا وتحليلا. نتيجة هذا الجهل وهذا الغرور هو مهالك مضمونة. مهالك الخطط الصغيرة، الرخيصة، المبنية على قانون الصُدَف الذي يصح الآن ولا يصح بعد حين.
ألحلول تأتي عادة من عند أهل الخبرة والتجربة. نادرا ما تكون وليدة صدفة يوفق في إيجادها مبتدئ في العمل. ألسبب بسيط جدا: إن ملايين العيون رصدت هذا الرسم البياني وقلّبته وفتحت كلّ نوافذه ثم أقفلتها. أقفلتها على قناعة محسومة: قانون الصدفة لا مكان له هنا. “أخوت شانيه” ظاهرة – قد تكون فريدة – وقد يكون بولِغ في تصويرها –  لا تتكرر كلّ يوم.
النظري غير العملي إذا في عالمنا هذا. لا بد من أخذ هذا الواقع بالإعتبار عند بناء كل خطة وتركيب كل استراتيجية عمل. ما تنجح برسم خطوطه على الورق قد لا تنجح – والأرجح انك ستلاقي صعوبات – في تطبيقه في السوق عملا وتحقيقا لربح.
أعذرني أخي القارئ على هذا الإسترسال، ولنعد الى خطة “رفيق بركة” نتفحصها سوية مرة جديدة.
قلت في المقالة السابقة إنه لا طائل من الإتكال على خطوط تلتقي على الشارت وتوفر لك إشارة شراء “مضمونة” عند كل التقاء ، او عند كل افتراق. هذا ما سميته خطة صغيرة فقيرة  – وهي حتما غبية – لا توصل الا الى مهالك مضمونة.
ألخطوط هذه يمكن أن تساعدك في اتخاذ قرار . لا نكران لذلك . أنت من يتخذ القرار . تبنيه على معطيات منطقية علمية وقوانين موضوعية لا لبس فيها. هكذا ترتفع حظوظك بالصمود وبالتحول من مُقامر الى مُتاجر.
“رفيق بركة” يريد أن يضع على الرسم البياني عملتين متباعدتين في سعرهما الحالي. وإن التقيا فالربح مضمون. واضع الإستراتيجية صار عَلَمَا في الإبداع. سأله واحد من تبّاعه: ولكنني أخسر دوما. لم يجد جوابا سوى : أنا أربح.
حسنا، لنأخذ أخي القارئ عملتين هما السترليني ين، واليورو سترليني على سبيل المثال. لنضعهما على رسم بيانيّ واحد. العملة الأولى في أسفل الشارت والثانيةفي أعلاه. أمر طبيعي فالسترليني تحت الضغط.
بعنا اليورو مقابل السترليني واشترينا السترليني مقابل الين. ننتظر نزول الفوقى وارتفاع السفلى. هذا كل شيء.
من حيث القوانين النظرية هذا صحيح . إن ارتفع خط وانخفض آخر لا بد أن يلتقيا. ما فات واضع هذه الخطة أمر في غاية الأهمية.
ما فاته هو النسبة المئوية – او عدد النقاط – التي يجب أن يرتفعها السعر السفلي ليصل الى الحد المتواجد عليه السعر العلوي. ما فاته هو مقارنة هذه النسبة بنسبة النقاط – او النسبة المئوية -التي يجب أن ينخفضها السعر العلوي ليلتقي بالسفلي. لو هو فعل هذا لتكشّفت له أسرار الفشل ومكنونات المخاطر.
على السترليني ان يرتفع 300 نقطة ليبلغ حدا يتواجد عليه اليورو .
على اليورو ان ينخفض 100 نقطة ليبلغ حدا يتواجد عليه السترليني .
اذا لنتابع هذا السيناريو:
السترليني تراجع ولم يرتفع بنسبة 700 نقطة أضيفت الى ال 300 فاذا الفارق بينهما ألف نقطة.
اليورو ظل في مكانه في المرحلة الأولى ثم بدأ بالتراجع. سيكون عليه تحقيق تراجع بنسبة 100 نقطة ليلتقي بغريمه. الهدف إذا قد تحقق: إلتقاء السعران حقق خسارة بلغت 700 نقطة على السترليني ، إستعاد منها اليورو 100 نقطة ، فاذا صافي الخسارة 600 نقطة. نتيجة كارثية لاستراتيجية جهنمية.
إنتقام  رفيق .
قرر رفيق الإنتقام لنفسه من ذاك الأفّاق الجاهل. قرر أيضا أن يلعبَ دورا في مهمة التنوير. دخل الى المنتدى المذكور. شرح ما اقتنع به من معطيات لا جدال في صوابيتها. فنّد للخاسر الأسباب التي لا يمكن إلا أن تؤدي الى الخسارة.
إختفى صاحب العقل المبدع منذ ذلك اليوم عن المنتدى. أو إنه غيّر جِلده على الأرجح بتغيير اسمه. وعاد في زاوية جديدة، وبإسم جديد، وباستراتيجية حمقاء جديدة، يجمّع حوله المريدين. هو يلقي مواعظ الصعاليك الفقيرة، وهم لا يبخلون عليه بعبارات الشكر والتبجيل.( ومن يدري – فقد يكون هو نفسه من يحاضر ومن يصفق – فالأسماء كثيرة والحظوظ مُباحة ومُتاحة…)
عزيزي القارئ.
هذا مثال واحد عن عشرات الخطط الغير موضوعية، والمنتشرة على مواقع يلتقي فيها غالبا قليلو الخبرة وكثيرو الإدعاء. حذارِ من الإستسلام لغرور هؤلاء وادعاءاتهم.
إن الشرط الرئيس الذي يجب ان يتحقق لتصنيف أية استراتيجية في خانة القبول او الرفض هو قيامها على معطيات منطقية ومُسلّمات علمية ثابتة.
اذا كنت لا تحسن الحكم علىى صوابية خطة قرأت عنها، فاستشر أولي العلم والتجربة والخبرة، قبل البدء باعتمادها.
إفعل ذلك حتى لا تستيقظ على بروق ورعود، فيكون نصيبك البَرْد، وترتعد، دون أن تعلمَ على ماذا تنام ولا على ماذا تقوم….

إنتبهْ! ألغام! ما كلّ مَن سَلَكَ وَصَلْ ( 1 )ا

إسمع يا رفيق…
“رفيق بركة” ليس بصديق بعد.. معرفتي به حديثة العهد.. قد تتطور المعرفة وتصير صداقة.. سيكون هذا مبعث فرح لي.  أحببت حضوره.. خفيف الظلّ.. مرِح المزاج. أمسيتُ ميالا الى رفقة المَرحين، قليلي التأفف، أصحاب البسمة. حتى الآن، رفيق هو مشروع صديق.
سارع رفيق  الى الإتصال بي مسترشدا برأيي – أو لعلّه في قرارة نفسه كان يريد أن يسدي لي خدمة بتعريفي على نصرٍ حققه -. قرأ بالانكليزية على واحد من المنتديات الغربية خبرا مثيرا . تملّكته مشاعر الفرح. أخذته أحاسيس النصر. ظنّ لتوّه أن صناعة الملايين ستكون في منتهى السهولة. الرجل ممن يبحثون عن العمل السهل. يريد استراتيجية تقول له فيها الخطوط: إشترِ هنا. بعْ هنا. لا يريد أن يُتعبَ نفسه بالبحث والتدقيق والمقارنة والإستنتاج…
إنتصحْ يا رفيق ممن يبغي لك الخير. من الصعب جدا تحقيق الربح بالسبل السهلة والطرق المريحة هذه… ما من خطان يلتقيان، او يتعاكسان، فيكون التقاؤهما أو تعاكسهما سببا للدخول في السوق دونما تفكير أو بحث وتدقيق…
الخبر الذي حمله رفيق لي يتحدث عن استراتيجية عمل “مضمونة”. مُكتشفها يعمل عليها منذ ما يقارب العام – كما يدّعي -. لم تعطِهِ إلا ربحا. فقط خمسة أو ستة بالمئة من عملياته يتم إقفالها بخسارة محدودة.
مُدّعي النصر هذا صار له مريدين وتبّاعا على المنتدى. ألكلّ ينتظر إطلالته الميمونة، في جعبة الواحد أسئلة واستفسارات. في جعبة الآخر تعابير شكر وإطراء.
ألإستراتيجية هذه سهلة الفهم، بسيطة التركيب، جديدة، ذكية، منطقية، واقعية – كل هذا بحسب تعريفات مكتشفها – .
في مُختصَرٍ لها إنها تقوم على اختيار رسم بياني ( شارت ) لعملة من العملات. ثم البحث لها عن عملة أخرى يُصار إلى إنزال رسمها في نفس النافذة مع الرسم الأول للعملة الأولى ( في ما يُسمى  overlay ) . الشرط الوحيد في العملية هذه يكمن في ألا يكون السعر الحالي للعملتين متطابقين متجاورين ( أي لا يكونان متواجدين على نفس المساحة . يجب ان يكونا بعيدين واحد الى الأعلى وواحد إلى الأسفل).
فلسفة الإستراتيجية بسيطة جدا : ليس عليك سوى أن تبيع العملة الموجود سعرها الآن في أعلى الشارت، وتشتري العملة الموجود سعرها في أسفل الشارت. ألرسمان لا بد لهما في وقت من الأوقات أن يلتقيا . إذا لم يرتفع السفلي فسينخفض حتما العلوي. النتيجة البديهية: لا تخسر في العملية الأولى وتربح بالثانية.
ألخسارة مستحيلة بحسب رأيه. ألربح مضمون. ألإكتشاف إستثنائي لعبقري لا يجود به الزمان في كل حين…
تفكّرت في الأمر برهة. بحثت لها عن حجة منطقية لتحقق ربحا. وجدتها.
الرجل مصيب في ما يدّعي – أو لنقلْ في جزء منه -.
إذا كان سعرا العملتين متباعدين لحظة الشراء ، فلا بدّ أن يأتي وقت – قريب أو بعيد – فيلتقيان. هذا صحيح.
إذا ارتفع سعر العملة السفلى وانخفض سعر العملة العليى فلا شك في كون كل واحدة منهما ستحقق ربحا وتكون العملية موفقة. هذا أيضا صحيح.
إذا تحركت واحدة من العملتين وثبتت الأخرى منتظرة إياها ليلتقيا في موضعها، فهنا أيضا يتحقق الربح. هذا أيضا صحيح.
إذا تحركت العملتان بنفس الإتجاه صعودا او نزولا فخسرت واحدة وربحت الأخرى – وبنسب مختلفة – فهنا قد يتحقق ربح ضئيل أو خسارة ضئيلة ( برأيه )، أو قد تتحقق خسارة كبيرة – كبيرة جدا – أيضا ( برأيي)، في حالات لم ينتبه لها صاحبنا فكلّفت كتاباته بعض تبّاعه الكثير من الخسارات التي كانوا يسألونه عن تفسير لها، وهو لا يستطيع  لهم جوابا – أو لا يريد – .
إنهم ضحايا بعض المكّارين المخادعين ، أو هم ضحايا العابثين الباحثين عن باب تسلية فيجدونها في قوم يبحثون بصدق عن باب رزق حلال، أو ضحايا بعض الأغبياء الذين يقدّمون أنفسهم على أنهم رواداً وينتفخون من كثرة ما يتلقون من الشكر والحفاوة ممّن هم أكثر غباء أحيانا…
عدت إلى المنتديات العربية اتصفّحها. وجدتها عاجّة بالخطط والإستراتيجيات. أوصافها مشوّقة. لا أدري سرّ العبقرية التي تجعل هؤلاء الناس بارعين في توصيف مهاراتهم وتسويقها.
الكلام في هذه الخطط كلّها سهلٌ، لكونه يعتمد على النظري من الأمور. التطبيق مختلف. هنا تظهر نقاط الضعف، إذ يحتاج العامل على كل واحدة منها – ودوما – إلى غربال يناسبها. العثور على الغربال المناسب هو لبّ المشكلة وسرّ العثرة.
أسديت نصيحتي ل “رفيق بركة”. قلت: وفّر على نفسك مآزق لا يمكن تقدير مسالكها ولا مَبالغها. إعتمد هذه الخطة فقط إن أنت وجدت لها غِربالا يفصل فيها الحَبّ عن الزؤان. هي كغيرها من آلاف الخطط التي يستحيل إطلاق العنان لها بثقة مُطلَقة.
سامح إجابتي المختَصَرة يا رفيق. ليسامحني العزيز القارئ أيضا. موعدُنا مع تفاصيل موجبات رفض الخطة وشروحاتها لن يكون في موعد بعيد. إن شاء الله لنا ذلك.

إنتبه ! عصفورية ! ما كلّ مَن نَطَقَ عَقَلْ

قبل نصف قرن ونيّف..
أنا ولدٌ لم أبلغ العاشرة بعد. بُنيتي لا تحتمل المهادنة. صحتي لا تبشّر بالخير.
لا نفعَ لي في القوات المسلحة. البارودة ستكون عبئا عليّ. ميلٌ مبكرٌ الى المسامحة. عداوة متأصّلة مع الحرب. إطلاق قذيفة مدفع ستضرّ بي أكثر مما تفعل بالعدو.
إرتأت أمي أن يتشدد أبي عليّ في العلم. تنازل هو هذه المرة عن حق له: (هو رب العائلة – هو يرتأي). وافقها الرأي في هذه. إذا المدرسة قدَري. ألقلم بارودتي. ألورق ذخيرتي والكتاب زادي.
في طريقي اليومية إلى المدرسة، ذهاباً إياباً، عليّ أن أجتاز مسافة كرهتها. لا زلت أخافها. دربٌ ضيقٌ. طويلٌ. سورٌ من الإسمنت على اليمين. يستحيل تسلّقه. سورٌ من قضبان الحديد على اليسار. يؤلمُ التحديق به. 
من بين القضبان تمتد عشرات الأيدي كلّ صباح. كلّها تلوّح لي. بعضُها تحييني. أخرى تريد لمسة ( حنان ) مني . بالنسبة لي، كلّها تريد الإمساك برقبتي، وجذبي الى الداخل.
هنا تجمّعت حشود من المرضى والمصابين بعاهات جسدية أو عقلية. كان العامة – ولا يزالون – يطلقون على هذا المكان إسم “العصفورية”. كنت لا أعرف سبب هذه التسمية. لا زلت أجهلها. لا أريد ان أسأل عنها. كلّ ما أعرفه أني كرهتها. أرعبتني لسنوات في طفولتي. لا زالت ترعبني حتى اليوم. كرهتها يومذاك. لا زلت أكرهها حتى اليوم.
مهلا أخي القارئ. لا تتعجل عليّ…  ليس هذا لبّ موضوعنا. سنصل إليه…
“ألعصفورية” وما أدراك ما العصفورية. وقاك الله شرّها، ولا جعلك من نزلائها. ولا من ضحاياها.
كان مفروضاً عليّ، اذا،ً أن أجتاز هذا الدرب في اليوم مرتين. وكنت أذوق المرّ أيضا في اليوم مرتين. صباحا، أبدأ التفكير بتلك الأيدي الممتدة، فور خروجي من باب بيتنا. أباشرُ الجريَ، إن بلغتُ أول حدود “العصفورية”. أحوّل جريي ركضاً، كلما رأيت يدا تلوّح لي. أحاول ألا أنظر إلا في الإتجاه المعاكس. لا أستطيع. كأن يداً سحرية تمسك برقبتي، وتدفع بعينيّ إلى اليسار، لأرى تلك العيونَ الجاحظة، والأنوفَ المفتولة، والأفواهَ المبرومة؛ أو لأسمعَ تلك الأصوات الناطقة بكلماتٍ لا مقدَرَة لي على فكّ رموزها. 
هذا المشهد اليوميّ كان بلوة صباي. هي كانت لتكونَ محمولة لولا تلك الأصوات التي لم يكن بمقدور فهمي استيعابُ معانيها، وتلك الأيدي الممتدة التي يخيّل لي أنها تريد سحبي إلى الداخل لمشاركة أصحابها نعيم الحياة.
كان ركضي يطولُ ويطول. أعبُر المسافة المحاذية لل “عصفورية” فلا أشعر. أستمرّ بالركض، إذا بي على باب مدرستي. أتنفسُ الصُعداء. أشكرُ ربي على نعمة الحياة. أدخلُ إلى صفي. معكّر المزاج. مكسور الجناح . راضيا بقدَري . ممتنا لنجاتي.
أليوم، بعد مضي أكثر من نصف قرن.
أل “عصفورية” لا زالت مكانها. تغيّرت الأيدي بشبيهات لها. والأصوات تبدلت بمثيلات لها. أنا لم أتبدل ولم أتغيّر. أخاف المرورَ في ذلك المكان. إن اضطررت إلى ذلك أراني أركضُ دون شعور مني. ثم أتنبه لما أفعل. أخفّف السرعة. أخشى من توجيه دعوة رسمية لي للدخول، وإجراء بعض الفحوص فيها…
أليوم، بعد مضي أكثر من نصف قرن على هذه الحوادث المأساوية في عقل ووجدان ولد لا حول له ولا… تراودني – في مناسبات ثلاث – ألمشاعر ذاتها. ألأحاسيسُ ذاتها. ألمخاوفُ ذاتها. تلك التي كانت ترعبني.
ذكرت من الثلاث واحدة. هي مروري في نفس المكان.
لا زال علي ذكر اثنتين:
ألمناسبة الأولى: إن اتصل بي أحد أصدقائي القدامى، أو معارفي الجدد، وطلب مني أن أتصفّح بعض المنتديات التي تتناول شؤون الفوركس، وأطلع على بعض الحدثان فيها.
أراني معتذرا لحين. لا أحب ان تعاودني تلك الذكرى. أخاف هذه الأمكنة. أتحاشى المرور بجانبها. أخاف الدخول إليها. أخشى العقاقير التي توَزّع فيها. وصفاتها تشعرني أذى. تذكّرني بالنكبة.
ذلك الطريق الضيق لا يزال مزنّرا صدري. وهذا في ميسرته حتى اليوم قلبُ ولدٍ دون العاشرة. ( قلت بعض المنتديات. وبعض المواضيع. لا أحب ان أعمم. لا أريد عداوات. ولو كان لي في هذه الأمكنة أيضا صدمات وصدمات – منها ما هو ناطق بالضاد – منها ما هو بلغات اخرى – . في هذه المصيبة يتساوى الجميع ) .
لا! ما كها تمارَسُ الأعمال…
ألمناسبة الثانية: إن وقعت في تجوالٍ مسائي على فضائية لبنانية تستضيف واحدا من أبطال الثامن، أو الرابع عشر من آذار. أو تستضيف اثنين في وقت واحد، شبلاً من هنا وشبلاً من هناك. أو تستضيف واحدا من سعادين المستقلين ( جددا وقدامى ).
لا! ما كها تبنى الأوطان…
هنا أيضا يتحوّل الصندوق الأسود المواجه لي إلى سور من قضبان حديد. أرى من خلاله تلك الأيدي الممتدة. تظهرُ أمامي تلك الأفواه المقلوبة. وتقفز إلى الشاشة تلك الأنوف المعكوفة. والأشرّ من كل هذا. تلك الألسنة التي تريد التنظير بالسياسة فتطلق صيحاتٍ، طالما جهدت في فهم شيء منها، فما استطعت.
وقانا الله شر العثرات…

المراسلة على:

khibrat-omr@boursa.info



( 3 ) مَن يصدّق مَنْ ؟ اذا خليتْ فنيتْ …ا

أكثرت في مقالَيّ الأخيرين من الشكوك، واستفضت في الإتهامات، ما سمح لبعض من معارفي بتوجيه اللوم لي على مواقف تزرع الخوف في النفوس، وتحفّز على الإحجام، عوض ان توطد الثقة في الرؤوس وتدفع الى الإقدام.
قلت في مقال سابق معظمنا يقيمون الآن في قباحات جارحة .. هم يعرفون بشاعاتِهم ويحاولون إخفاءَها .. هي جليّة وصارت تتآكلهم .. هم اعتادوا عليها .. ألِفوا نتانتها .. صارت هي هم .. وصاروا هم هي ..

ألكذبُ كثير… لا يعوز أحدا ذكاءٌ خارق أو تحليلٌ علمي ليلحظ أن الكذبَ كثير ….في السوق كذب كثير وكذابون كثر . أنا أعرف بعضا منهم، وأتحسس وجودهم جميعا.

لامني بعضُ معارفي، وأيدهم في ذلك بعضُ أصدقائي، ومنهم من دعاني بصدق الى تليين موقفي وتعديل أحكامي على من في السوق من بني أمتي، حجّتهم في ذلك أن السوق سوق، وأنه في بلاد الغرب لا يختلف كثيرا عما هو عليه في بلادنا.
أتقبل لومَ أصحابي وأشكرهم عليه.
أتقبله وأقول لهم ألا يخطئوا مرتين، وألا يظلموني مرتين. مرة عندما يعتبرون القسوة في إرادة التقويم وتصويب المسارخطأ، ومرة عندما يعتبرون تقليد أهل الغرب في الخطأ صوابا.
أنا أعرف كلّ المعرفة أن أهل الغرب نجحوا في جعلنا نحن تباعا لهم في ميادين كثيرة، ومقلدين لهم في مذاهب غزيرة. أعرف أيضا أننا مضطرون لذلك في كثير من الأحيان من أجل الإطلاع على الجهة التي تهبّ منها الريح، وعلى الوجهة التي تأخذنا فيها. أعرف أيضا أن الإستعماء وبالٌ والتبصر نعمة.
أنا أعرف أن في سوق الغربيين الكثير من المَكر – بل المَكر ذاته -. أعرف ان في سوقهم الكثير من الكذب – بل الكذب نفسه – . أنا أعرف ذلك وأقتنع به. ما أعرفه ولا اقتنع به هو أن وجود المَكر والكذب والخداع والغشّ هناك، هو مبرر كافٍ لتشريع وجوده هنا، عندنا، بيننا، وفي تعاملنا مع بعضنا.
نحن يجب ان نكون مختلفين عما هم فيه، حين يتعلق الأمر بالخطأ أو بالخطيئة أو بالضلال أو بغيرها من الآفات المُنكَرات. نحن يجب ان نكون مستحقين لما نحن عليه، وغير متنكرين لما وُهبناه.
بعد تفكري في انتقادات أصحابي، وفي محاولات بعضهم ثنيي عن خطي، ازددت تشبثا بروح الحق، وعشقا لنبض الحقيقة، ورغبة في البحث عن الكمال – حتى ولو في عالم الخيال – .
لربما كنت في مقالات سابقة لي شديد القسوة على البعض، ولكنني كنت شديد الشفقة على البعض أيضا. لربما كانت شفقتي على فئة هي ما أوقد فيّ نارَ الغضب، فجعلتني ثائرا في وجه كلّ مدّعٍ لا أرى في فيه سوى سمات الاستغلال والوصولية السريعة.
والآن بعد تفكري بما كتبت، وبعد تفحّصي لما سردت، أقف متأملا في مثلٍ يردده كثيرا أهلُ الريف فيقولون : إذا خليت فنيت.
نعم أعرف أن في السوق خبثاء محتالين نصّابين صانعي فخوخ وصالين لها. أعرف ذلك، ولكني أقرّ أن فيه شرفاء عصاميين ناصحين معلمين روّادا. أنا ما أنكرت وجودهم يوما، ولا نسيت فضلهم حينا، بل ثمّنت تضحياتهم أبدا، وانحنيت أمامهم دوما.
هؤلاء قد يخطئون حينا في نصيحة، ولكنهم لا يتعمّدون الخطأ في النصح من أجل مصلحة وغاية. هؤلاء قد يضيّعون أحيانا بعضا من مال ائتمِنوا عليه، ولكنهم لا يفعلون ذلك عن جهل وهوس .
هؤلاء صادقون حتى ولو أخطأوا. إذا خليت منهم فنيت.
أولئك مجرمون ولو صدقوا. إذا خليت منهم طهُرَت.
وكل عام وانتم بالف خير ….
وللكلام صلة…

( 2 ) مَن يصدّ ق مَن ؟ سلعة فاسدة في تجارة رائجة

أنا لست ضد أن يتولى أحدُنا إدارة حساب أحدِنا. أنا لست ضد أن يعطي أحدُنا رأيا عبر توصية أو اقتراح عمل لأحدِنا، ولكن  …
أنا لست ضد أن بتوزع المسؤولية شخصان، مالك المعرفة ومالك القدرة … لعل في الامر هذا افادة وايجابية.. مالك المعرفة يحلل ويرشد، ومالك القدرة ينفذ ويتابع.. ولكن …
أنا احاول ألا أكون جارحا في انتقادي، وعدم الاستشاطة غضبا أمام تجاوزات تحدث في عمل قد يكون لبعض جنباته إفادة غير منكورة، ولكن الحقيقة يجب أن تقال : هناك من يعتاش على تقديم توصيات يوهم الناس انها ستحولهم بين يوم وآخر الى أثرياء كبار؛ وهناك من يدفع ثمنا باهظا من ماله نتيجة عجزه عن تنفيذ شيئا مفيدا.
أنا لست ضد مبدأ تقديم المساعدة لمبتدئ طري العود، وتوفير الدعم له ليقوى على تحقيق خطواته الاولى… أنا ضد أن نستغل ضعف هذا الوافد الجديد فنتحين فرصة جهله للاستفادة منه وسلب ما في حوزته من مال.
هذه الخواطر تفرض بعضا من التساؤلات:
اذا كان الفشل في السوق يعود بالدرجة الاولى الى الانفعالات النفسية التي تترجم خوفا او طمعا، وتسلب العامل القدرة على تحقيق الهدف ، فهل مقدم التوصيات – ان أحس بالمسؤولية – تنتفي عنه هذه المؤثرات ويتحرر من هذه الانفعالات؟
المعوق الأساسي أمام كل مبتدئ هو الطمع بتحقيق الربح، أما من مصلحة لمقدم التوصيات بتحقيق النقاط ؟ ألا يعيدنا هذا الى نقطة البداية ؟
هل تحرره من الانفعالات يعني قدرة وصلابة ؟ أم أيضا عدم احساس بجسامة المسؤولية ؟
ألا يشعر معطي التوصية في وقت حرج بكونه ليس هو من يخسر ؟ أليس هذا الأمر بداية الإعتراف بانعدام المسؤولية ؟
التحرر من عاملي الخوف والطمع ممكن فقط عند التحرر من عامل المسؤولية عن الخسارة. هنا يمكن الوقوع في مطبات المخاطرات غير المحسوبة، فيكون البيع والشراء مزاجيا، وأحيانا غير مبرر منطقيا . قد يحقق هذا العمل ربحا ولكنه ربح الصدفة طبعا..
هل من يعطي التوصيات لغيره يستطيع التأكيد بان كل حالة من حالات السوق كانت مدروسة بالشكل الذي كانت لتكون عليه فيما لو انه يعمل بها هو شخصيا ؟
هل كل مقدمي التوصيات يعملون بتوصياتهم بأمانة تامة كما يقدمونها ؟ وان كان جوابهم بنعم، فهل يمكنهم ذلك فعلا ؟
فلنتمهل هنا ولنكن قليلي الخبث، كثيري المصداقية .
نأتي الى جانب آخر من الموضوع : لماذا يصير الانسان بائع توصيات ؟
– قد يصيرأحدنا بائع توصيات لأنه يملك المعرفة ( المعلومات ) ولا يملك الوسيلة ( المال ). هذا أمر غير منكور ..
– قد يصيرالواحد بائع توصيات لأنه يملك المعرفة والوسيلة ولكنه لا يملك الجرأة على تعريض ماله للخطر.. هذا أمر عليه تحفظ كبير.. إن خاف واحدنا من تعريض ماله للخطرفي توصيات يثق بها، فلماذا لا يخاف من تعريض أموال غيره ؟ ببساطة لأن أموال غيره ليست له .
– قد يصيره لأنه لا يملك المعرفة ولا يملك الوسيلة . هو يريد ان يتمرن ويجرب ويتسلى ويتحلى . ويجد دوما على المنتديات من يصغي له..
أرى ان القبول بمبدأ إعطاء التوصيات يصير أكثر شفافية ان كانت مجانية. هنا ننعتق من الكثير من مخاطر المصلحة الشخصية ونتحرر من روابطها. يمكن القبول بمبدأ التوصيات ايضا بصورة اقتراحات عمل قابلة للدرس من ناحية المتلقي فيزنها ويسترشد بها، فيأخذ منها ما يتناسب مع مبادئه ويترك ما يناقضها . بهذه الحالة تكون عامل تشجيع وتحفيزعلى تنفيذ عملية وليس عامل استعماء.
أرى ايضا ان التوصيات تصير أكثر مصداقية وأقرب الى الواقعية في حال نفذ المقدم لها كل توصية على حسابه الخاص فلا تكون كلاما بكلام. هكذا نقترب أكثر من الواقع ونقلل المخاطر والمطبات.
نأتي الان الى متلقي التوصيات. هل هو الطرف المنزه عن اي انفعال، والقادر على تنفيذ كل ما يُقال له دون تغيير أو تعديل؟
أشك في ذلك شكا عميقا. الماضي أثبت أن هذا الأمر مستحيل، والمتلقي شريك كبير في إفشال عملية تقديم التوصيات وإنجاحها. إن نجح المقدم في التخلص من المؤثرات النفسية فلن ينجو منها المتلقي حتما.
حتى ولو تمّم المعطي كل الشروط  الوظيفية والمعرفية ووفى بكل الواجبات المعنوية والاخلاقية  فان المتلقي لن يستطيع التحرر من المؤثرات الخارجة عن إرادته لألف سبب وسبب.
وأكاد أسمع من يسألني : إن كان هذا ما تراه، فما الحل برأيك؟
للبحث صلة…

( 1 ) ! مَن يصدّ ق مَن ؟ في الفوارق بين تحقيق الربح واقتناء المال

حق لي أن أكون حزينا، لأن السوق الذي كان، ولا يزال، عالمي وكَوني ودُنياي هو أجمل من العاملين فيه. وددت يوما ان يكون العاملون أجمل من السوق، أو أن يحاكوا جماله، واشتهيت ذلك بعمق، وسعيت بكل إمكاناتي لأحقق – او أساهم بمقدار – في تحقيق ذلك، فلم أبلغ مرادي – وقد أكون حققت جزءا مما هدفت إليه – ، ولكن الحق يقال: لا يزال السوق أجملَ من العاملين فيه!
أخذت اليوم قلمي وعدت الى دفاتري، لا لأبديَ حزنا لا يهمّ أحدا، أو أوزعَ يأسا لا أشتهيه لأحد، ولكن لأدعوَ أبناء هذه المهنة إلى إن يتحسّسوا نبض العظمة.
أنا أدعوهم لإن يكونوا عظاما . . .
أخاف بين الحين والحين من صمت كذاب، فأعود الى الحقيقة وأنصّب نفسي خادما لها. خدمة الحقيقة واجب علينا جميعا، وبهذا فقط يمكن أن تستقيمَ الأمور التي فسدت وأفسدت. من ناحيتي أجد نفسي متعَبا من الكثيرين، ويجب علي أن أستمرّ بالكلام، حتى لا أموت.
السوق جميلٌ جدا، نجد في عمقه دوما ما يصحّ تشبيهه بالدرّ. هو يجب أن يبقى نظيفا. علينا، نحن رواده، أن نحافظ على نظافته ولو بصورة نسبية. إن فعلنا يبقى هو عالمنا الذي نستحق، وإن تجاهلنا يصير مَكَباً لقذارات ومَنبتاً لموبقات.
ألسوق أيها الأخوة هو أنتم .. هو نحن .. رجائي أن يصير أبهى مما هو عليه الآن .. حتى يصير كذلك، يجب أن نصير نحن أبهى مما نحن عليه الآن .. معظمنا يقيمون الآن في قباحات جارحة .. هم يعرفون بشاعاتِهم ويحاولون إخفاءَها .. هي جليّة وصارت تتآكلهم .. هم اعتادوا عليها .. ألِفوا نتانتها .. صارت هي هم .. وصاروا هم هي ..
ألكذبُ كثير… لا يعوز أحدا ذكاءٌ خارق أو تحليلٌ علمي ليلحظ أن الكذبَ كثير ….
ألسوق جميل فيجب أن نكون نحن – نحن جميعا – مقدّرين لجماله، عاملين على حراسته، وعلى حمايته، فيضاهي جمالنا جماله، ونبقى مستحقين له.
في السوق كذب كثير وكذابون كثر . أنا أعرف بعضا منهم، وأتحسس وجودهم جميعا.
ألكذب طمع ورغبة . نكذب في مجتمعاتنا المسكينة كثيرا لكي نؤمّن ربحا قليلا. نكذب ونعتبر أنفسنا أبطالا، لأننا اتقنا فنّ الكذب، ودرّ علينا مالا. نختلق أساليبَ وبدعا في الكذب فنغتبط بها ونهنئ أنفسنا عليها – وأحيانا لا نستحيي من تهنئة بعضنا أيضا – .
ألكذب طمع، فكيف إبعاد الطمع الرخيص عن النفس لتعود هي راسخة في الحق متلألئة عظيمة؟
ألكذب طمع، إبعاده عن النفس يُعيد الإنسان الى التشبث بقناعته إنه عظيم، بل إنه جبّار، كامل القوة. هنا تأتيه الشجاعة ليواجه الصعاب، فينجح.
ليس فقط لينجحَ، بل ليقتحمَ المستحيل، فتبدوَ أمامه المعجزات، وهي صنع يديه . هنا فقط يكفّ عن التقزم أمام العظماء، فيصدّق أن بمقدوره، هو أيضا، أن يكون عظيما. ويصير فعلا هو أيضا عظيما.
إقتحام المستحيل ! – أي تحقيق الربح –  يا لعظمة هذا الموقف ! يا لسهولته ! فقط عندما تتطهر النفس وينقى الوجدان. هنا ترتسم خارطة الطريق من ذاتها، فيكون واقعا ملموسا ما كان منذ أيام ضربا من المستحيل.
يصير الواحد منا عظيما إن حقق رغبته التي دخل هذا السوق من أجل تحقيقها. رغبته هي رغبة المجموعة كلّها. رغبتهم جميعا تحقيق ربح.
في اللحظة التي يتحوّل فيها هدفٌ اسمُه تحقيق الربح، إلى هدفٍ اسمُه اقتناء المال، تتحول العظمة إلى قزمة.
ألحصول على المال بالسبل السهلة نادرا ما يكون في هذا السوق إلا بالنصب، والنصب كذب ..
ألحصول على المال بالسبل القاسية يكون دوما بتحقيق الربح، وهو لا يكون إلا بالعظمة، والعظمة بهاء ..
يكون الواحد تاجرا مبتدئا، يسعى إلى تحقيق الربح ويتعجل في ذلك .. يجهد إلى ذلك .. يتهيب الموقف .. تستهويه سبلٌ أخرى ..  يتدرج فيصير سمسارا لشيء ما، أو بياعا لتوصيات ( يقول إنها مضمونة )، وقد تحمله سخرية القدر أحيانا لأن يتحول الى مدير لحسابات .. يتخلى عن هدفه الأول .. يستسهل سبلا مبتكرة لاقتناء المال .. يعيش على هامش الحق والشرف والصدق والشهامة ..
كان هدفه تحقيق الربح. تخلى عنه عند أول عثرة. صار همّه اقتناء المال .
هكذا بكل بساطة، وبسخرية فاقعة، وبكلمتين اثنتين: صار فلان مدير حسابات، وما أدراك ما مدير الحسابات !!
هذه أعلى درجة في سلم المسؤولية .. هنا أرقى درجات النظافة والبهاء .. لا تستخفوا بالأمور يا إخواني ..
أنا لست ضد أن يتولى أحدُنا إدارة حساب أحدِنا. أنا لست ضد أن يعطي أحدُنا رأيا عبر توصية أو اقتراح عمل لأحدِنا، ولكن  ……………..
للبحث صلة…
للتواصل مع صاحب المقال :  khibrat-omr@boursa.info

يا أصحاب التوصيات . . تمهلوا

**** هذه الاسطر تشكل صرخة من القلب وردتنا من شخص يعترض على واقع مرير لا يراه مجديا. ننشر هذه الكلمة كما وردتنا راجين تعميم الافادة من تجربة لم ترَ في بيع التوصيات الا تجارة قد تفيد ممتهنها مرحليا ولكنها لا تحقق نتيجة تذكر بالنسبة لمن يبحث عن الربح.

———————————

يا أصحاب التوصيات . . تمهلوا . .

أصحاب التوصيات كثرٌ … بل قد يكونون أكثر مما تتصور . . إنهم موجودون في كل مكان  . . في كل موقع ومنتدى ومحفل يجمع المبتدئ كما الخبير . . مدججين بالأكاذيب والأقاويل التي تدغدغ مشاعر الضعفاء والمبتدئين . .

” لقد اكتشفت المفتاح السحري” .. “لقد اكتشفت ترياق الخسائر وإكسير الأرباح الأبدية” . .” لقد اكتشفت طريقة لن أفصح لكم بها ! لكن سوف أفصح عن توصياتها ونتائجها العمياء لتتبوعها” . .

هكذا يستمرون بتغذية مشاعر الضعف والجهل لدى متبعيها حتى يتسنى لهم توجيههم كما يشاؤون و يريدون. أن يكتسبوا الشهرة والثقة ليستغلوا الضعفاء نحو نتائج لا تحمد عقباها . .

لكن مهلاً . . تمهلوا يا أصحاب التوصيات !!! هل اكتشفت أكسير الحياة ومفتاح النجاح الأبدي ؟؟؟ إذن لماذا لا تحتفظ به لنفسك وتجني الملايين ؟ لا بل المليارات من وراءها ؟؟ ما دام أنك اكتشفت طريقة الربح الدائم ؟ فلماذا لا تحتفظ بها لنفسك؟ وتصنع بها ثروة طائلة ؟ أم أنك تريد أن تخدع بها ثلة من المبتدئين الضعفاء ذوي العهد الحديث بهذا السوق ؟ أم أنك تريد الشهرة والصيت وما هو أبعد من ذلك ؟ هل تريد أن تثبت أنك ناجح بعد أن كسرتك ضربات الفشل ودمرت نفسيتك المتعبة لتحاول أن تثبت بأنك ناجح ومتمكن من خلال التوصيات ؟؟

وأنت يا متبع التوصية العمياء : لماذا لا تتعلم بنفسك وتتعلم أن تجني رزقك بعرق جبينك فيطيب لك حصاده وقطفه . . لا أن تجني جهد الآخرين وتآكل من عرقهم . . لماذا لا تتعلم بنفسك .. فتكبر بنظر نفسك كما بنظر الآخرون . . لماذا لا تكدح وتقرأ وتتعلم وتستكشف وتحاول … وبعدها تكلم بما يطيب لك به … لا أن تعمل متكلاً وخانعاً لغيرك . .

متى أخرج ؟ متى أدخل الصفقة ؟ ماذا أفعل الآن ؟ هل أشتري ؟ هل أبيع ؟ هل أنتظر أم أكتفي بالربح الحالي ؟؟ هل أكتفي بخسارة معينة أم أصبر ؟؟؟

لا يا أخي تمهل قليلاً ! بل توقف نهائياً للحظة . . هو ليس صحيحاً ولا قويماً أصلاً. بل هو ليس مقبولاً !!  تعلم يا أخي .. أقرأ .. أجتهد . . أسأل . . وسوف تنجح . . بما أنك متبع لهذه التوصيات المعلبة والمجردة . . فأنت مما لا شك فيه بأنك تسير بقدميك  إلى تصفير حسابك . . انت في عملك . . في دراستك . . في أي مجال تبذل مجهوداً فيه … هل تحبذ أن يعمل شخص آخر عنك وأنت تجني جهده وعرقه . . لا أظن بأنك مقتنع بهذا المبدأ … لذا فهذا المضمار هو نفسه هنا . . لم يختلف عنه بشيء . . إن تسعى . . تنجح . . وإن تجتهد تتقدم . . وإن تقرأ وتتميز وتتمحص تتميز . . بالنهاية لا بد من أن تضع هذا المثل نصب عينيك حتى لا تتوه عن طريق الصواب . . ” لا تحسب المجد تمراً أنت آكله … لن تحصد المجد حتى تلعق الصبرا “.

هل قرأت جيداً . . المجد . . إذن هو المجد. ولن تحصله إلا بتعبك وجهدك وهو كما شبهه الشاعر بـ ” الصبر “

نعم  . . هي نتيجة منطقية . . من جد وجد ومن سار على الدرب وصل . .

متهمون بالتحايل، دافعوا عن أنفسكم…ا

متهمون بالتحايل، دافعوا عن أنفسكم…
عندما يتعلق الأمر بالحقيقة، فأنا أحب أن أعريَها. عِري الحقيقة شرف، بخلاف كلّ عري آخر قد يكون مَجلبا للعار.
ترامى إلى مِسمعي منذ فترة نبأ عروض تطرح في السوق إغراء للوافدين الجدد الى الفوركس وجذبا لهم. العروض تهدف الى إقناع الراغبين بالعمل في السوق بفتح حساب بأية وسيلة – حتى على حساب شرف المهنة الذي من المفترض أن يبقى مصانا – .
العرض يقول: إفتح حسابا ب100 دولار وستجد فيه مئتين من الدولارات الخضراء …
ماذا يعني هذا الأمر؟
من أين ستأتي المئة دولار الأخرى؟ ومن ذا الذي يهبها للعميل المفخخة دربُه؟ لماذا هذا الإغراء المشبوه، وهل إن طريقة التسويق لأية سلعة عادية تنطبق على البورصة أيضا؟
كثُرت الأسئلة والجواب واحدٌ.
هذه العملية مبعثٌ لرائحة تزكم الأنوف. إنها نتنة نتنة، بل تكاد أن تحتكر نتانة لا مثيل لها…
سألني أحد الأخوة عن رأيي في هذا الأمر مرة. إعتذرت عن الرد الصريح، لان ردي لن يكون الا تشهيرا مؤذيا، وموقفي لن يكون إلا رفضا قاطعا لمثل هذه التصرفات.
هنا تعود بي الذكرى الى ما يزيد عن السنتين أو يقلّ عنهما بقليل. حينها كتبت  مقالة عنونتها ” حصبة الفوركس ” وأبديت فيها خشيتي من أن تصل الأمور بمسوقي الفوركس الى حد بيعه على طبق، وبواسطة بائعين جوّالين يدورون في الأزقة منادين على بضاعة كسدت عندهم، أو هي كادت…
اليوم أراني وقد بلغنا هذا الدرك المنحدر الذي خشيته ونبّهت منه، أراني مضطرا للتفكر والتحليل والتنبيه والشرح والتعرية من جديد. إنه لمن الصعب الإقناع بأن الهدف شريف ومصلحة العميل مصانة، مهما تمّ توسيع الرداء الذي يغطون به الواقع ويموهونه…
أخي القارئ.
يجب عليك أن تعرف حقيقة أساسية لا يتقدمها شيْ بالأهمية. الحقيقة هي أن العمل بالفوركس ممكن وتحقيق الربح ميسور، لكن بعد جهد يكون للتمرن، وبعد سعي يكون للتدرب، وبعد صبر يكون للتعلم. إن تحقيق الربح يكون ميسورا بعد فترة الدربة وهو صعب – بل صعب جدا – في مرحلة التدرب والتعلم.
أخي القارئ.
الحقيقة هذه توضح السر الذي يسمح لكل شركة تعرض عليك العمل معها بالفوركس أن تقول لك افتح حسابا بمئة أو مئتين أو خمس مئة دولار وستجد في حسابك مبلغا مضاعفا عن المبلغ الذي أودعته. الحقيقة هذه توضح كل شيء، فلعلك – أخي القارئ – أدركت مرمى الحديث وأبعاد اللعبة المشبوهة!
أخي القارئ.
أنا أذهب الى أبعد مما ذهب اليه البعض. لو ارتضيت لنفسي أن أكون مسوقا للفوركس ( وما أشد رفضي لهذا السلوك)، لو كنت كذلك لقلت لك : إفتح حسابا إسميا معي،  وستجد فيه خمسمئة عند فتحه، أو حتى الفا من الدولارات. أي انني أودع لك في حسابك من جيبي ألمبلغ كله وستكون حلالا زلالا لك.
هل تكون فعلا حلالا زلالا لك؟
بالطبع لا فاللعبة مكشوفة والهدف مشبوه والوسيلة مُتسخة.
أخي القارئ.
إن الذي يقول لك إفتح حسابا بمئتي دولار وستجد فيه مئة إضافية إنما هو يجذبك جذبا ويشدك شدا إلى عمل لم تبلغ حدّ النضج فيه بعد ليكون عملك. هو يجذبك الى هذا العمل عارفا وواثقا بانه سيسترد المئة دولار التي منحك إياها، وسيسلبك أيضا المئتي دولار التي دفعتها انت.
أخي القارئ.
دأبنا في بورصة إنفو منذ أول عهدنا بالسوق على التنوير والتوضيح ، ولا زال هذا في المرتبة الأولى بين سلسلة أهدافنا.
إن المبلغ الاول الذي تودعه في حساب للعمل في الفوركس سيكون ثمنا للتدرب والتعلم كخميرة صغيرة تثمر وتنبت لك أرباحا كثيرة.
الأرباح ستكون في أول عهدك دربة وتعلما، إلى ان يشتد مراسك ويصلب عودك فتستطيعَ حينها المقارعة وتحقيق الربح.
قد تحتاج الى إيداع مئتي دولار بعد مئتين وبعد مئتين ( وقد تكون بعد ألفين وبعد ألفين )  حتى تتمكن من تثبيت قدميك وبلوغ مرحلة الإنتاج…
إن من يعطيك مئة أو مئتي دولار زيادة على المئتين التي دفعتها إنت إنما يمارس عليك لعبة مكشوفة . هو يعطيك بيده اليسرى  ليسترد بيده اليمنى ما إعطاك  وما أودعت، خلال يومين أو ثلاثة .
أخي القارئ.
إذا كنت واعيا لهذه الحقيقة، وشئت الدخول في تجربة بحثا عن متعة بيع وشراء بعض العمليات فهذا شأنك ولن أسعى الى إدانتك. أما إن كنت داخلا ومصدقا بأن المئة دولار الموهوبة – إو حتى الالف أو الألفي دولار الموهوبة – هي فعلا لك، فأنا أدعوك للتفكر والتبصر وإعادة الحسابات.
كنت لأقبل بهذه الوسيلة من التسويق المشبوه لو أن صاحبها كلّف نفسه مشقة التنوير والتوضيح، فزاد عبارة صغيرة على عرضه المُفخخ . كنت لأقبل بها لو أن الإعلان جاء على النحو التالي : أودع معنا مئتي دولار وسنهبك نحن مئة إضافية، ولكن إنتبه فإن الخطر بخسارة المئات الثلاث كبير جدا جدا في بداية عهدك بالفوركس.
أما وقد تعمّد أصحاب الإعلان الجذب والإغراء والتعتيم، فلا أملك سوى أن أقول:
**  لا أرمي لتكوين جبهة اعتراض واسعة. أبغي استدراج الجميع الى ساحة الشرف الفسيحة. هي شديدة الإتساع ومن المفترض أن تكون قادرة على استيعاب الجميع.
**  مُطالبون بحسن قراءة الرسالة التي توجهها كل يوم دموع وجراح العديد من الوافدين على السوق ممن تنقصهم التجربة اللازمة.
**  مُتهمون بالتحايل – حتى لا يكون سهمي أكثر إيلاما فأقول الإحتيال – ، دافعوا عن أنفسكم !
لو استطعتم الى ذلك سبيلا!
للتواصل مع كاتب المقال:

برابرة يعبرون السوق، أبطالٌ نستوطن فيه (4)ا

برابرة يعبرون السوق، أبطالٌ نستوطن فيه (4)

أخنق البربريّ الذي يتغذى من دمك، ترقَ درجة في سلّم البطولة!

لعلّ هذه الوسيلة هي الأجدى والأرقى. البطولة تبدأ في النقطة التي تنتهي عندها البربرية. أخنق ذلك المخلوقَ الكريهَ الذي ينمو فيك، أقتله دونما رحمةٍ أو شفقة. إن القتل على بشاعته يبقى أملَُك الأوحد بالارتقاء في بدايات سلّم البطولة الذي يودي بك في النهاية الى تحقيق الربح والفوز بالنجاح.
أعرف الكثير من المتحمسين – ومن مختلف الاعمار والأجناس – الذين دخلوا معنا في تجارة مشمرين عن سواعدهم، مستعدين لقهر الصعاب وتحقيق المعجزات. خاضوا المعاركَ على طريقة “جنكيز خان”، ناضلوا واستبسلوا، تحملوا ألم الجراح وما اشتكوا في أول عهدهم. ناؤوا تحت أحمالِهم في أواخر عهدِهم، ذابت حساباتهم وذابوا معها. دخلوا الى السوق برابرة، وخرجوا منه كما دخلوا. نُصحوا فما انتصحوا، ولو فعلوا لكان أمرهم على غير مما هو عليه.
أعرف الكثيرين من هؤلاء، وأرثي لما آلت اليه حالهُم. ودِدت لو أن بعضَهم – من الذين ربطتني بهم مشاعرُ الودّ فانقطعوا، عن ندمِ أو عن خجلِ مما اقترفت أيديهم – ، يُعيدون ربط َما انقطع فنواسي ونطمئنّ.
هؤلاء كلّهم رفضوا إلا أن يكونوا برابرة في تعاملهم مع السوق، همجا في ممارسة عملٍ يستوجبُ رقّة ورهافة. هؤلاء كلّهم استسهلوا درب البطولة، فخرجوا من الحلبة مخذولين، ومن المجمع مطرودين.
أقتل البربريّ الذي يعيش في ذاتك قتلا، أخنقه خنقا، إطعنه طعنا، أبقر بطنه وتلذذ بالتشنيع به. إيّاك أن تكون معه رحوما. ثقْ إنه سيبادر الى فعل كلّ ذلك بك، إن لم تكن سباقا.
أقتله ولا تظنّنّ أنه ميت إذا استموت. أقتله كلّ يومٍ ، في كلّ صباحٍٍ وكلّ ظهرٍ وكلّ عصرٍ، وعند كلّ مساء.
أقتله وهاك الوسيلة والأداة!
أقتل الإستكبار فيك وامنعه من بلوغ حد التكذيب على النفس، والإبتزاز الصّفق للذات. هذا يلجأ اليه الفاشلُ في كل مرة يحقق خسارة، تسلية لأنانيته وتبريرا لحماقات بربريّه الذي يتعايش معه ويربيه بين ضلوعه. إنه يفعل ذلك دغدغة لغرورِه واقناعا لمحيطِه بأنه بطلُ الابطال و ( ملك الملوك ) و (إمام الأئمة )، وما فشلُه هذه المرة (كما في المرات السابقة ) إلا صدفة مباغِتة وحظا عثيرا. أقتل الإستكبارَ تدنُ من البطولة.
لا تنزع الى الأحلام فهي من عالم الخيال، ولا مكان للخيال في عملنا هذا . أقتلْ الإغراق في الأحلام والإكثار منها تدنُ خطوة أخرى من عالم الأبطال وتقلّص نفوذ بربريّك فيك وتسلطه عليك. لا تكثرْ من الأحلام وإلا ستستيقظ قابضاً على الريح، فتنتقلَ من اللاشيء الى اللاشيء، وتبقى في الفراغ، ويبقى الربحُ والنجاحُ أمامك على الشاشة، في الرسم البيانيّ، دون أن يتحول الى حقيقة رقمية ملموسة في حسابك. كلّ هذا لكونك ائتمرت لبربريّك اللعين، وانطلقت من الحلم، وابتعدت عن الواقع. إنطلقت في عملك من رغبة في امتلاك أفخم القصور وأحدث السيارات. إنطلقت من كون الخمسة آلاف دولار ستكون في الشهر القادم عشرين ألفا وفي الشهر الذي يليه مئة الف  و و و …
كلّ الفاشلين الذين أصغوا الى بربريتهم ولم يتحرروا منها سلكوا هذا الدرب الخياليّ الجامح. كلّهم خُيّل إليهم في فترةٍ أنهم امتلكوا الثروات بومضة بصر. كلّهم تكشفت لهم الحقائق، فإذا هي أحلام بإحلام . كلّهم شكّوا بالوجود ورأوه عدما وعاشوا الصدمة. كلّهم عَبَروا من الفشل الأول الى الفشل الثاني، وصار الفشلُ عالمَهم المتكامل . كلّهم انجرّوا الى الخيبة انجرارا، واجترّوا المرارة اجترارا. ألخيبة ليس لها كيان، هي العدم، هي النهاية.
أقتل البربريّ في ذاتك توفرْ على نفسك التجارب الصعبة. أقتله يتعززْ أملُ فوزِك بالبطولة.
ألبربريّ الذي في داخلِك لا يمنعك من معرفة الطريق، ورسم الخطة التي تؤدي الى الربح. هو يمنعك من تنفيذ الخطة التي رسمت، وتحقيق النتيجة التي تمنيت. المشكلة أكبرُ بكثير من أن نعرفَ الطريق أو لا نعرف. المشكلة في القدرة على سلوك الطريق أو في عدم القدرة. ألبربريّ الذي في داخلك يجعلك تفتح العمليات حيث كان يجب أن تقفلها، ويجعلك تقفلها حيث كان يجب أن تفتحها.
هو يوسوس في أذنيك ليلا، ويوسوس في أذنيك نهارا أن أنت بطلُ الأبطال وملكُ الملوك، أقدِم وبإقدامك النجاح. هو لا يقول لك أبدا اعتدلْ، أو تعقلْ، أو تروّ، أو إقنعْ، أو تفكّرْ.
ألبطولة تكون بالإدراك أن هناك من قد يقهرُك في كل لحظة مهما بلغت من القوة والقدرة. مهما ترسّخت في الخبرة والعلم تكون بطلا إن تذكرت دوما أنك طفلٌ فيه. تذكّر دوما أن الملايين مرّوا على هذا الدرب. كلّهم اكتشفوا أسرارا ظنوها حكرا عليهم. معظمهم تحدثوا عن قبضهم على لغز ألغاز البورصة فما قبضوا إلا على الريح. بعضُهم – وبعضُهم فقط – عملوا على خلق البطل في نفوسهم، وخنق البربريّ في ذواتهم، فكان لهم ما رسموا، وهنيئا لهم بما كان.
ألبطولة ليست بتحقيق النصر ولا شيء غير النصر، وتحقيق الربح ولا شيء غير الربح. الخسارة جزء من العمل. ألبطولة ليست عدم الهزيمة بالمطلق ولكنها تحويل الهزيمة إلى أمثولة . ألهزيمة تحييك وتجعلك تولد من جديد. تكون بطلا ان تجدّدت بعد كلّ هزيمة.
ألبربريّ السّاكن في ذاتك يحول دونك ودون البطولة، هويقتل كلّ وعيِ فيك. أقتله تبدأ بسلوك الخط الصواب والمسلك السليم.
بربريّ أنت إن بحثت في السوق عن الإثارة. هل تريدُ إثارة؟ الكازينو أمامك. أسلك طريقه وتمتع إن شئت بأوحاله.
ألإثارة جَلدٌ للنفس . السوق لا يكون أبدا مُضجرا، هو يكون هادئا، وهنا فرصٌ هائلة ومريحة.. إن أحسست بالضجر فأنت تعِب مرهَق. لا تجلِد ذاتك، فجَلدُ الذات من أخصّ صفات البرابرة.
برابرة أم أبطال؟
هل البطولة أن تكون روبرت موغابي مثلا؟ أو جورج بوش السيء الذكر هو الآخر ؟ ( حتى نبقى على الحياد فلا نسيء لأحد من برابرة أمتنا الميامين، وما أكثرهم ).
ألاول لا يخشى شيئا، ولا يخشى أحدا. كلّهم رؤساء ولكن جبناء. هو وحده بطل ( هكذا يقول )، بلادُه لم تنجبْه! هو أنجبها! سيدافع عنها على طريقته، ولو هلك الجميع، ولو فرّ الجميع.
بطلٌ أم بربريٌ؟
ألثاني فشل وفشل وفشل… فشل واستمرّ بالفشل …فشل وادعى النجاح، الى حدّ صدق هو نفسه ما ادعاه…
بطلٌ أم بربريٌ؟
عمر المختار ( رجل ليبيا الكبير)  يعود الآن الى ذاكرتي ولا أعرف السبب. قد تكون المقارنة الفاقعة بين شهامته ونذالة بعض الممثلين الفاشلين على مسرح أمتنا. أو قد يكون الفارق الكبير بين تمدنه وبطولته من جهة وبربرية وبشاعة غيره ممن نعاصر.
برابرةٌ لا أمل بهم. لا تكنْ واحدا بينهم.
أبطالٌ كلّ الأملِ فيهم. كنْ واحدا منهم.
وأخيرا، في الأساس !

أنت هو المحور. تقرأ، تسأل، تسمع، كل هذا من القشور!
أنت هو المحور. لا تستجدي!
كل شيء يجب أن ينبعَ من داخلك، فتستوطنَ السوق ولا تمرّ فيه!

كل شيء يجب ان ينبعَ من داخلك، فتكونَ بطلا أو لا تكون!

شهداء السوق كُثر، أبطاله أيضا (3)ا

شهداء السوق كُثر، أبطاله أيضا (3)
ألبطولة أريدها لنفسي، ولكن ما السبيل؟
في تقديم لما أبغي إيراده من خواطرلا بدّ لي من الإعتراف أن اهتماماتي أقلّ بكثير من ان أعطي درسا في البطولة وقواعدها، وطموحاتي أضيق من أن أظهرَ نفسي واحدا من روادِها الكبار، وانشغالاتي أصغر من تقديم صورة المُنتدَب لمهمة إنقاذ مستعجلة . إنّ كلّ ما أبغيه من ملحوظاتي هو التنبيه الى أن السوق يحتاج دوما الى الدم ويبحث دوما عن الضحايا – هو لا يمانع في تسميتهم شهداء – . هو يحتاج اليهم حاجة السمك الى الماء ، لا يقوى ابدا على الاستمرار إن هم تمنعوا عنه.
هدفي أن أحذر وأنبه، ومن كان له في التنبيه درسٌ وفي التحذير موعظةٌ، فهنيئا له بما وجد.
شهداءُ السوق يسقطون كل يوم ، نصف البطولة ألا تكونَ واحدا منهم فتنجوَ، نصفها الآخر أن تتمّم بطولتك فتغنمَ .
ملاحظاتي التي أوردها كانت وليدة تأملات تحليلية غاص البحث فيها الى طبقات نواتية من التفكّر الواقعي تتبعا لعلاقة جوهرية بين البطولة والعمل الذي نحن بصدده، فإذا النتيجة واحدة في كل غوصة، ثابتة في كل جولة : تكون نصف بطلٍ إن أنت نجوتَ، وتكون بطلاً إن انت حققت ربحا.
إنه سوقٌ لذيذٌ، لكنه أكولٌ شرِه .
حذارِ من الغرور وادعاء الذكاء المفرط. هذا يوازي التهوّر –  بمفهومي لسير الأمور –  في أقاليم لغاباتها مجاهل لا يمكن لأحد استكشاف كلّ أسرارها، ولا يمكن لأحد تحاشي مخاطر كلّ ذئابها. ألإعتدال سيّد الأحكام والتواضع في الحكم على الذات ضرورة ماسة.
في حكمي على ما جرى في بلاد القوقاز، منذ فترة غير بعيدة، أرى أن روسيا كانت شرهة جدا، وجورجيا متهورة جدا. شراهة روسيا عادت عليها بلذة نصر ساحق، ولكنها أفقدتها استقرارا للروبل دام سنوات، فكان بدء انهيار، استتبعه انهيار حاد آخر في البورصة، جراء انسحاب رؤوس الامول الغربية – بحركة مبرمجة ومخططة أو غير مبرمجة وغير مخططة – . جورجيا كانت متهورة جدا، وكلنا يعرف ما تكبدته ثمنا لاختيارها منصة الشهادة شرفا تريد عدم تفويته على حاضرها قصد تكليل تاريخها به. في حكمي الشخصي على ما جرى أرى أن صفة البطولة لا تنطبق على احد من الطرفين، وهي لا تنطبق على كل من يتبع مثالهما إن كان مضاربا أو متاجرا أو مستثمرا في أسواق المال العالمية.
هو سوق لذيذ، لكنه شره . شراهته تنحسر وعدائيته تضمُر إن انت أحسنت التعايش معه – على الطريقة اللبنانية في التعايش مثلا – . تتحداه، تنعته بأقسى النعوت، تكون جاهزا للهروب، تهرب منه، يلحق بك، ترتد نحوه، تجد نفسك في حضرته، تلجأ اليه، تظن أنه بريء ساذج، يتكشّف لك لؤمه، تراوغ معه، تستسلم اليه، تحاول المهادنة وتبدأ نسج حميميّة لذيذة معه.
ألم أقل إنه سوق لذيذ ؟ الحميميّة معه أبهى مظاهر البطولة التي يمكن لإنسان أن يتحلى بها ويتباهى بامتلاكها . إنها حميمية لذيذة مع سوق لذيذ. هنيئا لمن نجحوا في نسج روابطها وتلذذوا بنِعَمِها. إنهم أبطالٌ حقيقيون.
إنه سوق لذيذ ولا أملَ لك معه طالما إن العداوة رابطك الوحيد به .
الحميميّة! الحميميّة! الحميميّة!
سرّ أسرار ! نور أنوار !
إنجحْ في نسج حميميّة بينك وبينه تبلغْ، تستشعرْ انه يناغشك، لا يؤذيك. يصفعُك أحيانا، ينبّهك الى حدودك، لا يؤلمك. الحميميّة التي نسجتها هي وراء هذا التحول السرّي وعلّة وجوده.
الحميميّة هذه تمتلك سحرا غير موصوف. تجعلك ذا ارادة واثقة. تجعل السوق لك مِطواعا.
الحميميّة هذه لو استطعت توطيد أواصرها معه (هو ذلك الجبّار العنيد)، فأنت قد حققت بطولة ما بعدها بطولة. وأنت قد بلغت طابق السهل الممتنع، حاوي زبدة الزبَد.
الحميميّة هذه إن نجحت في نسجها مع ذلك الجبار العنيد تؤمّن لنفسك السهولة في التعاطي. تحوّل السوق الى صفحة مقروءة بالغة الشفافية. تحوّل الخصم الى متعاون في حيلته مزاح وفي حليته وفاء.
أنا لا أنظّر في الماورائيات، ولا أنسج خيالا أو أحلاما بكلمات رنّانة مخادعة. ما أرمي اليه قد لا يبلغُ مداركَ أكثريةٍ من المطلعين عليه، ولكن الأقلية هي دوما النخبة، وهي منجم الأبطال. إليكم أتوجه، وأنتم من يعنيني نجاحهم في تحويل النظرية الى تطبيق ناجح.
انا لا أبالغ البتة إن قلت : لا يغيبنّ عن فكرك أبدا انه سوق لذيذ. أنسج معه حميميّة شفافة صادقة، تنجح في جعله مُهرَك الحنون.
أنت في قمة البطولة إن نجحت في جعل السوق مُهرك الحنون .
السوق في قمة النشوة إن نجح في جعلك فارسَه الحنون.
حقا انه يبحث دوما عن الشهداء ولا يعيش الا بدمائهم، ولكنه أيضا يبحث عن الأبطال، عن الفرسان، ولا يعيش إلا بعزائمهم.
السوق لذيذ، لذيذ، لذيذ. هو يطرب، ينتشي، كلما اكتشف فارسا بطلا، فتراه يحتفل به ويقدّمه.
مهمة على شيء من الصعوبة، لكنها ليست مستحيلة.
الفرسان الأبطال موجودون في السوق، هو لا يعيش بدونهم.
كن واحدا منهم.
يتبع.

بل بطلا أريد لك أن تكون (2)ا

بل بطلا أريد لك أن تكون  (2)

بل بطلا أريد لك أن تكون !

لم ترُق لي فلسفة صاحبي الجديدة ( أو ما ارتأى تسميته فلسفة )، وطال تفكّري  بالوسيلة التي يمكن ان تكون ناجعة لإقناعه بعدم صوابيتها، الى ان شاءت الصُدف أن أرقب على الشاشة مشهدا كان هو الملهم لجوابي، وكان منه الأمل بقوة الإقناع .
كان المشهد جزءا مقتطعا من قصة نضالٍ لبطل عربي مقدام ناضل ضد المستعمرين الايطاليين، وقاد مقاومة في وجههم أواسط القرن الماضي بهدف إجبارهم على الجلاء عن بلاده وتحقيق حلم تحريرها . كان اسم البطل عُمَر المختار، وكان اسم وطنه ليبيا.
كنت قد سمعت عن عمر المختار في ما مضى، ولكن معلوماتي بقيت في العموميات، إلى أن جاء اطلاعي على أيامه بتفاصيلها، وعلى نزالاته ببطولاتها، فعشت بالدقائق قوة ايمانه، وتابعت بالثواني شدة استبساله في سبيل قضيته التي قدمها وقدسها واستمر حاملا لواءها الى يوم الاستشهاد.
كان عمر المختار بطلا متميزا. تشبث بالخير. سعى من اجل الحق. قاوم الظلم. أحب العدل.. ولعل أبرز ما ميّزه إيمانه الراسخ بالنصر. ناضل من أجل بلوغه. تحدى الممتنع فحوله الى سهل. بلغ حدّ الإفلاس ( فقدان الرفاق ) أكثر من مرة. عاود الانتفاض والنهوض. أكمل الطريق في سبيل الهدف. بلغه، حتى ولو بعد تنفيذ الحكم فيه.
كان المختار شجاعا مقداما، وهذا أكثر ما يعنيني في سردي الآن، وهذا أكثر ما يمكن أن يفيدني في نقل الصورة التي أريدها. أستفيدُ منها وأفيد صاحبي وكل من تسوّل له نفسه الدخول الى ناد ينتسب اليه الكثيرون ولم يبقَ فيه سوى قلة !..
هم من يطيب لي تسميتهم الابطال.
آمن الرجل بقضية وحدد لنفسه هدفا . إختار درب البطولة لبلوغ الهدف وتحقيق المراد . حقّ اعتباره مثالا لكل ساعٍ الى نجاح . كل نصر يكون بالبطولة وبغيرها يستحيل أن يكون.
برع مخرج الفيلم في نقل الصورة الحقيقية للبطل الى الشاشة، وأكثر ما استوقفني من مشاهد البطولة تلك التي كانت تنقل المأزق الذي تعرض له البطل عندما وقع في كمين نصبه له المستعمرون الذين يطاردونه، فتخلص منه بتحركات تثير دهشة في النفس واعجابا في الوجدان.
بدا الرجل وكأن بينه وبين الرصاص وثيقة تفاهم، أو عقد اتفاق، بحيث ان اطلاق النار يصيب كل شيء حوله الا هو. كان يركض بطريقة مثيرة وكأنه ابتدعها، وطور وسائلها بشكل جعلها تلائم قامته العملاقة، ولا يمكن لسواه ان يقلده بها او يقتبسها منه. كان الرصاص ينطلق من بنادق كثيرة ومن نواحي عدة فيصيب الصخر وليس القامة، والشجر وليس الهامة، وكان للبطل أن يخرج من المأزق في هذه المرة ( كما في كل مرة ) بما لا يُذكر من الخسائر، وبما لا يُحصى من الأرباح .
حملني تفكري الى ساحة أخرى لا تقل دموية عن الساحات التي خاض فيها المختار معاركه. ساحات تجذبنا ، نحن معشر التجار، فإذا بنا نخوض فيها نزالات يومية ملأى بالتحديات، حُبلى بالصعوبات، في دروبها الكثير من المكائد، وفي دروسها ما لا يُحصى من الفوائد. منا من لا يخرج الا مثخنا بالجراح، ومنا من ينجو وفي جعبته كماً من الارباح المِلاح …
لَعمري، ما نجا من هذه المكائد إلا من استحق بجدارة ان يُسمى بطلا !..
سردت لصاحبي قصة المختار ، وجهدت – قدر المستطاع – في نقل مشهد الجنود المحتمين بالدروع والخوذ، مشهد العيون الكثيرة المتربصة برجل واحد، مشهد البنادق على الأكتاف جاهزة للإطباق على الضحية، ثم مشهد المختار يجري، متوكلا واثقا …..
سردت كل هذا لصاحبي ولم يفتني ان أذكّره بأمر طاب لنا التأكيد عليه في ما مضى. ذكّرته بالتقائنا على كون البطولة هي الشرط الاساسي الذي يجب ان يتوفر في كل من رغب العمل في هذا السوق، وعلى أن كل من آنس في نفسه بذرة منها فله ان ينميَها ويسهرَ على العناية بها، والا فمن الافضل له الا يتعب في البحث عما رُصد لغيره .
قلت لصاحبي: بطلا أريد لك أن تكون .. وبغير البطولة لن يكون انتصار في معركة ولا ربح في سوق ……. بطلا أريد لك أن تكون وإلا فان كمّاً يزيد على الف محلل تقني او اساسي، مضاف الى ألف ألف تحليل وتحليل ، لن يستطيعوا جميعا – ولو متحدين مع آلاف من الاخبار الحية، ومثلها من التوصيات المحبوكة بإحكام – أن ينتجوا لك شيئا.
إبحث عن فيلم عمر المختار. راقب شخصيته وحلّلها . قلّد كلّ تحركاته، او بتعبير أصحّ تقمّص أسلوبه في التفكير وطريقته في الحياة. قد يسعفك ذلك في تقليد الابطال، إن لم تلدك أمك لتكون بطلا.
أنت الذي بمقدورك أن تنتج .. أن تنجح .. أن تربح .. ولبلوغ كل هذا، لا مهرب من أن تكون بطلا – لا نشالا – .

 

نشالاً أريدُ أن أكونَ (1)ا

نشالاً أريدُ أن أكونَ  (1)
جمعتني به الصّدف، وكان قد باعد بيننا القدر. هو عندي في منزلة تعلو على الصحبة، ويطيب له أن يناديني بكلمة المانية تعني بالعربية صاحبي. جاريته بذلك وناديته بما يحب أن يناديني.
كنا في ما مضى قد تشاركنا في التجارة، فتساعدنا على المتاعب وتشاورنا في المصاعب. واجهنا المشاكل وفرحنا بالحلول. تحملنا مرارة الخسارة ونعمنا بحلاوة الربح، بعد أن توزعناه. بالتساوي.
باعدت الأيام بيني وبين السيد ” كلاوس ” ، فاستمر الواحد حافظا طيب الذكرى ومعللا النفس بلقاء جديد، في حين استمر الآخر حافظا طيب الذكرى ومؤملا النفس بشراكة جديدة. كانت الصّدف، وكان اللقاء، فإذا صاحبي متعبا، وكان في ملامحه حزنٌ جعلني أقدّر أن شؤون العمل على غير ما يسرّ النفس ويفرح الفؤاد. خشيت أن تكون تقلبات السوق الجنونية في الأشهر المنصرمة قد أصابت من صاحبي مقتلا، فسألت عن الأحوال. ما كان ” كلاوس ” بحاجة لأكثر من سؤال ليبوح بمكنون نفسه، فيزيح عنها ضيقا كان عليها ثقيلا. قال ما معناه : يا صاحبي طالت الأزمة وبلغت عمقا لم أخله لها. هي مرحلة صعبة تعدى السوق بتطيره وتقلبه كلّ حدود، الى أن صحّ وصفه بالجنون. حتى العملات التي كانت تتميز بالهدوء في حركتها والاعتدال في تطيرها بات العمل عليها متعِبا وباتت دروبها مزروعة بالألغام وأدراجها مليئة بالأفخاخ؛ تدخل اليها باغيا صيدا فلا تخرج إلا وقد أصابتك السهام وأثخنت نفسك الجراح.
قلت: ألهذا الحدّ متعبٌ أنت يا صاحبي؟
تابع ما مفاده: استراتيجية عملي التي اعتمدتها لسنوات عديدة وفرت لي نتائج جيدة، ولكني تأخرت في اكتشاف انها لم تعد صالحة في ظروف السوق المستجدة، فكانت النتيجة مؤلمة.
لم أعلّق. خشيت من كلمة أنطق بها، يكون وقعها صعبا ومفعولها زيادة في الإيلام.
تابع: ثقتي راسخة الآن ومعرفتي أكيدة بأن اسلوبا جديدا في العمل يجب ابتداعه، وفلسفة مختلفة في الأداء يجب ابتكارها. لقد قطعت شوطا بعيدا في هذا الإتجاه، ولم تبقَ لي سوى خطوات معدودات…
قلت: وهل تضنّ على صاحبك بعنوان فلسفتك الجديدة؟
قال: هي عبارة واحدة توجز كلّ ما تحتاج الى معرفته”. حتى تحقق ربحا في مرحلة صعبة وسوق غدّارٍ ، يجب أن تكون نشالاً “.
عهدت صاحبي رجل فكر ومبدأ. عرفته ذهنا صافيا مخططا مبرمجا ومؤمنا بقدرة العقل، مقدما اياه على كل ما سواه. استغربت اسلوبه الجديد في التفكير. قلت : نشالا ؟ أنت ؟
قال: أنا.. نعم.. نشالا.. وإلا فالخسارة مصيري ثانية، والافلاس قدري أخيرا. لقد دربت يُمناي على حركة استعرت سرعتها من البرق، بحيث انها لا تكاد تبلغ جيب غريمي ( السوق ) حتى تخرج منه ممسكة بغنيمة، أية غنيمة. لا يهمني ما يعلق بين أصابعي من قطع نقد صغيرة أو كبيرة، كلّ ما يهمّني أن يعلق بينها شيئ فلا تقع على جيب فارغ. ثم إني دربت ساقاي على الجري أولا، فالركض السريع ثانيا. الهربُ شرط أساسي من شروط فلسفتي، ولا بدّ من إتقانه لإنجاح عملية النشل. ثق يا صاحبي ان تحقيقي الربح وتعويضي الخسارة رهن بنجاحي في أن أكون نشالا. سامح تحولي هذا. لا بد لي من أن أكون نشالا… سأنجح في مهنتي.. سأنجح..
رأى الرجل قطبة بين حاجبي( لطالما تمنى ان يكون لذوي الشعر الاشقر والعيون الزرق مثلها)، فأدرك عدم رضاي عما يقول، ولحظ لا موافقتي على شذوذ يحاول اضفاء صفة الفلسفة عليه.
قال ما معناه: ألا تعلق بشيء يا “أيمن” ؟ ( وهو يلفظ الاسم بلهجة طريفة)
قلت: بل سأفعل. أرى غير ما ترى. لن أرتضي لصاحبي أن يكون نشالا.. شاء الله أن يجمعنا بعد فراق. دعنا الآن نتذوق لذة اللقاء. سأفصّل لك خواطري في لقائنا التالي وهو بإذن الله لن يكون بعيدا.

 

 

حول عمليات ما يسمى بال ” كاري ترايد ” وتأثيراتها

حول عمليات ما يسمى بال ” كاري ترايد ” وتأثيراتها

لم يعد خفيا ان من الأسباب المؤثرة في تراجع اسواق الاسهم العالمية هي عمليات التنازل عن عقود القروض المستدانة بالعملات المنخفضة الفائدة – كالين الياباني – والمعروفة بال كاري ترايد.

بموجب قواعد ال ” كاري ترايد ” فقد أقدم كبار المضاربين على الاستدانة بعملة تتدنى فائدتها الى ما دون ال 1% ليشتروا بهذه المبالغ أسهما وسندات حيثما وجدوا حظا متوفرا على مستوى السوق العالمي.
هذا الامر يجلب فقط ربحا طالما ان :
– الاصول المشتراة تستمر بالارتفاع أو
– ان الين لا ترتفع قيمته تجاه بقية العملات .
في الظروف الراهنة العاملان هذان يتغيران ، ولهذا تتم اعادة المبالغ المستدانة بعد بيع ما كان قد تم شراؤه بها.
ولأعطاء المزيد من الايضاحات ثمة ارقام تتكلم :
الاستثمارات ( من منظور ياباني ) المودعة بعملات اجنبية اعتمادا على قروض بالين الياباني تراجعت من 38 مليار  في اوكتوبر 2007 الى 30 مليارا في اوكتوبر 2008.
المنظمة الاميركية الحكومية CFTC أعلنت مؤخرا انه لم تعد هناك اية عقود ” شورت ”  فعلية على ال ” ين فيوتشر” تعود الى المضاربين الكبار ( ما قد يعني ان هؤلاء يبيعون الين ويوظفون ما يبيعونه في عملات أخرى ) – ولكن الظاهرة تعني في الحقيقة تمركز في الين الياباني ( اي ان هؤلاء يشترون الين ولكي يشتروه تراهم يبيعون العملات الاخرى ) .
ان هذه الارقام والمعطيات تبرهن على ان ظاهرة إعادة ال قروض بالين الى مصدرها ( ال كاري ترايد ) لم تبلغ خاتمتها بعد . هذا يعني ايضا انه من هذه الزاوية لم تصدر بعد صفارة الأمان بالنسبة للبورصات العالمية .