متابعة قراءة عن أزمة لبنان المالية: أصدق كلام…الى المودعين الأعزّاء
أرشيف التصنيف: ازمة لبنان المالية
ازمة لبنان المالية: هل يستمرّ شحّ السيولة بالدولار؟
تقرير: لبنان يتخذ قرارا بشأن تعميم تنظيم العلاقة بين البنوك وعملائها
هل يتم بيع جزء من الذهب اللبناني ؟
مع تدهور الوضع المالي اللبناني وبلوغه مستويات غير مسبوقة جعلت المسؤولين اللبنانيين يبحثون في إعادة هيكلة أو جدولة الدين العام ووضع خطط بالتعاون مع صندوق النقد الدولي للنهوض باقتصاد ومالية الدولة من جديد، تتجه الأنظار إلى احتياطي الذهب الذي ظل مجرد الحديث عن إمكانية المساس به خلال السنوات الماضية من المحظورات لاعتباره من قبل البعض ضمانة لليرة اللبنانية وثبات سعر صرفها.
وبعد أن كان مجرد الحديث عن بيع كمية من الذهب لسداد جزء من الدين العام من «المحظورات» قبل سنوات قليلة، أصبح اليوم يطرحه بعض الاقتصاديين والمعنيين بالشأن الماليعلى اساس انه حان الوقت للتفكير باستخدام الذهب لإعادة هيكلة الاقتصاد وحماية الناس وحفظ سيادتنا، شرط أن لا نبدده لتسديد الدين ولا لتمويل الهدر وأن يكون ضمن خطة شاملة. والسرال المطروح هو «لماذا لا نبدأ بالذهب في نيويورك وقد يكون ثلث الكمية؟»، وذلك في إشارة إلى كمية الذهب التي يحتفظ بها لبنان في الولايات المتحدة كجزء من احتياطيه.
وأشار النائب السابق لحاكم مصرف لبنان، غسان العياش، إلى أنه «كان الاعتقاد سائداً في الماضي، ولفترة طويلة، بأن احتياطي الذهب ضمانة الليرة اللبنانية وثبات سعرها، وقد يكون ذلك صحيحاً عندما كان حجم الذهب متناسباً مع حجم الكتلة النقدية والناتج المحلي القائم، وعندما كان النظام النقدي العالمي قائماً على التغطية الذهبية للعملات. أما وقد تضخم حجم الكتلة النقدية وأصبحت التغطية بالذهب هزيلة، فلا شك أن احتياطي الذهب لم يعد يشكل ضمانة لليرة على الإطلاق»، لافتا إلى أن «بيع قسم منه بعدما تم التفريط في قسم كبير من الاحتياطات بالعملات الأجنبية، قد يساعد جزئياً في إعادة تكوين الاحتياطي النقدي لمصرف لبنان الذي جرى هدره لتمويل الميزان التجاري والطلب الخاص على العملات الأجنبية». وأوضح العياش في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «لبنان يحتاج، لكي يخرج من أزمته النقدية، إلى ما يقارب 50 مليار دولار لاستعادة الكتلة المفقودة بالدولار وإعادة رسملة المصارف التي تعرضت رساميلها إلى تآكل بسبب إفراطها في إقراض القطاع العام». وأضاف: «إذا بعنا قسماً من الذهب بنحو 7 مليارات دولار ضمن برنامج إصلاحي شامل، قد يشكل ذلك جزءاً من الحل، وإن كنا لا نزال بحاجة للمصارف».
وللمفارقة فإن لبنان الذي يتصدر قائمة الدول المدينة في العالم نسبة لناتجه المحلي الإجمالي بعد اليابان، بحسب «معهد التمويل الدولي»، هو من بين الدول العشرين الأولى في العالم الأكثر استحواذا على الذهب، كونه يملك نحو 286.6 طن من الذهب بقيمة 16 مليار دولار. وبدأ لبنان تجميع الذهب بعد سنوات قليلة من نيله الاستقلال عام 1943، واستمر حتى عام 1971، ومع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975 أرسل لبنان إلى ولاية كنتاكي الأميركية جزءاً من احتياطي الذهب لحمايته، مثلما فعلت الكثير من البلدان الأخرى، وهو لا يزال هناك، ولم تحاول الدولة استعادته طوال السنوات الماضية.
وبحسب دراسة موسعة عن الذهب اللبناني لحركة «مواطنون ومواطنات في دولة»، فإنه محمي بقانون صدر عام 1986 يمنع بيعه أو رهنه، لكن المخاوف هي من عدم سريان القانون اللبناني على الذهب الموجود بالخارج، باعتبار أنه في حال عجزت الدولة عن سداد دينها لحاملي سندات «اليوروبوند» فإن بعض هؤلاء قد يقدمون على رفع دعاوى أمام محاكم نيويورك، ما قد يؤدي إلى وضع اليد على الكميات المحفوظة في الولايات المتحدة، والتي تقدرها الحركة بثلثي الكمية الإجمالية، علما بأنه لا أرقام رسمية حول الموجودات من الذهب في لبنان والكميات التي تم نقلها إلى أميركا.
ويخشى عدد من الاقتصاديين والمعنيين بالشأن المالي من الحجز على احتياطي الذهب الموجود في الولايات المتحدة الأميركية في حال رفع عدد من الدائنين دعاوى على الدولة اللبنانية إذا تلكأت عن سداد ديونها لحاملي سندات اليوروبوند، ويعتبر العياش أن «هذا الأمر وارد لكنه سيخضع في نهاية المطاف لجدل قانوني في محاكم نيويورك، لن نعرف ما ستكون نتيجته». ويضيف: «إذا أعلنا أننا غير قادرين على دفع ديوننا من دون إتمام اتفاق مع الدائنين، فإن الدعاوى ستنهال علينا سواء في الخارج أو في الداخل، لذلك لا أعتقد أن الدولة ستتجه لإعادة الهيكلة أو الجدولة من دون أن تأخذ موافقة الدائنين من خلال عرضها لبرنامج متكامل لحل الأزمة».
ويتفق الخبير المالي والاقتصادي مرون إسكندر مع العياش على وجوب أن يكون أي قرار ببيع قسم من الذهب جزءاً من برنامج متكامل لإيفاء الدين لعام كامل، مشدداً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أنه «لم يعد يصح الحديث عن احتياطي الذهب كأمر مقدس، لأنه آن الأوان للاستفادة من قسم منه، ولو كان صغيراً». وأضاف: «الاحتياطي اللبناني من الذهب موجود بجزء منه أيضاً في سويسرا، وليس حصراً في لبنان والولايات المتحدة الأميركية. أما المخاوف من حجز الذهب الموجود في أميركا في حال تم رفع دعاوى قضائية على الدولة اللبنانية، فليست في مكانها، لأن ذلك غير موجود في شروط العقد لحاملي سندات اليوروبوند».
عن أزمة لبنان المالية: بعض الايجابيات و طمأنة المودعين
أزمة لبنان المالية: الدولة والمصارف والمودعون يتقاسمون الفاتورة؟
أكّد وزير الاقتصاد السابق المصرفي رائد خوري، انّ النظام الاقتصادي الذي بُني منذ التسعينيات انهار ولم يعد يصلح. وبالتالي، انّ السير بخطة «ماكنزي» بات ضرورة، بل حاجة ملحة. واعتبر انّ حجم القطاع المصرفي كان اكبر من حجمه الحقيقي. وتوقع ان يتراجع في المرحلة المقبلة ما بين 30 الى 40 في المئة.
إعتبر خوري، انّ المطلوب سلّة اجراءات متكاملة، ولا يمكن لهذه السلة ان تخلو من المساعدات الخارجية التي قد تكون على شكل صندوق النقد او من قِبل الدول الاوروبية والعربية، مستبعدًا امكانية تحاشي مساعدة صندوق النقد، لأنّ الدول الاجنبية تتوافق على انّ في دول حالتها أو وضعها مثل وضع لبنان توكل فيه عادة مهمة الإنقاذ الى صندوق النقد.
ومع عودة الحديث عن خطة «ماكنزي» والتوجّه نحو الاستعانة بها في الفترة المقبلة، يؤكّد خوري انّ السير بخطة «ماكنزي» في هذه الظروف بات ضرورة، بل حاجة ملحة لأسباب عدة. وشرح انّه في السابق كان يدخل الى لبنان عملات صعبة من اللبنانيين المغتربين او غير اللبنانيين على شكل ودائع الى المصارف اللبنانية، اما اليوم ومن بعد الضوابط المعتمدة في المصارف توقفت التحاويل وبالتالي اصبح من الصعب دخول العملات الصعبة الى لبنان، والوسيلة الوحيدة للاستعاضة عن هذا الامر هو خلق قطاعات انتاجية تلبّي الاستهلاك المحلي فنخفّف الاستيراد من جهة ونزيد حجم الصادرات اللبنانية من جهة أخرى، وهذا من شأنه ان يُدخل عملات صعبة الى البلاد.
وبناء عليه، يمكن التأكيد انّ الحاجة الى تطبيق خطة «ماكنزي» اليوم باتت اضعاف اضعاف ما كانت عليه في السابق.
اضاف: «خطة «ماكنزي» ليست هي الحل السحري في الشق المالي، بل المطلوب اتخاذ عدد كبير من الاجراءات المالية بالتوازي».
النظام الاقتصادي انهار
وعمّا اذا كانت خطة «ماكنزي» والاستعانة بصندوق النقد من الضرورات في المرحلة المقبلة، قال خوري: «انّ النظام الاقتصادي الذي بُني منذ التسعينيات حتى اليوم انهار ولم يعد يصلح، والدليل انه لم يعد يدخل الى لبنان أخيراً اية اموال جديدة. لذا فإنّ خطة «ماكنزي» تضع خريطة طريق لنظام اقتصادي جديد، يفترض بلبنان ان يعتمده في العشر والعشرين والثلاثين سنة المقبلة، اي انّها تضع ركيزة جديدة للاقتصاد على المديين المتوسط والبعيد، وهذه الخطوة لا بدّ منها. اما بالنسبة الى الاستعانة بصندوق النقد او اي جهة خارجية أخرى، فيجب على الدولة اللبنانية، وقبل التوجّه الى اي جهة خارجية، ان تقوم بمجموعة اصلاحات بالفعل وليس بالشعارات، ولا سيما منها: اتخاذ القرار في ما خصّ دفع استحقاقات سندات الخزينة او التخلّف عن الدفع، اعادة هيكلة الدين ومن سيدفع فاتورة ذلك، كبار المودعين؟ اسهم المصارف؟ رساميل المصارف؟ الدولة، من خلال تسييل بعض اصولها مقابل السندات التي قد تتخلّف عن دفعها؟ الى جانب ضرورة إيجاد حلّ لأزمة الكهرباء خلال شهر كحد اقصى، حتى نتمكن خلال فترة لا تزيد عن السنة او السنة ونصف السنة من الحصول على كهرباء 24/24. وبعد إتضاح الصورة والاجراءات التي ستعتمدها الحكومة تجاه هذه الاستحقاقات والملفات عندها تتجّه الحكومة الى طلب العون من صندوق النقد او اي جهة خارجية اخرى».
من سيدفع فاتورة العجز؟
عن افضل المخارج لحلّ الأزمة المالية، قال خوري: «الحل للأزمة التي نمرّ بها هو عبارة عن مجموعة حلول يجب اعتمادها، وذلك يرتبط بمدى القبول السياسي بالحلول المطروحة. الاكيد انّ هناك فاتورة يجب دفعها، انما السؤال المطروح من سيدفع؟ الاجدى ان تدفع الدولة ثمن الفاتورة لأنّها هي السبب الاساسي للمشكلة وهي من تخلّف عن السداد، وهي من اقرّ سلسلة الرتب والرواتب، وهي من قام بالهدر وسوء الادارة. لذا من المفترض بالدولة ان تدفع الفاتورة وربما عبر بيع اصول تملكها لحاملي السندات». وأشار على سبيل المثال: «عندما تخلّفت اليونان عن سداد ثمن السندات، وبعدما قاموا بإجراء haircut على السندات بنسبة 80%، قام الاتحاد الاوروبي بدفع ثمن هذه السندات. نحن في لبنان لن يكون امامنا هذا الامتياز بأن يدفع الاتحاد الاوروبي ثمن سنداتنا. لذا من المحتمل ان يدفع مودعون كبار جزءاً من الفاتورة، والجزء الآخر يُدفع من رساميل المصارف، وجزءاً من اصول الدولة».
هل انتهى دور المصارف؟
بعدما اقتصر دور المصارف اللبنانية في الفترة الاخيرة على سحب الاموال، ولجوء المودعين الى سحب مدخراتهم منها تخوفاً من فقدان اموالهم، ومع تراجع ثقتهم بهذا القطاع، يبقى السؤال المطروح هل انتهى دور المصارف اللبنانية؟ وكم تحتاج من الوقت قبل ان تستعيد دورها؟ واي دور سيناط بها في الفترة المقبلة؟
في السياق، يؤكّد خوري انّ دور المصارف اللبنانية لم ينتهِ بعد، انما تقلّص حجمها. لافتاً الى انّ حجم القطاع المصرفي كان اكبر من حجمه الحقيقي، وأكبر من اقتصاد لبنان. لذا المطلوب اليوم التوجّه نحو بديل ينهض بالاقتصاد مثل الانتاج من صناعة وزراعة وتكنولوجيا. عندها تستعيد المصارف حجمها الحقيقي، الذي هو اقل من حجمها الحالي، على ان يتمّ البناء على اسس صلبة وليس على إقراض الدولة. مع العلم انّ المصارف اللبنانية اقرضت القطاع الخاص نحو 50 مليار دولار وهذا رقم لا يستهان به، لأنّه يوازي الناتج المحلي. ورجّح ان يتراجع حجم المصارف والودائع في المرحلة المقبلة ما بين 30 الى 40 في المئة. ويكمن التحدّي في هذه المرحلة في رسم نموذج اقتصادي جديد.
ورداً على سؤال عن حتمية عودة المصارف اللبنانية الى بلدها الأم، قال: «بالتأكيد ستعود المصارف اللبنانية الى بلدها الام وذلك لسببين، اولاً: الحاجة الى سيولة بالعملة الصعبة، وببيع الاصول ستدخل العملة الصعبة الى البلاد.
ثانياً: اذا بات وضع المصرف الام ضعيفاً، من الطبيعي ان يبيع أصوله في الخارج او ان يخفّضها ويعود الى الداخل».
ايفا ابو حيدر.
أزمة لبنان: هل ينجح «العقل الإقتصادي» في الحكومة في خرق «العباءة السياسية»؟
لأنّ الأزمة المالية صعبة ومعقدة، وتنعكس يومياً على مفاصل حياة اللبنانيين، تتزاحم الافكار والطروحات التي يبحث أصحابها عن إجراءات يتم اتخاذها في الدول التي تواجه أزمات مثل الأزمة اللبنانية. لكنّ خيار اتخاذ إجراءات بالمفرّق لا يجدي نفعاً، بل قد يتسبّب بمزيد من الخسائر، ولا خيار خارج إطار خطة إنقاذية شاملة.
هذا الواقع يدركه وزراء الاختصاص في الحكومة، لكنّ الرياح تجري أحياناً بما لا تشتهي السفن. والرياح هنا تمثّلها المواقف السياسية التي تتحكّم بقرارات حكومة تنتظر ثقة المجلس النيابي في الايام القليلة المقبلة. وقد جاءت تجربة مشروع قانون موازنة 2020 لغير مصلحة الحكومة، إذ أعطت الانطباع بأنّ أي «مواجهة» بين الحكومة والقوى السياسية التي أوجدتها، ستنتهي فوراً لمصلحة صاحب الوصاية، وخضوع المُوصى عليه. صحيح انّ الموازنة في هذه الظروف لن تقدّم أو تؤخّر كثيراً في الوضع الحالي، لكنّ طريقة مقاربة الموضوع تشكّل نموذجاً لقدرة تعاطي حكومة دياب مع الملف الأهم والأخطر المتعلق بالانقاذ.
حتى الآن، لم تتم مقاربة موضوع طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي في إطار خطة إنقاذية شاملة. لكنّ المواقف السياسية التي تصدر بين الحين والآخر، تؤكد انّ الممانعة في وجه مشروع من هذا النوع قد تحول دون اعتماده. والمشكلة انّ قوى سياسية لا تزال تعتقد انّ معالجة الأزمة يمكن أن تتم بسرعة، وعلى طريقة وديعة من هنا، وهِبة من هناك، و«بيمشي الحال». في حين انّ هذا التفكير الذي ينقصه العلم والمنطق والواقعية، لم يعد يصلح. بل انّ هذا الاسلوب الذي استخدم سابقاً، لم يُعالج مرّة الأزمة، بل جاء في إطار إطالة عمر المريض. بالاضافة الى ذلك، أصبح البلد اقتصادياً ومالياً في مكان آخر، لا علاقة له بالوصفات التي كانت تعتمدها السلطة السياسية في الظروف السابقة.
لماذا تبدو الخطة الانقاذية الشاملة هي الخيار الوحيد الذي يمكن ان ينتشل البلد من الأزمة، وماذا ينبغي أن تتضمّن؟
من أخطر مفاصل الأزمة المالية الحالية أنها تبدو غامضة، وبالتالي لا يمكن التكهّن بعمق المشكلة. هذا الغموض غير البنّاء، ينجلي وتصبح الصورة واضحة في حالات تنفيذ خطط الانقاذ الشاملة. ومن المعروف أنّ واحدة من نقاط الضعف الاساسية التي أوصَلت اليونان الى الافلاس، تلك المتعلقة بإخفاء حقائق مالية، وتقديم بيانات دفترية تبيّن لاحقاً انها غير مطابقة للواقع.
وبالتالي، المهمة الاولى التي ستنجزها أي خطة إنقاذية في لبنان بالتعاون مع صندوق النقد، ستقضي بتوضيح الارقام والوقائع، لتوصيف الأزمة على حقيقتها، ومن هذه النقطة يبدأ الحل. إذ بعد تقييم وضع المالية العامة، ووضع المصارف، وأوضاع القطاع الخاص، يمكن وضع الخطوط العريضة للخطة المطلوبة.
من خلال قراءة المواقف الخارجية، وفي مقدمها الموقف الأميركي، هناك فرصة امام الحكومة لكي تحظى بالضوء الأخضر لبدء عملية الانقاذ. لكن ما ينبغي أن تُثبته هذه الحكومة في المقام الاول، هو انها قادرة على الخروج من عباءة الوصاية السياسية. والاختبار الحقيقي سيكون من خلال قدرتها على اتخاذ قرار الانقاذ المالي بالتعاون مع المؤسسات المالية الدولية والمجتمع الدولي.
لذلك، سيكون الرهان على مضمون البيان الوزاري لهذه الجهة. واذا كان رئيس الحكومة أعطى توجيهاته، لكي يُصاغ البيان بلغة واضحة وعملية، والابتعاد عن الانشاء اللغوي الغامض، فهذا يعني انّ مسألة الانقاذ ينبغي ان تكون واضحة المعالم في هذا البيان.
يدرك «العقل الاقتصادي» في حكومة حسان دياب عمق الأزمة المالية، ويدرك هذا العقل انّ الاقتصاد لن ينجو من دون استعادة الثقة، لأنّ التدفقات المالية من اللبنانيين في الخارج شكّلت وحدها حوالى 20 في المئة من الناتج المحلي، وهي من أعلى النسَب في العالم. وسواء قررنا بناء اقتصاد منتج، أم استمررنا في اقتصاد الخدمات والريع، نحتاج الى استعادة هذه التدفقات، بالاضافة الى الحاجة الى عودة الاستثمارات الخارجية والمحلية. لكنّ التعويل الاول هو على أموال اللبنانيين أنفسهم، لأنهم الطرف الاسهل في المعادلة، وهم أول من سيشقّ طريق العودة للتعامل مع المنظومة المالية في لبنان.
حتى الآن، الوضع المالي والاقتصادي يمضي بسرعة نزولاً، والسنوات القليلة المقبلة ستكون صعبة، مع خطة إنقاذ أو من دون خطة. الفارق الوحيد بين الوضعين اننا مع خطة إنقاذ سنشعر بتحسّن سنة بعد سنة، وبلا خطة سنختبر الألم الذي يتضاعف يوماً بعد يوم. ومع هذا النوع من الألم لا وجود لقعر، دائماً هناك ألم أكبر وأصعب.
انطون فرح.
وسائل إعلام: برلمان لبنان يقر موازنة 2020
مصرف لبنان المركزي يطمئن المستثمرين الأجانب على ودائعهم
عن جديد ازمة لبنان المالية
أزمة لبنان المالية: التعاون مع صندوق النقد ممر إلزامي للإنقاذ
إعتبر النائب الأوّل السابق لحاكم مصرف لبنان د. ناصر السعيدي انّ أولوية الحكومة اليوم هي التوافق مع صندوق النقد الدولي حول برنامج إصلاح مالي واقتصادي يؤمّن لها الدعم المالي المطلوب، والمقدّر بحوالى 25 مليار دولار، لكن من المستحيل أن تحصل الحكومة على هذا المبلغ من دون مظلّة دولية.
ولدى السؤال: ما هي أولويات الحكومة الاصلاحية وهل تملك الوقت الكافي لتنفيذها؟
اعتبر السعيدي انّ على الحكومة، من أجل استعادة جزء من الثقة المفقودة، الاسراع في إعداد برنامج إصلاحي مالي واقتصادي يحظى بمصداقية المجتمع الدولي، وخلال فترة قصيرة لا تتعدّى الاسبوعين او الثلاثة اسابيع.
وقال لـ«الجمهورية» انّ الاولويات اليوم تصبّ نحو الوضع المالي وإعادة هيكلة الدين العام، وهو أمر أساسي لا مفرّ منه، «ولا يجب الهلع في شأنه لأن دولاً عدّة قامت بذلك، وهناك 3 الى 4 حالات إعادة هيكلة ديون سيادية سنوياً. وبالتالي، لن يكون لبنان البلد الاوّل الذي يقوم بهذه الخطوة».
وفيما اشار الى انّ إعادة هيكلة الدين العام ليست بالصعوبة التي يتحدث عنها البعض لأنّ الجزء الاكبر من الدين العام، محليّ، اعتبر السعيدي انه يجب الاستعانة بصندوق النقد الدولي في عملية اعادة الهيكلة في اطار برنامج إنقاذ شامل، لأنّ لبنان بحاجة الى ما بين 20 الى 25 مليار دولار، لا يمكن تأمينها من المجتمع الدولي سوى عبر مظلّة صندوق النقد الدولي.
وأكد انّ اي برنامج إصلاح ستعدّه الحكومة الجديدة لن يحظى بمصداقية لدى المجتمع الدولي ولن يحصل على الدعم المالي المطلوب، لا من دول الخليج ولا من الدول الاخرى، ما لم يكن برنامجاً معتمداً من قبل صندوق النقد الدولي، مشيراً الى انه اجتمع مع عدد من المسؤولين في دول الخليج وأكدوا له عدم استعدادهم لدعم أي برنامج لا يحظى بمظلّة دولية.
ولفت السعيدي الى انّ الحلول والسبل السابقة لشراء الوقت على شكل وديعة خليجية في البنك المركزي أو ما شابه، لم تعد تنفع اليوم، معتبراً أنه «علينا فتح صفحة جديدة لأنّ الاجراءات الاصلاحية المطلوبة معروفة».
وفيما شدّد على ضرورة التوافق مع صندوق النقد الدولي على برنامج اصلاح مالي، اعتبر انّ هذا الامر يجب ان يكون من أولويات الحكومة التي عليها المبادرة بوضع رؤيتها وأهدافها لنقلها الى الصندوق. وبالتالي، يجب ان يكون هناك استعداد سياسي لهذه الخطوة. وسأل: هل هناك استعداد سياسي فعلاً للاجراءات الصعبة؟ لا أرى تلك الشجاعة السياسية حالياً.
إستحقاق اليوروبوند
اما بالنسبة لاستحقاق سندات اليوروبوند في 9 آذار المقبل، فقد سلّط السعيدي الضوء على مشلكة تقنية قد تعيق إعادة هيكلة تلك السندات، شارحاً انّ «اي عميلة اعادة هيكلة تتطلب دعوة كافة المستثمرين للتفاوض حول الشروط الجديدة وإعطائهم مهلة 21 يوم عمل. وفي حال لم يوافق 75 في المئة من حملة السندات على طرح الحكومة، يجب اعطاؤهم 10 ايام عمل اضافية. وبالتالي، تحتاج عملية الهيكلة الى 31 يوم عمل. وفي حال هناك نيّة للقيام بها، يجب الشروع بذلك اليوم». وأكد انّ تسديد استحقاق آذار للمستثمرين الاجانب وتمديد آجال السندات التي يحملها المستثمرون المحليون، ليس حلّاً بل هو شبيه بالهندسات وعمليات الاستبدال swap السابقة التي أدّت الى ارتفاع الفوائد الى المستويات الحالية.
كما لفت السعيدي الى انّ عملية اعادة هيكلة الدين العام يجب ان تكون ضمن برنامج اصلاح مالي يتضمّن طرحاً واضحاً حول الاجراءات التي سيتم اتخاذها لخفض العجز، وإصلاح قطاعات عدّة منها الكهرباء، وإعادة هيكلة القطاع العام ومعالجة مشكلة معاشات التقاعد، وغيرها من الامور التي تتسبّب في تفاقم عجز الدولة.
دولار الصيارفة
وحول قرار نقابة الصرافين في لبنان تحديد سعر شراء الدولار الأميركي بـ2000 ليرة لبنانية كحد أقصى، اعتبر السعيدي انّ هذا القرار:
• اعتراف رسمي بالسوق الموازية، أي الاقرار بأنّ سعر الصرف المتداول به لدى الصيارفة، مقبول.
• اعتراف بفشل سياسة تثبيت سعر الصرف عند 1507 ليرات.
• تمهيد للخطوة القادمة المتمثّلة بخفض سعر الصرف الرسمي.
وأوضح انّ هذا الاجراء لا يمكن ان يستمرّ طالما لم يتم إنجاز اي اصلاح مالي، وبالتالي لا يمكن تحديد سعر الصرف لدى الصرافين لأنها مسألة عرض وطلب، والدليل على ذلك انّ الصيارفة لا يقبلون اليوم ببيع الدولار بهذا السعر، ممّا أنشأ سوقاً سوداء ثالثة.
القطاع المصرفي
وبالنسبة للقطاع المصرفي، شدد السعيدي على انّ المطلوب إعادة هيكلة القطاع وإعادة رَسملته بما لا يقلّ عن 20 الى 25 مليار دولار. وقال: لا مفرّ من ذلك. يجب ضَخ أموال جديدة من قبل المساهمين في المصارف، ورسملة احتياطي المصارف، وبيع أصول واستثمارات في الخارج، وبيع عقارات.
نظرة فاحصة-هل تستطيع حكومة لبنان الجديدة إنعاش الاقتصاد؟
بعد شلل سياسي على مدار ثلاثة أشهر، شكل لبنان أخيرا حكومة بقيادة رئيس الوزراء حسان دياب. والآن تحين مهمة إنقاذ البلد من أزمة مالية حادة والفوز بثقة المستثمرين والمانحين الأجانب.
ما احتمالات التعثر في سداد الديون أو إعادة هيكلتها؟
يبدو عبء دين لبنان العام، الذي يعادل حوالي 150 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، وما يشهده من عجز في المعاملات الجارية وعجز مالي، غير قابل للاستمرار حتى من قبل الاحتجاجات المناهضة للحكومة التي خرجت إلى الشوارع قبل ثلاثة أشهر.
وفي ظل تداول كثير من السندات السيادية الدولية بأقل من نصف قيمتها الاسمية، يتوقع مراقبو السوق على نحو متزايد أن يواجه لبنان صعوبات في أداء بعض التزاماته وأن يسعى للتوصل إلى إعادة هيكلة مع الدائنين عند مرحلة ما.
ومن بين أولى مهام الحكومة البت في مقترح من البنك المركزي يعرض على حملة بعض سندات العام الحالي في الداخل، بما في ذلك إصدار حجمه 1.2 مليار دولار يستحق في مارس آذار، مبادلتها بأخرى ذات أجل أطول لتخفيف الضغط على مالية الدولة.
وقد تنطوي أي خطوة لتأجيل مدفوعات السندات على تخلف عن السداد بالنسبة لوكالات التصنيف الائتماني مما قد يؤدي إلى مزيد من الخفض في تصنيف لبنان القابع بالفعل داخل النطاق عالي المخاطر.
هل خفض قيمة العملة حتمي؟
تدهور وضع ربط العملة بالدولار الأمريكي المعمول به في لبنان منذ 22 عاما ليقترب من نقطة الانهيار بفعل الأزمة السياسية والمصرفية.
فمع فقدان الليرة نحو ثلث قيمتها الرسمية بالسوق السوداء في ظل شح الدولار، يلوح خفض قيمة العملة في الأفق على نحو متزايد.
واستبعد حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامة من قبل أي خطوة من هذا النوع، قائلا إن لدى الحكومة الوسائل للحفاظ على ربط العملة. لكن ما لم تنتعش تدفقات رؤوس الأموال الآخذة بالتناقص ويحدث تعاف في ميزان لبنان الخارجي، فإن قدرة البنك المركزي على صيانة الربط ستتآكل.
كيف يمكن إنعاش النظام المصرفي؟
ظلت البنوك لفترة طويلة دعامة هامة للإبقاء على حركة اقتصاد لبنان. فمن خلال استقبال ودائع ملايين اللبنانيين في الخارج والشراء في الدين المحلي للحكومة، ساعدت البنوك على دعم مالية الدولة. لكن ذلك النظام تداعى في ظل شح في الودائع الأجنبية مع انهيار الثقة في النظام المصرفي.
تراجعت ودائع غير المقيمين في القطاع المصرفي 11.3 بالمئة على أساس سنوي في نوفمبر تشرين الثاني، بينما يواجه لبنان نقصا في النقد الأجنبي – مما تسبب في فرض قيود على وصول اللبنانيين في الداخل والخارج لأموالهم بالبنوك.
ويعتقد بعض الخبراء الماليين أن البنوك ستحتاج إلى ضخ سيولة أعمق من زيادة رأس المال 20 بالمئة على النحو الذي وجهها إليه البنك المركزي.
ماذا عن الدعم المالي الأجنبي؟
لبنان غارق في الركود ومازال تعافيه يعتمد بدرجة كبيرة على قدرة الحكومة على تبني الإصلاحات اللازمة لضمان دعم مالي من الخارج.
وبحسب وزير الاقتصاد السابق ناصر سعيدي، يحتاج لبنان إنقاذا بعشرين إلى 25 مليار دولار بما في ذلك دعم من صندوق النقد الدولي للخروج من أزمته المالية. لكن مجيء المساعدة لا يبدو أكيدا في ضوء المساندة التي يلقاها دياب من حزب الله المدعوم من إيران وحلفائه.
وقال دياب إن أول جولة خارجية له ستكون في المنطقة العربية، ولاسيما دول الخليج.
لكن السعودية والإمارات، اللتين قدمتا عونا ماليا للبنان فيما مضى، بدتا أكثر تحفظا خلال الأزمة الأخيرة، بل وربما تقل رغبتهما في تقديم الأموال في ظل وجود دياب في السلطة.
في المقابل، قد يحول لبنان نظره صوب قطر التي يتهمها جيرانها الخليجيون بالاقتراب بشكل أكبر من إيران.
ومن غير الواضح ما إذا كان دياب سيسعى لنيل المساعدة من صندوق النقد. ويحذر بعض المراقبين من أن الولايات المتحدة، الداعم المالي الأكبر للصندوق، قد تعارض أي صفقة بسبب علاقات الحكومة مع حزب الله الذي تعتبره واشنطن جماعة إرهابية.