أرشيف التصنيف: أخبار الذهب

الذهب يتراجع رغم رهانات وقف رفع الفائدة مع ارتفاع الدولار

تراجع الذهب في تعاملات محدودة النطاق الإثنين 5 يونيو حزيران، مع ارتفاع الدولار مدعوماً بتقرير قوي عن الوظائف بما فاق أثر احتمالات توقف مجلس الاحتياطي الفدرالي عن رفع أسعار الفائدة هذا الشهر.

وهبط الذهب في المعاملات الفورية 0.1% مسجلاً 1945.09 دولار للأونصة، وجرى تداوله في نطاق بلغ 7 دولارات، حيث تحوم الأسعار قرب أدنى مستوياتها منذ 30 مايو أيار.

وهبطت العقود الأميركية الآجلة للذهب 0.5% إلى 1959.80 دولار للأونصة.

وتراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1% يوم الجمعة بعد أن أظهرت بيانات أن الوظائف في القطاعات غير الزراعية في الولايات المتحدة زادت بمقدار 339 ألف وظيفة في الشهر الماضي متخطية 190 ألفاً توقعها خبراء اقتصاديون استطلعت رويترز آراءهم، لكن معدل البطالة ارتفع إلى أعلى مستوى في 7 أشهر إلى 3.7% بعد أن سجل أدنى مستوى في 53 عاماً في أبريل نيسان عند 3.4%.

ودفعت القراءة الأعلى للبطالة الأسواق إلى توقع فرصة نسبتها 78.2% بأن يترك الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماع يعقد يومي 13 و14 يونيو حزيران.

ورفع أسعار الفائدة يقلل من جاذبية الذهب الذي لا يدر عائداً.

وارتفع مؤشر الدولار 0.1% مما جعل الذهب المقوم بالدولار أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

وبالنسبة للمعادن النفيسة الأخرى، تراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.2% إلى 23.54 دولار للأونصة وارتفع البلاتين 0.5% إلى 1008.07 دولار أما البلاديوم فقد استقر عند 1420.10 دولار.

متابعة قراءة الذهب يتراجع رغم رهانات وقف رفع الفائدة مع ارتفاع الدولار

المعدن الأصفر أسير مفاوضات سقف الدين وتصريحات الفدرالي الأميركي

تستمر دراما الذهب بدون توقف بسبب تضارب التصريحات من قبل أعضاء الفدرالي الأميركي ومفاوضات سقف الدين.

فمن جانب، فقد فاجأ رئيس الفدرالي الأميركي جيروم باول الأسواق يوم الجمعة بأنه قد لا يكون الفدرالي الأميركي مضطراً إلى رفع الفائدة أكثر بسبب تشديد شروط الإئتمان المصرفي وأن البيانات الحالية تدعم وجهة النظر القائلة بأن خفض التضخم سيستغرق وقتاً، وأن الفدرالي الأميركي قطع الآن شوطاً طويلاً فيما يتعلق بعدم اليقين بشأن الآثار المتأخرة للسياسة النقدية. وبالتالي تم تسعير هذه التصريحات من قبل المستثمرين بأن الفدرالي الأميركي سيتجه لتثبيت الفائدة الاجتماع القادم، وبأنه سيقوم بخفض الفائدة بـ 25 نقطة أساس من بداية اجتماعات سبتمبر، وذلك بعكس الإشارات الواضحة السابقة من أعضاء الفدرالي الأميركي والذي كانت تصريحاتهم تميل الى استمرار تشديد السياسة النقدية لأن الهدف المستهدف للتضخم 2% من قبل الفدرالي الأميركي مازال بعيداً جداً ويستلزم المزيد من العمل.

هذا ما أكده جيمس بولارد، صانع السياسة، في الفدرالي الاميركي بولاية سانت لويس والذي صرح في مقابلته مع صحيفة فاينانشيال تايمز بأن على الفدرالي الاميركي زيادة اسعار الفائدة للتأمين ضد ارتفاع التضخم من جديد، كما أشار بصورة واضحة إلى أنه من المُرجح أن يرفع الفدرالي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس مرة أخرى الشهر القادم.

هذا وأشار نيل كاشكاري، عضو الفدرالي الأميركي، إلى أن التضخم مازال مرتفعاً، وسوق العمل قوي، وبالتالي فإن السياسة النقدية التشديدية قد تكون ضرورية لفترة أطول.

وبالفعل، فإذا نظرنا للبيانات الاقتصادية الاميركية الأخيرة، فسنجد ان هناك ارتفاع في مؤشر أسعار المنتجين الأميركي على أساس شهري إلى 2% مقارنة بانكماش بـ 4% في الشهر السابق بالإضافة لارتفاع أسعار المنتجين الأساسي، وبالإضافة لقوة بيانات سوق العمل المتمثلة في تراجع طلبات إعانة البطالة إلى 242 ألف طلب، متراجعة من 264 ألف طلب، بالإضافة الى ارتفاع مبيعات التجزئة إلى 4% بعد ما سجلت انكماشاً بـ 7%.

بالتالي، فإن البيانات الاقتصادية القوية للاقتصاد الأميركي مع استمرار الضغوط التضخمية بالإضافة لتصريحات أعضاء الفدرالي التي تشير إلى استمرار تشديد السياسة النقدية، انعكست بمكاسب لمؤشر الدولار والذي استقر بتزايد الضغوط على الذهب هذا الأسبوع، فتراجع من مستويات 2024 إلى 1951 دولار للأونصة.

ولكن على الرغم من هذه البيانات الاقتصادية القوية وتصريحات أعضاء الفدرالي الأميركي، والتي تتناقض مع تصريح رئيس الفدرالي الأميركي، فقد سجل الذهب ارتفاعا يقدر بـ 1.1% في الإغلاق الأسبوعي وذلك لأول مرة منذ 4 جلسات، وهذا يعكس في رأيي أننا أمام منعطف هام في السياسة النقدية الأميركية، وأن هناك عدم توافق واضح بين أعضاء الفدرالي، وبالتالي هذا يعني زيادة ضبابية الموقف وزيادة مخاوف المستثمرين من الاتجاه للركود، خاصة مع تصريح جيروم بأول بأنه من المتوقع أن تشهد الفترة القادمة مزيداً من التشديد الائتماني للقطاع المصرفي، وهذا يعني تراجع القروض، وبالتالي تراجع معدلات النمو للشركات.

فإذا استمرت هذه المخاوف وتحولت إلى حقائق، فسنرى مزيداً من ارتفاع الذهب الفترة القادمة والعكس صحيح في حالة تلاشي المخاوف.

على جانب آخر، فان دراما سقف الدين الأميركي تتواصل وتنعكس سلباً وإيجاباً على الذهب مع كل تصريح، فقد صرح الرئيس الأميركي جو بايدن، يوم الخميس الماضي، بأنه متفائل بشأن التوصل لحل وان واشنطن ستتجنب التخلف عن سداد ديونها، وبالتالي انعكست هذه التصريحات الواضحة على طمأنة الجميع بحل الأزمة، وبالتالي ارتفع مؤشر الدولار ليستقر فوق مستوى 103 نقطة، وتراجع الذهب من مستويات 1987 إلى 1951 دولار للأونصة، وذلك لوجود علاقة عكسية بين الدولار والذهب مع تراجع حدة مخاوف المستثمرين من دخول الولايات المتحدة في سيناريو تعثر للدين.

هذا وسنلاحظ استقرار مؤشر VIX الذي يطلق عليه مؤشر الخوف دون مستويات 30 نقطة، مما يعني أن مخاوف المستثمرين ضعيفة، وبالتالي تراجع الذهب الذي يرتفع في حالة تزايد مخاوف المستثمرين لانه الملاذ الآمن وقت الأزمات.

ولكن لم يستمر الوضع الهادئ كثيراً، ورجعت دراما سقف الدين تحتل المشهد العالمي فزادت المخاوف من جديد بعد تصريحات رئيس مجلس النواب كيفين مكارثي بأن المفاوضات توقفت الآن، وأنه ولسوء الحظ تراجع البيت الأبيض للوراء، موضحًا أن الجمهوريين سيواصلون المفاوضات فقط عندما يعود الرئيس جو بايدن من قمة مجموعة السبع في اليابان.

وبالتالي، وبعد توقف المفاوضات من جديد، زادت المخاوف للمستثمرين، فاتجهوا للملاذ الآمن وقت الأزمات، وهو الذهب، فتغير من جديد مسار المعدن الأضفر صعوداً في جلسة نهاية الأسبوع بارتفاعات بحوالي 1.1%، وهو أول ارتفاع بعد 4 جلسات متتالية من الهبوط.

وبالتالي، وفي رأيي، إن المعدن الأصفر مازال أسير مفاوضات سقف الدين وتصريحات الفدرالي الأميركي فعلى المستثمرين توخي الحذر من شدة التقلبات لحين وضوح الرؤية في هذه الملفات.

متابعة قراءة المعدن الأصفر أسير مفاوضات سقف الدين وتصريحات الفدرالي الأميركي

هل عاد الذهب كملجأ آمن للحماية والإستثمار؟

في ظل إعادة الهيكلة الإقتصادية الدولية، والتضخّم والتوتر على الأصعدة السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية والمالية والنقدية، تلجأ المصارف المركزية والشركات الضخمة، والصناديق الإستثمارية، إلى استثمار بعض موجوداتها بالمعدن الأصفر أي الذهب، فالتاريخ يُعيد نفسه ومن وراء الإستثمارات في الشركات والعملات والعقارات، إذ ها هو الذهب يستعيد مرتبته الأولى كملاذ آمن.

إنّ معظم المصارف المركزية الدولية توجّهت إلى استثمار جزء كبير من احتياطاتها بالذهب، لحماية ممتكلتها وأموالها. ففي العام 2022 زاد الإستثمار بالذهب من قبل المصارف المركزية الدولية أكثر من 25 %، وتوالى هذا النمو في الفصل الأول من العام 2023.

ad

واللافت أنّ هناك 5 بلدان جديدة تركز استثماراتها بالذهب وهي: البرازيل، المجر، بولندا، اليابان وسنغافورة، التي لم تكن قبلاً مستثمرة أساسية بالمعدن الأصفر. فهدف هذه الإستثمارات ليس بالضرورة رهاناً على ارتفاع الأسعار، أو اتكالاً على مردود في الإستثمار، لكن بغية اللجوء إلى حماية القيمة الشرائية والإستثمارية في ظل هذا الجو الضبابي والتقلبات الذي يعيشه العالم الإقتصادي.

إلى جانب المعدن الأصفر، يلجأ أيضاً كبار المستثمرين إلى العقارات المميّزة في بعض البلدان التي يمكن أن تشهد نمواً في المستقبل. وحتى إذا واجهت راهناً مشاكل أمنية. فنشاهد بعض المستثمرين المتهوّرين والشجعان يستثمرون في أراضي كييف بأوكرانيا، لأنه برأيهم الحرب لن تدوم عقوداً، وسيشهد هذا البلد إعادة بناء ونمو وسياحة ما بعد إنتهاء الحرب.

أما الصناديق الإستثمارية الضخمة فهي تركض نحو استثمارات عقارية، في عواصم كبرى، مثل باريس، وواشنطن، وبرلين، وروما، وغيرها، للحفاظ على رؤوس أموالها، على المدى المتوسط والبعيد.

من الجهة الماكرو إقتصادية، فالنمو في المنطقة العربية وحتى في العالم، مُنخفض بحسب مرصد البنك وصندوق النقد الدوليين، ولا رؤية للنمو على المدى القصير. فالإستثمار اللاجئ اليوم هو في الذهب والعقار، كعملة الملاذ الآمن، والملجأ للتخبئة والحماية، في ظل هذه العواصف والأعاصير والتسونامي، والهزات مع ارتدادات كثيفة.

لا شك في أنّ لبنان يواجه أزمات عدة على كل الأصعدة. لكن العالم الإقتصادي أيضاً في ظل تغيُّرات جذرية، وحروب دامية بين العملات، والحروب الباردة، والحروب الساخنة التي أدّت إلى تضخم دولي، يُمكن أن يصبح مفرطاً، وفي الوقت عينه انكماشاً في الإستثمار والنمو، ما يسمّى بالـ Stagflation، فلا رؤية واضحة حتى بالمجهر، لذا تلجأ المصارف المركزية وكبار المستثمرين إلى استثمارات آمنة، ومحمية من دون التركيز على مردود أو حتى لتحسين القيمة.

نذكّر أن لبنان يمتلك أكثر من 15 مليار دولار من الذهب، بعد التدقيق الأخير لصندوق النقد الدولي، ولا شك في أنّ مَن أهدر وأفسد وصّرف مئات المليارات، عينه على ما تبقّى من ثروتنا العامة، يُمكن من وراء الستار، مَن قسّموا المشاريع والمناصب، والمساعدات الدولية، وحتى البلاد، أن يكون هدفهم تَقاسم هذا الكنز المتبقّي. فأولويتنا يجب أن تكون حماية معدننا الأصفر من الأيادي السود التي دمرت بلادنا واقتصادنا وشركاتنا وعائلاتنا.

في الخلاصة، إن الإستثمار الأهم لأي مُستثمر عليه أن يكون أولاً في عمله المنتج، أكان صناعياً، أو زراعياً أو سياحياً، لزيادة إنتاجه، وإنماء أعماله، وتوسيع أسواقه، وتنويع سلعه. أما الإستثمار للفائض فلا يجب أن يكون بالعملات أو بالودائع المتخبّطة، والقابعة تحت المخاطر، لا بل بالذهب كأجدادنا للجوء والحماية في ظل العواصف، وأيضاً في العقارات المميّزة، حتى إذا انتفضت هذه الأسعار على المدى القصير لا شك في أن قيمتها ستنمو على المدى المتوسط والبعيد.

د. فؤاد زمكحل