أرشيف التصنيف: المقالات العامة

مرونة نماذج الأعمال

يقول الفيلسوف (بيتر دركر)، «إن خطر الاضطراب ليس في الاضطراب نفسه، ولكن في التصرف بمنطق الأمس». والمتأمل في عالم الأعمال اليوم، يجد أن التصرف بمنهجية ما قبل كورونا ليس من المنطق في شيء، بل إنه يعد ضرباً من الجنون في بعض الأحيان. والأمر اليوم تجاوز الحديث عن التغيرات التي «سوف» تحدثها الجائحة، فالجائحة أحدثت التغيرات بشكل فعلي وواقعي، والاقتصاد الذي يتعافى اليوم لن يعود بالشكل ذاته الذي كان عليه قبل الجائحة. ويمكن القول إن من استطاع الصمود حتى الآن فقد تجاوز عنق الزجاجة، ولكن ما لا يمكن تجاوزه هو التغيرات التي يجب حدوثها لتلافي الصدمات المستقبلية المشابهة.
أول التغييرات التي أحدثتها الجائحة هي دخول التقنية في كثير من المؤسسات، تلك المؤسسات التي رفضت التعامل مع التقنية على أنها حل خلال العقد الماضي. فأصبحت الاجتماعات الافتراضية أمراً مقبولاً في غالبية المؤسسات، وزاد استخدام الخدمات السحابية مع ازدياد عمل الموظفين من منازلهم، وتحولت التعاملات الورقية إلى تعاملات إلكترونية، وغيرها من التغيرات التي كانت في السابق خياراً متاحاً، وأصبحت اليوم أمراً مفروضاً لا يمكن إتمام العمل دونه.
ويطلق البعض على هذه التغيرات لفظ «رقمنة» نموذج الأعمال، والواقع أن نماذج الأعمال لم تتغير كثيراً، فمجرى العمل لم يتغير، والأفكار لم تتغير، وما تغير فحسب هو إرسال المعلومات عن طريق البريد الإلكتروني بدلاً من إرسالها ورقياً. ونماذج الأعمال لا تزال تتبنى التفكير السابق دون أي تغيير، ولو انعدمت التقنية لسبب أو لآخر، لجرى العمل كما هو عليه دون أن يتأثر جوهره، وهو أمر تجب دراسته بشكل دقيق لخطورته وتأثيره على التنافسية. وقد أجرى منتدى الاقتصاد العالمي دراسة على 250 مبادرة رقمية حول العالم، خلص فيها على أن الكثير من هذه المبادرات ركزت على زيادة الفعالية وأتمتة العمليات وتحويل العمليات الحالية من شكل ورقي ويدوي إلى عمليات رقمية. هذه المبادرات رغم صحتها، فإنها لا ترقى لكونها تغييراً إلى نماذج الأعمال الرقمية. بل إن هذه العمليات كانت واجبة قبل الجائحة، وهي أيضاً من العمليات التي كانت في وقت سابق خياراً لدى الشركات، وفرضتها الجائحة لتقليل التكاليف وزيادة قابلية الصمود أمام الصعاب المالية.
وما يجب التفكير فيه من الشركات خلال هذه الفترة، هي دراسة العوامل التي ساعدت في الصمود أمام الجائحة. فعلى سبيل المثال، كانت مرونة الأعمال سبباً كبيراً لصمود الكثير من المؤسسات، وتحولت الكثير من الشركات إلى الأعمال الرقمية بسبب ما فرضه التباعد الاجتماعي. وزادت الصعوبات في بعض القطاعات على بعضها الآخر، كقطاع التجزئة والمطاعم اللذين ساعدتهما التقنية بشكل كبير في الصمود ولو بشكل جزئي أمام هذه الجائحة. كما أن مرونة التغيير في النشاطات كانت عاملاً حاسماً ليس للصمود فحسب، بل للتوسع أيضاً. وتحولت العديد من مصانع المواد الكيميائية والعطورات إلى تصنيع المعقمات، كما تحولت مصانع الملابس إلى تصنيع الكمامات، ونشطت شركات النقل في العمل في تطبيقات التوصيل للمنازل بدلاً من العمل بين الشركات. هذه الديناميكية مع سرعة التصرف كانتا الفصل بين الانهيار والصمود أثناء الجائحة.
لقد أثرت الجائحة على قطاعات بأكملها دون أي اعتبار لمدى مرونة نماذج أعمالها كالطيران والسياحة، كما أنها خدمت شركات بسبب طبيعة قطاعاتها لا أكثر. إلا أن إعادة النظر في نماذج الأعمال الحالية أمر ضروري، والشركات الناجحة قامت بهذا التقييم حتى قبل الجائحة نفسها. فعلى سبيل المثال، لم تكن المصانع في حاجة للجائحة لمعرفة أهمية أتمتة العمليات وتقليل الاعتماد على الأعمال اليدوية التي تضررت بسبب التباعد الاجتماعي. بل كان من الواجب عليها تحسين عملياتها بشكل مستمر لضمان استدامتها. والأمر اليوم ينطبق على كثير من المصانع التي عادت اليوم للعمل بنفس منهجية ما قبل الجائحة، دون أي استفادة من هذا الدرس. إن الأزمات القادمة قد تختلف مع هذه الأزمة بطبيعتها، إلا أن المرونة في نماذج الأعمال وتحسين فعاليتها المستمر يساعد في تجاوز الأزمات القادمة. وقد يكون دور الحكومات في هذا الجانب هو إطلاق مبادرات تساهم في زيادة استدامة ومرونة الشركات والمصانع الضخمة التي تؤثر بشكل مباشر على الاقتصاد الوطني، تماماً كما فعلت الولايات المتحدة مع اختبار الضغط السنوي التي يُفرض على البنوك والمؤسسات المالية بشكل سنوي منذ الأزمة المالية.

د. عبدالله الردادي

قمة العشرين… دور السعودية الفاعل في عالمنا المعاصر

ينتظر العالم انعقاد قمة العشرين يومي 20 و21 من الشهر الحالي في الرياض. وللأسف، لن تكون القمة بحضور رؤساء الدول والحكومات إلى العاصمة السعودية بسبب استمرار تفشي وباء الكورونا واشتداد «موجته الثانية» التي تضرب العالم أجمع. بيد أن هذا الأمر لن ينتقص من أهمية لقاء قادة أهم اقتصاديات العالم في لحظة حرجة ذات عنوانين رئيسيين: من جهة، يتعين أن تنصب كل الطاقات من أجل تسريع الخروج من هذه الأزمة الصحية التي تصيب الجميع. ومن جهة ثانية، يتعين إعادة إطلاق عجلة الدورة الاقتصادية على أسس جديدة تحترم، أكثر من أي وقت مضى، المعايير البيئية. لذا، فإن المناقشات والمحادثات التي ستحصل في إطار القمة المنتظرة ستوفر فرصة للتداول الضروري على المستوى الدولي من أجل التفاهم بشأن الأسس التي يجب أن تقوم عليها عملية إعادة إطلاق الاقتصاد المستدام.

إن قمة الرياض مهمة بحد ذاتها للعالم أجمع. إلا أن أهميتها ترتدي طابعا خاصا بالنسبة للملكة السعودية والعالم العربي بشكل عام. ذلك أنها ستشكل أول حدث من هذا النوع وبهذه الأهمية يجري برئاسة عربية. وفي نظري، فإنه يعكس الموقع الذي تحتله المملكة السعودية في عالم اليوم إضافة لكونها أصبحت، بمعنى ما، الناطقة باسم العالم العربي.

وفي زمن تتفاعل فيه التوترات على المستوى الدولي وتحديدا في منطقة الشرق الأوسط، فإن قمة الرياض ستوفر المناسبة لقادة المملكة السعودية لكي يعبروا عن مواقفهم ومخاوفهم وتوقعاتهم ومقترحاتهم من أجل إعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة الاستراتيجية بالنسبة للعالم أجمع.

وتتعين الإشارة إلى أن وصول الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن إلى البيت الأبيض في الأسابيع القادمة يمكن أن يشكل عاملا يفتح آفاقا جديدة قد تساعد على دفع التعاون الدولي. ولا شك أن القادة المجتمعين سيتداولون بهذه المسألة خلال محادثاتهم على هامش أعمال القمة.

بيد أن هذا اللقاء الدولي الافتراضي على أعلى مستوى سيوفر فرصة استثنائية لإبراز التغيرات والتحولات المهمة التي تشهدها المملكة السعودية أكان ذلك على المستويين الثقافي والاجتماعي أو تحديث المؤسسات أو إطلاق المشاريع الإنمائية الأساسية قيد التنفيذ. وفي نظري، فإن مجمل هذه العناصر من شأنها أن توفر فرصا مهمة ومفيدة للتعاون بين المملكة السعودية وشركائها ويفترض أن تكون حافزا لجذب الاستثمارات الدولية في الاقتصاد السعودي.

من هنا، وبشكل عام، فإن القمة المرتقبة ستكون مفيدة جدا للمملكة السعودية لأنها ستعكس صورتها كدولة مهمة ذات إمكانيات تنموية واستثمارية واسعة ومتنوعة وتشمل جميع القطاعات. والأهم أنها ستبين أن المملكة تلعب بشكل كامل دورها كدولة رئيسية بين الأمم في عالمنا المعاصر.

– سفير فرنسا السابق في الرياض

برتراند بيزانسيو

الإدارة الأميركية الجديدة والسياسة التجارية

إذا انتهى الأمر بمواجهة عدائية مع مجلس الشيوخ، فإن الرئيس المنتخب جو بايدن سيجد صعوبات كبيرة في عمل تغييرات شاملة في سياسة البلاد.

وسواء كانت للأفضل أو للأسوأ، فقد توسعت السلطة التنفيذية بالدرجة التي تجعل بايدن قادراً على إحراز تقدم على عدد من الجبهات من دون معارضة «الحزب الجمهوري» لذلك. أحد مجالات تلك الفرص هي التجارة، حيث سيكون لبايدن القدرة على تغيير العديد من السياسات لإدارة دونالد ترمب لتعزيز التجارة مع الحلفاء والحلفاء الجدد، مع الحفاظ على المنافسة التكنولوجية مع الصين.

سيكون أول مطلب تجاري هو إزالة كل التعريفات الجمركية على البلدان المتقدمة مثل كندا واليابان، وكذلك في أوروبا. ففي الوقت الحالي، تثير الرسوم الجمركية التي يفرضها ترمب على هذه الدول شرارة انتقامية خطيرة وعكسية تماماً.

هذا درب من الجنون، لأن التجارة مع كيانات مثل الاتحاد الأوروبي ودول مثل اليابان وكندا لا تشكل تهديداً للعمال الأميركيين، وذلك لأنَّ لديهم أيضاً أجوراً عالية وحماية قوية للعمالة والبيئة. كما أنَّه لا يمثل تهديداً للتفوق التكنولوجي للولايات المتحدة، لأنَّ هذه الدول جميعها تحترم حقوق الملكية الفكرية.

أخيراً، فهذه الدول حليفة للولايات المتحدة وستكون أساسية في المنافسة الجيوسياسية مع الصين، ولا يوجد سبب على الإطلاق للاحتفاظ بأي من تلك التعريفات، ويتعيَّن على بايدن إلغاء ما يسمح به القانون على الفور.

ستكون الخطوة الأكثر إثارة للجدل هي إعادة الانضمام إلى الشراكة عبر المحيط الهادي. كان إلغاء هذه الاتفاقية التجارية متعددة الأطراف، التي عارضها السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز أيضاً، من أولى خطوات ترمب عند توليه منصبه في عام 2017. ولكن بفضل جهود القادة في منطقة آسيا والمحيط الهادي، فقد جرى الإبقاء على «اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي» وتحسينها منذ ذلك الحين، وهي جاهزة وتنتظر عودة الولايات المتحدة. ولا يمكن لبايدن المصادقة على اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي من دون الكونغرس، لكن يمكنه العودة إلى المفاوضات.

إلى جانب رد الفعل العام ضد فكرة التجارة الحرة، واجهت الشراكة عبر المحيط الهادي معارضة من الحزبين لسببين. أولاً، احتوت على أحكام مرهقة للملكية الفكرية، وقد تم إلغاؤها الآن. ثانياً، تشمل المعاهدة فيتنام، وهي دولة فقيرة، لكنها تتميز بالتصنيع السريع وتحاول جذب استثمارات صناعية بتكاليف عمالة منخفضة. وقد جعلت تجربة الولايات المتحدة مع الصين في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الكثيرين ينتابهم الخوف من فتح التجارة مع هذه البلدان. في الواقع، من الممكن أن يؤدي تحرير التجارة مع فيتنام إلى ممارسة بعض الضغوط المحدودة للأسفل على الأجور الأميركية.

لا يتعدى حجم فيتنام عُشر حجم الصين، ولا تملك الطاقة الرخيصة والدعم الحكومي السخي الذي جعل الصين قادرة على المنافسة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكنها ستكون قادرة على استيعاب قدر ضئيل من الاستثمار المتدفق الآن من الصين، ومن المرجح أن يأتي ذلك على حساب شركاء تجاريين آخرين للولايات المتحدة مثل المكسيك وليس على حساب العمال الأميركيين.

في الوقت نفسه، ستكون فيتنام شريكاً مهماً للولايات المتحدة ضد الصين. فقد كانت فيتنام منافساً إقليمياً للجمهورية الشعبية منذ السبعينات، وعندما خاض البلدان الحرب كانت فيتنام بالطبع هي المنتصرة، ويوجد بينهما حالياً نزاع إقليمي نشط في بحر الصين الجنوبي. إن مساعدة فيتنام في تنمية اقتصادها بسرعة من خلال تصدير البضائع إلى الولايات المتحدة والدول الآسيوية مثل اليابان وكوريا الجنوبية، من شأنها أن تعزز قدرتها على مقاومة التعدي من قبل أكبر منافس لأميركا. وإذا قررت إندونيسيا الانضمام إلى «اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي»، فستكون الحسابات متشابهة.

حتى خارج فيتنام وإندونيسيا، تعد الجغرافيا السياسية سبباً لم يتم تقديره بجدية لإعادة الدخول إلى «اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادي»، فهو يخلق كتلة تجارية من الدول الآسيوية تتمحور حول الولايات المتحدة بدلاً من الصين، مستفيدة من دور آسيا الناشئ كمركز الثقل الاقتصادي في العالم بطريقة تساعد أيضاً في تحقيق التوازن في المنطقة.

ويقودنا ذلك إلى الجانب الأخير من سياسة بايدن التجارية – الصين. وهناك كل الدلائل التي تشير إلى أن سياسة بايدن في الصين سوف تكون شبيهة لصقور ترمب، إن لم تكن أكثر من ذلك. إن المنافسة الجيوسياسية العامة أمر حتمي لا مفر منه.

يعتزم بايدن، على النقيض من ترمب، أن يتحدى الصين باستعادة القيادة التكنولوجية والقوة الاقتصادية إلى الولايات المتحدة، وبجمع الحلفاء من حوله. ولا بد أن تكون الشراكة عبر المحيط الهادي جزءاً من هذا. ولكن الأمر سوف يتطلب أيضاً مقاومة هيمنة التكنولوجيا الصينية. ولا بد أن يستمر هذا الجانب من حرب ترمب التجارية المتمثلة في النضال من أجل تفوق التكنولوجيا الفائقة بشكل أو آخر.

لذا يتعيَّن على بايدن أن يستمر في مقاومة هيمنة شركة «هواوي» للتكنولوجيا على البنية الأساسية العالمية للاتصالات. ويتعيَّن عليه أن يستمر في التدقيق في الاستثمارات الصينية عن طريق «لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة»، وأن يضغط على الصين للحد من التجسس الصناعي.

ولأنه في حالة التعريفات تصبح الحسابات أكثر تعقيداً، سيتعين على بايدن العمل على إزالة التعريفات المفروضة على المدخلات الوسيطة التي تستوردها شركات التصنيع الأميركية من الصين، وذلك لأنَّ هذه التعريفات ببساطة تزيد من تكاليف المنتجين الأميركيين وتضر بالقدرة التنافسية في نهاية المطاف. ولكن التعريفات الجمركية على السلع الصينية تامة الصنع (خصوصاً السلع عالية القيمة) لا بأس بها، ومن الممكن استخدامها وسيلة ضغط لدفع الصين إلى رفع قيمة عملتها. وبشكل عام، يمكن لبايدن استخدام السلطة التنفيذية لتحديد توجه جديد للسياسة التجارية الأميركية.

إن مفهوم التجارة الجمعية الحرة (إنتاج عدة دول للسلعة نفسها في الوقت نفسه) بمفهومها القديم قد ولَّى، ولذلك فإن حرب ترمب التجارية الهدَّامة ليست الطريق إلى الأمام. ولذلك لا بد من إعادة تنظيم السياسة التجارية حول خطوط استراتيجية تعتمد على تحرير التجارة مع الحلفاء، وفي الوقت نفسه مواصلة الضغط في مواجهة محاولات الصين انتزاع الدور التقليدي للولايات المتحدة باعتبارها مركز الاقتصاد العالمي.

نوح سميث

ترمب والعجز التجاري

انتهت رئاسة ترمب، على الأقل هذا ما يبدو ظاهراً حتى هذه اللحظة، إلا إذا حصلت المعجزة وتمكن ترمب من التوصل إلى حل قانوني يشكك في نزاهة الانتخابات، وهو أمر غير محتمل بناء على المعطيات الحالية. ترمب لم يرشح لفترة ثانية، آخر مرة حصل فيها ذلك كان في عهد بوش الأب، الذي خسر أمام المرشح الديمقراطي بيل كلينتون. امتلأت حملة ترمب الانتخابية بوعود على مستويات عدة، سياسية وأمنية وتجارية واقتصادية. ولما جاء وقت الحساب، وجد الناخب الأميركي أن كثيراً من هذه الوعود لم ينفذ، بل على العكس فقد ساء الوضع في بعضها.

أول وعود ترمب كان الملف الأول الذي ابتدأ به، وهو العجز التجاري بين الصين وأميركا. فترمب كان على قناعة أن الصين «تغتصب» الاقتصاد الأميركي على حد تعبيره. وكثرت المفردات الشبيهة في خطاباته، فهي تستغل الولايات المتحدة، وتسرقها، وتستفيد من طلب مستهلكيها. وحين تسلم ترمب كرسي الرئاسة، كان العجز في التبادل التجاري بين البلدين 347 مليار دولار، وفي نهاية 2019. كان هذا العجز قد وصل إلى 345 مليار دولار، أي أنه نقص ملياري دولار فحسب! هذه هي القصة القصيرة للعجز التجاري بين البلدين. والذي من أجله أقيمت حرب اقتصادية شرسة احتوت على تصاريح نارية ومفاوضات طويلة. والمثير بالأمر أن ترمب طالب ناخبيه قبل تسلمه كرسي الرئاسة أن يقيّموه بناء على هذا الرقم عند نهاية فترته الرئاسية. ولكن الأمر لا يتوقف على الفارق بين هذين الرقمين، فالعجز في 2018 وصل إلى 418 ملياراً قبل أن ينخفض في العام الذي يليه 74 ملياراً أي بنسبة 18 في المائة. ذلك أن معظم فترة ترمب كانت في مفاوضات وأخذ ورد بينه وبين الصينيين، الذين حرصوا كل الحرص على أن تطول فترة المفاوضات بينهم وبين الولايات المتحدة، بأمل ألا يتحصل ترمب على فترة رئاسية ثانية، وكان لهم ما أرادوا.

وكان من المتوقع لو تحصّل ترمب على فترة رئاسية ثانية أن يستمر هذا العجز بالانخفاض ليصل إلى 21 في المائة في منتصف 2020. ولكن الجائحة حدثت وكان لحيثياتها تأثير جوهري في خطط ترمب. وترمب نفسه أدرك في وقت ما أن ملف الحرب الاقتصادية مع الصين ليس في مصلحته، فتوقف عن الحديث عن الصين وعن التبادل التجاري معها، وكأنه لا يريد للإعلام أن يستكشف هذا الملف ويثيره، ولم يعد يذكر الصين في الأشهر الأخيرة إلا بالتسبب بالجائحة. هذه الجائحة تمكنت وبكل نجاح من نسف غالبية المكتسبات الاقتصادية التي حققها ترمب، وأول هذه المكتسبات هي معدل البطالة التي وصلت أثناء الجائحة إلى 14 في المائة بعد أن وصلت إلى مستوى منخفض لم تصله منذ خمسين عاماً، لتستقر الآن على 8 في المائة. ولم يستطع ترمب استغلال هذه الورقة بسبب الجائحة وما فعلته.

انتقد ترمب أثناء حملته الانتخابية الرئيس السابق أوباما بسبب العجز ميزانية البلد، ولكن في آخر سنة له، تعدى العجز في ميزانية بلده التريليون دولار، أي ما يوازي 5 في المائة من الناتج القومي الأميركي. وهو أعلى حد بلغه العجز منذ فترة أوباما في سنوات ما بعد الأزمة المالية. أما من ناحية الدين العام على أميركا، فقد وعد ترمب قبل رئاسته بنسف هذه الديون، والتي كانت 10 تريليونات في عهد بوش الابن، وارتفعت إلى 20 تريليوناً في فترتي أوباما، ووصلت في 2019 إلى 26 تريليوناً، أي 79 في المائة من الناتج القومي الأميركي، وليس للجائحة علاقة بارتفاع الدين العام إلى 26 ترليوناً، فهذا الرقم كان قبل الجائحة. أما بعدها، فيتوقع أن يصل الدين العام في نهاية 2020 إلى 98 في المائة. وعن النمو الاقتصادي، فبلغ معدل النمو السنوي للاقتصاد 2.5 في المائة لترمب، بينما كان هذا الرقم 2.1 و2.3 في المائة في عهدي بوش الابن وأوباما. أي أن الفارق في النمو لم يكن كبيراً، مع ذكر أن الاقتصاد كان أكثر صعوبة في عهد أوباما منه في حقبة ترمب.

راهن ترمب على الاقتصاد قبل تسلمه الرئاسة، وعمل طيلة فترته الرئاسية لرفع الاقتصاد الأميركي، نجح في بعض من خططه، وفشل في بعضها الآخر ولم تتغير الخريطة التجارية لأميركا كثيراً في فترته. وجل ما نجح فيه مسحته الجائحة بشكل شبه تام. ولم تشفع له إدارته الداخلية للبلاد بترشيحه رئيساً لفترة ثانية، فلم يتعامل مع انتشار الفيروس بشكل جدي في البداية، مما أدى إلى تفشيه بشكل مروّع، ولم يستطع امتصاص غضب المتظاهرين في حادثة مقتل «فلويد». والعالم اليوم يتطلع للرئيس الجديد «بايدن»، لا سيما الشركاء الاقتصاديون أمثال الصين وكندا والمكسيك والاتحاد الأوروبي، والذين عانوا طيلة السنوات الأخيرة من ضغوطات ترمب عليهم. ولكن من السذاجة الظن أن «بايدن» سيتخلى عن سياسة ترمب التجارية بهذه البساطة، لا سيما أن ترمب تجاوز مراحل المفاوضات بهذه السياسات إلى المراحل الأولى من التطبيق، وسيكون من المثير للاهتمام مرأى «بايدن»، وهو يستمر بهذه السياسة.

د.عبدالله الردادي

سراب الطفرة الاقتصادية القياسية في أميركا

يحق لأي اقتصاد ينمو بمعدل 33 في المائة أن يزعم بكل ثقة أنه يحلق بطائرة نفاثة. فعندما يتعلق الأمر بالاقتصاد الأميركي، فإنك تتحدث عن قوة طاغية قوامها 20 تريليون دولار هي الأكبر في العالم. كما أن «مكتب التحليل الاقتصادي» الأميركي أعلن أن الاقتصاد الأميركي في الربع الثالث من العام كان الأكثر تفجراً منذ الحرب العالمية الثانية على الأقل.
هي أخبار سارة للعمال وللعائلات الذين يكافحون للتنقل في ظل انتشار «كورونا»، وكذلك لمجتمع الأعمال. يعطي هذا الخبر فرصة للرئيس ترمب للترويج لأخبار اقتصادية رائعة وإعلان مسؤوليته عن توجيه كل شيء لهذا المسار السعيد.
في الواقع، أطلقت حملة ترمب بالفعل إعلانات توقعت إطلاق «مكتب التحليل الاقتصادي» لعبارة على شاكلة «أعلى ناتج محلي إجمالي في التاريخ الأميركي» و«بفضل الرئيس ترمب الاقتصاد الأميركي في تحسن»، ليصبحا شعارات الحملة الانتخابية لترمب.
لكن كل هذا ليس سوى مبالغات جامحة حتى بالنسبة لترمب وحتى بمعايير المبالغة في الحملة والسبب هو، أولاً، لم ينمُ الاقتصاد فعلياً بنسبة 33 %. فكما أوضح زميلنا الكاتب في «بلومبرغ» أوستن فوكس، فإن نمو الناتج المحلي الإجمالي الرئيسي هو معدل سنوي – ما يعني أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنحو ربع المبلغ المعلن في الربع الثالث، أي بواقع أقرب إلى 7.4 %. لكن هذا الرقم يأتي عقب أكبر انخفاض على الإطلاق، بنسبة تتخطى 10 % في النصف الأول من العام الجاري. لذا، حتى بعد الربع الثالث المشجع، لا يزال الناتج المحلي الإجمالي منخفضاً بنسبة 3.6 % منذ أن بدأ الوباء في التفشى، وهو ما يمثل واحداً من أشد الانكماشات بعد الحرب.
لكن ما السبب وراء الأرقام المرتفعة مؤخراً؟ الإجابة هي أنه كان هناك بعض حسن الحظ والكثير من المساعدة من دافعي الضرائب والحكومة الفيدرالية.
فقد اجتمع الكونغرس والاحتياطي الفيدرالي معاً في مارس (آذار) لتصميم خطة إنقاذ بقيمة 7 تريليونات دولار أبقت ملايين العمال على كشوف المرتبات خلال فصل الصيف، والعديد من الأميركيين العاطلين عن العمل تم إسكانهم وإطعامهم. كما أنه سمح للأسواق المالية بالاستمرار في العمل بسلاسة. كذلك خفف «كوفيد – 19» هجومه قليلاً في أغسطس (آب) وسبتمبر (أيلول)، ما قد يمنح المستهلكين مزيداً من الشجاعة للمغامرة.
ومع ذلك، فإن تلك الرياح الخلفية تتلاشى، إذ التزم رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، فعل كل ما هو ممكن لدعم الاقتصاد، لكن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا يمكنه فعل الكثير، ولهذا السبب حث باول الكونغرس على تقديم مزيد من المساعدات الفيدرالية. وبدلاً من الرد على هذه المكالمة، فقد تردد الكونغرس لأسابيع حول حجم خطة الإنقاذ المقبلة، حيث رفض الجمهوريون وضع حزمة إغاثة كبيرة على الطاولة.
في غضون ذلك، أعاد كورونا تأكيد نفسه في جميع أنحاء البلاد، مهدداً الحياة والأسر والاقتصاد والوظائف مرة أخرى. كل هذا يشير إلى المزيد من الانكماش الاقتصادي، وفي الواقع، الاقتصاد يسير في تباطؤ فعلي. يتمثل أحد عيوب حسابات الناتج المحلي الإجمالي في أنها تقاس كل ثلاثة أشهر ويتم الإبلاغ عنها بفارق شهر تقريباً، لذا فهي لا تقدم التقييم الأكثر دقة من ناحية الوقت. طريقة واحدة للتغلب على ذلك هي النظر إلى المقاييس الاقتصادية التي يتم تجميعها بشكل متكرر، وكثير منها يظهر الاقتصاد الذي تباطأ بشكل ملحوظ خلال الربع الثالث.
تحكي البيانات الشهرية الأخرى قصة مماثلة، فقد انتعش مؤشر «ونفرنس بورد» للمؤشرات الاقتصادية الرئيسية بشكل حاد في مايو (أيار) ويونيو (حزيران)، لكنه نما ببطء أكثر كل شهر منذ ذلك الحين.
دعونا لا ننسى الوظائف، فبعد أن أضاف الاقتصاد 7.5 مليون وظيفة جديدة في مايو ويونيو، تباطأت وتيرة نمو الوظائف في كل شهر لاحق. إذا كان الاقتصاد سيعتمد على الوظائف التي تم استحداثها بمعدل سبتمبر، فسيتعين عليه الانتظار 16 شهراً أخرى لاستعادة جميع الوظائف التي فقدناها جراء الوباء.
توترت سوق الأسهم الأميركية أيضاً مؤخراً، حيث تراجعت بنسبة 6 % الأسبوع الماضي، ما قد يشير إلى أن فيروساً متجدداً ونقص المساعدة الفيدرالية قد يلحقان الضرر بأرباح الشركات التي صمدت بشكل مفاجئ حتى الآن.
يعلم ترمب شأن أي شخص أن الاقتصاد لا يزال يتأذى، على الرغم من صخبه بشأن العودة. لهذا السبب يطالب الكونغرس بإنفاق أكثر من 2.4 تريليون دولار التي يقترحها الديمقراطيون. إنه اعتراف ليس فقط بأن الاقتصاد هش، لكن أيضاً بأن للبيت الأبيض تأثيراً أقل عليه مما يعتقد كثير من الناس.
أدى هذا الوعي إلى تنشيط مفاوضات وزير الخزانة، ستيفن منوشين، مع رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، لكن الجمهوريين في مجلس الشيوخ يفتقرون إلى نفس الشعور بالإلحاح. وبعد أن حصلت إيمي كوني باريت على مقعد في المحكمة العليا، أجل زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، انعقاد مجلس الشيوخ حتى 9 نوفمبر (تشرين الثاني) بدون تصويت على إغاثة «كوفيد – 19».
على أي حال، دعونا نحتفل بربع عام رائع ثم نعود إلى منح الاقتصاد الأميركي الدعم الذي يحتاجه.

نير كايسار

قطاع الطيران يغرق

لا يغيب عن عاقل تأثر قطاع الطيران في جائحة كورونا، فهو أحد أكثر القطاعات تأثرا من الناحية الاقتصادية، ولا يزال هذا القطاع في خسائر مستمرة حتى هذه اللحظة، فبلغت خسائره هذا العام أكثر من 84 مليار دولار، وانخفضت عوائده بأكثر من 420 مليارا. ولا تزال شركات الطيران في تخفيض مستمر لعدد الموظفين فيها، داخلة نفقا مظلما لا تدري حتى الآن ما نهايته. وعدم المعرفة هذه سبب رئيسي في تخبط قطاع الطيران في الوقت الحالي، حتى الآن لم تتفق الدول في أنظمة فتح الحدود. عدم الاتفاق هذا قلل من حجز التذاكر للأشهر المقبلة، وهو ما كان يساعد شركات الطيران في التخطيط لمستقبلها القريب من ناحية السيولة المادية وكذلك معرفة الاحتياج الوظيفي لديها. ولهذا السبب فقد اضطرت الكثير من شركات الطيران لإعلان إفلإسها والخروج من السوق، وهو أمر غير مستبعد اليوم لأي شركة طيران في العالم مهما كان حجمها.
وما يدلل على عظم أزمة الطيران في الوقت الحالي، المعاناة التي تشهدها الشركات المصنعة للطائرات، وهما شركتا «إيرباص» و«بوينغ»، فبعد أن كانت شركات الطيران تتسابق للحصول على رقم في ترتيب طلبات الطائرات والتي قد تصل إلى أكثر من ثلاث سنوات، أصبحت الآن الشركات المصنعة لا تجد مستلما لطائراتها المصنعة، ووصل عدد الطائرات غير المتسلمة لدى الشركتين إلى 622 طائرة في بداية الشهر الحالي. وقد كان رقم الطائرات المسلمة في السابق يساوي رقم الطائرات المصنعة، أي أن الشركتين لم تكونا بحاجة إلى تخزين الطائرات بعد التصنيع. أما الآن فالوضع اختلف كليا، وأصبحت حتى الشركات المشترية للطائرات، تأخذها إلى المخازن فورا، فلا وجود للمسافرين حتى تنقشع هذه الغمة.
وما يزيد الطين بلة لدى شركات الطيران، توقعاتهم المستقبلية لصناعة الطيران. فقد كانت هذه الشركات تعتمد بشكل كبير في السابق على درجة الأعمال والتي كانت إلى حد كبير تغطي تكلفة الرحلات، وتبقى مقاعد الدرجة السياحية ربحا خالصا لهذه الشركات. وقد أوضحت إحصائية سابقة أن ما يقارب من40 في المائة من عوائد الإماراتية للطيران تأتي من درجة الأعمال والدرجة الأولى. أما اليوم وبعد أن دارت عجلة الأعمال بواسطة الاجتماعات الافتراضية، فمن المتوقع انخفاض الطلب على درجة الأعمال بشكل كبير. ولذلك فإن الكثير من شركات الطيران قد تضطر مستقبلا إلى إعادة النظر في نموذج أعمالها، بل إنها قد تضطر له في الوقت الحاضر، في حال احتياجها إلى تمويل يتطلب تقييما للمخاطر المستقبلية.
وصناعة الطيران لا تستند فقط على الأرباح فحسب، بل تشكل أهمية استراتيجية للكثير من الدول، ووجودها قد يعني سهولة قدوم السياح ووجود البلد على خارطة المسافرين. ولذلك فإن إعلان إفلاسها مضر بالاقتصادات المحلية بكل تأكيد. ولذلك فقد سارعت العديد من الدول إلى تحفيز قطاع الطيران من خلال حزم المساعدات. فقدمت دول مثل اليابان وعديد من الدول الأوروبية مساعدات لطيرانها، ولم يكن عجز الميزانيات للدول عذرا في عدم تقديم المساعدات، فقد قدمت أستراليا دعما لخطوطها المحلية رغم العجز في ميزانياتها. وقدمت الولايات المتحدة حزمة سابقة بنحو 25 مليار دولار لخطوط الطيران، وهي الآن بصدد إطلاق حزمة مساعدات أخرى برقم يقارب هذا المبلغ. ويبلغ حجم قطاع الطيران في الولايات المتحدة قرابة 1.7 تريليون دولار، موجدة أكثر من 10 ملايين وظيفة غير مباشرة ونحو نصف مليون وظيفة مباشرة.
إن دعم الحكومات لقطاع الطيران أمر لا مفر منه، ماذا وإلا فإن هذه الشركات عرضة للإفلاس كما لم تكن من قبل، وفيما كانت المساعدات خلال الأشهر الماضية تشمل كثيرا من قطاعات الأعمال، إلا أنها الآن قد تكون محددة على قطاعات معينة دون الأخرى، وقطاع الطيران هو أحد هذه القطاعات بلا أدنى شك. وقد عانى هذا القطاع في الماضي كثيرا بسبب كثرة المنافسات والمصاريف التشغيلية، ولكنه الآن يعاني من أمر لا قبل له به. والأمر واضح للجميع، فإن لم تساعد الحكومات شركات الطيران في الوضع الراهن، فإنها مقبلة على إعلانات إفلاس بالجملة، يصاحبها ارتفاع في معدلات البطالة، ومستقبل مجهول لصناعة هي أحد أهم الأسباب في تطور العالم كما هو اليوم.
د. عبدالله الردادي.

«مايكروسوفت» المتجددة

تعد «مايكروسوفت» شركة «عجوزاً» في عالم التقنية مقارنة بمثيلاتها من الشركات التقنية، فباستثناء «أبل» التي تصغر «مايكروسوفت» بعام واحد، فإن معظم الشركات التقنية الحالية أسست في منتصف التسعينات، وأفلس كثير منها في أزمة «دوت كوم» عام 2000. ومرت «مايكروسوفت» بتقلبات الأسواق خلال الخمسة وأربعين عاماً منذ تأسيسها حتى الآن، إلا إن استراتيجية الشركة المتجددة مكّنتها من الصمود أمام هذه التقلبات؛ بل إن «مايكروسوفت» استفادت من هذه التغيرات السوقية بشكل خدم مصالحها. ولمعرفة مدى هذه الاستفادة تكفي نظرة واحدة إلى أداء سهم «مايكروسوفت» خلال السنوات العشر الماضية؛ حيث بدأ سهم الشركة عام 2010 بسعر لا يتجاوز 30 دولاراً، وتعدى الآن حاجز 200 دولار. هذا الارتفاع نتيجة استراتيجية الشركة منذ منتصف العقد الماضي التي استهدفت أن تكون «مايكروسوفت» أحد اللاعبين الكبار في عدد من القطاعات ذات النمو العالي.
والمطلع على محفظة «مايكروسوفت» الاستثمارية اليوم يجد فيها كثيراً من التنوّع، كما هو ديدن كثير من الشركات التقنية الأخرى، مثل «أمازون» و«فيسبوك» و«غوغل». فبالإضافة إلى نشاطها المعروف بأنظمة التشغيل والأجهزة الحاسوبية، تستثمر «مايكروسوفت» في الخدمات السحابية؛ وهو من أكبر قطاعاتها وأكثرها ربحية اليوم، وفي مبيعات الإعلانات، والألعاب، وبرمجيات الواقع المعزز، ومحركات البحث، وبرمجيات التواصل الاجتماعي… وغيرها من الاستثمارات التي تستند بشكل جوهري إلى التقنية.
ونوّعت «مايكروسوفت» في محفظتها الاستثمارية من خلال عمليات الاستحواذ التي وصلت إلى 225 عملية استحواذ منذ إنشاء الشركة عام 1975 بمعدل 6 استحواذات سنوياً. ولعل أشهر هذه العمليات استحواذ «مايكروسوفت» على موقع «لينكدن» بنحو 26 مليار دولار في عام 2016، وعلى «سكايب» في 2009 بـ8.5 مليار دولار، وهما الأكبر في تاريخ الشركة. كما استحوذت في عام 2014 على شركة «نوكيا» للهواتف الذكية بصفقة زادت على 5 مليارات دولار. ولعل آخر استحواذ لـ«مايكروسوفت» يعطي فكرة عن استراتيجياتها تجاه عمليات الاستحواذ. فمنذ الأسبوع الماضي أصبحت شركة «زينيماكس» ملكاً لـ«مايكروسوفت» بمبلغ قارب 7.5 مليار دولار، وهو ثالث أكبر استحواذ في تاريخ «مايكروسوفت». و«زينيماكس» إحدى أشهر شركات واستوديوهات الألعاب رغم عدد موظفيها الذي لا يزيد على 2300 موظف.
وترى «مايكروسوفت» مستقبلاً واعداً في قطاع الألعاب، والواقع أن هذا القطاع الآن ضخم بشكل لا يصدق. فحجم قطاع الألعاب اليوم يزيد على حجم «هوليوود» وقطاع الموسيقى مجتمعين! ومبيعاته هذا العام قد تتخطى 160 مليار دولار، ويتوقع أن تزيد على 200 مليار العام المقبل. وفي حين كان عدد من يلعبون الألعاب الإلكترونية قبل 15 عاماً لا يتعدى 200 مليون، فهو يزيد اليوم على 2.7 مليار لاعب غالبيتهم يستخدمون الهواتف الذكية للألعاب؛ حيث تبلغ نسبة الألعاب المحمّلة على أجهزة «آيفون» 72 في المائة من مجموع التطبيقات المحمّلة من متجر تطبيقات «أبل». و«مايكروسوفت» مستثمرة فعلاً في قطاع الألعاب منذ 2001 بجهازها المشهور «إكس بوكس». إلا إن استثمارها في «زينيماكس» له معانٍ مختلفة. فمبيعات أجهزة الألعاب بدأت فعلاً في الانخفاض مؤخراً، وما يباع من أجهزة الألعاب في 10 سنوات يباع في سنة واحدة من الهواتف الذكية. وباستحواذ «مايكروسوفت» على شركة برمجيات للألعاب مثل «زينيماكس»، فهي تستثمر في محتوى الألعاب أكثر من استثمارها في الأجهزة التي يتم من خلالها اللعب، والتي يمكن أن تتغير مع الوقت بتطور التقنية. وقد سبق لـ«مايكروسوفت» الاستثمار في اللعبة الشهيرة «ماينكرافت» بشرائها بـ2.5 مليار دولار.
إن تجدد «مايكروسوفت» المتواصل هو سبب حفاظها على مكانتها في السوق على مدى 4 عقود ونصف. فالشركة، رغم امتلاكها ميزات لا يمكن منافستها مثل أنظمة التشغيل والبرمجيات المكتبية، تواصل تجديد وتنويع استثماراتها. والشركة بخبرتها العريقة في القطاع التقني تدرك أن من يأمن هذا القطاع مصيره الخروج من السوق. ولذلك كان الاستثمار في المحتوى مؤخراً أكثر من الأجهزة. ولا تزال «مايكروسوفت» ماضية في هذا التنويع، وكانت آخر هذه المحاولات في المنافسة على الاستحواذ على التطبيق الصيني «تيك توك» وهو ما يعني أن «مايكروسوفت» قد تبدأ استثمارات ترفيهية إضافة إلى الألعاب، ومن يدري؛ فقد يكون لها استثمار مستقبلي في الأفلام، كما هي الحال مع «أبل» و«أمازون».

د. عبدالله الردادي.

كيف تعافى الاقتصاد الصيني؟

أصدرت الصين الأسبوع المنصرم تقريرا يوضح الأداء الاقتصادي لها، أثار الكثير من المتابعين الاقتصاديين، وأغاظ البعض الآخر ممن يشككون في البيانات الصينية. وأوضحت البيانات التي أصدرتها الحكومة الصينية أن الإنتاج الصناعي للصين زاد في شهر أغسطس (آب) لهذا العام مقابل العام الماضي بنسبة 5.6 في المائة، وارتفعت استثمارات الأصول بأكثر من 4 في المائة، كما زاد الفائض في ميزان التبادل التجاري للصين بنحو 19 في المائة. ورغم انخفاض مبيعات قطاع التجزئة على الأشهر السبعة الأولى من السنة بنسبة 8.6 في المائة، فإن مبيعات شهر أغسطس لهذا العام شهدت مستوى أعلى من العام السابق بما يقارب 0.5 في المائة. والمطّلع على هذه الأرقام يرى أن الصين إما تعافت وإما قاربت للتعافي من الآثار الاقتصادية لجائحة «كورونا». وهو ما شكك فيه الكثيرون كون الصين هي أول من تضرر من هذه الجائحة بداية هذا العام، لشهرين على الأقل قبل أن تصل هذه الجائحة إلى غيرها من الدول.
وجاء هذا التعافي بسبب الإنفاق العالي للحكومة الصينية خلال الفترة الماضية، وهو إنفاق بدافع رغبة الحكومة الصينية زيادة نسبة التوظيف بعد ما حدث من زيادة نسب للبطالة خلال فترة الجائحة. وتمكنت الصين من رفع إنفاقها من خلال زيادة مشاريع البنى التحتية التي مكنت المصانع من زيادة إنتاجها بالمقابل. وقد عانت الصين كثيرا من ضعف الطلب المحلي لديها مقارنة ببقية دول العالم، فالطلب المحلي في الصين لا يتجاوز 39 في المائة من حجم اقتصادها، بينما يبلغ المتوسط العالمي 63 في المائة. لذلك فإن الصين تعتمد بشكل كبير على الصادرات في اقتصادها الوطني. ويرى المحللون أن لهذا الإجراء انعكاسا سلبيا في المستقبل، فالتعافي الاقتصادي يجب أن يكون بناء على زيادة طبيعية وصحية في الطلب، لا أن يُخلق الطلب من الحكومة كما فعلت الصين. كما أن الصين لا توفر إعانات للكثير من العاطلين فيها، فمن ضمن 80 مليون عاطل صيني خلال الجائحة، أقل من 3 في المائة يحصلون على إعانات حكومية. وجود هذه النسبة هو أحد أسباب انخفاض الطلب المحلي في الصين. ويرى البعض أن الصين لم تتعاف فعليا من هذه الجائحة، بدلالة أرقام مثل انخفاض نسبة استخدام المواصلات العامة في بكين بأكثر من 10 في المائة، وهو مؤشر لقلق الصينيين المستمر من فيروس «كورونا». كما يزيد البعض على هذه التشكيكات في مدى استفادة الصين من الجائحة، خاصة أنها وصلت الآن لمستوى تاريخي بكون سلعها المصدّرة تشكل أكثر من 13 في المائة من السلع العالمية.
في المقابل فإن للصين وجهة نظر أخرى، وهي أن جميع الحكومات العالمية تدخلت لحماية اقتصاداتها المحلية، وأن تدخلها المبكر ساهم في تعاف اقتصادي مبكر. وقد تكون وجهة النظر هذه صحيحة لعدة أسباب، منها أن انخفاض نسبة استخدام المواصلات العامة مبرر بزيادة ارتفاع مبيعات السيارات في الصين والتي زادت بنسبة 12 في المائة، وهو مبرر وعي لدى الشعب الصيني، لا لقلق من الجائحة. كما أن زيادة الإنتاج في الصين قابلتها زيادة في الصادرات وضحتها زيادة نسبة الصين من سلع الصادرات العالمية وكذلك زيادة فائض التبادل التجاري، مع أن ذلك يمكن أن يبرر بانخفاض صادرات الدول الأخرى، وبالتالي زيادة نسبة صادرات الصين حتى دون زيادة الصادرات نفسها. كما يُبرر لزيادة الإنتاج في المصانع الصينية أن الحكومة فرضت احترازات صحية على جميع المصانع، وما ساعد على نجاح هذه الاحترازات سهولة التحكم نسبيا في بيئة المصانع مقارنة بغيرها من أماكن العمل.
لطالما كانت الصين مصدرا للتشكك للكثيرين، وحيثيات الجائحة ساهمت في زيادة هذه التشكيكات. إلا أن نموذج الاقتصاد الصيني لا يوجد له مثيل في العالم، والحكومة الصينية تحكم قبضتها على الاقتصاد كما لا تفعل دولة حول العالم، رغم ضخامة هذا الاقتصاد. كما أن النمو المستمر للاقتصاد الصيني خلال العقود الماضية قد يبرر الاستمرار في النمو. هذا النمو الذي قد يستغربه البعض، يعد نموا ضئيلا جدا مقارنة بمعدلات النمو التي شهدتها الصين في السنوات الماضية. وهنا يتضح أن الصين تضررت فعلا من الجائحة كما هي الدول الأخرى، وأنها حتى وإن شهدت أرقاما اقتصادية إيجابية، إلا أن هذه الأرقام تعد ضئيلة مقارنة بالوضع في حال عدم وجود الجائحة. ويبقى الوقت هو الحكم في الإجراءات التي اتخذتها الصين، والتي تعودت على أن تتحدى قراراتها الاقتصادية بشكل مستمر، إلا أن النتائج تأتي بعكس هذه التحديات.
د. عبدالله الردادي.

عن خرافة السفينة الواحدة

شاع في بدايات أزمة «كورونا» أن الجائحة قد ساوت بين الناس في تعرّضهم لمخاطرها، وأن موبقاتها التي اجتاحت العالم لم تفرّق بين أغنى الدول وأفقرها، فعطلت الحياة في أكثر المدن ثراءً وأشد القرى فقراً. وانتشرت مقولة بأن الإعصار قد طال ركاب سفينة العالم من دون تمييز، وعلى الرغم مما في هذه المقولة من تهافت لتجاهلها حقائق التفاوت بين الناس من حيث الدخول والثروات والفرص والإمكانيات، فإنها انتشرت انتشار الوباء نفسه.
وتكمن خطورة مثل هذه المقولات المرسلة، متباينة البواعث والأغراض والنيات، في أن يتلقفها البعض فيوجّهون بها سياسات وموارد في غير وجهتها الواجبة، كما حدث من قبل في أزمات سابقة تسللت، في ظل الارتباك والصدمة، بمقولات مماثلة بعواقب وخيمة الآثار. وليست الأزمة المالية العالمية عنا ببعيد، حيث استفاد من حزم الإنقاذ الممولة من دافعي الضرائب أو بديون تحملها عموم الناس، مؤسساتٌ مالية وشركات كان بعضها شريكاً في صنع الأزمة بين جشع وتلاعب، فاختصمت من موازنات الدول مخصصات كان الأولى بها أن توجَّه إلى التعليم والرعاية الصحية ونظم الضمان الاجتماعي ومشروعات البنية الأساسية.
وللتذكرة، فإن أزمة الجائحة قد جاءت على عالم يعاني من هشاشة في اقتصاده، وأزمة ثقة سياسية بين أطرافه، وتوتر جيوسياسي وصراعات وحروب شهدها بعض أقاليمه من خلال حروب الوكالة وبتأجيج الفتن العنصرية والطائفية. كما تجاهل بعض قادة هذا العالم الأخطار المهددة لبقائه بتدهور مقومات المناخ والبيئة، غاضّين الطرف عن شواهد وأدلة علمية عن أثر هذا كله على الحياة بشح المياه ونقصان الغذاء، ومدى صمود المدن الساحلية خصوصاً في الدول النامية بارتفاع مستويات البحار والمحيطات، ناهيك باندثار جزر بأكملها.
ويبدو أن مروّجي مقولة السفينة الواحدة تناسوا أن 26 شخصاً فقط يستحوذون على نصف ثروات سكان العالم، وأن أكثر من ثلثي سكان العالم يعيشون في اقتصادات تزايدت فيها مؤشرات عدم العدالة في توزيع الدخل، وأن المؤشرات متعددة الأبعاد للفقر وفرص التنمية ازدادت سوءاً عند الأخذ في الاعتبار عناصر الجنس واللون والنوع الاجتماعي والأصول الاجتماعية والانتماء العرقي. وفي حين يجدر النظر إيجابياً إلى ما يمكن أن تُحدثه تكنولوجيا المعلومات من وثبات نوعية في حياة البشر من حيث التعلم واكتساب المهارات والمنافسة في الأسواق، فإن غياب خدمات الإنترنت عن 40% من البشر، والافتقار إلى النوعية فائقة السرعة عن نسبة أكبر، ينذر بتكريس وجه جديد من عدم العدالة بالحرمان من اكتساب المعارف وخدمات الشمول المالي والتجارة الإلكترونية والعمل.
وقد غاب عن أنصار مقولة السفينة الواحدة أنه من الإرشادات الصحية المتفق عليها للوقاية من الوباء هي غسل الأيدي والتباعد الاجتماعي، ولكن أنَّى للمحرومين من المياه النقية البالغ عددهم 2.2 مليار إنسان الالتزام بهذه التوصية، وضِعف عددهم محروم من خدمات المرافق الصحية ودورات المياه، وهم إنْ مرضوا سيواجَهون بحقيقة أن 25% من مراكز الرعاية الصحية المكدسة المخصصة لهم تفتقر إلى خدمات المياه الأساسية، وتلكم الأرقام مذكورة بتقارير صادرة قبيل الأزمة عن الأمم المتحدة و«يونيسيف» ومنظمة الصحة العالمية؟
ولا أحسب أصحاب مقولة السفينة الواحدة على دراية بأن أرقام من يعانون الفقر المدقع قد زادت لأول مرة منذ عام 1998 بمائة مليون إنسان دفعة واحدة، وفقاً لتقرير صادر عن البنك الدولي. ولعلهم لم يطّلعوا على التقارير المتوالية الصادرة عن منظمة العمل الدولية التي حددت خسارة سوق العمل ما يقترب من 500 مليون عامل فقدوا وظائفهم في القطاعات الرسمية المسجلة وأضعاف هذا الرقم في القطاع غير الرسمي.
ربما ضلّ أصحاب شعار السفينة الواحدة وهم يرون الناس في أمواج هائجة لعاصفة الجائحة فحسبوا أنْ لا فرق هناك بين ركاب سفن متينة الأركان، وأصحاب يخوت فاخرة سريعة المراوغة، وجموع من عموم الناس تتكدس في مراكب تميد بهم، وآخرين يتعلقون بحطام خشية الغرق.
حذّر من هذا الالتباس وتداعياته الأمينُ العام للأمم المتحدة في كلمته بمناسبة ذكرى الزعيم الأفريقي مانديلا في شهر يوليو (تموز) الماضي، داعياً إلى التعاون من أجل تخفيف وطأة آثار الجائحة على الأكثر تضرراً. هؤلاء الذين ستستمر معاناتهم من أزمة «كورونا» اقتصادياً حتى بعد احتوائها المنشود صحياً بافتراض توفير لقاح ناجع تصنيعاً وتوزيعاً، بعد اعتماده رسمياً، بما يحتاج إليه ذلك من تجسير فجوة تمويل تبلغ 34 مليار دولار لآلية تديرها منظمة الصحة العالمية التي تتابع تطوير 9 أنواع من اللقاحات الواعدة.
لا ينبغي أن تضل بنا خرافات السفينة الواحدة عما يعانيه عموم الناس من تهديد لحياتهم ولأسباب معيشتهم، خصوصاً مع استمرار لركود اقتصادي مصاحَب بتزايد احتمالات أزمة مالية، لن تمنعها مسكنات تسويف إرجاء أقساط الديون، رغم أهميتها في الأجَل القصير الذي لا يحتمل مزيداً من الآلام بتوجيه الموارد المحدودة للدول لسداد أقساط دائنين يتحملون الانتظار إلى حين. ولكن المسيرة المطلوبة لسداد الديون يعوقها تراجع النمو وزيادة البطالة واستمرار عدادات احتساب الفوائد المتراكمة على المتعثرين في ظل تجاوز المديونية العالمية رقم 300 تريليون لهذا العام، ارتفاعاً من 285 تريليون في ربعه الأول مع انكماش في الاقتصاد الدولي بمقدار 5%، بما يجعل التخلف عن سداد الديون أكثر احتمالاً لدول عالية المديونية، وشركات متعثرة، فضلاً عن الأفراد من القطاع العائلي الذي توسع في اقتراضه أيضاً.
في هذه الأثناء، ستتراجع المساعدات الإنمائية الدولية. فحتى إذا افترضنا أن الدول المانحة للمساعدات ستحافظ على نسبة المساعدات المقدمة لدخولها كما كانت في العام الماضي، فانخفاض دخولها بسبب الجائحة سيترتب عليه تخفيض هذه المساعدات بنحو 8% عن العام الماضي بما يقترب من 14 مليار دولار.
وفي الوقت الذي تنخفض فيه الاستثمارات الأجنبية بمقدار 40% وتحويلات العاملين بالخارج بنحو 20% عن العام الماضي، تستمر مهزلة تدفق الأموال غير المشروعة من الدول النامية بلا أي اعتبار لقانون محلي أو دولي، أو مواثيق مانعة لتهريب الأموال وغسلها أو اكتراث بأسس أخلاقية باستمرار فاحش في نهب الأموال باستخدام ألاعيب محاسبية في التهرب الضريبي والجمركي بما قدّرته منظمة «الأنكتاد»، في تقريرها الصادر الأسبوع الماضي، بنحو 90 مليار دولار سنوياً في حالة أفريقيا وحدها تكفي لتغطية نصف احتياجات القارة لتمويل أهداف التنمية المستدامة، بما في ذلك احتياجات التعليم والصحة والبنية الأساسية، من مواردها الأصيلة.
إن دعاوى أصحاب مقولة السفينة الواحدة، وزعمهم عما سبّبه الوباء من ديمقراطية في انتشار المرض ومساواة في مواجهة مخاطره، لا تباريها في ترويج الخرافات إلا الادعاءات بالاتفاق العام على حتمية العمل على العودة إلى أوضاع اقتصادية واجتماعية، كشف الوباء عن مدى تعاستها، لما كانت عليه.
د. محمود محي الدين.