أهمية صناديق الثروة السيادية لاقتصاد الدولة

تعدّ صناديق الثروة السيادية هياكل استثمارية تهدف إلى تنويع مصادر دخل الدولة وتحقيق الاستدامة المالية على المدى الطويل. من خلال تخزين جزء من إيرادات النفط في هذه الصناديق، يمكن للدولة تحقيق توازن بين استهلاك الثروة والاستثمار الذكي لضمان الازدهار المُستدام. وبالإضافة إلى ذلك، تمثل هذه الصناديق وسيلة للحفاظ على مستقبل الأجيال القادمة من خلال توجيه الاستثمارات نحو مشاريع تنموية مستدامة.

من المهم أيضاً أن نسلّط الضوء على الجانب الاقتصادي لهذه الصناديق. فعندما تكون الدولة معرّضة لمشكلات الفساد والرشوة، يمكن أن يساهم تأسيس صندوق الثروة السيادي في تقليل تلك المخاطر. حيث تعمل هذه الصناديق كجهة مستقلة تدير الأموال بشفافية ومسؤولية، مما يقلل من فرص التلاعب والفساد في إدارة الموارد الوطنية.

علاوة على ذلك، تساهم صناديق الثروة السيادية في تعزيز الاستقرار المالي والاقتصادي. فعندما تتم إدارة الثروة بشكل جيد واستثمارها في مشاريع تنموية، يمكن أن يحقق الاقتصاد نمواً مستداماً وتحسيناً في جودة الحياة للمواطنين. وهذا بدوره يقلّل من التوترات الاجتماعية ويعزّز من استقرار البلاد.

ويمكن أن نتعلم من التجارب الماضية وندرك أهمية تأسيس صندوق الثروة السيادي كوسيلة للحد من الفساد والرشوة وتحقيق التنمية المستدامة. على الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجهها الدولة في تطبيق هذا النموذج، إلا أن الاستفادة من الخبرات والممارسات الناجحة ستكون خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي في مواجهة التحديات الراهنة والمستقبلية.

وفي سبيل تحقيق الاستفادة القصوى من الثروات النفطية والغازية، أسّست النرويج صندوق الثروة السيادي في عام 1990، والمعروف باسم «صندوق الثروة السيادي النرويجي» أو الصندوق السيادي للتحفيز. يهدف الصندوق إلى توجيه جزء من إيرادات النرويج من مبيعات النفط والغاز إلى استثمارات طويلة الأجل، وذلك لضمان استدامة الثروة وتحقيق الازدهار المُستدام.

ما يُميّز تجربة النرويج في إدارة صندوقها السيادي، الشفافية والمسؤولية في إدارة الأموال. فالصندوق يعتمد على معايير محددة لاستثمار الأموال في مشاريع تستفيد منها الأجيال الحالية والمستقبلية. تتميز استثمارات الصندوق بالتنوع والتوزيع الجغرافي لتقليل مخاطر الاستثمار وزيادة العائدات.

واحدة من الدروس المستفادة من تجربة النرويج هي أهمية فصل صندوق الثروة السيادي عن السياسة الحكومية. تتم إدارة الصندوق بشكل مستقل عن الحكومة، مما يضمن استمراريته وعدم تأثره بتغيّرات الأوضاع السياسية. هذا يحمي الأموال من الاستخدام السياسي والتلاعب، ويحافظ على استدامة الاستثمارات.

يُعَدّ تأثير صندوق الثروة السيادي النرويجي على الاقتصاد ملموسًا، حيث يُساهم في دعم النمو الاقتصادي المستدام وتحقيق التوازن المالي. وبفضل توجيه الاستثمارات نحو قطاعات متعددة مثل الأسهم، والسندات، والعقارات، يُحقق الصندوق عوائد مالية مستدامة تُسهِم في تعزيز الثروة الوطنية.

وتُظهِر تجربة النرويج مدى أهمية صناديق الثروة السيادية في تحقيق التنمية المستدامة ومواجهة تحديات الفساد والرشوة. من خلال تأسيس صندوق مستقل وشفاف، يمكن للدول الاستفادة من الثروات الوطنية بطريقة تضمن استمرارية الاستثمارات وتحقيق الرفاهية للأجيال الحالية والمستقبلية. تجربة النرويج تعكس النموذج الناجح الذي يمكن للدول الأخرى أن تستلهم منه لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وبناء اقتصاد قوي ومستقر.

ولا شك في أن اكتشاف النفط والغاز في لبنان يعتبر حدثًا تاريخيًا يمكن أن يحمل الكثير من الفرص والتحولات للاقتصاد اللبناني. تفتح هذه المصادر أمام لبنان أفاقًا جديدة لتحقيق التنمية والاستقرار، ولكن مع ذلك هناك تحديات كبيرة تتطلب تخطيطًا دقيقًا وإدارة شفافة.

الفرَص

تنويع مصادر الدخل: يمكن للنفط والغاز أن يكونا مصدرَي دخل جديدين يخففان الاعتماد على القطاعات الأخرى مثل السياحة والخدمات. هذا التنويع يساعد في تقليل تأثير الصدمات الاقتصادية المحتملة.

زيادة الإيرادات الحكومية: ستُسهِم مبيعات النفط والغاز في زيادة الإيرادات الحكومية، ما قد يُسهِم في تحسين الخدمات العامة وتقديم فرص عمل جديدة للمواطنين.

جذب الاستثمارات: يمكن أن تجذب الاكتشافات النفطية الاستثمارات الأجنبية إلى لبنان، ما يؤدي إلى نمو اقتصادي وتطوير قطاعات مختلفة.

تحسين البنية التحتية: من الممكن أن تسهم الإيرادات من النفط في تحسين البنية التحتية للبنان، ما يسهم في تعزيز قدرته على جذب المزيد من الاستثمارات.

التحديات

التحديات البيئية: يجب أن يتم استخراج النفط والغاز بطرق صديقة للبيئة ومستدامة لتجنّب التأثيرات البيئية السلبية.

إدارة الثروة: يجب وضع استراتيجية واضحة لإدارة الثروة النفطية بشكل فعّال وشفّاف لضمان أن تعود الفوائد للمواطنين وتستثمر في تنمية مستدامة.

الفساد والرشوة: يجب أن يتم التعامل مع تحديات الفساد والرشوة بشكل جاد ومستمر لضمان أن الإيرادات لا تنهمر في جيوب القلة على حساب المجتمع بأكمله.

التنسيق الحكومي: يجب أن يتم التنسيق الجيد بين الجهات الحكومية المختلفة لضمان تطبيق استراتيجية موحدة وفعّالة للاستفادة من الثروة النفطية.

باختصار، يمكن أن تكون اكتشافات النفط والغاز فرصة حقيقية لتحقيق التنمية والازدهار في لبنان، ولكن يجب أن يتم التعامل معها بحذر وتخطيط جيد لضمان استفادة المجتمع بأكمله من هذه الثروة الوطنية. وقد تكون تجربة الدول الأخرى في هذا المجال، مثل النرويج، بمثابة دروس قيّمة للبنان لتحقيق أقصى استفادة من الفرص المتاحة.

بروفسور غريتا صعب

تراجع إقبال الصين على شراء النفط مع مخزون قياسي يحميها من ارتفاع الأسعار

قال متعاملون ومحللون إن الصين، أكبر مستورد للنفط الخام في العالم، تسحب كميات قياسية من المخزون الذي تراكم في وقت سابق من العام الجاري مع تقليص المصافي (TADAWUL:2030) حجم مشترياتها بعد أن أدت تخفيضات تحالف أوبك+ للإمدادات إلى ارتفاع الأسعار العالمية فوق 80 دولارا للبرميل.

وكونت مصافي التكرير الصينية فائضا من المخزون مستعينة بسعة تخزين ضخمة بُنيت على مدى العقد الماضي مما منح المشترين مرونة في زيادة المشتريات عندما تكون الأسعار منخفضة وتقليلها عندما يرتفع ثمن النفط.

وذكر محللون أن قدرتها على الاستفادة من المخزونات الضخمة قد تقوض جهود كبار الدول المنتجة، بقيادة السعودية العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، الرامية لتقليص الإمدادات ودعم الأسعار.

ويمكن أن يؤثر ضعف الطلب الصيني أكثر على أسعار النفط مع انخفاض خام برنت أربعة بالمئة من أعلى مستوى في ستة أشهر البالغ 87.55 دولار في أوائل أغسطس آب متأثرا بالمخاوف من ضعف الاقتصاد الصيني.

وأظهرت البيانات، التي جمعتها شركتا كبلر وفورتكسا لتحليل البيانات، أن مخزون النفط الخام في الصين ظل يرتفع منذ مارس آذار، ليلامس مستوى تاريخيا عند مليار برميل تقريبا في أواخر يوليو تموز. وقال متعاملون إن ذلك سببه انخفاض الأسعار والتفاؤل بشأن تعافي الطلب على الوقود بعد رفع قيود كوفيد-19 في آواخر العام الماضي.

وأظهرت بيانات كبلر وفورتكسا حدوث بعض السحب في الربع الأول من العام.

وبلغ إنتاج الصين من النفط الخام في الأشهر السبعة الأولى من العام 14.69 مليون برميل يوميا، أي أقل من كمية مجمعة من 11.22 مليون برميل يوميا من الواردات و4.21 مليون برميل يوميا من إنتاج الخام المحلي.

ومع ذلك، جاء الطلب مخيبا للأمل، مما دفع المصافي إلى زيادة مخزون الخام وصادرات الوقود.

وقال فيكتور كاتونا المحلل في كبلر “كونت الصين المخزون لتسحب منه وقتما تشاء لتجنب زيادة الأسعار في السوق خلال شهري يوليو وأغسطس”.

وأضاف “نجح ذلك بشكل جيد كخطوة تكتيكية لأنهم تجنبوا وضعا يصل فيه السعر إلى 85 دولارا للبرميل فأكثر عند الشراء بكميات كبيرة”.

وقدر أدي إمسيروفيتش المدير لدى شركة (سوري كلين إنرجي) لاستشارات الطاقة أن الصين كانت تشتري نحو 750 ألف إلى مليون برميل يوميا من الخام في النصف الأول من عام 2023 لتخزينها فقط.

وقال “مع وصول الأسعار إلى 85 دولارا على الأقل أو أكثر، لن تشتري الصين من أجل التخزين”.

وأضاف “هذا سيلغي تماما ما يفعله السعوديون”.

ومددت السعودية خفضا طوعيا إضافيا للإنتاج بمقدار مليون برميل يوميا للشهر الثالث حتى سبتمبر أيلول، وقالت إنها قد تمدد الخفض مرة أخرى أو تزيده.

لكن الصين تسحب الآن من المخزون مع زيادة المصافي للإنتاج وخفض الواردات في يوليو تموز. وتشير أرقام كبلر وفورتكسا إلى انخفاض المخزون بما يتراوح بين 13 و30 مليون برميل من ذروة يوليو تموز. ومع ذلك، لا يزال المخزون أعلى من مستوياته قبل عام بمقدار 30 مليون برميل على الأقل.

وتظهر بيانات رسمية أن واردات الصين من الخام بلغت أعلى مستوياتها في ثلاث سنوات لتصل إلى 12.67 مليون برميل يوميا في يونيو حزيران. ويتوقع محللون من بنك سيتي أن تتراجع الواردات إلى ما بين 11 و12 مليون برميل يوميا.

وقال متعاملون إن من المقرر أن تقل طاقة التكرير الصينية بنحو مليون برميل يوميا تقريبا بسبب أعمال الصيانة في الربع الأخير، مما يضعف الإقبال على الخام.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات