هل من مخرج لسيطرة الدولار على الاقتصاد العالمي؟

 

استبعد خبراء اقتصاديون قدرة الاقتصاد العالمي على كسر هيمنة الدولار الأميركي وتخفيف الاعتماد عليه، وسيطرته على ما يصل إلى 80 في المئة من التجارة العالمية الدولية، خصوصاً على المديين القريب والمتوسط.

وقالوا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الدولار فرض نفسه على الاقتصاد الدولي عبر تمويله 80 في المئة من التجارة الدولية، وتشكيله 60 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية، وحجم الاقتصاد الأميركي الذي يتجاوز 30 في المئة من الاقتصاد العالمي، وكذلك تقويم أهم السلع والمواد الخام العالمية كالنفط والذهب بالدولار، إلا أنهم يرون أن هيمنته لن تدوم إلى الأبد، لكنها تحتاج إلى خطط طويلة المدى لكسر هيمنته، وإزاحة سيطرته على الاقتصاد العالمي، وقد تكون العملات المشفرة الرقمية المستقرة هي البديل المحتمل.

وقال الدكتور أحمد بن ناصر الراجحي أمين «جمعية الاقتصاد السعودية» أستاذ الاقتصاد في جامعة الملك سعود، إن تزايد المناداة بالانتقال لعملة أو عدة عملات لتحل محل الدولار يعكس عدم الارتياح العالمي للهيمنة المستمرة له، ورغبة بعض الاقتصادات في تخفيف اعتمادها على الدولار، في ظل التحولات الاقتصادية الدولية، وتسارع التطورات التقنية عبر ظهور العملات المشفرة، وربما يأتي في بعض الأحيان بدوافع سياسية بحتة، مضيفًا أنه رغم عيوب الدولار إلا أن البديل له غير متاح في الوقت الحالي، وقد يكون مستبعداً في المستقبل المنظور.

وشدد الدكتور الراجحي على صعوبة ظهور بديل قريب للدولار الأميركي، بسبب استمرار القبول العام للدولار مقارنة بغيره من العملات، وهو شرط ضروري لنجاح أي عملة تنافسه، لافتاً إلى أن التحديات ما زالت كبيرة أمام اليورو ليكون بديلاً له، كما أن اليوان الصيني يعاني فجوة ثقة رغم زيادة نسبته في حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي، ورغم الإصلاحات الاقتصادية، وصدور قراراته من خلال نظام تخطيط مركزي، كما أن تكتل «بريكس» في حالة توسعه قد يشكل تحدياً للدولار من حيث تراجع أهميته في تمويل التجارة الدولية، لكن الدولار سيبقى ملاذاً آمناً، خصوصاً أن إيجاد «بريكس» عملة جماعية متفق عليها يعد أمراً صعباً جدًا.

وأشار الدكتور الراجحي، إلى أن الدولار فرض نفسه في الاقتصاد الدولي عبر تمويله 80 في المئة من التجارة الدولية وتشكيله 60 في المئة من احتياطيات البنوك المركزية، واستمراره ملاذاً آمناً، بالإضافة إلى تشكيل حجم الاقتصاد الأميركي أكثر من 30 في المئة من الاقتصاد العالمي، وارتباط الاقتصاد الأميركي بعلاقات تجارية تقوم على الدولار مع أغلب دول العالم، وكذلك تميز النظام المالي الأميركي بالعمق والسيولة، وتشكيل سوق السندات الأميركية أكثر من 40 في المئة من السوق العالمية.
ولفت الدكتور الراجحي، إلى أن الوضع المهيمن للدولار لن يدوم للأبد، مستشهداً بما مر به الجنيه الإسترليني عبر تغير الظروف المالية والمعادلات الاقتصادية والسياسية الدولية، وما قد ينتج عنه من تعدد في العملات الدولية المتناسبة، وتوسع الدول في العلاقات التجارية البينية التي تتضمن الدفع بعملاتها هي وليس بالدولار، مضيفاً أن التغير القادم قد يأتي من «العملات المشفرة المستقرة» التي قد تقلب الطاولة على الدولار وغيره من العملات، حيث من الممكن استخدامها لتغطية نسبة كبيرة من التجارة الدولية مع إسراع البنوك المركزية في استخدام أساليب دفع رقمية فيما بينها.

من جهته، يرى الدكتور عبدالله باعشن رئيس مجلس إدارة في شركة للاستشارات المالية، أن استمرار البنك الفيدرالي الأميركي في استخدام سياسات نقدية متشددة ورفع سعر الفائدة للمرة العاشرة على التوالي، حتى وصلت إلى 5.25 في المئة، وسيطرة الدولار على أهم مفاصل التجارة العالمية، هو ما أدى إلى تفكير بعض الدول والاقتصادات العالمية في الخروج من دائرة الدولار، واستبداله بعملات الاقتصاديات الكبيرة مثل الين واليوان وغيرها.

وأضاف الدكتور باعشن، أنه من النظرية الاقتصادية البحتة، ومن خلال تقييم الموضوع، وفق مبادئ وأساسيات الاقتصاد، فإن التفكير في ذلك يعد من الأحلام التي يصعب تحقيقها في الفترة الحالية، مرجعاً ذلك إلى تسعير أهم السلع والمواد الأولية بالدولار كالنفط والذهب والعقود التجارية المستقبلية، حتى باتت سيطرته تمثل ما بين 70 إلى 80 في المئة من التعاملات التجارية الدولية، بالإضافة إلى استثمار أصحاب الثروات في الصين ومنطقة الخليج لأموالهم التي تتجاوز ترليونات الدولارات في السوق الأميركية وسندات الخزينة الأميركية.

وأشار الدكتور باعشن، إلى استحالة الخروج من دائرة الدولار الأميركي في المدين القريب أو المتوسط، وصعوبة ذلك في المدى البعيد، لافتاً إلى أن تأثير ذلك على السوق الأميركية سيؤدي لتعرض استثمارات الدول الخارجية في سندات الخزينة الأميركية إلى تحقيق خسائر كبيرة، قد لا تتحملها تلك الدول، لذلك من الأفضل لها أن تبقى وتحافظ على مصالحها في السوق الأميركية. وزاد بأنه على تلك الدول التي تنوي الخروج من دائرة الدولار، التفكير بحلول منطقية ونظرة مستقبلية، عبر تنظيم مؤتمرات متخصصة وتكتلات اقتصادية كبيرة تشارك فيها دول ذات تأثير اقتصادي كبير مماثل لما هو موجود في مجموعة العشرين أو في بعض التكتلات الاقتصادية الأخرى.

الشرق الاوسط

هل عاد الذهب كملجأ آمن للحماية والإستثمار؟

في ظل إعادة الهيكلة الإقتصادية الدولية، والتضخّم والتوتر على الأصعدة السياسية والأمنية والإجتماعية والإقتصادية والمالية والنقدية، تلجأ المصارف المركزية والشركات الضخمة، والصناديق الإستثمارية، إلى استثمار بعض موجوداتها بالمعدن الأصفر أي الذهب، فالتاريخ يُعيد نفسه ومن وراء الإستثمارات في الشركات والعملات والعقارات، إذ ها هو الذهب يستعيد مرتبته الأولى كملاذ آمن.

إنّ معظم المصارف المركزية الدولية توجّهت إلى استثمار جزء كبير من احتياطاتها بالذهب، لحماية ممتكلتها وأموالها. ففي العام 2022 زاد الإستثمار بالذهب من قبل المصارف المركزية الدولية أكثر من 25 %، وتوالى هذا النمو في الفصل الأول من العام 2023.

ad

واللافت أنّ هناك 5 بلدان جديدة تركز استثماراتها بالذهب وهي: البرازيل، المجر، بولندا، اليابان وسنغافورة، التي لم تكن قبلاً مستثمرة أساسية بالمعدن الأصفر. فهدف هذه الإستثمارات ليس بالضرورة رهاناً على ارتفاع الأسعار، أو اتكالاً على مردود في الإستثمار، لكن بغية اللجوء إلى حماية القيمة الشرائية والإستثمارية في ظل هذا الجو الضبابي والتقلبات الذي يعيشه العالم الإقتصادي.

إلى جانب المعدن الأصفر، يلجأ أيضاً كبار المستثمرين إلى العقارات المميّزة في بعض البلدان التي يمكن أن تشهد نمواً في المستقبل. وحتى إذا واجهت راهناً مشاكل أمنية. فنشاهد بعض المستثمرين المتهوّرين والشجعان يستثمرون في أراضي كييف بأوكرانيا، لأنه برأيهم الحرب لن تدوم عقوداً، وسيشهد هذا البلد إعادة بناء ونمو وسياحة ما بعد إنتهاء الحرب.

أما الصناديق الإستثمارية الضخمة فهي تركض نحو استثمارات عقارية، في عواصم كبرى، مثل باريس، وواشنطن، وبرلين، وروما، وغيرها، للحفاظ على رؤوس أموالها، على المدى المتوسط والبعيد.

من الجهة الماكرو إقتصادية، فالنمو في المنطقة العربية وحتى في العالم، مُنخفض بحسب مرصد البنك وصندوق النقد الدوليين، ولا رؤية للنمو على المدى القصير. فالإستثمار اللاجئ اليوم هو في الذهب والعقار، كعملة الملاذ الآمن، والملجأ للتخبئة والحماية، في ظل هذه العواصف والأعاصير والتسونامي، والهزات مع ارتدادات كثيفة.

لا شك في أنّ لبنان يواجه أزمات عدة على كل الأصعدة. لكن العالم الإقتصادي أيضاً في ظل تغيُّرات جذرية، وحروب دامية بين العملات، والحروب الباردة، والحروب الساخنة التي أدّت إلى تضخم دولي، يُمكن أن يصبح مفرطاً، وفي الوقت عينه انكماشاً في الإستثمار والنمو، ما يسمّى بالـ Stagflation، فلا رؤية واضحة حتى بالمجهر، لذا تلجأ المصارف المركزية وكبار المستثمرين إلى استثمارات آمنة، ومحمية من دون التركيز على مردود أو حتى لتحسين القيمة.

نذكّر أن لبنان يمتلك أكثر من 15 مليار دولار من الذهب، بعد التدقيق الأخير لصندوق النقد الدولي، ولا شك في أنّ مَن أهدر وأفسد وصّرف مئات المليارات، عينه على ما تبقّى من ثروتنا العامة، يُمكن من وراء الستار، مَن قسّموا المشاريع والمناصب، والمساعدات الدولية، وحتى البلاد، أن يكون هدفهم تَقاسم هذا الكنز المتبقّي. فأولويتنا يجب أن تكون حماية معدننا الأصفر من الأيادي السود التي دمرت بلادنا واقتصادنا وشركاتنا وعائلاتنا.

في الخلاصة، إن الإستثمار الأهم لأي مُستثمر عليه أن يكون أولاً في عمله المنتج، أكان صناعياً، أو زراعياً أو سياحياً، لزيادة إنتاجه، وإنماء أعماله، وتوسيع أسواقه، وتنويع سلعه. أما الإستثمار للفائض فلا يجب أن يكون بالعملات أو بالودائع المتخبّطة، والقابعة تحت المخاطر، لا بل بالذهب كأجدادنا للجوء والحماية في ظل العواصف، وأيضاً في العقارات المميّزة، حتى إذا انتفضت هذه الأسعار على المدى القصير لا شك في أن قيمتها ستنمو على المدى المتوسط والبعيد.

د. فؤاد زمكحل

؟ماذا عن محاولات سحب البساط من تحت الدولار

الدولار، العملة الاحتياطية في العالم منذ الحرب العالمية الثانية والتي لعبت دورًا مهمًا في التجارة العالمية، تواجه حالياً فترة صعبة مع تفكير العديد من الدول في التخلي عنها.

تعمل الدول على مستوى العالم الآن على وضع عملات احتياطية للتجارة، حيث أدت العقوبات المفروضة على روسيا بسبب حربها مع أوكرانيا إلى قيام بعض قادة العالم البارزين ورجال الأعمال بإصدار تحذير بشأن القوة التي تتمتع بها واشنطن، وبالتالي الدولار الأميركي.

هذا وبدأت الدول الخاضعة للعقوبات مثل روسيا والدول الناشئة مثل الأرجنتين مؤخرًا في استخدام اليوان الصيني للتجارة، بشكل أساسي مع الصين.

وعلى الرغم من ذلك، لا يوجد مؤشر على أن هيمنة الدولار يمكن أن تتلاشى في المستقبل المنظور، وذلك ببساطة لأن العملة جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي.

ويعتبر الدولار إلى حد بعيد العملة الاحتياطية الأكثر انتشارًا في العالم، وهذا يعني كمية كبيرة من العملات الأجنبية التي تحتفظ بها البنوك المركزية والمؤسسات المالية الكبرى لاستخدامها في عدة جهات مثل الاستثمارات والمدفوعات، إذ أنه وفي عام 1999، تم الاحتفاظ بأكثر من 70% احتياطيات النقد الأجنبي العالمية بالدولار الأميركي.

لكن هذه النسبة آخذة في الانخفاض خلال الفترة الحالية، إذ انخفضت حصة الدولار في احتياطيات النقد الأجنبي العالمية إلى أقل من 60% في الربع الأخير من عام 2021، حسبما قال صندوق النقد الدولي.

وعلى الرغم أن أغلبية الاحتياطيات ما تزال في يد الدولار، فإن هذا لا يعني أن المنافسين الاستراتيجيين لأميركا، مثل الصين، لن يتوقفوا عن تحدي الهيمنة الأميركية، والتي من الممكن أن تهزها هذه الأصول في الفترة القادمة.

1- بكين تدعم اليوان الصيني

يتم استخدام اليوان الصيني في بعض التجارة مع الدول الخاضعة للعقوبات مثل روسيا، إذ أنه أكثر منافسي الدولار شهرة، وذلك مع استمرار محاولات بكين لزيادة التبني الدولي لعملتها منذ سنوات.

في العام الماضي ، كانت الصين تدفع مقابل ما يقرب من جميع وارداتها من النفط الروسي بعملتها الخاصة، وذلك لمواجهة العقوبات ضد موسكو بسبب حرب أوكرانيا.

ومع ذلك ، فإن المناقشة الحالية حول اليوان كعملة احتياطية رئيسية تدور حول التوترات الجيوسياسية والقوة الاقتصادية للصين أكثر من الفائدة الفعلية لليوان كعملة احتياطية.

2- عودة الذهب كمخزن للقيمة

حفز الانخفاض في قيمة بعض عملات الأسواق الناشئة، مثل البيزو الأرجنتيني، هذه الدول على البحث عن أصول بديلة لاحتياطياتها، مثل الذهب والذي يعتبر مخزن طبيعي للقيمة.

حيث اعتمد البنك المركزي في زيمبابوي الذهب لدعم أول بيع لعملته الرقمية، دولار زيمبابوي الرقمي، إذ تريد الدولة تخفيف الطلب على الدولار بعد انخفاض عملتها المحلية الورقية إلى مستويات لا تصدق، والتي كانت غير مرتبطة بالدولار الأمريكي في عام 2019.

وفي الربع الأول من عام 2023، استحوذت البنوك المركزية على 228.4 طنًا من الذهب التي أضيفت إلى الاحتياطيات العالمية، بزيادة قدرها 176% عن العام الماضي، وفقًا لمجلس الذهب العالمي.

وجاء ذلك في أعقاب عام من عمليات شراء الذهب القياسية من قبل البنوك المركزية في عام 2022، حيث والتي تجاوزت 1136 طنًا من المعدن الأصفر.

3- العملات المشفرة وحصتها من الكعكة

العملات الرقمية، بما في ذلك الـ Bitcoin، هي فئة أصول أخرى تنافس الدولار على مكانته، ومع إصدار اليوان الصيني في شكل رقمي، ثار جدل حول استبداله بالدولار .

وبخلاف التنافس الجيوسياسي، قد تكون تسوية المدفوعات عبر الحدود باليوان الرقمي أو العملات المشفرة أرخص وأسهل من النظام القائم على الدولار  مما يعزز استخدامه دوليًا.
هذا واعتمدت الدول الناشئة السلفادور وجمهورية إفريقيا الوسطى عملة البتكوين كعملة رسمية، حتى أن السلفادور أضافت البتكوين إلى احتياطياتها الوطنية.

4- اليورو في المركز الثاني

في حين أن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حليفان، إلا أنه لم يوقف طموح المفوضية الأوروبية لتعزيز استخدام اليورو في المدفوعات الدولية وتحدي الدولار.
ويتضح هذا من اقتراح في عام 2018 لتعزيز دور اليورو، وذلك بعد أن سحب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.
ولكن اليورو بعيد كل البعد عن تجاوز الدولار كعملة احتياطية للعالم.
إذ تمثل العملة الموحدة 20% من العملات الأجنبية العالمية والديون الدولية، وهي بذلك تأتي في المرتبة الثانية بعد حصة الدولار، وفقًا للبنك المركزي الأوروبي.

5- اللاعب القادم من الخلف.. البريكس

تضغط مجموعة من الدول الناشئة التي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا تسمى “بريكس” من أجل عملة موحدة، والتي كانت فكرة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في وقت مبكر من يونيو 2022، وبدأ المفهوم يكتسب زخمًا مؤخرًا وسط الجدل حول نزع هيمنة الدولار.
ليس من الواضح تمامًا ما تتصوره دول البريكس لعملتها المشتركة، ولكنها قد تكون منافسة لحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي التي تهيمن عليها الولايات المتحدة  وهي أصل احتياطي دولي قائم على سلة من 5 عملات: الدولار الأميركي واليورو واليوان الصيني والين الياباني والجنيه الإسترليني حسب صندوق النقد الدولي.
وستساعد عملة بريكس الموحدة في تعزيز النفوذ الجيوسياسي لمجموعة الدول الناشئة الكبرى.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات