متابعة قراءة جولدمان ساكس يخفض توقعاته لركود الاقتصاد الأمريكي في الاثني عشر شهرا المقبلة
عاجل: تصريحات هامة من وزيرة الخزانة الأمريكية
تراجع المؤشرات الأوروبية في نهاية الجلسة بعد بيانات اقتصادية صينية
هل يتراجع الذهب؟
الأسهم الأوروبية تنخفض بسبب تراجع الأسهم المرتبطة بالسلع وسهم ريشمونت
مَن تلاعبَ بالدولار _ ل ل بعد ظهر السبت؟ ولماذا؟
منذ ما بعد ظهر يوم السبت الفائت، يَنشغل اللبنانيون في تفسير ما حصل في سوق الصرف. أكثر من تفسير أُعطِي لظاهرة ارتفاع الدولار المفاجئ، ومن ثم انخفاضه، بعد بضع ساعات. هل ما جرى رسالة أم جَسّ نبض؟ أم هو مجرد صدفة يصعب تصديق توقيتها؟
كانت التطبيقات الالكترونية التي تحدّد سعر الصرف في السوق الموازية شِبه عاطلة عن العمل في الفترة الأخيرة، وقد تراجعت نسَب الدخول إليها لمعاينة سعر الليرة مقابل العملة الخضراء الى مستويات غير مسبوقة. فجأة، تسرّبت الى مسامع الناس «خَبرية» تقول انّ سعر صرف الدولار شِبه الثابت منذ بضعة اشهر، تحرّك صعوداً وبشكل سريع، بحيث اقترب من عتبة الـ100 الف ليرة. هذا الخبر الصاعق أعاد الحيوية والنشاط الى التطبيقات التي تُسَعّر الدولار، فشهدت عمليات دخول كثيف، افتَقدَتها منذ فترة طويلة.
فماذا جرى بعد ظهر السبت الفائت؟ وهل من تفسيرات منطقية لارتفاع الدولار ومن ثم انخفاضه في بضعة ساعات؟
قبل تحليل المعطيات، وصولاً الى إطلاق تقديرات في شأن ما جرى، لا بد من تسجيل ملاحظات لعلّها تساعد في حُسن التقدير، ومن أبرزها:
اولاً – تحرَّكَ الدولار صعوداً ومن ثم هبوطاً في عطلة الاسبوع، أي في غياب عمل منصة صيرفة التي كانت تسدّ حاجات السوق، من خلال رفع سقفها الى مستويات شبه مفتوحة.
ثانياً – انها المرة الاولى، منذ بدأ الدولار الانخفاض ومن ثم شبه الاستقرار، بعد قرار مصرف لبنان التدخّل بقوة في السوق في آذار 2023، التي يشهد فيها سوق الصرف هذا النوع من الاضطراب.
ثالثاً – ما جرى تَمّ في وقت سريع، ولم يدم اكثر من ساعتين أو ثلاث على الاكثر.
رابعاً – ان الدولار عاد الى قواعده بعد الارتفاع المفاجئ، لكنه لم يعد الى السعر الذي انطلق منه، أي الى 91.500، بل استقرّ على 93.200، ومن ثم ارتفع قليلاً في اليوم التالي الى 94 أو 95 الف ليرة. وهو السعر الذي كان سائداً قبل شهرين تقريباً.
إنطلاقاً من هذه الملاحظات، يمكن استبعاد نظرية ان يكون ارتفاع الدولار مرتبطاً بالمناخ السلبي الذي أشاعَته المعلومات في شأن قرار نواب حاكم مصرف لبنان تقديم استقالاتهم اليوم الاثنين.
في المقابل، اعتبر البعض انها رسالة من رياض سلامة، أراد من خلالها ان يقول انّ غيابه عن المشهد النقدي بعد 31 تموز سيؤدي الى انهيار الليرة. وبالتالي، لا بد من ابتداع صيغة ما لإبقائه في موقعه اذا ارادت الدولة ان يبقى سعر الصرف مستقرا، كما هو الحال منذ بضعة أشهر. لكنّ هذه الفرضية تبدو ضعيفة بعض الشيء، على اعتبار ان استقرار الليرة الموقّت مُرتبط بقرار تدخّل مصرف لبنان في السوق. وبالتالي، أي شخص او فريق يبقي على مبدأ دعم الليرة، يستطيع ان يحافظ على الاستقرار الموقّت للعملة الوطنية. وبالتالي، الامر لا يرتبط بوجود سلامة او غيابه، بل بقرار الاستمرار في استخدام احتياطي العملات في عملية الدعم. لكن ضعف هذه النظرية لا يعني استبعادها بالكامل، لكنّ نسب ترجيحها ضئيلة.
تبقى نظرية المضاربة والمضاربين، وهي تعني ان المستفيدين من استمرار عمل منصة صيرفة، والخائفين من ان ينفّذ نواب الحاكم تهديداتهم بِوَقفها، أرادوا ان يبعثوا رسالة مفادها ان الدولار سيحلّق فور إلغاء عمل المنصة. وهم بالتالي، يضغطون منذ الآن، لِدَفع من سيكون في يدهم القرار بعد 31 تموز، الى التراجع عن فكرة وَقف عمل المنصة. كذلك، فإنّ المضاربين أرادوا ربما، أن يَجسّوا نبض السوق لاستكشاف قدراتهم على التلاعب به، في المرحلة المقبلة.
يبقى السؤال الذي يطرحه الناس دائماً، كيف تتم هذه العمليات، وهل انّ الصرافين يتفقون فيما بينهم على تنفيذ مثل هذه الخضات؟
في الواقع، لا يحتاج الامر الى اتفاقات واسعة لتنفيذ مثل هذه العمليات، بل يكفي ان تكون هناك مجموعة من المضاربين لديها قدرات مالية جيدة، وان تختار التوقيت المناسب لِضَرب ضربتها. وهذا ما حصل بعد ظهر السبت، حين كانت الاسواق هادئة، ومصرف لبنان خارج السمع، هناك من دخل الى السوق وطلبَ شراء كميات كبيرة من الدولار، مع عِلمه المُسبَق بأن الدولارات غير متوفرة بكثرة، وعرضَ الشراء بسعرٍ أعلى من السعر المتداول. وهكذا بدأت الاتصالات فيما بين البائعين المُحتملين، وراحَ «الزبون» الذي يطلب الشراء يرفع السعر بذريعة تشجيع المُترددين على البيع.
وهكذا ارتفع السعر في السوق، وعلى التطبيقات الالكترونية. وانتهى الامر بِوَقف الطلب فجأة، بما أعاد الدولار الى الهبوط، مع تسجيل عامل الحذر الذي أبقى سعر العملة الخضراء على 93.300 وليس على 91.500. وبهذه الطريقة أصاب المضاربون عصفورين بحجر واحد: وَجّهوا رسالة الى من يعنيهم الامر بضرورة الابقاء على صيرفة، وجَسّوا نبض السوق لاستطلاع قدراته على التماهي مع العمليات التي قد تتمّ في المستقبل. ودفعوا ثمن العملية حفنة من الدولارات، سَجّلوها ضمن الخسائر المؤقتة على دفتر العمليات الذي غالباً ما يُنهي العام على قدرٍ وفير من الارباح.
انطوان فرح
أسعار الذهب تتراجع وسط فتور الإقبال بفعل صعود الدولار
تراجع أسعار النفط بعد استئناف ليبيا الإنتاج
نمو اقتصاد الصين بـ 6.3% في الربع الثاني 2023
المستثمرون يتهافتون على الأصول الخطرة مع تراجع التضخم
إيلون ماسك: عائدات إعلانات Twitter تراجعت 50%..ونعاني من ديون ثقيلة
فائز بنوبل للاقتصاد يدعو الفدرالي لـ”استراحة” في معركة التضخم
ألأثر الابرز لتعديل التعميم 158
أقرّ المجلس المركزي في مصرف لبنان تعديلات على تعميمي 151 و158 خلال الأسبوع المنصرم، والذي كان من أولوياته إعادة النظر بالتعميمين وتجديدهما، اللذين يتطرّقان إلى السحوبات والتغيُّرات من الدولار اللبناني إلى الليرة اللبنانية، والفريش.
نذكر أنّ شلالات التعاميم بدأت تنهمر بغزارة منذ بدء أكبر أزمة اقتصادية، إجتماعية، مالية ونقدية في تاريخ العالم، فبعدما جُمّدت الأموال، في المصارف، ومُنعت السحوبات بالدولار الأميركي، وُلد التعميم الأول 151 الذي كان يسمح بتحويلات بعض الدولارات المحدودة إلى الليرة اللبنانية، بهيركات بدأ يتراوح عند الـ 50 % ووصل اليوم إلى الـ 85 %. ففي هذا الإجتماع الأخير للمجلس المركزي تم تجديد هذا التعميم للمرة الرابعة توالياً، وتابع تحويل 1600 دولار شهرياً من الدولارات اللبنانية المجمّدة إلى الليرة اللبنانية بحسب السعر الرسمي المعتمد 15 ألفاً من دون تغييرات ملحوظة.
أما التغيير الكبير فقد حصل في تعميم 158، الذي كان قد صدر في حزيران 2021، وكان يسمح لمن ينتمي إلى هذا التعميم (مَن وقّع الإتفاقات الداخلية مع المصارف والبنك المركزي)، بسحب 400 دولار فريش شهرياً، و400 دولار تحوّل إلى الليرة اللبنانية بنفس الهيركات المُبطّن الجاري.
أما النسخة الجديدة للتعميم 158 التي صدرت أخيراً، فقد ركزت على سحب الـ 400 دولار الفريش شهرياً أي 4800 دولار سنوياً، لكن أوقفت التحويلات إلى الليرة اللبنانية، بحسب سعر الصرف 15 ألفاً. أما لِمَن ينضَمّ الى التعميم مجدداً فيحقّ له سحب 300 دولار فريش، أي 3600 دولار في السنة.
للمرة الأولى منذ الإنهيار المالي والنقدي، هناك تعميم يسمح بسحب الدولارات اللبنانية المجمّدة إلى دولار فريش، من دون أي هيركات.
لا شك في أن الهدف من هذا التغيير هو من جهة تخفيف النقمة الشعبية، ومن جهة أخرى، إنهاء كل حسابات المودعين الصغار والمتوسطين (لا سيما مَن كان يملك وديعة بـ 100 و200 و300 ألف دولار)، والهدف الثالث هو تخفيف الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية، ودولرة الإقتصاد أكثر فأكثر، وجَرّ المواطنين نحو الإنضمام إلى تعميم 158، وتخفيف استعمال الليرة اللبنانية، واعتماد الدولار كعملة أساسية للإقتصاد الوطني.
حتى لو أن هناك بعض الإيجابيات في تعديل التعميم 158، فليس هناك أي استراتيجية واضحة على المدى المتوسط والبعيد. أما الإستراتيجية المستعملة فهي الترقيع وكسب الوقت، وتأجيل المشاكل أو الإنفجار الإجتماعي من دون أي خطة لإعادة بناء الإقتصاد والنمو المستدام. نذكر أنّ اقتصادنا الذي كان يدور حول الـ 50 – 55 مليار دولار، أصبح اليوم لا يتعدى الـ 20 – 22 مليار دولار.
إن الإصلاح وإعادة الدورة الإقتصادية والنمو وإعادة بناء ما هُدّم في السنوات الثلاث الأخيرة، لا يستطيع أن يحصل من دون إعادة الثقة، التي تبدأ باحترام المواعيد الدستورية، وملء كل الفراغات الشاغرة في كل مؤسسات الدولة المهدّمة، بدءاً من انتخاب رئيس للجمهورية، إلى تعيين رئيس حكومة وحكومة فعالة تُدير السلطة التنفيذية، ومجلس نواب بنّاء يُشرّع ويدرس ويقترح قوانين بنّاءة.
في المحصّلة، شئنا أو أبينا، أصبح اقتصادنا المحلي مبنياً فقط على منصة صيرفة، التي أصبحت الأولوية فيها للأفراد والشركات، والتجار، والمصارف، وأيضاً لحيتان الصيرفة. فالهَم الوحيد هو اليوم بيع بعض الدولارات الفريش إلى الليرة اللبنانية، في السوق السوداء ومن ثم بيع هذه الأوراق النقدية بالليرة اللبنانية، للمصارف والمصرف المركزي، بحسب سعر صيرفة، وكسب بعض الأرباح، التي تُراوح بين 8 و10 %. لا يُمكن بناء دورة إقتصادية وتنمية بخطط وهمية وغير مستدامة، فسياسة الترقيع والإستهزاء والسخرية من المواطنين تتوالى بالتوازي مع الحفر في نفس النفق الأسود العميق.
د. فؤاد زمكحل
للخروج الفعلـيّ من المأزق النقدي: To Do List للبنان…
في الوقت المستقطع قبل خروج لبنان من «ثلاجة الانتظار»، حيث لا مقبول انهياره ولا مسموح شفاؤه، لا بدّ من معرفة To Do List وتحضيرات الرأي العام للحلول الشاملة والقرار الكبير الذي لا بدّ أن يكون مفتاحه من باب النقد باتجاه سائر الأبواب الإصلاحية، بعد معرفة أرقامها الفعلية (المالية العامة والجهاز المصرفي…). كيف يمكن مقاربة سلسلة الخطوات التي تقود نحو الإنقاذ الفعلي والطويل الأجل والمستقر، للمأزق النقدي الذي يعيشه لبنان تحت وطأة تعدّد أوجه الأزمة؟ من الضروري الوعي الى أنّ الإجراءات الترقيعية التي يتمسّك بها الناس ويخشون فقدانها مثل «صيرفة»، ليست حلولاً جذرية ولا إصلاحية… الحلول الفعلية تكون مكلفة، والاختيار ينحصر بالسعي للأقل كلفة والأكثر فعالية واستدامة، بشرط تنفيذ سلّة إصلاحية متكاملة وليس إجراءات متقطّعة منفردة…
«رعب» الناس من تعثّر منصّة «صيرفة» وتحرير سعر الصرف كلياً يثبتان انعدام الثقة بتثبيت جديد مصطنع لقيمة الليرة اللبنانية وواقع هيستيريا الدولرة Hysterisis effect و«إدمان اللبنانيين على الدولار» Addiction to Dollar، وهذه حالة معروفة في البلدان التي تثبت فيها الدولرة الجزئية لسنوات، حتى في ظلّ تثبيت سعر الصرف، وتتفاقم بالطبع من انهيار التثبيت وفلتان سوق القطع. وهذا ما تراه الأدبيات الاقتصادية النقدية وتؤكّده تقارير البنك الدولي وصندوق النقد… ثمة سلسلة إجراءات بغية تفادي فوضى فلتان سوق القطع في ظلّ الدولرة التي أصبحت شبه شاملة كأمر واقع وشبه رسمية، كما حصل في تيمور الشرقية وكوسوفو قبل عام 2000 وزيمبابوي قبل عام 2016، بما يحمل من مخاطر تفتيت الدولة والفوضى الشاملة غير القابلة للانضباط، في ظلّ عجز تمويل المؤسسات العامة التي تحسب موازناتها بالليرة وتسدّد نفقاتها بالدولار.
لا بدّ من الاعتراف الرسمي إما بالدولرة الشاملة وفق آلية علمية قابلة للتطبيق كما حصل في الأكوادور ومونتينيغرو، أو إنشاء مجلس نقد ناجح كما حصل في بلغاريا. ووقف الخوف من عوارض البلدان التي لم تلتزم التطبيق الصحيح لهذه الخيارات ولا الاصلاحات المفروضة معها، فأفضل الأدوية، لا يعطي نتيجة إذا لم يلتزم المريض بالجرعات المطلوبة والأغذية المفيدة المواكبة.
نعرض الآلية المفصّلة التي يقدّمها ريكاردو هوسمان (جامعة هارفرد) بغية الانتقال السليم إلى ذلك:
1- تطوير إجماع وطني حول تشخيص المأزق النقدي: السعي لأوسع نقاش عام ممكن حول الخيارات الممكنة للسياسة النقدية وسعر الصرف. يجب أن يتفق جميع أصحاب المصلحة: الحكومة ومجتمع الأعمال والقطاع المالي والمنظمات العمالية والمجتمع المدني.
2- إستكشاف إمكانية عقد معاهدة مع صندوق النقد الدولي لدعم النظام النقدي الجديد القائم على الربط الصارم Hard peg (مجلس نقد أو دولرة شاملة رسمية).
3- الإعلان عن البرنامج التدريجي للانتقال الى الربط الصارم مسبوق باعتماد سياسات تضمن نجاحه.
4- إقرار برنامج إصلاح سياسات ضمان الملاءة والسيولة للقطاع المالي وقدرة سوق العمل على مواجهة الصدمات الحقيقية، من دون اللجوء إلى تخفيض قيمة العملة أو التضخم.
5- وضع برنامج زمني، سنتان أو ثلاث سنوات، قبل بلوغ الدولرة الشاملة (وتفادياً لفرضها الفوضوي من السوق).
6- التأكّد أنّ البنك المركزي لديه دولارات كافية لتحويل القاعدة النقدية، وليس الكتلة م3 إلى الدولار Monetary Base القاعدة النقدية = الأوراق النقدية والعملات المعدنية التي يحتفظ بها الجمهور + احتياطيات المصارف كودائع نقدية تحتفظ بها في حساباتها في المصرف المركزي (علماً أنّ معدل السيولة لا يتخطّى عادة 10% من الودائع، مما يحتّم إقرار قانون كابيتال كونترول لتنظيم سحب السيولة)
7- تنفيذ إصلاح النظام المصرفي، وضمان الملاءة والسيولة للنظام.
8- البحث عن بديل لمقرض الملاذ الأخير، وهو نوع من التمويل، لتجنّب تحويل المخاطر إلى دول أخرى.
9- إعتماد التغييرات اللازمة لإلغاء قواعد المفاضلة في عقود العمل، أي تقليل القيود المفروضة على خلق فرص العمل وزيادة تنقّل العمالة.
10- تحديث إجراءات الإفلاس لجعل «حل التعثّر» أقل تكلفة.
كيف يعمل النظام النقدي المدولر كلياً؟ تستفيد الدولة المدولرة من حصة من المعروض من العملة الأجنبية التي حلّت محل عملتها الوطنية، كما لو كانت منطقة إضافية ضمن نطاق البلد المصدّر لهذه العملة الأجنبية، أي أميركا للدولار الأميركي.
لا يحتاج البلد المعتمد على الدولار إلى وجود فائض في الحساب الجاري لتجميع الدولارات؛ يمكن أن يؤدي تدفق الاستثمار الأجنبي إلى تعويض عجز الحساب الجاري.
ويميل معدّل الفائدة إلى التقارب مع مستوى أسعار الفائدة الأميركية، بالإضافة إلى علاوة أو خصم، اعتمادًا على الاختلاف في المخاطر السياسية والاحتياطيات الضرورية للمصارف وغيرها. تميل المضاربة على سعر الصرف إلى الاختفاء، لأنّه لم يعد هناك عملة وطنية لتخفيض قيمتها. الدولرة عن طريق تجاوز المصرف المركزي تتضمن الدولرة الكاملة والرسمية التحويل الكامل للقاعدة النقدية (وليس كل الكتلة النقدية م3) من العملة الوطنية إلى الدولار الأميركي. ومع ذلك، فإنّ البنوك المركزية التي لديها احتياطيات كافية بالدولار لتحويل إجمالي قاعدتها النقدية إلى دولارات على الفور، قليلة. مع العلم أنّ صافي احتياطيات القاعدة النقدية بالدولار = أصول بالعملات الأجنبية – خصوم بالعملات الأجنبية. ومع ذلك، يمكن أن تكون الدولرة تدريجية، وتتطور مع توفر احتياطيات العملات الأجنبية.
وهذا يعني أنّ الدولرة يمكن أن تنقسم إلى جزءين: جزء يشمل البنك المركزي وجزء آخر يشمل باقي النظام المالي. في ما يلي مراحل دولرة الجهاز المصرفي غير البنك المركزي:
1- إزالة الرقابة على سوق القطع. من الأفضل إلغاء ضوابط أسعار الصرف تمامًا، ولكن إذا لم يكن ذلك ممكنًا، فسيكون المواطنون على الأقل قادرين على استخدام الدولار بحرّية دون الخضوع للرقابة.
2- إعلان وقف المزيد من طباعة العملة الوطنية، إما بإنشاء مجلس نقد وربما عملة جديدة معه مغطاة مئة بالمئة بما تبقّى من احتياطي الدولار الأميركي، أو الاعتراف بالدولرة الشاملة رسمياً عملة وطنية قانونية موازية للعملة الوطنية المبدئية للدولة، الدولرة مع جميع امتيازات العملة الوطنية. سيكون للوكلاء الاقتصاديين الحرّية في إجراء مشترياتهم ودفع رواتبهم والحصول على قروض أو ودائع بالدولار أو العملة الوطنية. إذا رغبت الحكومة، يمكنها السماح للمواطنين بدفع الضرائب بالدولار بسعر الصرف الحالي بالعملة الوطنية. بمجرد تنفيذ هذه الخطوات القانونية، تهتم المبادرات الفردية بالباقي. الودائع الجديدة بالدولار التي تأتي للمصارف تضمن احتياطي الدولار وتشكّل قاعدة للاعتمادات الدولارية. وبالتالي، تزداد الدولرة في النظام المالي، حتى لو استمرت العملة الوطنية في التداول، وحتى إذا استمرت الحكومة في استخدام العملة الوطنية حصريًا. دولرة المصرف المركزي حتى لو كان من الممكن دولرة النظام المالي من خلال تجاوز البنك المركزي، لجعل الدولرة كاملة وآمنة، من الضروري أيضًا دولرة البنك المركزي. طالما بقي مبلغ من أموال البنك المركزي متداولًا، فإنّ الحكومة دائمًا لديها الوسائل لاستعادة العملة الوطنية التي أصدرها البنك المركزي على الفور.
الخطوات اللازمة لدولرة البنك المركزي هي كما يلي، مع الأخذ في الاعتبار أنّ بعض الاختلافات ضرورية حسب البلد، وأنّ الخطوات من 4 إلى 7 متزامنة.
1- الأساس هو تحويل القاعدة النقدية الى الدولار وليس كل الكتلة النقدية.
2- يمكن تحقيق الدولرة الشاملة والرسمية بسهولة أكبر عندما تساوي أصول البنك المركزي بالعملات الأجنبية، أو تتجاوز بالفعل حصّة القاعدة النقدية التي سيتمّ تحويلها إلى دولار، كما مذكور في الخطوة 1.
إذا كانت أصول المصرف المركزي بالعملات الأجنبية أقل من القاعدة النقدية، يجب أن يكون إجمالي صافي الأصول، الأجنبية والمحلية، مساويًا أو أكبر من حصة القاعدة النقدية المراد تحويلها إلى الدولار. في هذه الحالة، يمكن للبنك المركزي أن يبيع أصوله المحلية مقابل الدولار، إلى جانب أصوله الأجنبية. ومن المعلوم أنّ معظم المصارف المركزية التي تبلغ أزمتها النقدية درجة التخلّي عن عملتها الوطنية، تكون غير قادرة على بيع ديونها بسهولة إلى الدولة أو المؤسسات المملوكة منها، خصوصاً أنّ العديد من حكومات هذه البلدان تكون سبق وشجّعت المصارف المركزية على الاكتتاب في سندات الخزينة، وخصوصاً سندات الخزينة غير الجذابة والمطلوبة في السوق، كما حصل في لبنان بعد أن تراجع الإقبال على شراء سنداتها، حيث عمد بين «العصا والجزرة» إلى دفع الجهاز المصرفي على الاكتتاب بها.
في حالة صعوبة بيع الأصول المحلية للمصرف المركزي على الفور، يمكن تحقيق الدولرة على مرحلتين. تتمثل المرحلة الأولى في التأمين الفوري على الحكومة، عن طريق إصدار سندات خزينة بالدولار، أو في حال كان وضع البلد لا يسمح، لأنّه سبق وأعلن وقف سداد ديونه بالدولار مسبقًا، يمكن أن يلجأ للاقتراض بالدولار مباشرة من صندوق النقد الدولي أو الحكومة الأميركية بعد التفاوض الرسمي لمعالجة أزمة نظام الصرف فيه. تتكون المرحلة الثانية من دولرة القاعدة النقدية عبر مراحل عدة، حيث يتمّ تجميع احتياطيات النقد الأجنبي. ليست هناك حاجة للانتظار حتى تتساوى أصول المصرف المركزي بالعملات الأجنبية مع حصة القاعدة النقدية التي سيتمّ تحويلها إلى الدولار. تشرح الخطوة 6 هذه الملاحظة بمزيد من التفصيل.
3- في حالة وجود رقابة على سعر الصرف، يجب إلغاؤها والسماح بتحرير سعر صرف العملة لفترة معلنة مسبقًا لا تتجاوز 30 يومًا. للوصول الى سعر الصرف يعكس واقع السوق.
4- إعلان سعر صرف ثابت أمام الدولار، والإعلان عنه فوراً. يجب أن يكون سعر الصرف هذا أقرب ما يمكن من سعر الصرف الملاحظ خلال فترة التعويم المشار إليها في المرحلة 3، وعلى وجه الخصوص، أقرب ما يمكن من سعر الصرف المحقق في نهاية هذه الفترة.
5- الإعلان فورًا عن أنّ جميع الأصول والخصوم بالعملة الوطنية (الودائع المصرفية والقروض المصرفية وما إلى ذلك) تصبح أصولًا والتزامات بالدولار الأميركي بسعر الصرف الجديد. الإعلان عن فترة انتقالية لا تتجاوز 90 يومًا لاستبدال عروض الأسعار بالدولار الأميركي.
6- تجميد القاعدة النقدية الوطنية واستبدالها بالدولار وفق توفر الاحتياطيات بالدولار. إذا كانت احتياطيات البنك المركزي كافية، فإنّ دولرة القاعدة النقدية ستكون فورية، وإلاّ فإنّ الدولرة ستتمّ على مراحل.
7- استخدام الأوراق النقدية المحلية: بعد إتاحة الوقت الكافي للاعتماد اللازم، يجب اتخاذ الترتيبات لاستبدال الأوراق النقدية بالعملة الوطنية بأوراق نقدية من الدولارات.
8- إنهاء الأنشطة المالية للمصرف المركزي، وإعادة تكليف باقي مهامه حسب احتياجاته. لم يعد البنك المركزي مؤسسة مالية، إذا استمرت بعض الأنشطة، فمن المحتمل أن تكون إحصائية أو تنظيمية بحتة.
يبقى القول، إنّ الإقرار بالربط الصارم لم يكن يومًا خيارًا مرغوبًا لأي بلد، بل يأتي على طريقة «مكره أخاك لا بطل» كأمر واقع يفرض نفسه، بعد افتقاد الثقة والشفافية والاصلاحات الحقيقية وتعثّر الخيارات. في حال ثمة خيارات أخرى لا تزال متاحة، لا بدّ من فتح النقاش العلمي حولها. إما الفوضى وإما الحوار العلمي للنظام النقدي الجديد.
د. سهام رزق الله