ماذا لو تخلفت أميركا عن سداد ديونها؟

منذ أقل من شهر، والجهات المالية الأميركية تتبادل التحذيرات من ظواهر مالية كارثية تصل إلى الإفلاس؛ لأن وزارة الخزانة الأميركية قد لا تتمكن من الوفاء بجميع التزامات ديون الحكومة، بحلول شهر يونيو (حزيران) بعد أيام قليلة. لم يتخيل أحد من الأميركيين أو من أي دولة أخرى أن الولايات المتحدة، وهي أثرى دولة في العالم، وعملتها أقوى عملة في سلة العملات الدولية، يمكن أن تكون على حافة الانهيار النقدي، وعاجزة عن سداد الديون التي تقدَّر بأكثر من 31 تريليون دولار. ولم تجد وزيرة الخزانة جانيت يلين حلاً إلا رفع سقف الدَّين العام للدولة، لكن هذا القرار الغريب والفريد يحتاج إلى مفاوضات عسيرة مع «الكونغرس» لرفع السقف بأسرع وقت ممكن. وتذكرت أن بعض وزارات المالية العربية، مثل لبنان والعراق وسوريا واليمن وليبيا والسودان، كلها عاجزة عن تسديد الديون، وليست لها سقوف بسبب الفساد المالي والسرقات الهائلة، بحيث لا تنفع معها أي سقوف أو تغطيات.

لقد حدثت أزمات مالية في الولايات المتحدة مراراً، وفي معظم الدول قد يحدث عجز هنا أو هناك، لكن أحداً لا يقترح رفع السقف، أو إزالته أصلاً وفصلاً!

المهتمون بالاقتصاد الأميركي، والمتعاملون مع شركاته، يعرفون أن أهم قطاع اقتصادي كان، إلى سنوات قليلة، قطاع تصنيع السيارات الأميركية، الذي وصفه الأميركيون أنفسهم بأنه «يجسد قمة العجرفة والغرور».

ومرّت هذه الصناعة بأزمات عديدة، وحين اختار القطاع الاقتصادي المائل «خطة إنقاذ» مالية في عام 2008، قيل إنه «أسوأ اختيار». وكانت واشنطن تستعدّ، في ذلك العام، للخروج من مستنقع الحرب على العراق واحتلاله. وفي ذلك الظرف لم يكن هناك أي حلّ لإنقاذ شركات السيارات، حتى مع نقل بعض المصانع الأميركية إلى دول آسيوية، لتخفيض التكاليف، ورخص الأيدي العاملة، وصِرنا نسمع عن سيارات شيفروليه كورية، أو علامات أخرى في ماليزيا وكندا والمكسيك وألمانيا وإنجلترا والهند والبرازيل وإيطاليا، وحتى في الصين الشعبية.

وبدا، بعد فترة، أن هذا الحل «ليس في محله»، فتحوّلوا إلى فيلم «المنقذون»، ويُقصد به شركات التأمين؛ تشبيهاً له بفيلم رسوم متحركة أنتجته شركة «والت ديزني» في عام 1977.

وتساءل الأميركيون، في ذلك الحين، إذا ساعدت الحكومة الأميركية قطاع السيارات، فلماذا لا تساعد شركات الطيران والسكك الحديدية، وشركات النفط الأميركية، وشركات التكنولوجيا الحيوية؟ وقبل كل ذلك، مَن سينقذ الأسواق العامة من التضخم أو الركود؟ وتم توجيه تهمة «العجرفة» و«الغرور» إلى هذه الشركات في تعاملها مع الزبائن أيضاً. وما زال سوق السيارات وقطاع الطيران يتشاركان تهمة واحدة؛ ليس في الولايات المتحدة فقط، وإنما حول العالم أيضاً، بعكس أسواق الأثاث المنزلي، والملابس، وحتى المزادات، والذهب والمجوهرات، والسياحة، والتعليم. وقد يذهلنا أن نعرف أن دفن الموتى في الولايات المتحدة «أغلى من الحياة نفسها»! والأعجب أن مسلمي أميركا يعانون من سوق المدافن، حيث الجنازة تكلف، على الأقل، عشرين ألف دولار في «دار الرحمة» للدفن في نيويورك! ولذلك يريد معظم المهاجرين أن يُدفنوا في الوطن الأم؛ ليس بسبب الحنين إلى الأقارب والوطن، وإنما لتخفيف الأعباء المالية.

والعجيب في أزمة السيارات الأميركية، دون ذكر الأسماء، أنها تخسر بين فترة وأخرى، وتحتاج لإنقاذ مالي، بينما شركتا سيارات يابانيتان، دون ذكر أسماء أيضاً، ومقراتهما في الولايات المتحدة، تصنعان سيارات ذات نوعية أفضل، وتصاميم أكثر أناقة، وأقل استهلاكاً للوقود، ولا تجد السيارات الأميركية في اليابان إقبالاً من اليابانيين؛ لأنهم لا يقتنعون لماذا يجب عليهم شراء سيارات تستهلك كثيراً من الوقود وذات مقود في الجانب الخاطئ من الطريق؟!

قد تطول هذه الأزمات؛ ليس في السيارات، والمدافن الأميركية فقط، ولا في الشوكولاته السويسرية، ولا في مصارعة الثيران الإسبانية، ولا حتى في كرة القدم البرازيلية، والنوادي الإنجليزية، ولا المنتجعات الأوروبية، ولا غيرها.

في سنوات تلك الأزمات والقحط، دعا متخصصون في مثل هذه الأزمات إلى إيقاف كل خطط الإنقاذ المالية فوراً؛ لأنها تزيد الطين بلّة، إلا أن الزمن يعيد نفسه مع دوران الكرة الأرضية، حتى لو جاء رئيس أميركي بهذا العمر وأَقسم أنه وجد حلاً لكل مشاكل الكرة الأرضية في «المناخ»، وعقدت العواصم هنا وهناك مؤتمرات عاجلة للمناخ، وانتشرت مظلات الأمطار، ومعاطف الرياح، وبرامج درجات الحرارة، وكثافة الثلوج، و«كورونا» القديمة والمحسّنة، ولم يتغير شيء؛ لا في السيارات، ولا في الطائرات، ولا في «العجرفة والغرور»، والورقة الوحيدة التي يمكن أن تربح هي، يا لَلغرابة، ورقة الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي لا يمكن وصفه بأنه «متعجرف أو مغرور»، فهو رجل في غاية البساطة ويسعى إلى تمديد حكمه.

قد يكون «رفع السقف» حلاً أخيراً، لكن له أضراره أيضاً؛ في مقدمتها أزمة تهدد بانهيار الدولار. وقد لجأت أميركا إلى هذا الإجراء 78 مرة منذ عام 1960، وهو يبلغ حالياً 31.4 تريليون دولار، كما يؤدي إلى هبوط الأسهم وتسريح موظفين.

أكبر دولة دائنة للولايات المتحدة هي الصين، وهي تخشى تخلف الولايات المتحدة عن سداد الديون. وحذّرت مجلة «فورين بوليسي» من مغبّة أي تخلف، وما قد ينجم عنه من أزمة اقتصادية عالمية. وتساءلت: كيف للصين، وهي ثاني أكبر اقتصاد في العالم، النجاة، إذا تخلفت واشنطن عن سداد ديونها؟! وفي هذه الحالة يمكن للصين استحداث نظام مالي عالمي جديد أقل اعتماداً على الدولار. ومهما يكن الحل، فإن الصين ليست الولايات المتحدة في الاقتصاد.

داود الفرحان

مستقبل تجارة الشيكات باللولار

في بداية الأزمة الإقتصادية، والإجتماعية، والمالية، والنقدية في لبنان، والتي أصبحت اليوم من المتعارف عليها من أكبر الأزمات في العالم، تميّزنا أيضاً بوجود أكثر من 7 أو 8 منصات وأسواق صرف في السوق اللبنانية. سنُركز في هذا المقال على سوق صرف الشيكات بالدولار اللبناني في السوق اللبنانية، منذ بدايتها حتى وصولها إلى «هيركات» يُقارب الـ90%، ومستقبلها.

عندما بدأت الأزمة في أواخر العام 2019، وأُقفلت المصارف أكثر من 12 يوماً متتالياً، كان لدى المصارف اللبنانية ودائع بنحو 180 مليار دولار، كما كان أيضاً لديها ديون عند حدود الـ 55 ملياراً، الذي كان يشكل 110% من الناتج المحلي، والذي كان يقارب الـ 50 ملياراً.

فبعدما فتحت المصارف أبوابها بشكل خجول، هلع المودعون لسحب أموالهم أو تحويلها إلى الخارج، ومن المنطق أن هذه الودائع لم تكن موجودة، لأن قسماً منها كان مديناً للقطاع الخاص، وقسماً آخر كان مُستثمراً بسندات الخزينة والأوروبوندز، والقسم الثالث كودائع في البنك المركزي. فكان مستحيلاً تلبية الطلبات النقدية.

فبدأ المدين تسديد ديونه بتحويلات مصرفية أو بشراء شيكات من السوق. وبدأ بعض المودعين إستثمار ودائعهم بالشيكات، وشراء بعض العقارات، لحماية قسم من ودائعهم. هكذا بدأ تداول الشيكات بطريقة عشوائية وحادة.

فبدأ الشيك يُباع بـ 90% من قيمته في مقابل الكاش، ومن ثم انخفض إلى 85%، ومن ثم 80%، 70%، 60%، وصولاً إلى الـ 10% راهناً. وكان يلحق سوق العرض والطلب. فالواضح أن العرض كان يتزايد يوماً بعد يوم، والمودعون يقبلون الـ«هيركات» الذي يتزايد أكثر فأكثر حتى وصلت الخسائر إلى 90% اليوم.

فمَن كان يشتري الشيك، كان همّه تسديد ديونه بسعر أقل، والذي كان يبيع الشيك كان أولاً يريد الحصول على بعض الكاش، حتى بخسائر لحماية ما تبقّى من ودائعه، أو يراهن على استثماره في بعض العقارات لحماية رزقه بالحجارة والبناء، ويُهرّبه من وجه المؤسسات المالية. وكان هذا الرهان رابحاً وناجحاً، لأن مَن استثمر ودائعه بالعقار منذ بداية الأزمة، بات يستطيع بيعه اليوم بالفريش كاش، وإسترجاع بعض قيمته، حتى ولو بخسائر طفيفة.

كانت سوق الشيكات هذه نشطة جداً للأسباب المذكورة، فالناشطون كانوا يُسدّدون ديونهم، أو مَن يستثمر في العقار، أو مَن يهرب من السوق المالية لشراء الكاش، وبعض الجهات المجهولة التي كانت تراهن على تجميع هذه الشيكات، لربما بُغية أخذ حصص من المصارف يوماً ما إذا حصلت إعادة أي هيكلة، وتثبيت مشروع الـ Bill in. لكن مع مرور الوقت إنخفضت الودائع ووصلت إلى الـ 100 مليار دولار أو أقل.

أما ديون القطاع الخاص فإنخفضت أيضاً ووصلت إلى نحو 15 مليار دولار تقريباً. ففي النتيجة إنخفض العرض والطلب على هذه الشيكات باللولار، وإنخفضت قيمتها حتى وصلت إلى 10%.

من جهة، إن تسعير هذه الشيكات مربوطاً بصرفها بحسب تعميم 151، الذي يلحق التسعير الرسمي، والذي ارتفع إلى 15 ألفا في شباط 2023، ومقارنته بسعر السوق السوداء من جهة أخرى. فعندما تنخفض النسبة بين هذين العاملين ينخفض سوق صرف الشيكات، وإذا إرتفعت على نحو طفيف تلحقه. فالنسبة اليوم هي بتحويل الشيكات بالدولار إلى الليرة اللبنانية بحسب تعميم 151، ومن ثم بيع الشيك بالليرة لشراء العملة بالليرة اللبنانية، ومن ثم شراء الفريش كاش من السوق السوداء أو من منصة صيرفة، حيث يكون تقريباً نحو 12%-13%.

فهكذا يتقلّص سعر الشيكات بالدولار اللبناني من جهة بحسب العرض والطلب لتسديد الديون، ومن جهة أخرى بحسب تعميم 151، ومنصة السوق السوداء، التي توصل في النهاية إلى بعض الدولار الفريش. إضافة إلى كل هذه الضغوط، بدأت المصارف أكثر فأكثر ترفض استقبال الشيكات من غير المصارف، لتخفيف تعارضها ومخاطرها على المصرف المركزي، فتجارة الشيكات تطوّرت وأصبح هناك سعر مختلف بحسب أسماء المصارف، وبدأ عرض وطلب جديد بحسب طلبات السوق.

فيُمكن أن يُتاجر ببعض الشيكات بأسعار أعلى أو أقل بحسب متطلبات السوق والمدينين، وأصبح هناك خيارات انتقائية، في هذه المنصة والتجارة. فبعض الشيكات تُرفض، وبعضها الآخر يُبحث عنها، بعض الأسماء تُشطب، لبعض المخاطر والعقوبات، ولأسباب الإمتثال، وبعض الأسماء البيضاء يُرفع سعر شيكاتها.

الحقيقة المرّة وراء كل هذه التجارة الوهمية، وسوق الشيكات هذه، التي هي «هيركات» مبطّن، تعني أن هذه الدولارات اللبنانية أصبح يُتاجَر بها، كأنها بعض الودائع بالليرة اللبنانية، بحسب سعر الصرف الرسمي، الذي يبلغ أكثر من 85% من قيمته فقط، والإستحصال عليه يكون ببعض السيولة النقدية، حيث تزداد الخسارة إلى ما يقارب الـ5% إضافية. ونصل إلى خسارة 90%، ويتبقّى 10% مما تعب به اللبنانيون مدى حياتهم ولعقود مديدة.

في المحصّلة، إن تجارة الشيكات ستنخفض مع الوقت، تزامناً مع العرض والطلب، وسيتتابع تحويل الودائع باللولار اللبناني، بحسب التعاميم المتتالية، بأسعار بخسة، وبخسائر فادحة. فالكل يريد طمر رأسه بالتراب كالنعامة أمام هذه الجريمة المالية والنقدية وأكبر عملية نهب في تاريخ العالم.

د. فؤاد زمكحل

مصرف لبنان يملك 1220 عقاراً مساحتها 43 مليون م٢

هل للمودعين حقّ فيها؟

يطرح مصرف لبنان بين الحين والآخر وبشكل خجول بعضاً من العقارات الخاصة التي يملكها والتي استحوذ عليها من المصارف التي تمّت تصفيتها، او من خلال دعمه للمصارف المتعثرة من خلال شراء العقارات التي تملكها من اجل دعمها بالسيولة التي تحتاجها وتفادي افلاسها، بدلاً من فرض اصلاح هيكلي فيها ومعالجة اسباب تعثرها بشكل جدّي. اللافت في الامر ان صفقات بيع العقارات لمصرف لبنان من قبل المصارف كانت تدرّ الاموال على المصارف المتعثرة لصالح إنقاذها وعلى الخبراء الذين يوكلهم مصرف لبنان مهمّة تحديد قيمة العقار.

سمسرات وتقييمات

وبما ان مصرف لبنان كان يسدد للمصارف 60 في المئة من القيمة التقديرية التي يحددها الخبراء، فان سمسرات عديدة وكبيرة كانت تحصل بين المصارف والخبراء من اجل تزوير قيمة العقارات. لا بل كانت تعمد المصارف المتعثرة التي تحتاج الى السيولة، الى شراء العقارات بأبخس الاثمان لاعادة بيعها لمصرف لبنان بأسعار مضاعفة أضعافاً. أي على سبيل المثال، كانت المصارف تشتري عقاراً بمساحة 100 ألف متر مربع بقيمة دولار واحد للمتر المربع وتبيعه في اليوم الثاني للبنك المركزي بقيمة 3 دولارات للمتر المربع.

منطقة الطفيل

كما ان قضية منطقة الطفيل الحدودية خير مثال عن تلك الممارسات. فقرية الطفيل تبلغ مساحتها ما يقارب 40 كيلومتراً مربعاً وهي جزء من لبنان ولا يمكن الوصول اليها الا من الاراضي السورية ولا تربطها بسهل البقاع اي طريق معبدة بل هناك بعض الطرق الترابية التي تستعمل غالباً للتهريب. يملك مصرف لبنان الجزء الاكبر من العقارات في المنطقة المذكورة نتيجة شرائه عقارات في الطفيل من بنك “مبكو” الذي كان متعثراً آنذاك ومهدداً بالافلاس. وبهدف إنقاذ المصرف وحسابات المودعين المنتمين بغالبيتهم لحركة “أمل” تمّ تخمين قيمة المتر المربع بـ13 دولاراً، علماً ان القيمة الحقيقية لم تكن تساوي دولاراً واحداً! وقد أشيع في العام 2019 ان مصرف لبنان باع عقارات الطفيل الى شخصية سورية لها علاقات مباشرة بشخصيات مقربة من النظام السوري، بقيمة 22 مليون دولار.

ماذا تتضمّن المحفظة؟

تتضمن محفظة مصرف لبنان العقارية حالياً 1200 عقار خاص على مساحة تبلغ اكثر من 43 مليون متر مربع، متوزعة بين كافة المحافظات اللبنانية، وفي محافظة الشمال حصة الاسد حيث يبلغ عدد العقارات التي يملكها مصرف لبنان هناك 634 عقاراً هي بغالبيتها اراض باستثناء عقار هو عبارة عن حصة في بناء، وعقار عبارة عن شقة سكنية. تلي محافظة الشمال، محافظة جبل لبنان التي يملك فيها البنك المركزي 395 عقاراً، هي بغالبيتها ايضاً اراض. من ثم بيروت التي يملك فيها 81 عقاراً في غالبيتها تعود سابقاً الى بنك المدينة، تليها محافظة البقاع التي يملك فيها 62 عقاراً، فالجنوب 24 عقاراً واخيراً النبطية 4 عقارات فقط.

الاصول الثابتة 4.6 مليارات دولار

ضمن ميزانية مصرف لبنان الرسمية عن كانون الثاني 2023، تبلغ قيمة الاصول الثابتة التابعة للبنك 437106 مليارات ليرة، اي ما يعادل حوالى 29 مليار دولار على سعر صرف الـ15 ألف ليرة الرسمي المعتمد في القطاع المصرفي، او ما يعادل حوالى 4 مليارات و600 مليون دولار على سعر صرف السوق الموازية. تضم الاصول الثابتة محفظة العقارات التي يملكها مصرف لبنان بالاضافة الى ممتلكاته الخاصة الاخرى، كحصته في شركة انترا التي تمتلك العديد من العقارات.

لا تقديرات رسمية

لا توجد تقديرات دقيقة او رسمية لقيمة محفظة عقارات مصرف لبنان حالياً، لان الممتلكات التي يستحوذ عليها مصرف لبنان تسجل قيمتها في دفاتره بالسعر الذي تم تسديده تاريخ اتمام عملية الشراء وبالليرة اللبنانية. وبالتالي، تستوجب عملية تقدير قيمة محفظة العقارات اعادة تخمين لمجمل العقارات التي يملكها بعد انهيار سعر الصرف وبعد تبدّل أسعار العقارات.

مغارة علي بابا

وبما ان مصرف لبنان من الجهات المسؤولة عن الانهيار الاقتصادي والمالي وتضرُّر المودعين، فان الخوض في بحث لتحديد محفظة مصرف لبنان العقارية امر ضروري، في ظل الحديث عن أهمية تقاسم الخسائر واعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف وكيفية تحصيل حقوق المودعين وتمويل الميزانية العامة. وعلى حدّ تعبير احد المسؤولين فان محفظة مصرف لبنان العقارية ليست محفظة بل هي “مغارة علي بابا”، وبالتالي يجب التدقيق في عمليات البيع والشراء التي تمّت خلال السنوات العشر الماضية والتي لم يعلن عنها.

عياش: لا ضمانة للحصول على تخمين شفاف

في هذا الاطار، اوضح نائب حاكم مصرف لبنان السابق، د. غسان عياش ان استحواذ مصرف لبنان على تلك العقارات تمّ لدى تصفية البنوك المتعثرة في الماضي، وقد استملك عدداً كبيراً منها أيام توّلي إدمون نعيم سدّة الحاكمية، حيث كان يلجأ الاخير الى تصفية المصارف المتعثرة وشراء العقارات التي تملكها بدلاً من محاولة معالجة اوضاعها وإجبارها على زيادة رأسمالها. وقد “كرّت السبحة” لاحقاً، حيث بات البنك المركزي برئاسة رياض سلامة يساهم في مدّ المصارف المتعثرة بالسيولة المالية مقابل استحواذه على عقاراتها.

واعتبر عياش انه من المفترض اليوم ضمن المعالجات المطروحة لاسترداد الودائع، تصفية محفظة العقارات التي يملكها مصرف لبنان، “ولكنّ المشكلة تكمن بانعدام الطلب على العقارات حالياً وبعدم الضمانة في حصول عملية تخمين شفافة لقيمة العقارات، نظراً لعمليات التزوير والسمسرات والفضائح التي حصلت في الماضي”.

ضاهر: التدقيق أولاً ثم تحديد المسؤوليات

من جهته، شدد رئيس لجنة حماية حقوق المودعين في نقابة المحامين المحامي كريم ضاهرعلى ان أي استخدام لاصول مصرف لبنان اي اصول الدولة يجب ان يأتي في اطار خطة اقتصادية متكاملة تتضمن كيفية استعادة الودائع، وليس عبر خطوات مجتزأة. واوضح لـ”نداء الوطن” انه يجب أوّلا اعادة هيكلة مصرف لبنان والانتهاء من التدقيق الجنائي لتحديد العجز الفعلي في ميزانية مصرف لبنان وتحديد الاسباب او الجهات المسؤولة عن ذلك.

لا يجوز استخدام المحفظة

ورأى ضاهر انه لا يمكن استخدام محفظة مصرف لبنان العقارية على غرار المطالبات ببيع اصول الدولة لسدّ الودائع، لان مصرف لبنان مدين للمصارف وليس للمودعين، والمصارف بدورها مدينة للمودعين بمعزل عن علاقة المصارف بمصرف لبنان. وبالتالي أكد انه يجب تحميل المسؤولية الكبرى لاصحاب المصارف والمساهمين واجراء عملية اعادة هيكلة للمصارف وتحديد المصارف التي يمكن إنقاذها والتي تستوجب اعادة رسملتها. موضحاً انه في اطار اعادة الرسملة، وفي حال تبيّن ان هناك مبالغ مستحقة للمصارف لدى مصرف لبنان تتم اعادة جدولتها. أما المصارف التي لا يمكن إنقاذها والتي يجب تصفيتها، فان الدين المترتب على مصرف لبنان تجاه تلك المصارف، اي العجز الذي سيتم تحميله للمودع بنهاية المطاف، يمكن حينها تطبيق المادة 313 وتحميل الدولة اي مصرف لبنان المسؤولية تجاه المودعين الذين لم يسترجعوا حقوقهم رغم تصفية المصارف المتعثرة.

استخدام في إطار حوكمة

وبالتالي، أشار ضاهر الى انه بعد حلّ عملية التشابك بين مصرف لبنان والمصارف والطبقة السياسية، وبعد وضع آلية واضحة لضمان حقوق المودعين على المدى البعيد، يمكن آنذاك استثمار محفظة مصرف لبنان العقارية لاعادة حقوق المودعين على مراحل، باطار حوكمة رشيدة وادارة شفافة على صعيد مصرف لبنان.

تحذير من إفادة كبار المودعين فقط

وحذر ضاهر من ان تصفية محفظة مصرف لبنان العقارية لتسديد الديون المترتبة على مصرف لبنان للمصارف، لن تصبّ سوى في مصلحة كبار المودعين الذين راهنوا بأموالهم رغم درايتهم التامة بالمخاطر الكبرى بهدف تحقيق الارباح. وبالتالي لن تصبّ عملية تسديد ديون مصرف لبنان في صالح صغار المودعين (88% من اجمالي المودعين) واصحاب الودائع المتوسطة المشروعة والذين يُخطط لهم ان يستمروا في استنزاف ودائعهم عبر الاقتطاعات المفروضة حالياً من خلال التعاميم، الى حين سحبها كاملة. هذا السيناريو، سيطرح لاحقاً بيع اصول الدولة او تصفية محفظة مصرف لبنان العقارية لتسديد الودائع الكبرى المشبوهة او غير المشروعة او اصحاب الثروات الذين استفادوا من الفوائد المرتفعة والاشخاص النافذين.

رنى سعرتي

«أوبك» والطلب المستقبلي

عبّر الأمين العام لمنظمة «أوبك»، هيثم الغيص، عن رؤى المنظمة لمستقبل نظام الطاقة المستقبلي، حيث من المتوقع استمرار زيادة المعدلات السنوية للطلب على الطاقة.

وذكر الغيص في مقابلات خلال الفترة الماضية مع وسائل الإعلام، أن العالم سيحتاج إلى مزيد من الطاقة مستقبلاً، مع نمو السكان والاقتصادات؛ إذ تشير دراسات «أوبك» أن الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع بنسبة 23 في المائة حتى عام 2045، من ثم، فإن ملاقاة هذا النمو سيتطلب ضمان أمن الطاقة، وتقليص تكاليف الإنتاج، وخفض الانبعاثات العالمية بما يتماشى مع اتفاقية باريس، والتعاون غير المسبوق في استثمارات الطاقة.

وأضاف الغيص أن صناعة النفط وحدها ستشكل ما يقارب من 29 في المائة من احتياجات الطاقة العالمية بحلول عام 2045؛ الأمر الذي يعني أن الطلب على النفط سيبقى عالياً حتى حلول منتصف القرن وما بعده من عقود؛ الأمر الذي يعني بدوره أن العالم سيستمر يستهلك النفط بشكل واسع حتى بعد تصفير الانبعاثات.

وأعلن الغيص أن دراسات «أوبك» تقدر أن يبلغ إجمالي متطلبات الاستثمار الطاقوي العالمي حتى منتصف القرن نحو 12.1 تريليون دولار تقريباً، أو أكثر من 500 مليار دولار سنوياً، مشيراً إلى أن معدلات الاستثمار السنوية الأخيرة كانت أقل بكثير من هذا المبلغ بسبب الانكماش الصناعي وجائحة «كوفيد – 19» وتكاليف التشريعات البيئية.

وحذر الغيص في تصريحاته من عدم توفر «استثمار كاف في جميع الطاقات، وبالتالي فإن استدامة نظام الطاقة العالمي على المحك، ونحن في حاجة إلى مناخ طويل الأجل وصديق للاستثمار يعمل مع المنتجين والمستهلكين؛ إذ يحتاج نقص الاستثمار المزمن إلى التصحيح. لا يتعلق الأمر بانتظار الغد. يتعلق الأمر بتحقيق ذلك اليوم».

وصرح الغيص لوكالة أنباء الإمارات (وام) «نؤيد تأييداً تاماً اتباع نهج عالمي متعدد الأطراف قائم على التعاون؛ إذ نتطلع إلى الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب – 28). التي تستضيفها دولة الإمارات بنهاية العام الحالي في دبي، ودعم المؤتمر لجدول أعمال شامل، حيث يجري الحدث أول تقييم عالمي منذ اتفاق باريس».

وفي سؤال، حول ما تقوم به أقطار منظمة «أوبك»، في تحسين موقع النفط التنافسي في بيئة يستعمل فيها أقل انبعاثات كربونية ممكنة، أجاب الأمين العام لمنظمة «أوبك»: «نحن نستثمر في قدرة المنبع والمصب. ونحشد تقنيات أنظف ومجموعة واسعة من خبراتنا البشرية للمساعدة في إزالة الكربون من الصناعة. ونقوم باستثمارات كبيرة في الطاقة المتجددة والقدرة الهيدروجينية واستخدام وتخزين الكربون، وتقنيات أخرى، بالإضافة إلى تعزيز الاقتصاد الدائري لتحسين الأداء البيئي العام».

وأوضح الغيص، تدل التجارب التاريخية على «أن تحولات الطاقة تتطور ببطء ولها مسارات عديدة»، حيث هناك أكثر من 700 مليون شخص في العالم اليوم ما زالوا يفتقرون إلى الكهرباء، وأن 2.4 مليار شخص يستخدمون أنظمة غير فعالة وملوثة.

كما أكد أمين العام لـ«أوبك» أنه فيما يتوجب أن ينصبّ التركيز العام على خفض الانبعاثات واستخدام جميع أنواع الوقود عالمياً، لكن لا يوجد هناك حل واحد يناسب الجميع في مجال مستقبل الطاقة المستدامة، حيث إن الطريق الصحيحة لواحد، قد لا يكون الطريق الصحيحة للآخر.

وليد خدوري

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات