ارتفاع التضخم يجعل الحد الأدنى للأجور في أميركا عند أدنى قيمة له منذ عام 1956

دفع التضخم المرتفع القياسي قيمة الحد الأدنى الفدرالي للأجور في الولايات المتحدة الأميركية، إلى أدنى مستوى في 66 عامًا، وفقًا لتحليل جديد من معهد السياسة الاقتصادية.

هذا الحد الأدنى من الأجور الفدرالية للساعة البالغ 7.25 دولارًا للساعة يساوي أقل من أي وقت منذ فبراير 1956، وفقًا لمركز الأبحاث في واشنطن العاصمة.

كان الحد الأدنى الفدرالي للأجور في عام 1956 نحو 75 سنتًا، أي ما يعادل 7.19 دولارًا في يونيو 2022 دولارًا.

يستند التحليل إلى بيانات مؤشر أسعار المستهلك لشهر يونيو حزيران،  والتي صدرت هذا الأسبوع، والتي أظهرت أن التضخم كان أعلى من المتوقع عند 9.1% مقارنة بالعام الماضي.

لم يتغير الحد الأدنى الفدرالي للأجور البالغ 7.25 دولارًا منذ يوليو 2009، هذه هي أطول فترة بدون زيادة فدرالية جديدة للحد الأدنى للأجور منذ أن أنشأها الكونغرس في عام 1938، وفقًا لمعهد السياسة الاقتصادية.

مع ارتفاع تكلفة المعيشة، فإن رفع الحد الأدنى للأجور هو إحدى الطرق التي يمكن للكونغرس من خلالها مساعدة العمال.

ومع ذلك، توقفت الجهود المبذولة لتحقيق ذلك مؤخرًا في العام الماضي عندما اعتُبرت زيادة الحد الأدنى للأجور غير مؤهلة للإدراج في تشريعات الإغاثة من فيروس كورونا.

وجد معهد السياسة الاقتصادية أن العامل الذي يتقاضى الحد الأدنى للأجور اليوم يجعله أقل بنسبة 27.4% مما كان سيحصل عليه في يوليو 2009، بعد تعديله وفقًا للتضخم.

علاوة على ذلك، يكسب عامل الحد الأدنى للأجور اليوم 40.2% أقل من الحد الأدنى للأجور الذي كان يحصل عليه العامل في فبراير 1968.

بُذلت جهود لرفع الحد الأدنى للأجور على مستوى بعض الولايات، حيث شهدت ولايات مثل كونيتيكت ونيفادا وأوريجون، وكذلك واشنطن العاصمة، زيادة الحد الأدنى للأجور هذا الشهر.

وفي الوقت نفسه، رفعت شركات مثل Amazon و Target و Walmart أيضًا الحد الأدنى لأجور الموظفين.

عن المناخ وثالوث أزمات الركود والغلاء والديون

يشهد العالم منذ أكثر من سنتين أحداثاً لم يشهدها مجتمعة منذ وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها. فقد سببت أزمة «كورونا» أكبر حالة لركود اقتصادي منذ عام 1945، وتبعتها موجة تضخم حادة لا يوجد ما يضاهيها ارتفاعاً إلا ما شهدته الاقتصادات الأميركية والأوروبية في سبعينات القرن الماضي. وقبل نشوب أزمتي الركود والتضخم تواترت تحذيرات للدول النامية من أنها تواجه ارتفاعاً في المديونية الخارجية لمستويات حرجة تجعلها أكثر عرضة لتقلبات أسعار الفائدة والصرف الأجنبي وصدمات الارتفاع المفاجئ في تكاليف الاقتراض، وزيادة احتمالات التعثر في السداد.
ويشكل تراجع تقديرات النمو الاقتصادي العالمي في هذا العام والعام المقبل أيضاً إلى حدود تتراوح بين 2.5 في المائة و3 في المائة انخفاضاً حاداً عما كان عليه معدل النمو في عام 2021، ويتزامن ذلك مع ارتفاع في معدلات التضخم عن متوسطاتها العالمية لتبلغ 7.8 في المائة في أبريل (نيسان) الماضي، وفقاً لتقرير البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي الصادر في الشهر الماضي، الذي يرصد أيضاً ارتفاع معدلات التضخم في الدول النامية والأسواق الناشئة لتتجاوز 9.4 في المائة لأول مرة منذ الأزمة المالية العالمية في 2008، وهذا التزامن بين انخفاض متوالٍ في معدلات النمو وزيادات في معدلات التضخم أعلى من متوسطاتها المستهدفة بما سبب حالة من الركود التضخمي، وأدى إلى انخفاض في متوسطات الدخول الحقيقية عن مستوياتها قبل أزمة «كورونا» في حوالي نصف عدد البلدان النامية؛ فاقتصاداتها مضارة مرتين؛ مرة بانحسار فرص النمو وزيادة البطالة التي تقلل من فرص التفاوض على أجر أعلى، كما أنها تتضرر من عدم زيادة أجور العاملين بمعدلات تفوق زيادة التضخم.
وقد بات لزاماً على صانعي السياسة الاقتصادية في الدول المتقدمة العودة إلى سجلات عقود مضت للتعرف على ما كان من أوجه التعامل مع ارتفاعات التضخم المتتالية في السبعينات، وما كان مجدياً منها وغير مجدٍ. وفي أحاديث مع مشاركين في مؤتمر دافوس الذي عُقد في شهر مايو (أيار) الماضي تبين أن التضخم الحاد يمثل تحدياً عمرياً للمديرين التنفيذيين للشركات ومؤسسات الإنتاج في البلدان المتقدمة، فمن يشغلون هذه المناصب تتراوح أعمارهم بين العقدين الرابع أو الخامس من العمر، أي أنهم كانوا في مراحل التعليم قبل الجامعي عندما كان التضخم ظاهرة تشغل بال الأسواق، وعليهم أن يتمرسوا التعامل مع هذه المتغيرات وثقافتها. هذا طبعاً على عكس الحال في الدول النامية التي لم تنقطع عن أكثرها تحديات ارتفاع الأسعار تزيد بها معدلات التضخم السنوية أو تحلق ارتفاعاً مسببة لموجات غلاء شديدة لا تطيقها دخول عموم الناس. ولكن مما لا شك فيه أن مجرد اجترار الذكريات عن التضخم وكيفية التعامل معه لن يجدي شيئاً مع تعقد الأزمات الاقتصادية وتشابكها.
مع شدة الأزمات المحتدمة تشابكاً من غلاء وركود وديون، تلوح فرص ترتبط بالعمل المناخي في التصدي الناجع لهذا الثالوث، إذا ما أحسن إدراج جهود التصدي لأزمات المناخ في السياسات العامة. ويأتي هذا باتباع نهج شامل للتصدي لتغيرات أولى من الاختزال المخل الذي جعل العمل المناخي يجتزئ إجراءات بعينها انحرافاً عن حسن إدارة العملية الانتقالية نحو الحياد الكربوني وفق اتفاق باريس وتعهداته الملزمة.
أولاً، أن سياسات إدارة الطلب بزيادة أسعار الفائدة لن تخفض التضخم بمفردها في البلدان المتقدمة اقتصادياً، وضررها بالغ على البلدان النامية، كما أوضح جوزيف ستيجليتز الحائز جائزة نوبل في الاقتصاد، في مقال مشترك مع الاقتصادي دين بيكر، أن مصدر ارتفاع الأسعار في الولايات المتحدة يرجع إلى صدمات في جانب العرض مثل الارتفاعات الحادة في أسعار الطاقة والغذاء والخامات التي انخفض عرضها بفعل «كورونا» وارتباك سلاسل الإمداد وتداعيات حرب أوكرانيا، فزيادات أسعار الفائدة لن تزيد المعروض من المنتجات، بل على العكس ستجعل تكلفة الاستثمار أكثر ارتفاعاً وتعوق جهود تنشيط جانب العرض. وفي مقال لاقتصادي مرموق حائز أيضاً جائزة نوبل في الاقتصاد، وهو مايكل سبنس، يحذر من مغبة الرفع المتزايد لأسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الرئيسية بدفعها للاقتصاد العالمي تجاه ركود أعمق. وفيما يتجاوز الأثر السلبي للأزمة الأوكرانية، يوضح سبنس أن هناك معوقات في جانب العرض وإنتاجية العمل والأجور النسبية تحتاج لعلاجات لن يجدي رفع أسعار الفائدة معها نفعاً. كما أن هناك تحديات جيوسياسية ورغبات في إعادة تشكيل سلاسل الإمداد بدوافع تحقيق أمن الحصول على منتجات أساسية بتوطين عمليات الإنتاج أو من خلال التعاقدات مع مصادر أكثر تنوعاً للطاقة وأقل تركزاً من حيث المخاطر، ومرة أخرى لن تحقق ارتفاعات أسعار الفائدة أي تحسن في وفرة المعروض من المنتجات التي ارتفعت أسعارها، بل ستعيد تسعير الأصول المالية والعقارية والعملات. أما عن آثارها على البلدان النامية فستزيد من اضطرابات أسواق النقد الأجنبي والتدفقات المالية مع مزيد من التعثر في سداد الديون الخارجية.
ثانياً، دفع جانب العرض بزيادة الإنتاج والإنتاجية في قطاعات الطاقة والغذاء وإدارة المياه من خلال الاستثمار. جانب كبير من التضخم يرجع لزيادة أسعار الطاقة والمواد الغذائية التي زادتها سوءاً الحرب الأوكرانية. في الأجل القصير تأتي إجراءات انفعالية كرد فعل كاستخدام مولدات الكهرباء المستخدمة للفحم في أوروبا، ولجوء أكثر من 30 دولة لإجراءات حمائية ومانعة لتصدير منتجاتها الزراعية. ولكن في الوقت ذاته تتولد دوافع للاستثمار في الطاقة المتجددة وتطوير القطاع الزراعي ومنظومة الإنتاج الغذائي وكفاءة استخدام المياه بالتوافق مع إجراءات التخفيف والتكيف المناخي مع التوسع في استخدام مستحدثات التحول الرقمي والذكاء الصناعي، وما يتطلبه ذلك كله من استثمارات جديدة. ولعل أهم ما أسفرت عنه اجتماعات مجموعة السبع هو تعهدها في البيان الصادر عنها الشهر الماضي باستثمار 600 مليار دولار في مشروعات في البلدان النامية خلال السنوات الخمس المقبلة في مجالات العمل المناخي والصحة العامة والبنية الرقمية والمعلوماتية والعدالة بين الجنسين. وهذه المجالات تأتي في إطار اتفاق باريس وأهداف التنمية المستدامة السبعة عشر؛ وهي تتطلب تعاوناً فنياً وتكنولوجياً مع الدول النامية لا يقل أهمية عن التمويلات الموعودة، الذي أكد الرئيس الأميركي جو بايدن أنها ليست منحاً أو معونات، لكنها استثمارات. بافتراض تدفق هذا التمويل فإن الفجوة التمويلية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة ستظل في حاجة إلى المزيد لتجسيرها، إذ تصل تقديراتها إلى 4.2 تريليون دولار سنوياً، وفقاً لتقارير منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. ومن خلال الاستثمارات الموجهة للدول النامية ذات النفع المتبادل، يمكن التعامل مع تحديات الركود بدفع نمو قطاعات الإنتاج وتيسير الحصول على طاقة نظيفة والتعامل مع أزمة الغذاء وأسعاره التي استعرت، خصوصاً بعد الأزمة الأوكرانية.
ثالثاً، تخفيض الديون من خلال مبادلتها بالاستثمار في العمل المناخي، باعتبار أن درء مفسدة الديون المتفاقمة يقدم على جلب المنح والهبات، فهناك ضرورة تحتم إعادة النظر في المديونية الدولية، وأوجه الخلل فيها، ومنع انتشار أزمات التعثر في السداد والإعسار، وما يرتبط بها من مشكلات ويترتب عليها من تداعيات واختلالات اقتصادية في البلدان النامية، ولنا في الموجات الثلاث للديون، التي انتهت كل واحدة منها بأزمة كبرى، عظات. وباعتبار أننا لا نشهد تدفقاً مالياً يذكر للعمل المناخي رغم التعهدات، فمن مجالات العمل الممكن للتعاون الدولي تطوير وسائل جديدة من مبادلة الديون ويكون بمقتضاها استفادة الدولة المدينة بتخفيض ديونها الخارجية المستحقة، سواء كانت لمدينين رسميين أو تجاريين، من خلال تنفيذ مشروعات، كما فعلت دولتا بليز وسيشيلز، وإن كان من الأفضل أن يكون ذلك مقابل إجراءات تنفذها الدولة المعنية بالتوافق مع تعهداتها وفق اتفاق باريس، سواء في مجالات التخفيف أو التكيف بمنظومة محددة فنياً وزمنياً؛ وهو ما سأقوم بتوضيحه بتفصيل وأمثلة في مقال مقبل.
ولحسن التعامل مع الأزمات الراهنة يظهر بجلاء أن الاكتفاء بافتراضات سخية عن تماثل الأزمات الراهنة، أو تشابهها، مع أزمات سابقة لن يضعها على مسار حل سحري. كما أن لوم مصدر الأزمة بكونه من مسببات خارجية أو من مخلفات عهود بائدة، لن يفيد إلا لوقت وجيز يتلقى خلاله مدير الأزمة كلمات للتضامن أو التشجيع لا ينبغي أن تشغله عن مهمته الأساسية في التصدي للأزمة، فشأنه بعدها لن يكون مثلما كان قبلها بحال. وأفضل ما ينفع مما سبق من دروس الأزمات الفائتة أنها جميعاً إلى انقضاء، وهو ما قد يطمئن، ولكنها لا تنتهي تلقائياً ولكن بما يبذل في مواجهتها من جهد منظم بفريق محترف يقود مؤسسات ذات كفاءة بسياسات واضحة الرؤية. ومن دروس التعامل مع الأزمات أن لها تكلفة تزيد بإهمال التصدي الفوري لها، وأنها ليست عادلة في توزيع أعبائها، وهو ما ينبغي إدراجه في تصميم برامج التصدي لها، فكثير من أنواع الدواء الموصوف قد يكون أشد من الأزمة شراً. وسيتبين بعد نهاية الأزمة أنها، ككثير من سابقاتها، كان من الممكن التوقي من شرورها أو على الأقل من أغلبها. وهذا هو الدرس الأكبر من دروس تاريخ الأزمات بلا منازع، إذ أننا لا نتعلم منه شيئاً، بما يجعل الأزمات تتكرر بملل مزعج في كثير من مسبباتها.

د. محمود محي الدين

مصارحة لأبنائنا

الوضع في #لبنان يستوجب المصارحة. فالبلد لا مستقبل له، إذا استمرّ بالإدارة المهترئة والسياسيين المحترمين، سوى ما يحدث في سوريا، أي التقسيم الاختياري بعد التهجير الإجباري.

أصبح لبنان اليوم مفرغاً من طاقاته الحيوية، أساتذته الجامعيين والثانويين، أطبائه المميزين، مهندسيه المتفوقين، الاختصاصيين في مجالات المعلوماتية، المنتظمين في مسعى فرض القانون، القضاة غير المنتسبين لحزب أو زعيم، وعملة لا مستقبل لها في الاسواق العالمية كما في لبنان تتفارق أسعارها بين يوم وآخر بنسب قد تبلغ 20%.

بلد كهذا اشتهر بجامعاته التي تأسست منذ أكثر من مئة سنة، مستشفياته التي كانت مقصد المرضى من دول المحيط العربي، مسارحه، حريات الأفراد، صحافة مستقلة أو ما يشبه ذلك ودور نشر لكتاب يزيد عددها في لبنان عن عددها في سوريا والعراق.

لبنان هذا تدهور بسبب سياساته المالية لا بسبب قرارات مصرف لبنان، والواقع أن مصرف لبنان أصبح مقيّداً بخياراته لأن السياسة المالية المفترض أن تتوازن مع السياسة النقدية فقدت توازنها منذ زمن وقد أصبحت السياسات المالية عرضة للتشكيك من اللبنانيين والعرب والأجانب وحتى من قبل المسؤولين ممن يعتبرون السياسات المستمرة مضرة مثل رئيس فريق إقرار الميزانية إبراهيم كنعان.

لبنان الحريات الاقتصادية لم يبق منه سوى حرية الملكية وهذه الحرية تتعرّض للانتقاص يوماً بعد يوم والهجرة ترتفع، والرغبة في العودة تتبخر مع استمرار انحدار أوضاع لبنان.

البلد لم يعد مميزاً وقد غرق في سياسات سخيفة ابتدأت مع حكومة حسان دياب. فهذا الرجل ووزيره للاقتصاد راوول نعمة هما المسؤولان الأولان عن تدهور الاقتصاد.

على صعيد الاقتصاد يجب التذكير بالأرقام التي نشرها حاكم مصرف لبنان أي:

الـ26 مليار دولار دعم للكهرباء.

الـ62 مليار دولار مقترضات الدولة بقرارات تشريعية لم تدخل في حساب الموازنة.

عجز الموازنة خلال عشر سنوات راوح حول نسبة 10-12 بالمئة من الدخل القومي، وهذا العجز كان ولا يزال من مسؤولية أهل الحكم لا من مسؤولية من يحاولون التمسّك بسياسة نقدية منطقية.

السياسات المالية كانت وما زالت السبب الرئيسي في العجز ولا تزال، ولهذا السبب يبحث النواب، أو غالبيتهم عن إلقاء نتائج الخطأ على سياسات مصرف لبنان وأصحاب الودائع.

حضرات النواب… مصرف لبنان مسؤول عن السياسة النقدية، وله مجلس يشمل الحاكم ونوابه والمدير العام لوزارة المالية والمدير العام لوزارة الاقتصاد، وهذا المجلس أقر خلال السنوات الثلاث المنصرمة وقبل ذلك جميع القرارات المتخذة لكن السياسة المالية “إقرار الموازنات” ذات العجز المتفشي هي السبب في مشكلة لبنان حالياً. ويزيد من ضرر السياسة المالية أن مجلس النواب لا يشمل أو لم يكن يشمل حتى الانتخابات الأخيرة اختصاصيين بالشؤون الاقتصادية والمالية.

الانتخابات الأخيرة أحدثت تغييراً أساسياً في التمثيل النيابي، فهنالك عدد من النواب الجدد يعلمون مستوجبات النجاح الاقتصادي، وحكومة الرئيس ميقاتي القائمة والتي قد تنجز منصرفة الى محاولة اقتباس برنامج للتعويم من قبل صندوق النقد الدولي واقتراض ما يعادل 3 مليارات دولار للتسديد خلال 46 شهراً على أن تحقق الحكومة تحسينات إدارية وإشرافية لم تتوصّل لتحقيقها على مدى سنوات. وكيف للوزارات من هذا النوع أن تحقق أي تقدم حينما يدعو أحد أعضائها السابقين جبران باسيل إلى عشاء في منزل فيوزع منشوراً على عشرات الشقق القريبة بأن عليهم تقبّل احتياطات الأمن لأن الضيف غريب على لبنان، كيف لبلد يتصرّف وزراؤه على هذا الشكل أن يحقق نتائج مقبولة على صعيد الاقتصاد؟ وكيف لبلد أن يركز على برنامج مع صندوق النقد الدولي وقد حقق اكتساباً على مستوى 1.3 مليار دولار من صندوق السحوبات الخاصة لمعالجة أوضاع مؤقتة وفي الوقت ذاته حقق الزيادات المعددة أدناه في مجال اكتساب التحويلات الخارجية دون ربط سياساته بإنجازات إدارية لا يستطيع هذا العهد بالتأكيد تنفيذها ولو كان كذلك لنفّذ منها نسبة 10% على الاقل.

الأميركيون رفعوا معوناتهم من 100 مليون دولار للجيش الى 500 مليون دولار منها 300 مليون دولار للجيش و150 مليون دولار للجامعة الأميركية والرصيد للجامعة اللبنانية الاميركية.
الفرنسيون حوّلوا 250 مليون دولار لمساندة المدارس التي تتبع المناهج الفرنسية.
وزير الاقتصاد اكتسب تسهيلاً من البنك الدولي بقيمة 180 مليون لدعم أسعار الخبز.
السعوديون أقرّوا مساعدة على مستوى 150 مليون دولار.

قطر أقرّت مساعدة للجيش بقيمة 60 مليون دولار.

الإمارات العربية ومصر وفّرتا مساعدات غذائية وصحية بقيمة 150 مليون دولار.

نفقات القوات الدولية في الجنوب رفعت بـ500 مليون دولار سنوياً.

وبالتالي مجموع هذه التقديمات يبلغ 1780 مليون دولار.

حينما تتوافر لنا مساعدات على مستوى 1.8 مليار دولار من دول ومؤسسات تهتم بقيامة لبنان لماذا علينا أن نستقبل مساعدة من صندوق النقد الدولي على مستوى 3 مليارات دولار تقيّد سياساتنا بسياسات الصندوق لمدة 5 سنوات على الاقل. سنة انتظار انتهت دون شيء يذكر سوى مذكرة تفاهم على القواعد، حاولت وزارة الميقاتي تصويرها وكأنها اتفاق نهائي. وتشجع نائب رئيسها على التمهيد لإلغاء حقوق أصحاب الودائع.

قيامة لبنان لن تتحقق ما لم نحوّل مؤسساته الكبرى القائمة التي يمكن إنجازها الى مؤسسات منتجة تستوجب توافر الكفاءات وانصراف المشاركين الى العمل بنشاط لإنجاح البلد.

لماذا
يبقى مرفأ طرابلس دون تطوير ومطار رينيه معوض دون تشغيل والمصافي معطلة؟
وطيران الشرق الاوسط دون مشاركة فعالة من شركة طيران دولية؟

والريجي دون مشاركة من هيئات ألمانية تبحث عن المشاركة في إنتاج الأدوية من الحشيشة؟
ووسط البلد المجهّز على أعلى مستوى دون تطوير وهنالك توجه شرط أن لا يكون الحكم استنسابياً كما فعل بالنسبة لما سمّاه ملاحقات قانونية.

إن لم نقدم على هذه الخطوات ونهمل الاعتماد على صندوق النقد الدولي فسيبقى لبنان مركز الهجرة الأول في المنطقة.

مروان اسكندر

من أزمتنا الاقتصادية الداخلية الكارثية الى التضخّم العالمي المخيف؟

 

لا شك في أنّ لبنان يمرّ في أصعب فترة في تاريخه الاقتصادي والاجتماعي والمالي والنقدي، وأزمة إجتماعية خانقة، فيما لا نزال نعبر النفق الأسود، ونحفر يومياً عكس الضوء.

هذه الأمور السوداوية والتشاؤمية يجب ألاّ تمنعنا عن التفكير والنظر إلى ما يحدث حولنا إقليمياً ودولياً. فالعالم ككل يعاني أزمة اقتصادية اجتماعية، وتضخماً مخيفاً وبطالة خانقة وإعادة هيكلية مطلقة.

بدأت كل البلدان تستيقظ من جائحة كورونا، وتحاول بلسمة جراحها، وتعمل ليلاً نهاراً لاستعادة نشاطاتها، وإعادة الهيكلية الداخلية، وبناء الاستراتيجيات الجديدة، والخطط الحديثة، من بعد سنتين من الحَجر الاقتصادي، وتوقف سلاسل التوريد، التي ندفع ثمنها حتى اليوم. أما طبع وضخ السيولة لمساعدة الإقتصادات والشركات والشعوب، أدّت إلى زيادة الكتلة النقدية وتضخم نشعر به اليوم أكثر فأكثر.

من جهة أخرى في الوقت عينه، أنّ الحرب الساخنة الروسية – الأوكرانية، والحرب الباردة بين الشرق والغرب زادتا من اضطرابات سلاسل التوريد، والنقص في الموارد الغذائية، وأدّتا إلى تضخم كارثي بالنفط والغاز وكل المشتقات التابعة لها.

اليوم هذه الحرب بين العملاقين العالميين لها تداعيات كبيرة على كل اقتصادات العالم، وعلى العرض والطلب، وخصوصاً تزيد من التضخم الذي يرتفع يوماً بعد يوم، ويُمكن أن يؤدي إلى تضخّم مفرط.

وحتى إذا كان لبنان في أحلى أيامه وأعلى أرقامه، فقد كان من المستحيل مواجهة هذه الأزمة العالمية الكارثية، ومواكبة هذا التضخم المخيف، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية، ومتابعة الدعم غير المنتج في اقتصاد يستورد 80% من حاجاته.

إننا كنّا دائماً نفخر بمرونة اللبنانيين وروحهم الريادية، وأفكارهم الخلاّقة لمواجهة كل الأزمات الداخلية، الإقليمية والدولية. والتاريخ برهن عن قوتهم، ليس فقط للمواجهة، انما للفوز على هذا النوع من المعارك. أما اليوم ولسوء الحظ، لم يعد لديهم الأسلحة الاقتصادية والمالية الفعّالة للمواجهة والتغلّب على هذه الأزمة الدولية.

إنّهم اليوم لا يمتلكون سيولتهم، وقد خسروا كل أبواب التمويل، ولا يستطيعون التطور ولا حتى التنويع للمواجهة. فهم محكومون بإعادة الهيكلة وبناء سيولتهم بالـ «فريش» من جديد، وحتى إعادة رساميل شركاتهم. فهذه العملية الإنقاذية وإعادة الهيكلة المالية والنقدية، ستأخذان وقتاً كبيراً لمواجهة الأزمة الاقتصادية المستجدة، ليس فقط في لبنان لكن أيضاً إقليمياً ودولياً.

في الخلاصة، إنّ لبنان واقتصاده وشركاته وشعبه، يعاني ويواجه ثلاث أكبر أزمات على الصعيد الداخلي، الإقليمي والعالمي. داخلياً يعاني أكبر أزمة اقتصادية واجتماعية في العالم، ودولياً يعاني تضخّماً كارثياً، وإعادة هيكلة كل اقتصادات العالم، ومواجهة العالم ما بعد الجائحة وتداعيات حرب عالمية باردة، كما يعاني نقصاً في كل الموارد.

د. فؤاد زمكحل

الغاز والطاقة النووية مصدران مستدامان… ماذا عن النفط؟

صوَّت نواب البرلمان الأوروبي الأسبوع الماضي لضم الغاز والطاقة النووية لسلة الطاقات المستدامة، بناء على توصية الهيئة التنفيذية للسوق الأوروبية المشتركة. صوت البرلمان على التوصية بأغلبية 328 صوتاً مقابل 278 بالضد، و33 امتنعوا عن التصويت.
واحتاج مشروع القرار 353 صوتاً لنقضه (فيتو). ولا تزال هناك فترة حتى 11 يوليو (تموز) الجاري يستطيع فيه البرلمان أو أحد الأقطار الأوروبية الأعضاء في السوق الاعتراض على القرار. وفي غياب ذلك سيصبح القرار نافذ المفعول السنة المقبلة.
تم التصويت على المشروع في خضم حملة قوية معارضة له من قبل حركات مكافحة التغير المناخي. يتوقع المراقبون استمرار الحملة المضادة من قبل الحركات المناخية والبيئية، نظراً لما يعتبرونه تنازلاً كبيراً للطاقات الهيدروكربونية.
بالفعل، بادرت حركة «غرينبيس» مباشرة بعد نهاية التصويت، بالإعلان عن نيتها طلب مراجعة داخلية للمشروع من قبل السوق المشتركة، ومن ثم اللجوء إلى محكمة العدل الأوروبية لاتخاذ خطوات قانونية لإيقاف مفعول القرار في حال عدم التوصل إلى نتيجة لصالحها. وصرحت المسؤولة في «غرينبيس» للحملات المالية: «هذه سياسة غير نظيفة، ونتيجة مستغربة لتسمية كل من الغاز والطاقة النووية طاقات خضراء، للاستمرار في تمويل حرب الرئيس فلاديمير بوتين في أوكرانيا. لكننا سنأخذ المعركة الآن إلى المحاكم والقضاء».
كما صرح مناهضون آخرون للقرار من الحركات البيئية، بأن هذا «يوم أسود للمناخ ولتحول الطاقة».
تكمن أهمية القرار في دور الريادة الأوروبية في حملة تصفير الانبعاثات العالمية بحلول عام 2050، من خلال تقليص الانبعاثات 55 في المائة في حوالي عام 2035، الهدف الذي أصبح صعباً جداً تحقيقه في ظل حرب أوكرانيا، والمقاطعات الأوروبية للوقود الروسي، والمحاولات الأوروبية لاستبدال إمدادات غازية من دول أخرى بالغاز الروسي، من خلال عقود حديثة ستتطلب استثمارات ضخمة جداً لإنجاحها اقتصادياً في خلال سنوات معدودة.
كما تكمن أهمية القرار في أنه بـ«تخضير» الغاز والنووي في ظل أنظمة السوق الأوروبية المشتركة سيعتبران ضمن استثمارات الطاقات المستدامة، مما سيمنح امتيازات استثمارية للقطاع الخاص لتمويلها. ولأجل تنفيذ برنامج 2035 المرحلي، تتوقع السوق الأوروبية استثمار نحو 350 مليار يورو في الطاقات «الخضراء» سنوياً.
من الواضح أن قرار البرلمان الأوروبي يأتي في وقت حرج لأوروبا. فالكساد التضخمي بدأ يهيمن على اقتصادات أوروبا ودول أخرى. كما أن ألمانيا -على سبيل المثال- بصدد تبني سياسات طاقوية مهمة جداً، بتغيير طرق تسلمها للغاز المسال، استبدالاً بالغاز الروسي المستورد بالأنابيب، مما سيقتضي تشييد البنى التحتية اللازمة لاستيراد الغاز المسال عبر الناقلات المتخصصة. والبديل لذلك، هو إما العودة للفحم الحجري، وهو في الحقيقة ليس بديلاً جدياً؛ إذ إنه سيعني زيادة التلوث بدلاً من تقليصه، وإما الاعتماد على الطاقات المستدامة (الرياح والشمسية)، ورغم أهمية هاتين الطاقتين مستقبلاً وتشييدهما في ألمانيا وغيرها من الدول الأوروبية، فإنه من غير المتوقع تشييدهما بالسرعة اللازمة لتلافي عجز الطاقة بحلول 2035، ما يعني تقليص الطاقة الكهربائية أو زيادة فواتير الكهرباء ابتداء من فصل الشتاء المقبل، ما يعني معاناة المستهلكين.
والمشكلة بالنسبة للحركات المناخية، هي أن «تخضير» الغاز يعني أنه بعد سنوات من الحملات ضد الوقود الهيدروكربوني، ستستمر أوروبا في استهلاك وقود هيدروكربوني (الغاز).
والأمر يختلف بالنسبة للطاقة النووية، فقد تبنت معارضتها الحكومات والحركات الخضراء لسنوات عدة، ولأسباب مختلفة، إذ لا توجد انبعاثات كربونية من المفاعلات النووية؛ لكن هناك احتمال انطلاق الإشعاعات النووية في حال وقوع خلل في المفاعل، مثل الخطر الذي تسبب في الإشعاعات المنبعثة من مفاعل «تشيرنوبل» الأوكراني الذي لا يزال راسخاً في الأذهان. والتحفظ الثاني على المفاعلات هو الوقت الطويل والكلفة العالية لتشييدها، والمحاولات لتحويلها من مفاعلات لتوليد الطاقة الكهربائية السلمية إلى مفاعلات لإنتاج السلاح النووي، كما في إيران حالياً. وأحد البدائل المقترحة هو تشييد مفاعلات صغيرة الحجم ومرنة الاستعمال لتفادي الانتشار النووي العسكري، ولقلة تكاليف إنشائها نسبياً، ومرونتها في الاستخدامات الصناعية.
يشكل القرار الأوروبي مفترق طرق مهماً جداً لصناعة الطاقة المستقبلية. فقد شكل إدماج الغاز؛ الوقود الهيدروكربوني الأقل في انبعاثاته الكربونية، وإمكانية اعتماد المفاعلات النووية المرنة، تبني سياسة أكثر واقعية لسلة الطاقات المستدامة المستقبلية.
ويعني هذا أيضاً في حال عدم إعاقة هذه المسيرة بالدعوات القضائية المنتظرة، أن يؤخذ النفط بالاعتبار لاحقاً، مثل الغاز والطاقة النووية. لكن يتوقع أن تكون معركة النفط هذه أكثر صعوبة، لما ستواجهه من معارضة من الحركات المناخية.
لكن من المنتظر أن يساعد النفط مستقبلاً في شيوع صناعة تدوير وتصنيع الكربون لإنتاج الهيدروجين الأزرق، كوقود مستقبلي خالٍ من الانبعاثات. وهذه صناعة حديثة العهد بدأ العمل بها في الدول النفطية الكبرى (عربياً وعالمياً)، إلا أنها لا تزال بحاجة إلى استثمارات ضخمة والأبحاث العديدة لشيوعها، لتكتسب المصداقية اللازمة عند طرح النفط كوقود «أخضر».

وليد خدوري

اليورو : الرهان على الوقت

لا أعرف حقيقةً سبباً منطقياً لهذا الهوس عند البعض حول التراجع الحالي في عملة اليورو مقابل الدولار الأميركي، والتي وصلت حد التساوي يوم 12 يوليو تموز(1 يورو يساوي واحد $، كان سعر الصرف 1.13$ في بداية العام)، وهو أدنى مستوى لليورو منذ عشرين عاماً تماماً. ولكن من أجل جعل النقاش علمياً أكثر، فإن هذا التراجع القاسي لليورو هو نتيجة و رد فعل لعوامل سياسية واقتصادية داخل وخارج منطقة اليورو، علماً أن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع اليورو قبل عدة أشهر عندما كان البنك المركزي الأوروبي على وشك رفع الفائدة ثم عاد مجدداً ليمارس اللعبة التي يجيدها: شراء الوقت.

أولاً: الفرق في العائد على الدولار الأميركي واليورو يتسع لصالح الدولار، وهذا يجعل منه عملةً أكثر جدوى اقتصادياً واستثمارياً.

 

ثانياً: الفدرالي الأميركي (البنك المركزي) يواصل رفع الفائدة، ووصلت حالياً 1.75% بينما لاتزال 0% في منطقة اليورو، ببساطة: لماذا أشتري عملة لا تعطيني عائداً بينما إذا وضعت أموالي في البنك دون عناء ستعطيني عوائد جيدة إذا كانت بالدولار الأميركي؟ وهذا تفكير منطقي وصحيح رغم بساطته.

 

ثالثاً: الكارثة الحقيقية التي دفعت اليورو للتراجع بدأت مع الحرب المجنونة في أوكرانيا، والضرر الذي جلبته وستجلبه لاحقاً للاقتصاد الأوروبي عموماً والألماني خصوصاً، هذا الاقتصاد الذي يعاني من نقص إمدادات الطاقة وارتفاع أسعارها لمستويات قياسية تاريخية، وخاصة الغاز، والتهديد الحقيقي بقطعها (ارتفعت أسعار الغاز الطبيعي 78% في عام كامل، و ارتفع وقود التدفئة 73% بينما ارتفع الفحم 200% لنفس الفترة، وهذا سيجعل من العودة للفحم الحجري مشكلة أكبر.

ماذا يعني كل ذلك؟ يعني ببساطة أن الانكماش قد يصيب الاقتصاد الأكبر في أوروبا، وعندها لا يمكن رفع الفائدة بقوة على اليورو لأن الشركات بحاجة إلى تمويل عملياتها وتحقيق نمو للقضاء على الركود، و هذا بالضبط يلزمه عملة لا تكون قوية وأسعار فائدة متدنية رغم أخطارها وتأثيراتها الجانبية السلبية، وهنا سؤال بديهي: لماذا أراهن على عملة في طريقها نحو الركود أو حتى الانكماش المؤقت؟ منطقة اليورو بين مطرقة التضخم السيئ (8.6% حالياً) وبين مخاطر الإبقاء على سياسة نقدية تسهيلية تجعل من شبه المستحيل تخفيض التضخم .

 

رابعاً: العملة الضعيفة تفيد صادرات القارة الأوروبية مقارنةً بالأميركية واليابانية. اليورو خاسر 15% مقابل الدولار الأميركي في عام، ومتراجع بـ11% مقابل اليوان الصيني لنفس الفترة، وهذا يعطيه أفضلية في الصادرات وخاصة الصناعات الكبيرة كالسيارات والطائرات والتكنولوجيا، بمعنى أنه هنالك فرق بين انهيار سياسي اقتصادي، وبين تراجع عملة يحدث بسبب ديناميكيات أسواق العملات، مايحصل لليورو لن يجعله يختفي ولن يجعل من ألمانيا أو فرنسا مثلاً دولاً نامية، ولهذا السبب لم نرَ تدخلاً حتى شفهياً من البنك المركزي الأوروبي. قد لا تكون العملة الضعيفة هدفاً مباشراً ولكن البنك المركزي قد لا يمانع هذا التراجع إذا بقي ضمن مستويات مقبولة وليست كارثية.

 

خامساً: التباين في السياسات النقدية بين أميركا ومنطقة اليورو يجعل اليورو ضعيفاً، حيث ترفع أميركا الفائدة بينما لاتزال منطقة اليورو تصارع من أجل رفعها. عائد السندات يميل لجهة أميركا، حيث العائد في أميركا أعلى من ألمانيا وفرنسا على السندات الحكومية لعشر سنوات.

سادساً: تكلفة الحرب القاسية ومستويات التضخم القياسية والأهم هو العجز الأوروبي حالياً عن إيجاد حل سريع لمشكلة الطاقة وإمداداتها، جعلت الرهان على تعافي منطقة اليورو بعد الجائحة خياراً قاسياً غير قابل للتحقيق.

 

سابعاً: الديموغرافية تساعد أميركا أكثر من أوروبا العجوز، وهذا يمكن رؤية تأثيره في الإنفاق والاستهلاك ونمو السكان، كما أن سوق العمل الأميركي عوّض كل خسائره تقريباً بعد كورونا (البطالة في أمريكا لا تتجاوز 3.6%، مقابل 6.6% في منطقة اليورو)، حيث أضاف الاقتصاد الأمريكي أكثر من 20 مليون وظيفة بعد التراجع القاسي بسبب أزمة كوورنا مع بداية 2020.

 

نقط إضافية هامة :

 

أولاً:

سيتعافى اليورو تدريجياً لكنه سيأخذ وقتاً أطول من التوقعات السابقة، والرهان على انهيار اليورو هو رهان فاشل.

 

ثانياً :

لن يتراجع التضخم بسرعة (للأسف)، وسيبقى الناس في ألمانيا وفرنسا وغيرها يعانون من ارتفاع تكاليف الحياة والنفقات اليومية وكذلك تكاليف الإنتاج على الشركات والخدمات (مطاعم، فنادق، صيانة وغيرها)، على الأقل لما تبقى من العام الجاري 2022.

 

ثالثاً :

استغرق اليورو عشرين عاماً حتى عاد للتساوي مع الدولار الأميركي رغم كل المصاعب والأزمات الطاحنة في أوروبا خلال عشرين عاماً، المعيار الأساسي هو الثقة في اقتصاد القارة، لكن المشكلة حالياً سياسية أكثر من كونها اقتصادية. للأسف لا أرى حالياً قيادات أوروبية تاريخية كما كان عليه الوضع في الثمانينات والتسعينات.

 

رابعاً :

من المنطقي أن تكون أسعار السيارات الأوروبية حالياً أقل مما كانت عليه قبل عام، وهذا ينطبق على دول الخليج التي تبقى عملاتها مستقرة بسبب ربطها بالدولار وبالتالي تحسنت قدرتها الشرائية بفعل ارتفاع الدولار الأميركي 17% في عام كامل.
خامساً :

السائح الأجنبي من أميركا والخليج العربي مستفيد، لأن منطقة اليورو أصبحت أقل تكلفة للإجازات عموماً. التحدي الأكبر هو ارتفاع أسعار الوقود وخدمات النقل، وبالتالي قد لا يشعر الكثيرون بهذا الفرق.

عموماً، فإن دولا مثل إسبانيا وإيطاليا واليونان، حيث تشكل السياحة مصدراً مهماً للدخل القومي، تفضل عملةً أرخص ليستفيد منها القادمون من أميركا والخليج العربي.

 

سادساً :

باعتقادي إن تراجع اليورو لهذه المستويات سيدفع المستثمر الأجنبي وصناديق التحوط من اليابان والصين وأميركا للشراء في الأصول الأوروبية الرخيصة المقومة باليورو، مستفيدين من ارتفاع القوة الشرائية للدولار الأميركي، وهذا يعني ارتفاعاً تدريجياً على اليورو.

 

سابعاً :

لطالما كانت السياسة في قلب صناعة القرار الاقتصادي والمالي، والسؤال الآن: هل ستتدخل أميركا لخفض سعر صرف الدولار مقابل اليورو؟ يكفيها أن الدولار مرتفع 25% مقابل الين الياباني في عام كامل، والآن اليورو على الطرف الآخر، وباعتقادنا أنه إذا بدأ الدولار القوي يشكل تحدياً في ارتفاع العجز وزيادة إفلاس الشركات وتراجع أرباحها، فعندها قد يحدث تدخل من الفدرالي الأميركي ويتراجع الدولار الأميركي تباعاً وتدريجياً.

 

ثامناً :

قد لا تكون دورة قوة الدولار الأميركي قد انتهت (تقريباً كل عشر سنوات)، لكنها باتت أكثر قرباً ليتغير مسارها تدريجياً. لن يكون تراجع الدولار الأمريكي سريعاً بسبب غياب البديل، كما أن الدولار الأميركي يشكل التحوط الأفضل في حالات الأزمات كنوع من الملاذ الآمن.

مازن سلهب

مديرة صندوق النقد الدولي لـ CNBC: جميع المؤشرات تشير إلى أن التضخم لم يتم كبح جماحه بعد

 

من المرجح أن تستمر أسعار الفائدة العالمية في الارتفاع حتى عام 2023 عندما تبدأ الأسعار التراجع استجابةً لإجراءات البنوك المركزية، وفقًا لكريستالينا جورجيفا، مديرة صندوق النقد الدولي.

ربما تكون أسعار السلع الأساسية، مثل النفط، قد استقرت وبدأت في الانخفاض في الأشهر الأخيرة، لكن جورجيفا قالت إنها ستفعل ذلك استجابة لمخاطر الركود وليس بالضرورة لأن التضخم قد تم ترويضه.

وقالت جورجيفا لشبكة CNBC في اجتماع مجموعة العشرين في بالي يوم الجمعة، “البنوك المركزية تتقدم للسيطرة على التضخم، إنها أولوية.. يتعين عليهم الاستمرار حتى يتضح أن توقعات التضخم لم تزال راسخة”.

أضافت جورجيفا “في الوقت الحالي، ما زلنا نرى التضخم يرتفع؛ علينا رمي بعض الماء البارد عليها”.

 

أزمات عالمية

أدت الاضطرابات الناجمة عن الوباء في سلاسل التوريد إلى اختناقات بينما أدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم هذه الصدمات، وكانت النتيجة ارتفاع أسعار السلع بما في ذلك المواد الغذائية الأساسية مثل الغذاء والأسمدة والطاقة.

في حين كان تضخم أسعار المواد الغذائية قد بدأ بالفعل قبل الوباء والحرب، إلا أن الحدثين قد أضافا إلى المشكلة فقط.

وفقًا للبنك الدولي، وصلت أسعار المواد الغذائية العالمية إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق بين مارس وأبريل من هذا العام، كما ارتفع مؤشر أسعار السلع الغذائية للبنك الدولي للفترة من مارس إلى أبريل بنسبة 15% خلال الشهرين الماضيين وكان أعلى بنسبة 80% عما كان عليه قبل عامين.

أبلغت منظمة الأغذية والزراعة مجموعة العشرين يوم الجمعة أن عدد المصابين بسوء التغذية في العالم سيزداد بمقدار 7.6 مليون هذا العام، وسيرتفع مرة أخرى بمقدار 19 مليونًا في عام 2023.

 

هل بدأت أسعار السلع في التراجع؟

استقرت أسعار النفط وبدأت في الانزلاق، حيث انخفضت من 120 دولارًا للبرميل في أوائل يونيو إلى أقل من 100 دولار للبرميل هذا الأسبوع.

ومع ذلك، سجل مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة أعلى مستوى له في 40 عامًا عند 9.1% الشهر الماضي، وهي حالة وصفتها وزيرة الخزانة جانيت يلين في مجموعة العشرين بأنها “مرتفعة بشكل غير مقبول”.

في حين أن الكثير من البيانات المستخدمة لتحديد التضخم متأخرة، وقالت جورجيفا لشبكة CNBC إن جميع المؤشرات تشير إلى أن التضخم لم يتم كبح جماحه بعد.

وأضافت إلى أنه من المهم السيطرة على التضخم وإلا ستتآكل الأجور.

وعلى صعيد متصل، قالت جانيت يلين لمجموعة العشرين يوم الجمعة إنه من المهم بالنسبة للحكومات أن تضع وتحافظ على دليل للاستجابات السياسية التي من شأنها تقليل مدة وشدة حالات الركود والتخفيف من العواقب الاقتصادية السلبية على الشركات والأفراد.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات