البنية التحتية والقطاع الخاص

في عالمنا المتطور اليوم، يفتقد أكثر من 800 مليون نسمة إلى الكهرباء، ويعيش أكثر من ملياري إنسان دون ضمان للحصول على مياه صالحة للشرب، وتنقطع آلاف القرى حول العالم عما حولها من المدن بسبب عدم وجود طرق مهيأة للسفر والمواصلات. هذه الأرقام وغيرها الكثير، توضح الحاجة إلى التفاتة جادة إلى وضع البنى التحتية حول العالم، ورغم أن موضوع البنى التحتية يناقش باستمرار بين قادة العالم سواء على مستوى مجموعات الدول السبع أو العشرين، إلا أن الأرقام توضح أن نمو مشاريع البنى التحتية لم يتحسن. بل على العكس، فالأرقام تشير إلى أن العجز في ميزانيات البنى التحتية قد يزيد على 15 تريليون دولار بحلول عام 2040. أكثر من نصف هذا العجز يصب في مشاريع الطرق، ويتوزع باقي العجز بين مشاريع مياه الشرب والطاقة والاتصالات وسكك الحديد. وبالنظر إلى هذا العجز وعدم قدرة الحكومات العالمية على مجاراة الطلب للبنية التحتية، يبرزان فكرة الشراكات بين الحكومات والقطاع الخاص للاستثمار في البنية التحتية.
حيث يشكل القطاع الخاص حلا مناسبا لعدم قدرة الحكومات لتنفيذ مشاريع البنى التحتية من عدة جوانب، منها قدرة الخاص على إدارة المشاريع بشكل فعال يقلل من حجم الهدر الذي عادة ما يرتبط بتنفيذ الحكومات لهذه المشاريع. كذلك القطاع الخاص أكثر قدرة على إدارة العمليات اليومية من الحكومات. كما أن هذا الشركات الخاصة أكثر قدرة على تنفيذ المشاريع بتقنيات أعلى من الجهات الحكومية بحكم اطلاعها المستمر على السوق.
إلا أن هذا النوع من المشاريع يتطلب جهدا مختلفا من الحكومات، فتحديد موارد المشروع ومخاطره والمسؤوليات المرتبطة فيه وكذلك الحوافز المترتبة عليه هو الدور الرئيسي للحكومات. ولعل أحد أكبر أسباب إحجام القطاع الخاص عن مشاريع البنى التحتية هو تحمله الكامل للمخاطر، فكثير من الحكومات تلقي بكامل المسؤولية على القطاع الخاص محملة إياه مخاطر قد تضعف الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع. كما أن عدم ضمان الحكومة لهذه المشاريع يزيد من تكلفتها على القطاع الخاص، والمعلوم أن تكلفة تمويل مشاريع البنية التحتية عادة ما تكون مرتفعة بسبب طول أمد تنفيذ هذه المشاريع، وطول أجل مردودها الاقتصادي، إلا أن تنفيذ الحكومات لهذه المشاريع عادة ما يخفض من تكلفة هذا التمويل بسبب انخفاض معدل الخطر للقروض الحكومية. أما في حال أصبحت شركات القطاع الخاص هي المنفذة، فإن نسبة الخطر ترتفع بشكل حاد رافعة معها تكلفة التمويل. وعلى ذلك فإن الضمان الحكومي لهذه المشاريع في غاية الأهمية لزيادة الجدوى الاقتصادية لهذه المشاريع.
ولذلك فإن أكثر تجهيز مشاريع البنى التحتية لتكون جاهزة للاستثمار من قبل القطاع الخاص، هو أحد أكبر العوائق الحالية لمشاريع البنى التحتية. فالقطاع الخاص – وإن رغب في الاستثمار في مشاريع طويلة المدى – إلا أنه يريد التأكد من حسن تخطيط هذه المشاريع والتأكد من توزيع المسؤوليات والحوافز والمخاطر بشكل عادل قبل البدء فيها. والواضح أن الكثير من شركات القطاع الخاص لا تنظر إلى البنى التحتية كمشاريع مربحة، فنسبة استثمار هذا القطاع تتراوح بين 2 في المائة و3 في المائة في الوقت الحالي وهي أقل من 0.1 في المائة من حجم الاقتصاد العالمي.
إن استثمار الشركات في البنية التحتية قد يكون الحل الأمثل للطلب العالمي المتزايد في البنى التحتية، ولا يبدو أن الحكومات قادرة على تلبية هذا الطلب دون الاستعانة بالقطاع الخاص. وليس الأمر متعلقا بنقص الميزانيات الحكومية لتنفيذ هذه المشاريع فحسب، بل إن هذه المشاريع تشكل فرصا حقيقية للقطاع الخاص للاستثمار فيها، والنماذج الناجحة لهذه الاستثمارات كثيرة، فالكثير من الشركات نفذت مشاريع مربحة مشابهة، ومن هذه النماذج تشغيل الطرق بعد تنفيذها لمدد طويلة، أو استثمار الأراضي التي تمر بها هذه الطرق. كما تشكل هذه المشاريع إضافة إلى القطاع الخاص بجعله شريكا استراتيجيا للحكومة، معطية إياه الفرصة للعمل في مساحة استثمارية جديدة، بعيدة عن الاستثمارات التقليدية ذات التنافسية الشديدة.

د. عبدالله الردادي.

هل تُنقِذ البورصة أموال المودعين؟

يومها كنت أشغل منصب رئيس بورصة بيروت، وعملت جاهداً على إقناع المسؤولين بأنّ البورصة لا يمكن لها أن تعيش على الفتات الذي يسقط من مائدة المصارف. فسياسة الفوائد المرتفعة والإحجام عن الخصخصة وتداول سندات الخزينة خارج البورصة، وتوجيه الشركات للاستدانة من القطاع المصرفي حصراً دون تكوين رأسمالها عبر اكتتابات تُطرَحُ في البورصة، كانت تحول دون تأمين إطار الأمان. عوضاً عن ذلك، كان الإصرار على النفخ في إطار المصارف حتى إنتفخ الإطار وانفجر.

كثر الكلام عن مشاريع الخصخصة ما بين العامين 2000 و2004، فتمّ وضع عددٍ من التشريعات المتعلقة بها، وكان الإهمال لدور البورصة جلياً. ولما اعترضتُ كرئيس لبورصة بيروت في ذلك الحين، مستنداً الى دراسات ناقشها الاتحاد العالمي للبورصات، عن دور الخصخصة في النهوض بكبرى بورصات العالم، وتعميم ثقافة الاستثمار على المواطنين، جوبهت بجواب فحواه: «لو أعطينا لشركة ما حصرية الإستثمار في كهرباء لبنان من خارج البورصة لحصَّلنا ثمناً اعلى مما لو طرحناها في بورصة بيروت». علماً أنّ اقتراحي كان بأن يشارك الشعب اللبناني بـ 49% من خصخصة كهرباء لبنان عبر بورصة بيروت، فيما تؤول الإدارة ونسبة 51% الى شريكٍ استراتيجي أجنبي.

طبعاً لم يؤخذ بإقتراحي في حينه، لتبقى أموال الشعب نائمة في المصارف تغذّي الدين العام، وليتصارع السياسيون على حصص الخصخصة، فتطوى صفحتها ونصل الى ما وصلنا اليه من خسائر.

واذكر أيضاً، انّ المصارف كانت تُثني الشركات عن الإدراج في البورصة، مقترحة عليها التسليفات بدلاً من اللجوء إلى البورصة. لقد عملت جاهداً في احدى المرات على إقناع كبير المساهمين في شركة لبنانية ذات امتدادات اقليمية، بإدراج شركته في البورصة، وكان في صدد تقديم طلب الإدراج، حتى أتاه أحد المصرفيين ليثنيه قائلاً: «لماذا الإدراج في البورصة، أنا أؤمّن لك التمويل اللازم عبر المصرف، فلا حاجة بك للإدراج».

أما سندات الخزينة، فقد عانينا الأمرّين حتى تمّ إدراجها في بورصة بيروت؛ الّا أنّ المصارف أصرّت على التداول بها حصرياً في ما بينها.

وأروي الحادثة التالية: في أحد الأيام فوجئت بأمر بيع لعدد من سندات الخزينة ظَهَرَ على شاشة التداول أمامي، واعتقدت للحظات أنّ المصارف اقتنعت بأنّ التداول بسندات الخزينة على الملأ وبالشفافية التي تؤمّنها البورصة هو الخيار الصائب. وكم خاب ظني عندما تمّ سحب أمر التداول بعد دقائق قليلة، ليفيدني صاحب أمر البيع بأنّ احد المصارف الناشطة في مجال سندات الخزينة عرض عليه شراء سنداته بأي سعر يقترحه دون قيد، ولكن بشرط واحد، وهو سحب أمر البيع عن شاشة البورصة، منعاً لكشف هامش التسعير الواسع التي كانت تستفيد منه المصارف.

وها انّ المودعين يتهافتون اليوم على شراء أسهم شركة واحدة غير مصرفية مدرجة في البورصة للهروب من القطاع المصرفي، رغم مخاطر الاستثمار في الأسهم. نعم أصبحت شركة «سوليدير» ملاذاً للمودعين الذين يتهافتون على أسهمها اليوم، كقارب نجاة بعد غرق «تيتانيك» المصارف. ولكن، وإن كانت القيمة السوقية لشركة «سوليدير» تقارب المليارين وخمسماية مليون دولار، إلّا أنّها تتوزع على أسهم معظمها مملوكة من مجموعات كبيرة متمسكة بها، ما يجعل عدد الأسهم المتاحة للتداول قليلاً جداً.

فما هي حسنات ومخاطر الاستثمار في أسهم شركة «سوليدير»:

الحسنات:

– قامت شركة «سوليدير» أخيرا ببيع عقارات مكّنتها من تسديد الجزء الأكبر من ديونها.

– إعادة هيكلة الإدارة والتقشف في المصاريف، لعبا دوراً ايجابياً في تحسين الوضعية المالية للشركة.

– المساهمون الجدد لم يدخلوا أخيراً ليتخارجوا من مساهماتهم بفترة وجيزة أو أقله قبل تحقيق أرباح كبيرة على سعر أسهمهم.

– الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في البورصة مفتوح لرؤوس الأموال مهما صغر حجمها.

– امكانية تسييل الأسهم شبه فورية لصغار المساهمين. كما أنّها يمكن أن تكون جزئية بحسب الحاجة إلى السيولة.

– مع منع التحاويل إلى الخارج انتفت إمكانية شراء أسهم الشركات العالمية وانحصرت ببورصة بيروت.

– التحليلان الأساسي والفني يعطيان مؤشرات إيجابية تجاه الشركة.

– تمسّك حاملي الأسهم بها، لأنّ أي تسييل لمساهماتهم يعني عودة مدخراتهم إلى آتون الحسابات المصرفية من جديد.

السيئات:

– إنّ أداء الأسهم العقارية يبقى مرهوناً بنجاح أو فشل إدارة الشركة، فيما امتلاك عقار بطريقة مباشرة يجعلك سيداً وحيداً على استثمارك.

– امكانية التلاعب بسعر السهم من قِبل كبار المضاربين تبقى احتمالاً وارداً.

– إنّ الإداء السابق للشركة ما زال عالقاً في ذهن اللبنانيين.

– الجدل السياسي حول الشركة يبقى عائقاً امامها، كما انّ موقعها في صلب التظاهرات له سلبيات جمَّة.

وبناءً على ما سبق اطرح الأسئلة التالية؟

– كانت «سوليدير» سابقاً الشركة الأكثر تأثراً بالأحداث الأمنية والسياسية، أما الآن فنرى سعر السهم يرتفع في اليوم نفسه الذي تُحرق فيه المحال التجارية في وسط بيروت وينفجر المرفأ. هل لأنّ سهم «سوليدير» أصبح أكثر ارتباطاً بارتفاع سعر الدولار منه بالأحداث؟

– هل سيتعامل حاملو أسهم «سوليدير» مستقبلاً مع طالبي الشراء كمالكي العقارات حالياً، فيحتسبون سعر السهم بحسب سعر الدولار في السوق السوداء؟

– هل من باب الصدفة أنّه بعد استنفاد كافة الحلول تصدر التعاميم حول مساهمة المودعين بأسهم المصارف عبر البورصة، أو تطالب المصارف بخلق صندوق يجمع ممتلكات الدولة، تُطرح أسهمه في البورصة؟

– صدر قانون الاسواق المالية في العام 2011 بعد مخاض دام 14 عاماً واقرَّ خصخصة بورصة بيروت خلال عام من صدوره، ثم عدنا وانتظرنا حتى العام 2017 لاصدار المرسوم المتعلق بخصخصتها. أو تعلمون أنّ خصخصة بورصة بيروت ما زالت عالقة تنتظر تعيين عضوين مؤقتين لمهمة مدّتها لا تتعدّى السنة الواحدة؟ لماذا؟

– هل كان علينا انتظار خراب البصرة لنتذكر إطار الأمان الذي تحدث عنه بيل وليامس؟

التجربة المصرية بين عامي 2016 و2018 تخبرنا بأنّ الارتفاع الحاد في سعر الدولار مقابل الجنيه المصري وفقدانه من الأسواق، ترافق مع ارتفاع حاد مماثل بمؤشر البورصة المصرية. وهنا أرى الأزمة المالية في لبنان تطل علينا لتقول: البورصة والعقار من أمامكم والمصارف من ورائكم، فتمسكوا بإطار الأمان ولو متأخّرين.

د. فادي خلف.

السيولة موجودة… أين نستثمرها؟

على عكس ما كان متوقعاً، نجحت الحكومات ومؤسسات التمويل الدولية وصناديق التنمية في استقطاب فائض من السيولة لمواجهة تداعيات وباء كورونا على الاقتصاد. فقد تجاوَزَ ما تم جمعه من الأسواق كل التقديرات، وبأسعار فائدة منخفضة. وليست «سندات كورونا» الأوروبية إلا نموذجاً على هذا. ويُتوقع أن تتجاوز الاستثمارات الاقتصادية في خطط التعافي الوطنية حول العالم حدود 20 تريليون دولار للأشهر الـ18 المقبلة.
المشكلة إذاً ليست في السيولة، لا بل هناك فائض منها، بعدما تم امتصاصها من الأسواق. ولا تقتصر السيولة الجديدة المتاحة على الأسواق في الدول الغنية، بل هي متوافرة أيضاً في الأسواق الناشئة. وما نواجهه اليوم هو كيفية صرفها في الاتجاه الصحيح مع ضمان استدامة التمويل، وتحديد حصة الاستثمارات الاجتماعية والبيئية منها.
سمعنا كثيراً من الوعود خلال الشهور الأخيرة أن «المشاريع الخضراء» الصديقة للبيئة ستحظى بحصة وافرة من السيولة المخصصة للتعافي الاقتصادي من الجائحة. وهذا ما أكدته دول متعددة وصناديق تنمية ومؤسسات تمويل حول العالم، خاصة دول الاتحاد الأوروبي ومجموعة البنك الدولي. وإذا كان من الطبيعي أن يذهب جزء من التمويل لمعالجة المضاعفات الصحية للوباء، فالجزء الأكبر سيكون لتفعيل الدورة الاقتصادية. لكن رغم «الوعود الخضراء»، يتخوف البعض من أن تدفع الرغبة في زيادة حجم الطلب ورفع أرقام الدخل القومي سريعاً إلى ضخ جزء كبير من الأموال الجديدة في مشاريع غير مستدامة تؤدي إلى زيادة الاستهلاك، بدلاً من استثمارات تخلق فوائد اجتماعية طويلة الأجل.
الاستثمارات الكبرى في البنى التحتية، كالمياه والطاقة والمواصلات، تكون تحت مظلة الحكومات، ولو شارك فيها القطاع الخاص كمالك أساسي أو جزئي أو مشغل. ولكي يمول القطاع الخاص مشاريع ذات مضمون بيئي واجتماعي، مثل طاقة الشمس والرياح وكفاءة الطاقة وإدارة النفايات والزراعة المستدامة، فهو ينتظر ضمانات تقلل من المخاطر. وهذه عادة تكون على شكل كفالات من مؤسسات التمويل الدولية وصناديق التنمية وإعفاءات ضريبية من الحكومات. وما يدعم تخصيص القسم الأكبر من السيولة إلى مشاريع تحافظ على سلامة البيئة أن هذا يساعد أيضاً في مجابهة ظهور الفيروسات وانتشارها، بعدما أصبح من المؤكد أن هذه تعود، في جزء كبير منها، لأسباب بيئية.
قبل الجائحة، قدر تقرير أصدره المنتدى العربي للبيئة والتنمية (أفد) أن تبلغ احتياجات الدول العربية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 230 مليار دولار سنوياً حتى سنة 2030. وتوقع أن ترتفع الكلفة أكثر بسبب آثار عدم الاستقرار السياسي والأمني، إذ بينت التقديرات أن الخسائر في النشاط الاقتصادي بسبب الحروب والنزاعات منذ عام 2011 وصلت إلى نحو تريليون (ألف مليار) دولار. كما أنه لا بد أن تتسع هذه الفجوة التمويلية على نحو ملحوظ بسبب الآثار الكارثية للجائحة، مع استمرار الحروب والنزاعات المدمرة في أكثر من مكان.
ما تؤمنه الحكومات وصناديق التنمية التابعة لها والبنوك المركزية ومؤسسات التمويل الدولية لا يكفي لسد الفجوة التمويلية، التي يجب أن يأتي جزء كبير منها من القطاع الخاص. وهناك مجموعة متزايدة من حلول التمويل المثيرة للاهتمام في السوق، من السندات الخضراء إلى أدوات التمويل المختلطة. على الصعيد العالمي، حصلت زيادة سنوية مقدارها 23 ضعفاً في إصدار السندات الخضراء، من 11 مليار دولار عام 2013 إلى نحو 250 مليار دولار عام 2019. لكن رغم نموها السريع، لا تزال بعيدة عن المساهمة الحاسمة في تمويل كلفة التنمية المستدامة، وبالتأكيد بعيدة جداً عن سوق السندات العالمية، التي تتجاوز 100 تريليون دولار. ورغم أن السندات الخضراء في الدول العربية لا تزال في مهدها، إلا أنها بدأت بالظهور. ففي عام 2013 أصدر بنك التنمية الأفريقي سندات صديقة للبيئة استخدمت عائداتها جزئياً لتمويل مشروعين في تونس ومصر. وفي عام 2017 أطلق بنك أبوظبي الوطني أول إصدار لسندات صديقة للبيئة في المنطقة العربية بقيمة 587 مليون دولار تستحق في 2022.
يحتاج استقطاب التمويل من القطاع الخاص في مشاريع التنمية المستدامة إلى جهود أكبر، سواءٌ في البنى التحتية أو المشاريع الاستثمارية، الكبيرة والمتوسطة والصغيرة. ومن هذا تشجيع استثمار المدخرات، عبر أدوات مالية تستطيع اجتذاب تحويلات المهاجرين، وتطوير الأسواق المالية، واستقطاب الاستثمارات الخارجية المباشرة من طريق سياسات وحوافز تمنح الثقة للمستثمرين. وعلى الدول تطوير آليات تشجع المشاركات بين القطاعين الخاص والعام، مثل صناديق التمويل المختلط، واستخدام السيولة من المؤسسات المانحة وصناديق التنمية كضمانات للحصول على قروض إضافية من القطاع الخاص.
وعلينا أن نتذكر أن تمويل مشاريع التنمية المستدامة لا ينحصر في المشاريع الكبرى للبنى التحتية. فالتوزيع العادل لفوائد التنمية يتطلب دعم الاستثمار في المشاريع الصغرى والمتوسطة، أكان في مجال الطاقة أو المياه أو الإنتاج الغذائي أو الصناعة النظيفة أو السياحة الصديقة للبيئة، على سبيل المثال. ولأن القطاع المالي الخاص يبقى المصدر الأفضل والأجدى لتمويل هذه المشاريع على نحو مستدام، فمن الضروري دعمه من الحكومات وصناديق التنمية ومؤسسات التمويل الدولية، وتوفير شروط البقاء له.
ما يحصل الآن في مناطق عدة من العالم هو أن المصارف المركزية ومؤسسات التمويل الدولية وصناديق التنمية بدأت تزيد من ضخ السيولة مباشرة لتمويل المشاريع والشركات، بفوائد متدنية جداً، وذلك لتشغيل فائض السيولة الرخيصة الذي جمعته لخطط التعافي الاقتصادي من كورونا. هذه الممارسة، التي ترقى إلى حدود المنافسة غير المشروعة، تهدد بوضع المصارف والمؤسسات المالية التجارية، التي أدخلت التمويل الأخضر في برامجها، خارج الخدمة. وهذه خسارة كبيرة لا يمكن تعويضها، إذ إن فائض الأموال اليوم حالة مؤقتة، والاستدامة تتطلب الالتزام بمعايير اقتصاد السوق، مما يضمن الاستمرار في اجتذاب الأموال في المستقبل.
وظيفة مؤسسات التمويل العامة سد الفجوات التمويلية حيث يعجز القطاع المالي الخاص، كما في تمويل مشاريع البنى التحتية. فبدلاً من منافسة القطاع المالي الخاص في التمويل الاستثماري، على الحكومات والمصارف المركزية ومؤسسات التمويل الدولية وصناديق التنمية أن تدعمه وتشغل الأموال الاستثمارية من خلاله، بينما تركز عملها في تنفيذ مهمتها الأساسية.

نجيب صعب.

الذهب: تقدير مبني على رؤية تقنية..

بعد أن تم تسجيل أعلى مستوى جديد على الإطلاق عند 2،074 في أوائل أغسطس ، وتمت مواجهة الانخفاض اللاحق إلى 1،865  بسرعة ، تأرجح سعر الذهب افقبا فوق المستوى القياسي السابق البالغ 1،920 دولارًا أمريكيًا. استمر هذا حتى الآن ويتطور بشكل متزايد إلى تكوين شكل ثلاثي ، يجب أن يحدد اتجاهه المسار الإضافي على المدى المتوسط. في الآونة الأخيرة ، تمكن سعر المعدن الثمين من الابتعاد عن علامة 1.920 والصعود إلى المقاومة المتوسطة عند 1.965 دولارًا .

إذا استمر المضاربون على الارتفاع في الدفاع عن قاع النطاق عند 1.920 دولارًا ، فإن الخروج من المثلث وتجاوز العقبات عند 1.965 دولارًا و 1.985 دولارًا سيكون مجرد مسألة وقت. فوق الحد الأعلى للمثلث ، يجب تفريغ كل الطاقة المكبوتة وتؤدي إلى قفزة في الأسعار إلى 2060  و 2075 دولارًا . حتى الاختراق فوق أعلى مستوى قياسي وموجة شراء تصل إلى 2،125 دولار أمريكي ستكون ممكنة.

من ناحية أخرى ، من المحتمل أن يؤدي الاختراق إلى ما دون 1،920 إلى خسائر تصل إلى 1،885 وأقل من ذلك إلى منطقة الدعم من 1،850 إلى 1،865 دولارًا . يمكن هنا على هذا المستوى توقع تشكيل قاع واستئناف الاتجاه الصعودي اللاحق. ومع ذلك ، إذا كانت منطقة الدعم منخفضة أيضًا ، فمن المحتمل حدوث عمليات بيع على المدى المتوسط ​​إلى 1795  و 1747 دولارًا أمريكيًا.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات