بيانات سوق العمل الاميركي السلبية لم يترجمها السوق في سعرالدولار. وماذا عن صورة اليورو؟

الطلب يبقى مرتفعا على الدولار ، ومقابل جميع العملات الرئيسية. الامر باق على هذا النحو على ما يبدو، طالما الناس خائفون، وبصرف النظر عما يجري في الولايات المتحدة .
التفاؤل النسبي الذي برز بداية الاسبوع بفعل تراجع الاصابات الجديدة بفيروس كورونا هو واضح ولكنه لم يؤدّ بعد الى تغيير الصورة. مؤشر الدولارDXY  لا تبدو عليه علائم التراجع. الكل يريد الدولار.
لذلك ، في للأسبوع أو الأسبوعين القادمين ، سيكون من المنطقي رؤية اختبار 102.50 في مؤشر الدولار DXY قبل اختبار 96 أو 97 ، طالما بقيت مخاوف COVID 19. إذا رأينا تحركًا هبوطيًا إلى 96 أو 97 ، فليس من المستبعد ان يظهر الطلب على هذا المستوى من جديد.
رأينا الأسبوع الماضي قوة للدولار بالرغم من الارقام المخيفة التي اعطتها بيانات سوق العمل الاميركي. كان  الدولار الأمريكي بمثابة ملاذ آمن مفضل للجميع. وطالما استمرت هذه الصورة على حالها، وتباطؤ الوظائف وزيادة حالات COVID19 ، نتوقع المزيد من قوة الدولار هذا الأسبوع. المثير للاهتمام هو رؤية الطريقة التي استجاب بها DXY خلال الأزمة المالية العالمية لعام 2008/2009. إذا رأينا استجابة مماثلة ، فإن هذا يرشدنا الى الحققة الاكيدة وهي أن المشاكل العالمية تجعل الجميع يتوجهون نحو الدولار الأمريكي.

وصل معدل البطالة في الولايات المتحدة إلى 4.4٪ ، وليس من شك بان الاسوأ لا زال أمامنا..
لوضع هذه الأرقام في منظورها الصحيح ، ارتفع معدل البطالة في الولايات المتحدة بأسرع معدل منذ عام 1975. وبالتالي فإنه يسلط الضوء على مدى الضرر والانكماش المفاجئ في الاقتصاد الأمريكي.
استحداث فرص العمل من جهته انخفض 701000 في مارس ، وهو أعلى رقم منذ الأزمة المالية. ومع ذلك ، لا يقدم التقرير صورة واقعية لجميع الأضرار الناجمة عن الفيروس ، بسبب طريقة الحساب خلال الشهر الماضي. ونتيجة لذلك ، سيتم تدمير ملايين الوظائف من الان وحتى صدور تقرير  الوظائف غير الزراعية المقبل في أبريل.

وماذا عن اليورو وسط كل هذه التناقضات؟

من الناحية التقنية ، من الواضح أن اليورو عانى لعدة سنوات مقابل الدولار ، لذلك يمكننا رؤية ديناميكيات الأسعار داخل قناة تراجعية . على الرغم من ذلك ، لم يستسلم اليورو بعد ، حيث يأتي خط دعم الميل الصعودي طويل المدى على ال 1.0750.

خط الاتجاه هذا هو الامل الاخير لليورو لمنع الانهيار . اولا باتجاه ال  1.0620 و 1.0520 دولار. في حالة اختراق هذا المستوى، سيرسل السوق إشارة قوية ولن يقاوم المشترون مثل هذا الضغط الهبوطي. وبلوغ المستوى المذكور لايبدو انه سيكون صعبا.

على المدى الأقصر ، يحترم اليورو الدعم على ال  عند 1.0780 دولارًا . إن كسر هذا الحد سيجعل من الممكن الدعم البعيد المدى السابق ذكره.
في الوقت الحالي ، لا يُظهر السوق أي علامات  انتعاش صعودي وشيك ، والضغوط التراجعية لا تبدو انها متراجعة. ولكن ان حدث هذا  فإن إشارة الانعكاس ستمهد الطريق لتسارع نحو 1.0900 و 1.1000 دولار. .. والا فن التراجع الى مستويات جديدة سيكون هو السيناريو الارجح…

الشرق الأوسط ورؤوس الأموال الأجنبية

تحتل دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مساحة شاسعة في قلب العالم، بعدد سكان يفوق ٤٠٠ مليون نسمة بمعدل أعمار منخفض نسبيا يتحدثون لغات عدة ويملكون ثقافات متعددة وتحتوي بلدانهم من الإرث التاريخي العريق ما قد يوازي ما تملكه بقية دول العالم. ويضاف إلى ذلك كله كم هائل من الموارد الطبيعية من النفط والمعادن والأراضي الزراعية والأنهار الجارية. ولكن مع كل هذه المؤهلات الاقتصادية، لا تبدو الأرقام عاكسة لها.

فاقتصادات دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لا تشكل نسبة كبيرة من حجم الاقتصاد العالمي، فمن حجم الناتج الإجمالي العالمي الذي يتجاوز ٨٦ تريليون دولار، لا يشكل اقتصاد دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر من ٣.٦ تريليون دولار، أي ما يزيد بقليل على ٤ في المائة. ولعل البيئة التجارية وسهولة أداء الأعمال أحد أكبر الأسباب التي أدت إلى هذه الحالة. والمتأمل في مؤشر سهولة الأعمال الصادر مؤخرا يرى أن خمس دول فقط من دول الشرق الأوسط تحتل مركزا من المراكز السبعين الأولى، وذلك ضمن ١٩٠ دولة.

وقد يقول قائل إن حالة المنطقة هي السبب في هذه التصنيفات وذلك مع التقلبات السياسية الحاصلة فيها بما فيها من حروب مأساوية. والواقع أن هذا الرأي صحيح إلى حد ما، ولكنه ليس السبب الأهم في انخفاض التصنيف لدول الشرق الأوسط بحسب المؤشرات المتبعة فيه. فالمطلع على التصنيفات يجد مؤشرات يغلب على أكثرها الطابع التشريعي، بما في ذلك من سهولة استخراج تصاريح البناء والرخص التجارية وسرعة وصول التيار الكهربائي للمنشآت، إضافة إلى أنظمة وعوامل تجارية أخرى مثل نظام الإفلاس وسهولة الحصول على تمويل وتوفر اليد العاملة الماهرة وغيرها. وغالبية هذه المؤشرات لا ترتبط مباشرة بالتقلبات الحاصلة في المنطقة، بل هي أساسيات تشريعية، لا يستطيع المستثمرون دخول الأسواق دون معرفة تامة بتفاصيلها.

وبسبب غياب هذه المعرفة، يلاحظ انخفاض نسبة الاستثمارات الغربية في دول الشرق الأوسط، حتى مع الأهمية الاستراتيجية لهذه الدول. فضمن استثمارات الشركات الأميركية المدرجة في سوق الأسهم، تشكل العوائد من دول الشرق الأوسط أقل من ٢.٤ في المائة، وتزيد هذه النسبة للشركات الأوروبية لتصل إلى ٥ في المائة، بينما تنخفض للشركات اليابانية إلى ١.٨ في المائة، وجميع هذه النسب تبدو متواضعة إذا ما قورنت بأهمية الشرق الأوسط. ومن ناحية مبيعات الشركات العالمية في السوق الشرق أوسطية، تبدو الأرقام موازية للضعف السابقة، فمبيعات السيارات في هذه الدول لا تزيد على ٢.٣ مليون سيارة مقارنة بـ٨٦ مليون سيارة في عام ٢٠١٨. أما القطاع المالي ورغم كونه قطاعا واعدا في الشرق الأوسط، إلا أن استثماراته الأجنبية ليست بما هو مأمول، فنشاطات المصارف الأميركية أقل من ٠.٥ في المائة من حجم أصولها. بل وحتى بعض الأسماء المعروفة في دول المنطقة مثل بنك (إتش إس بي سي)، لا تزيد استثماراتها على ٦٠ مليار دولار، من أصل موجوداتها التي تربو على ٢.٧ تريليون دولار. وينطبق هذا الأمر على عديد القطاعات، باستثناء قطاع الطاقة الذي تنتعش الاستثمارات الغربية فيه، فربع إنتاج شركة (توتال) الفرنسية يأتي من دول الشرق الأوسط وأفريقيا، وشركة (إكسون موبيل) استثمرت مؤخرا ما يقارب ٦.٥ مليار دولار في الإمارات، طامحة إلى أن يصل إنتاجها اليومي من الإمارات وحدها إلى مليون برميل يوميا بحلول ٢٠٢٤. وكذلك هو الأمر لكبرى شركات النفط مثل أرامكو السعودية وغيرها من الشركات.

إن غياب الوضوح في التشريعات التجارية والأعمال أثر وبشكل كبير على دخول الاستثمارات الأجنبية في دول الشرق الأوسط، وإن كان التجار المحليون لا يمانعون هذا الغياب بمعرفتهم بالقوانين المحلية، إلا أن رؤوس الأموال الأجنبية تمانع انعدام الشفافية لدرجة تجعلها تحجم عن دخول الأسواق. وقد تدخل هذه الشركات في حال كان العائد مرتفعا مثل ما هو الحال في الصين مع ضخامة السوق الصيني الذي أغرى الشركات الأجنبية بالدخول لأسواقها حتى مع صعوبة الأنظمة الصينية، وهذا ما دعاها كذلك للدخول في الاستثمارات في قطاع الطاقة في منطقة الشرق الأوسط، أما في حال أرادت هذه الدول دخول الشركات الأجنبية في القطاعات الأخرى، ودون وسيط محلي يتحمل عنها الخطر، فالحل في تطوير التشريعات وتسهيلها على رؤوس الأموال، حتى تتمكن هذه الشركات من الدخول للأسواق، حاملة معها المنافع الاقتصادية مثل توفير الوظائف وغيرها، والمنافع السياسية مثل إيجاد مصالح تجارية للدول في المنطقة الشرق أوسطية.

د. عبدالله الردادي.

التغييرات في سوق النفط بسبب {كورونا}

حتى في أقصى تخيلاتي، لم أكن أتوقع أن أستمع إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب وهو يقول يوم الاثنين إنه يريد أن يرى أسعاراً أعلى للنفط، لأن السعر الحالي متدنٍ جداً!
هذا ليس إلا أحد التغييرات التي يشهدها سوق النفط اليوم، وهناك مزيد منها. لكن قبل الحديث عنها، أريد أن أوضح حقيقة، وهي أن الولايات المتحدة تاريخياً كانت تدافع عن أسعار نفط لا تضر بالمنتجين هناك، إلا أن الصورة الذهنية السائدة تاريخياً هي أن دول منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) هي فقط من يدفع العالم للحصول على أسعار أعلى.
وفي حرب أسعار الثمانينات، تدخلت الولايات المتحدة حينها، وبذلت جهوداً لرفع أسعار النفط، لكن الإعلام يتجاهل ما تفعله الولايات المتحدة لحماية مصالح منتجيها، وفي الوقت ذاته لا يتهاونون عندما تبذل باقي الدول المنتجة في العالم جهداً لحماية مصالحها وشركاتها. وأنا سعيد أن العالم كله اليوم بدأ يفهم ماذا تعني أسعار نفط منخفضة. إن أسعار النفط المنخفضة التي قد يفرح بها المستهلكون اليوم، سوف تترجم إلى أسعار نفط أعلى في المستقبل، إذا توقفت الاستثمارات في الحفر والتنقيب والإنتاج. ولتشجيع الاستثمار في القطاع، يجب الحفاظ على استقرار السوق وضمان أسعار تشجع على الاستثمار.
وهذا يقودنا للحديث عن أول التغييرات، إذ إن الولايات المتحدة، التي تغير دورها الآن بسبب كورونا، وأصبحت تلعب دور دول «أوبك» في التنسيق العالمي مع المنتجين، والدفاع عن أسعار أعلى وعادلة تساعد على استمرار الإنتاج. ويوم الاثنين أجرى الرئيس الأميركي اتصالاً أراه تاريخياً مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للحديث عن وضع الأسعار، واتفق الطرفان على أن أسعار النفط الحالية ليست في مصلحة البلدين، واتفقا على أن يُجري وزراء الطاقة في البلدين مشاورات حول السوق العالمية، بحسب ما ذكره المتحدث الرسمي للكرملين بالأمس.
التغير الثاني المهم، أن دول «أوبك» ذاتها بدأت تتحول إلى دور الولايات المتحدة من حيث التقيد بمبادئ السوق الحرة، وها هي السعودية وغيرها تنافس على حصص سوقية بطريقة عادلة، من خلال إعطاء تخفيضات واضحة على أسعار نفطها. لقد دعا كثير من الدول سابقاً أن تتبنى «أوبك» هذه السياسة، وأن تحرر سوق النفط، وينتهي دورها في الحفاظ على استقرار السوق، ويبدو أن القدر استجاب لمطالبهم، وانعكست الآية. وأتمنى أن يكون الجميع قد بدأ الآن في فهم أهمية دور «أوبك» للحفاظ على استقرار السوق، إذ لا تمتلك دولة أو مجموعة منتجين في العالم القدرة على إعادة الاستقرار للسوق، مثل ما تفعله «أوبك»، ولهذا من يقول بموت «أوبك» لا يفهم عمق دورها.
ولا أتصور أن هناك دولاً تقدر التنافس مع «أوبك» إذا تحول الجميع لاقتصاد السوق الحرة. ونحن نرى جدية السعودية في اتخاذ قرار الدفاع عن حصتها السوقية، بل تعظيمها كذلك، في ظل الانخفاض الكبير للطلب على النفط، الذي من المتوقع أن يصل إلى 20 مليون برميل يومياً خلال أسابيع قليلة، مع توقف حركة النقل عالمياً، إذا يستهلك قطاع النقل نحو 60 في المائة من الاستهلاك العالمي من النفط.
وسيتغير توزيع الحصص في السوق، ما يشهد الآن على جدية الأمر بالنسبة للسعودية، إذ إن بيانات الناقلات والشحن البحري تظهر أن المملكة صدّرت نحو 7 ملايين برميل يومياً خلال الأسابيع الثلاثة الأولى من شهر مارس (آذار)، وارتفع الرقم إلى 9 ملايين برميل يومياً في الأسبوع الأخير من مارس. وهناك الآن نحو 16 ناقلة عملاقة في رأس تنورة وينبع جاهزة لتحميل 32 مليون برميل، إضافة إلى 4 ناقلات عملاقة متجهة إلى الولايات المتحدة. وملأت السعودية صهاريج التخزين في سيدي كرير في مصر بنحو 1.3 مليون برميل لتجهيزها لسوق أوروبا. وعلى الأرجح، سوف تقدم «أرامكو السعودية» تخفيضات إضافية الأسبوع المقبل على النفط الذي ستبيعه في شهر مايو (أيار)، بحسب توقعات السوق.
هذا يقود للتغيير الثالث، وهو أن المخزونات النفطية بعد كورونا سوف ترتفع إلى مستويات أعلى من المستويات السابقة في 2016. والتي عانت «أوبك» وحلفاؤها في «أوبك+» لتقليصها على مدى 3 سنوات من الخفض الشاق والمؤلم. ولا يوجد مكان اليوم لتخزين النفط، حيث تبلغ الطاقة التخزينية العالمية 1.6 مليار برميل، وستشهد السوق ضخّ 1.8 مليار خلال النصف الأول. ولو أراد المنتجون الوصول إلى اتفاق جديد بعد كورونا، فإن الخفض الذي سيتم تقديمه أعلى بكثير من التخفيضات السابقة، وأشد صعوبة من حيث الالتزام، وسيتطلب هذا مشاركة لمجموعة دول أوسع من قبل.
وأخيراً، هل وعى كل المنتجون، بما فيهم روسيا، الذين عارضوا قرار «أوبك» والسعودية بطلب تخفيض إضافي قدره 1.5 مليون برميل يومياً، كل هذا؟ سيحتاج المنتجون إلى بذل جهد أكبر بعد كورونا لإعادة الاستقرار للسوق، في انتظار ميلاد نظام عالمي جديد للنفط، أم ستعود الأمور إلى سابق عهدها، ويُلقي الجميع الحمل على «أوبك» وحدها.

وائل مهدي

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات