العزوف عن المخاطرات غيّر الوجهة في نهاية الاسبوع.

الارتفاع في الإصابات الجديدة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة قوّض أكثر فأكثر المبرر لحدوث تحسن سريع في الاقتصاد. هذا أدى الى ارتفاع الين لأعلى مستوى في أسبوعين وتراجعت العملات الشديدة التأثر بالمخاطرة .

أظهرت بيانات أسبوعية يوم الخميس أن عدد الأمريكيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانة البطالة الأمريكية انخفض قرب أدنى مستوى في أربعة أشهر الأسبوع الماضي لكن هذا لم يكن كافيا براي السوق للاندفاع اكثر في موجة التفاؤل . خاصة وان شركات عدة تتراوح من قطاع البيع بالتجزئة إلى الطيران اعلنت عن خفض وظائف وإجبار الموظفين على الحصول على إجازات، فإن الآفاق تظل تكتنفها الضبابية.

وجرى الإعلان عن أكثر من 60 ألف إصابة جديدة بكوفيد-19 في أنحاء الولايات المتحدة، وهو أكبر عدد في يوم واحد لأي دولة منذ بداية الجائحة، مما يثبط بعض المستهلكين الأمريكيين عن العودة إلى المناطق العامة. هذا وأظهرت بيانات أن المتسوقين الأمريكيين هجروا المتاجر في المناطق التي ترتفع فيها الحالات بالقدر الأكبر، مما يثبط الآمال في تعاف سريع لأكبر اقتصاد في العالم.

كما شهدت بعض المدن الآسيوية التي بدا أنها احتوت المرض، مثل طوكيو وهونج كونج وملبورن، زيادات تثير القلق في الحالات، مما قوض المعنويات ايضا فاغلقت البورصات الاسيوية على تراجع واضح وعام..

وماذا عن العملات؟

ساهم الحذر في دفع الين الذي يُعتبر ملاذا آمنا إلى الارتفاع بنسبة  لأعلى مستوى في أسبوعين عند 106.93 للدولار.

وربح الدولار مقابل معظم العملات الأخرى ايضا على خلفية كونه عملة ملاذ مفضلة ، فيما زاد مؤشره نحو 0.2 بالمئة إلى 96.919 من قرب أدنى مستوى في شهر عند 96.233 والذي لامسه يوم الخميس.

كما لامس الفرنك السويسري، وهو ملاذ آمن آخر، أعلى مستوى في ستة أسابيع تقريبا مقابل اليورو، عند 1.0619 فرنك لليورو.

وتراجعت العديد من العملات الشديدة التأثر بالمخاطر عقب ارتفاعها في الأسابيع الأخيرة وعلى راسها الدولار الاسترالي.

وتراجع اليوان نحو 0.2 بالمئة إلى 7.0115 للدولار، بعد أن لامس أعلى مستوى في أربعة أشهر تقريبا عند 6.9808 يوم الخميس.

وأبلت العملة الصينية على نحو أفضل من معظم العملات الأخرى التي تتأثر بالمخاطرة هذا الأسبوع، وارتفعت نحو واحد بالمئة، بدعم من آمال بتدفقات رأسمالية مع ارتفاع أسعار الأسهم الصينية بعد أن ألمحت بكين إلى أنها ترغب في سوق متينة تميل إلى الصعود.

وماذا عن الذهب؟

تراجع الذهب يوم الجمعة على خلفية تعرضه لضغوط جراء ارتفاع الدولار الذيتقدم مستفيدا من حالة العزوف عن المخاطرة . على الرغم من ذلك، يبدو التراجع تصحيحا في سياق الاتجاه الصاعد.  والذهب لا زال يحوم قرب المستوى المهم البالغ 1800 دولار، لكنه يتجه صوب الارتفاع للأسبوع الخامس على التوالي إذ تسبب ارتفاع في الإصابات بكوفيد-19 في الولايات المتحدة في تعزيز الشهية للملاذات الآمنة.

والنفط؟
تأثر سلبا بالاجوار المنتكسة هذه وانكفا في تراجع يثير القلق من كون ما حققه هو قمة غير سهلة التجاوز وان التصحيح قد يتمدد اكثر فاكثر.

تعافي الطلب ينعش الصادرات الألمانية في مايو مع انتهاء العزل العام

قال مكتب الإحصاءات الاتحادي يوم الخميس إن الصادرات الألمانية انتعشت في مايو أيار بفعل زيادة الطلب الناتجة عن رفع إجراءات العزل العام التي جرى تطبيقها لاحتواء انتشار فيروس كورونا.

وذكر المكتب أن الصادرات المُعدلة في ضوء العوامل الموسمية زادت تسعة بالمئة على أساس شهري بعدما هوت 24 بالمئة في أبريل نيسان.

وارتفعت الواردات 3.5 بالمئة مقارنة مع تراجع 16.6 بالمئة في الشهر السابق.

وزاد الفائض التجاري إلى 7.6 مليار يورو بحسب ما قاله المكتب.

وتوقع خبراء اقتصاد استطلعت رويترز آراءهم زيادة الصادرات 13.8 بالمئة والواردات 12 بالمئة. كما توقعوا أن يسجل الفائض التجاري 5.2 مليار يورو.

حلّ انهيار الليرة… بـ “صندوق تثبيت القطع”

التقلّبات الحادّة في سعر الصرف تقضي على الثقة وتسير بالبلد إلى الهاوية

أعاد “موت” لبنان إقتصادياً إحياء فكرة صندوق تثبيت القطع او ما يعرف بـ “currency board”. فاستمرار طباعة الليرة اللبنانية كبديل عن الاقتراض لتمويل الإنفاق العام لم يخفّض قيمة العملة فحسب، بل تحول سبباً لكل المشاكل. الليرة خسرت من قيمتها، وارتفع التضخم والفقر وانهارت القدرة الشرائية للمواطنين. هذه السياسة بدأت تتحول من عملية إطلاق الاقتصاد النار على قدمه، إلى “روليت” روسية ستودي بالبلد إلى الموت عاجلاً أم آجلاً.

طباعة العملة التي كانت تغطى تاريخياً من فائض ميزان المدفوعات وصلت إلى حائط مسدود مع تسجيل هذا الميزان عجوزات متراكمة منذ العام 2011 فاقت 22 مليار دولار. وبدلاً من ان توقف الحكومة هذه العملية وتنصرف إلى تخفيف الأكلاف من خلال الإصلاح الجدي، استمرت بالطباعة حتى وصلت كتلة النقد المتداول M0 إلى حدود 14 تريليون ليرة. هذه الخيارات النقدية الخاطئة المترافقة مع أسوأ أزمة اقتصادية، أعدمت الثقة وأدّت إلى تقلبات حادة في سعر صرف الليرة. والأخطر أنها تترك الباب مفتوحاً أمام احتمال هبوطها الى رقم من 6 أصفار.

سعر الصرف الجديد

قبل أيام برزت مقاطع فيديو لاستاذ علم الاقتصاد في جامعة “جونز هوبكنز” ستيف هانكي، يتحدث فيها عن إمكانية إعادة التوازن والاستقرار الى سعر الصرف سريعاً من خلال ما يعرف بـ currency board. فهل يشكل “صندوق تثبيت القطع” المدخل لوقف انهيار الليرة وبدء الإصلاحات؟

تشير الابحاث إلى ان هذه الآلية نجحت في اكثر من 70 بلداً حول العالم. وهي تقضي بشكلها العريض بطباعة ليرات بمقدار ما يتوفر من دولارات. أي على العملة الوطنية ان تكون مغطاة بنسبة 100 في المئة بالدولار. فان دخل البلد على سبيل المثال 5 مليارات دولار سنوياً نطبع مقابلها 7.5 مليارات ليرة فقط، او ما يعادلها من ليرات بحسب سعر الصرف الجديد. “السعر المعتمد للصرف في المعادلة الجديدة يتحدد عادة بعد التوصل لاتفاقية نهائية تقر باعتماد البلد “صندوق تثبيت العملة” وتحرير سعر الصرف كلياً لمدة شهر”، تقول الباحثة في علم الاقتصاد د. ليال منصور. و”بالتالي فان المواطنين يعلمون انه بعد شهر سيكون لديهم أكثر نظام موثوق فيه عالمياً لحماية سعر الصرف، وأن عملتهم الوطنية ستكون ثابتة لا بل قيمتها سترتفع. فيتوقفون عن شراء النقد الاجنبي ويعمدون في المقابل الى بيع ما يحتفظون به من دولار. مما يساهم ايضاً برفع سعر الصرف. وفي الحالة اللبنانية فإنه من الممكن ان يكون 5 آلاف أو 6 آلاف وبأقصى حالاته سعر السوق الموجود”.

المعادلة

في المرحلة اللاحقة تتوقف عملية طباعة الليرة اللبنانية بشكل عشوائي وتصبح محكومة بالمعادلة التالية: كمية الدولار الموجودة = النقد المتداول بالليرة + نسبة محددة من قيمة الودائع بالدولار (قد تكون 10 في المئة أو أكثر أو أقل) مضروبة بسعر الصرف المعتمد ومقسومة على سعر الصرف FX AMOUNT = MO+%CD/EX RATE.

هذه الآلية الجديدة تتطلب موافقة من صندوق النقد الدولي. وان يلحظ برنامجه المخصص للبنان، الآلية الجديدة لربط العملة. اما حسناتها فهي تدفق الكثير من الاموال من الخارج. وبحسب منصور فإن “بروتوكول Currency Board ينص على ان إجراء صندوق النقد الدولي دراسة لتحديد سعر الصرف ودعم البلد بالنقد الاجنبي من خلال طريقتين: إما حث الدول على توفير الأموال للبلد المُساعَد عبر القروض وغيرها من الآليات. وإما عبر الخصخصة. وفي كلتا الحالتين تتأمن مبالغ كبيرة من الدولار”. ومن جهة أخرى فإن الطلب على الليرة اللبنانية سيرتفع نسبياً في الفترة الاولى بسبب استمرار ارتفاع الفوائد على الليرة، مما يؤمن مزيداً من التحويلات من الدولار الى الليرة للاستفادة من سعر الفائدة.

هذه المبالغ تعتبر بالغة الاهمية في المرحة الاولى، بحيث يجب ان “يفوق احتياطي الدولار الحاجة إلى طباعة العملة بما لا يقل عن 30 في المئة”، يقول الناشط في تحالف وطني مارك جعارة. “إذ ان الموازنة تكون ما زالت مختلة في الفترة الاولى. ويكون البلد في مرحلة انتقالية لتأمين الادارة الصالحة البعيدة عن الهدر والفساد”.

إيجابيات وسلبيات

إعتماد مجلس تثبيت النقد لا يحل مشاكل البلد ولا يرجع الودائع لاصحابها. انما الأكيد انه يؤمن الحل لأحد أهم عناصر الأزمة المتمثل بإيقاف تقلب سعر الصرف. فهذا الاجراء يجب ان يترافق، بحسب جعارة، “مع اعادة هيكلة الدين العام والقطاع المصرفي والبدء بالإصلاحات. خصوصاً بعد عجز الدولة عن تمويل نفقاتها من طباعة العملة”. فقاعدة عمل الاقتصاد تصبح متوافقة مع المثل القائل: “على قد بساطك مد إجريك”. ولهذا تسمى هذه الآلية بـ “الصندوق” من وجهة نظر منصور. “أي لا يخرج من ليرات إلا بقدر ما يدخل اليه من دولار”.

هذه الآلية التي طرحت قديماً من دون جدوى أصبحت اليوم اجبارية لأن “البلد يحتضر”، برأي منصور. “فهذه ليست وصفة موحدة لكل الدول التي تواجه مشاكل. وهي لم توصف لمصر مثلاً. انما تعتبر اليوم أكثر من ضرورية في حالة لبنان الذي يحتضر اقتصادياً. فاعتمادها يعيد الثقة بالاقتصاد، ويعطيه الحياة. وهي تعتبر بمثابة إعادة تأهيل للبلد يجب عدم التخلي عنها سريعاً عند اعتمادها”. في العام 2000 عندما تم رفض اعتماد هذه الآلية، كانت الثقة لم تفقد بعد بالبلد والدليل تحقيق لبنان انجازات دولية من خلال باريس واحد وباريس 2 ولم يكن هناك من نية في سحب صلاحيات المركزي الاستثنائية ودوره السيادي في طباعة العملة. إنما اليوم ومع “انعدام الثقة وبرهنة السياسات النقدية انها ليست على قدر المسؤولية التي اعطيت لها أصبح الانتقال من نظام soft peg إلى صندوق تثبيت العملة أو hard peg لزاماً لوقف النزف الحاصل يومياً على كل المستويات”، تقول منصور.

هل يشكّل تغير الظروف اليوم وسقوط لبنان في الهاوية حافزاً لاعتماد مثل هذه الآلية؟ أم ان فساد الطبقة الحاكمة سيدفعها إلى رفضها وتقويض كل جهود الإنقاذ، لانه ببساطة يعني منع الطبقة الحاكمة من الإنفاق العشوائي؟​

خالد ابو شقرا.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات