الذهب: التقنيات مبشرة جدا.

بعد انخفاضه إلى حوالي 1850 دولارًا هذا الخريف، ارتفع سعر الذهب وهو يهاجم مرة أخرى أعلى مستوى له على الإطلاق.
تتضح أهمية هذه الحركة الأخيرة في السياق الأوسع، حيث أن السعر على وشك الخروج من الراية الصعودية والكوب مع المقبض الكبير جدًا الذي كان يتراكم على مدار الـ 12 عامًا الماضية.
على أساس الإغلاق الشهري، يبلغ السعر المستهدف لحركة الراية الصاعدة حوالي 2,700 دولار أمريكي، في حين يبلغ سعر الحركة المستهدفة للكوب ذو المقبض حوالي 3,650 دولارًا أمريكيًا.
من المهم أيضًا ملاحظة أن الذهب لم يغلق أبدًا خلال شهر عند مستوى 2000 دولار كما يبدو أن هذا هو الحال هنا.

توطين التنمية في عالم شديد التغير (4)

أثارت قمة تجمع «بريكس» التي انعقدت في جوهانسبرغ الشهر الماضي، ردود أفعال وتعليقات تظهر أنه لا يمكن تجاهل هذه القمة، ليس فقط لما أسفرت عنه من قرارات من أهمها ضم أعضاء جدد، ولكن لما عبرت عنه من توجه مزداد التأثير عن الضيق ذرعاً بالنظام الدولي الذي خلفته الحرب العالمية الثانية. ففي هذا العالم شديد التغير؛ لم تعد حوكمة منظماته ومؤسساته المالية معبرة عن تغير الأوزان الاقتصادية، فضلاً عن اختلاف القوى السياسية عما كانت عليه الأوضاع في منتصف القرن الماضي، حيث لم يكن كثير من بلدان عالم الجنوب متمتعة باستقلالها أو معترفاً بوجودها أصلاً. ولم يتواكب التغير الطفيف في أسس عمل وتنظيم المؤسسات الدولية منذ تأسيسها ليستوعب التغيرات الكبرى بين القوى التقليدية والقوى الصاعدة.

«بريك»، و«نيكست 11»، و«كيفيتس»، و«مينت»:

دأبت بنوك استثمار كبرى على استشراف آفاق نجوم صاعدة من الدول في الساحة العالمية اعتماداً على بعض مؤشرات قائمة وواعدة لأدائها. فإذا اشتركت هذه الدول في أرقام، ولا أقول خصائص، النمو المرتفع، جمعتها وفقاً لحروفها الأولى في مجموعة بدعوى التشابه في مستقبل واعد. ومن أشهر هذه الاجتهادات ما خرج عن بنك «غولدمان ساكس» في عام 2001، حيث ارتأى الاقتصادي جيم أونيل رئيس قسم بحوث الاقتصاد العالمي بالبنك حينئذ، أن البرازيل وروسيا والهند والصين أو دول «بريك»، تحقق افتراضات النمو الدافع للاستثمار فيها، ثم ضُمت إليها بعدها دولة جنوب أفريقيا فأصبح اسم المجموعة «بريكس».

وفي عام 2005، اختار البنك نفسه مجموعة دول سماها «نيكست إليفين» بمعنى الأحد عشر اقتصاداً تالياً في الصعود لـ«بريكس»، ناصحاً المستثمرين بها لما ينتظرها من نمو وتوسع اقتصادي؛ وكانت الدول وفقاً لترتيبها أبجدياً باللغة الإنجليزية هي: بنغلاديش ومصر وإندونيسيا وإيران والمكسيك ونيجيريا وباكستان والفلبين وجنوب أفريقيا وتركيا وفيتنام. كما عدّت وحدة أبحاث «الإيكونوميست» في عام 2009، أي بعد أشهر من اندلاع الأزمة المالية العالمية، أن ست دول هي: كولومبيا وإندونيسيا وفيتنام ومصر وتركيا وجنوب أفريقيا، سمتها مجتمعة بالأحرف الأولى لها «كيفيتس»، تتمتع بفرص أعلى للنمو باقتصادات ديناميكية ومتنوعة وقطاعات مالية متطورة نسبية وبمميزات ديموغرافية. وفي عام 2013، روج جيم أونيل مصطلح دول «مينت»، الذي صاغه من قبل صندوق الاستثمار «فيدليتي» في عام 2011، اختصاراً بالأحرف الأولى لدول المكسيك وإندونيسيا ونيجيريا وتركيا؛ ورغم تباين هذه المجموعة من حيث خصائصها الاقتصادية والسياسية، كسابقاتها، جمعها كبر حجم اقتصاداتها ومواقعها الجغرافية الحيوية وشبابية هيكل السكان فيها، بما يحمله ذلك من فرص زيادة النمو بارتفاع الاستهلاك المحلي وزيادة الاستثمارات المطلوبة لتلبيته فضلاً عن التصدير.

ما هو أبعد من الاستثمارات الواعدة:

هناك اعتراف بتنامي دور هذه الدول المشكلة للتجمعات المذكورة في الاقتصاد العالمي والشؤون الدولية عامة، بما يستوجب إفساح المجال لها في الحوكمة العالمية وعدالة وفاعلية تمثيلها في المؤسسات والمنظمات المعنية. وبمرور الأعوام على هذه الاجتهادات التجميعية لدول بحسبان ما قد يعود على المستثمر فيها من نفع صادف الاستثمار في بعضها ما هو متوقع، انحرف الأداء ببعضها الآخر عما كان مأمولاً. ولكن الهدف الأكبر لصاغة هذه المجموعات بأحرفها التسويقية المشهورة، تشكيل فئة استثمارية مميزة تحفز توجيه الاستثمارات بالتركيز عليها، بدلاً من المصطلح الفضفاض الذي يضم دولاً عديدة تحت اسم الأسواق الناشئة؛ والذي اقترحه الاقتصادي أنتوان فان أجتمل في عام 1981، أثناء عمله بمجموعة البنك الدولي، واصفاً بذلك دولاً في حالة انتقالية بين وضعها كاقتصادات نامية وطموحاتها لتصبح ضمن الاقتصادات المتقدمة. وقد تعدد وصف وتصنيف الأسواق الناشئة من قبل المحللين، فكان لإيان بريمر خبير السياسة الدولية تعبير لوصف الاقتصادات ذات الأسواق الناشئة بأنها «تلك التي تشكل الاعتبارات السياسية فيها ما لا تقل أهميته للأسواق العالمية عن مقوماتها الاقتصادية».

وفي حين انزوت بعض التصنيفات المذكورة فكاد يطويها النسيان، إلا أن تجمع «بريكس» صمد وتطور عبر العقدين الماضيين وبخاصة لما كان من شأن الصين والهند تحديداً؛ ومن عوامل تماسك هذا التجمع اعتماده على دبلوماسية اجتماعات القمة والإعداد لها بمزيج من البراغماتية والطموح. ورغم تراجع نسبي لجنوب أفريقيا والبرازيل وروسيا بمعيار معادل القوة الشرائية في الاقتصاد العالمي، فإن الدول الخمس مجتمعة يفوق اقتصادها حالياً مجموعة الدول السبع، بالمعيار ذاته، بعدما كان نصيبها لا يتجاوز 40 في المائة من تلك الاقتصادات المتقدمة عام 1995. وستضيف الدول الست المدعوة للانضمام لـ«بريكس»، ومنها 3 دول عربية هي الإمارات والسعودية ومصر، زخماً اقتصادياً وتنوعاً جغرافياً للتجمع.

وهناك 3 أسئلة أختم المقال بإجابات مختصرة لها لأفصلها في مقال مقبل:

1- هل جوهانسبرغ 2023 بمثابة باندونغ 1955 الجديدة لعدم الانحياز؟

– لا! فنحن في عصر الانحياز حيثما تكون المصلحة الوطنية للدولة.

2- هل سيتخلى الدولار عن عرشه؟

– الإجابة تأتي شعراً من أحمد شوقي «ما نيل المطالب بالتمني…»، فالامتياز السخي للدولار كعملة صعبة كان محل نقد منذ الستينات؛ وقد تراجع انتشاره نسبياً كعملة احتياطية مفسحاً المجال لعملات أخرى، كما زادت حدة النقد ومحاولات التخلي عنه مؤخراً بعد «تسليحه». لكن تصور مستقبل العملات، والصعبة منها تحديداً، كعملة دولية تستدعي استحضاراً لتفاعل قوى الاقتصاد والسياسة والقانون والتكنولوجيا وثقافة العصر الرقمي.

3- هل هي بداية نظام عالمي جديد؟

– بل هي إرهاصات لبداية النهاية لترتيبات ما بعد الحرب العالمية الثانية التي ولى عهدها ولن تجدي محاولات الترقيع معها نفعاً؛ فالعالم قد تغير واتسع الخرق مع تغيره على الراقع!

د. محمود محيي الدين

مرحلة جديدة تتحضّر: الدولار إلى تراجع؟

بعد تحقيقه الأهداف المرجوة، تجفيف الكتلة النقدية من السوق الى حدودها الدنيا وتثبيت سعر الصرف والحفاظ على استقراره رغم الاضطرابات الامنية، تظهر أمام المصرف المركزي اليوم فرصة لخفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة. فهل يُقدم عليها راهناً ليعطي اشارة بأنّ البلد متوازن رغم الاضطرابات الامنية والشلل السياسي؟ أم ينتظر انطلاق منصّة «بلومبرغ»؟ أم هدوء الجبهة الجنوبية لضمان نجاحها؟

أظهرت الأرقام الصادرة عن مصرف لبنان تراجعاً في حجم النقد بالتداول اي «الكاش» او النقدي بنسبة 31.4% لتصل الى 50,405.7 مليار ليرة لبنانية في نهاية ايلول 2023، بعدما كانت 73,514 مليار ليرة لبنانية في نهاية عام 2022 و54,484.4 مليار ليرة لبنانية في نهاية أيلول 2022. فهل حجم العملة المتداولة كافٍ لتسيير الاقتصاد؟ هل وصلنا الى الحدود الدنيا؟ هل من تداعيات لهذا التراجع على سعر الصرف؟ وهل من رابط بين هذا الامر وقرار مصرف لبنان بإعادة طباعة عملة الـ 100 الف ليرة، مع العلم انّه كان هناك توجه لطبع فئات جديدة مثل الـ 250 الفاً والـ500 الف والمليون؟

في السياق، أوضح عميد كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية للتكنولوجيا الدكتور بيار الخوري لـ«لجمهورية»، انّ هذه الارقام تعكس الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدها مصرف لبنان، والتي تقضي بتجفيف الليرة من السوق، لافتاً الى انّ هناك عامل ارتباط بين كل قرش يضخّه مصرف لبنان وارتفاع سعر صرف الدولار. فما حصل في مرحلة ما قبل استلام حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري كان مضاعفة حجم الليرة في السوق بالنسبة الى الدولار، ما ادّى الى ارتفاع سعر الصرف وصولاً الى 140 الف ليرة للدولار، لكن عندما استلم منصوري بدأ باتباع سياسة معاكسة، وهي سياسة «التنشيف» التي ترافقت مع توقف عمليات صيرفة التي كانت الممر الأساسي لضخ الليرة، تلاه اعلان منصوري عدم استعداده لتمويل الدولة. كل هذه العوامل ادّت الى فرملة ضخ الليرة.

أضاف: «انّ هدوء السوق الذي حصل في فصل الصيف سمح للحاكم بالإنابة أن يقوم بإدارة الاحتياطات forex management ما بين ضخ ليرة وسحب دولار او العكس، حتى وصلنا اليوم الى هذا الشح في العملة، بدليل ارتفاع الفائدة على «الانتربنك» /ليرة (وهي الفائدة على استدانة المصارف لليرة في ما بينها) الى 130%، وهذه النسبة المرتفعة انما تدلّ إلى اننا مستمرون بسياسة التنشيف».

لكن السؤال الأساسي، كيف تمكّن المصرف المركزي من رفع احتياطاته من العملات الاجنبية مؤخّراً، بينما يستمر بتصغير الكتلة النقدية؟ ماذا دفع مقابل هذه الليرات حتى تمكّن من سحبها من السوق بينما احتياطه من العملات الصعبة لم يتراجع لا بل زاد نصف مليار دولار؟

ورأى الخوري انّ القول انّ هذه الزيادة جاءت من حسابات الدولة وجبايتها للضرائب هو غير صحيح، لأنّ هذه الاخيرة لا علاقة لها بحجم النقد بالتداول، وهنا نتساءل: هل حصلت تحويلات خارجية «فريش» من دون ان يقابلها شراء لأسباب متعددة لا نزال نجهلها؟ هل أعادت المصارف تحويل أموال عائدة لها من الخارج الى الداخل اللبناني؟ هل تمّ اكتشاف خطأ ما في طريقة احتساب الاحتياطي؟ هل تبين انّ هناك اموالاً مكتسبة من مصدر جديد، وقد أعيد احتسابها ضمن الاحتياطات؟ التساؤلات كثيرة والاجابة عن هذا السؤال ليست سهلة، لكن لا بدّ من التأكيد انّه لا يمكن رفع احتياطي العملات الاجنبية من الشراء من السوق، وفي الوقت نفسه يتراجع حجم النقد بالتداول باللبناني. الّا انّ كل هذه المؤشرات ترسم صورة للمرحلة الجديدة وتتلخّص بالتالي:

طالماً انّ الفائدة على الانتربنك زادت 130% فهذا يعني انّه بات بمقدور مصرف لبنان تحسين سعر صرف الليرة لأنّها مفقودة من السوق، اي انّها مطلوبة وليست معروضة، فالمعروض اليوم هو الدولار، على عكس ما كان سائداً في السوق في المرحلة السابقة، حيث كانت الليرة معروضة والدولار مطلوب. وبناءً عليه، يُتوقع ان نبدأ بمرحلة التراجع في سعر الصرف وبهذه الطريقة سيتمكن مصرف لبنان من إعادة ترميم احتياطاته بكلفة أقل.

ورأى الخوري انّ المعادلة الراهنة تسمح لسعر الصرف بالانخفاض الى 50 الفاً، لكن الواضح انّ ما كان مطلوباً لهذه المرحلة هو تثبيت سعر الصرف وإعطاء أثر نفسي ايجابي بانتهاء لعبة الليرة / دولار.

ماذا عن المرحلة المقبلة؟ وهل كان المطلوب ربط خفض سعر الصرف بعمل «بلومبرغ» او إهدائها ايّاه كإنجاز؟ قال الخوري، اذا انطلق عمل المنصّة من دون ان يتوفّر اللبناني في السوق فحتماً سينخفض سعر الدولار مقابل الليرة وليس العكس. ورأى انّ هناك متغيّرات عدة في السوق اللبناني راهناً يجب مراقبتها والتوقف عندها. فمرحلة الحاكم السابق رياض سلامة انتهت بكل ابعادها، بحيث تمّت السيطرة على الدين العام بالمعنى المالي، واليوم ستبدأ مرحلة جدّية عنوانها اعادة ترميم المالية العامة، وهذه الخطوة تنتظر الخطة النهائية للاصلاح. وهنا لا بدّ من الإشارة الى انّ هذه الأزمة كما سارت اراحت كثيراً السلطة السياسية وخفّفت عنها أحمالها وعجزها المالي.

ورداً على سؤال، أكّد الخوري انّه لا يمكن للنقد بالتداول ان يتراجع أكثر مما هو عليه اليوم، لأنّه أقل من الحدّ المسموح به، وبما انّ الفائدة على الانتربنك باتت مرتفعة جداً، يتوقع الخوري استناداً الى هذين العاملين ان ندخل قريباً في مرحلة التحسّن التدريجي لسعر الدولار، بحيث سيعمد المركزي الى العودة لضخ الليرة لتكبير حجم النقد بالتداول مقابل خفض سعر الدولار، أما الحدّ الذي يمكن ان يتراجع فيحدّده السوق، والمؤشر لذلك الفائدة على الانتربنك التي يجب ان تتراجع الى ما دون 10%.

وعمّا اذا كان اعلان مصرف لبنان إصدار دفعة جديدة من فئة الـ 100 الف ليرة الى الاسواق لها دلالات مالية، لا سيما انّه كان الحديث في الفترة السابقة عن توجّه لطبع ورقة الـ 250 الفاً والـ 500 الف ليرة وحتى المليون ليرة، قال الخوري: انّ تجديد إصدار المئة الف ليرة بمواصفات جديدة وتميّزها بصغر حجمها هو دليل انّه ما عاد من حاجة حتى لإصدار فئة الـ 250 الفاً، وهذا ما يؤكّد اننا متّجهون نحو مسار تراجعي في سعر صرف الدولار مقابل الليرة.

 

التنويع الاقتصادي في «رؤية 2030»

تتباين مساهمات قطاعات الصناعات التحويلية والزراعية في توليد الناتج المحلي الإجمالي، استناداً إلى التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2023؛ إذ تساهم الزراعة والصيد والغابات بنسبة 2.4 في المائة في توليد الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، والصناعات التحويلية بمقدار 14.7 في المائة، في حين تساهم الصناعات الاستخراجية بنسبة 33.1 في المائة، والتشييد 4.5 في المائة، والكهرباء والغاز والماء يمثل 1.06 في المائة، والتجارة والمطاعم والفنادق 8.2 في المائة، والنقل والمواصلات والتخزين 4.7 في المائة، والتمويل والتأمين والمصارف 4.4 في المائة، والإسكان والمرافق 5.2 في المائة، والخدمات الحكومية 14.2 في المائة، وأخيراً الخدمات الأخرى 2.4 في المائة. ويعدّ القطاع غير النفطي دافعاً أساسياً في النمو الاقتصادي، والذي يعكس نجاح السعودية في عملية التنوع الاقتصادي بعيداً عن النفط، وهو أحد أبرز مستهدفات «رؤية 2030».

وقد اتخذت السعودية إجراءات استباقية في ميزانية 2024 تحميها من الصدمات الاقتصادية الخارجية؛ إذ وجّهت إنفاقاً توسعياً يتجاوز 333 مليار دولار لتسريع تنفيذ الخطط الاستراتيجية القطاعية، حيث اتخذت إجراءات استباقية لتعزيز قدرة اقتصادها على مواجهة التحديات والتطورات وضمان الاستدامة المالية؛ وهو ما عكسته الأرقام الواردة في البيان التمهيدي لميزانية عام 2024، التي تستهدف من خلالها السعودية إيرادات بقيمة 312 مليار دولار، مقابل نفقات بنحو 333 مليار دولار، وبعجز محدود بقيمة 21 مليار دولار، أي ما يمثل 1.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وتطورت مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الإجمالي للسعودية، الذي ساعد على تحقيق الاقتصاد السعودي أعلى معدل نمو في 2022 بين دول مجموعة العشرين، كما سجل هذا القطاع ثاني أعلى معدل نمو في 2023 ضمن المجموعة أيضاً، كما أعلن صندوق النقد الدولي أن الاقتصاد السعودي يشهد تحولاً، بعد تنفيذ إصلاحات عدة للحد من الاعتماد على النفط، وتنويع مصادر الدخل، وتعزيز القدرة التنافسية؛ إذ إن التحسينات الهيكلية التي تجريها الحكومة عززت نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية، الذي انعكس إيجاباً على أداء الميزانية العامة للسعودية، حيث إن الإجراءات الإصلاحية عززت دور الأنشطة غير النفطية في أداء الميزانية، بفضل التنوع في مصادر الدخل، وعدم الاعتماد بشكل كبير على الإيرادات النفطية؛ إذ إن الاقتصاد السعودي طبّق سياسات إصلاحية فعّالة واحتوائية للأزمات مدعومة بوفرة مالية واحتياطيات نقد أجنبي مرتفع، حيث إن اقتصاد السعودية يقف على أسس صلبة ومتينة، انعكست على نتائج الميزانية العامة للدولة في 2024.

وترى مصادر مالية، أن العجز الذي يتوقع تسجيله يأتي بسبب زيادة الإنفاق على قطاعات مهمة؛ مثل الدفاع والتعليم والصحة، وتوقعت أن تزيد الإيرادات على تلك المتوقع لها بفعل التنامي الكبير للنشاط غير النفطي، وفي هذا الإطار، فإن الحكومة قدّرت الإيرادات لميزانية عام 2023 على أساس 82 دولاراً لسعر برميل خام برنت، وأفصحت السعودية في البيان التمهيدي لميزانية العام المالي 2024، عن الاستمرار في العمل على رفع كفاءة وفاعلية الإنفاق والضبط المالي، واستدامة المالية العامة، وتنفيذ الإصلاحات الاقتصادية والمالية، وتحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

لقد حدد الاقتصاديون مصادر النمو؛ إذ تعود إلى خمسة متغيرات، هي التوسع في الطلب الاستهلاكي، والطلب الاستثماري، والتوسع في الصادرات، وزيادة إحلال الواردات، ومن ثم التقدم التكنولوجي من خلال الابتكار والإبداع والبحث العلمي؛ إذ إن هذه المتغيرات تلعب دوراً مهماً في الاقتصاد السعودي، فقد أكدت خطط التنمية الخمسية التي بدأ العمل بها منذ عام 1970 أهمية توسيع القاعدة الصناعية لتصبح مصدراً أساسياً للدخل؛ إذ تعدّ الصناعة مصدراً أساسياً للنمو إذا كانت نصيبها في الناتج المحلي الإجمالي لا يقل عن 25 في المائة، لكن البيانات تبين أن مساهمة الصناعة التحويلية في الإنتاج المحلي الإجمالي بلغت نحو 14.7 في المائة في السعودية عام 2022، استناداً إلى بيانات التقرير الاقتصادي العربي الموحد 2023، ومقارنة بالدول حديثة العهد بالتصنيع، مثل البرازيل وتايوان وماليزيا، فإنها منخفضة بالمقارنة مع هذه الدول، حيث بلغت في ماليزيا نحو 23.9 في المائة استناداً إلى بيانات الصندوق النقد الدولي 2022.

وفي الختام، واصلت الحكومة السعودية عملية الإصلاحات الهيكلية على الجانبين المالي والاقتصادي؛ بهدف تنمية وتنويع اقتصادها، ورفع معدلات النمو المستدام مع الحفاظ على الاستدامة المالية، من خلال مواصلة تنفيذ برامج ومشروعات «رؤية 2030»، بالإضافة إلى إطلاق كثير من المبادرات والاستراتيجيات التي تسهم في تطوير القطاعات الاقتصادية الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية، بجانب الدور الفاعل لصندوق الاستثمارات العامة، والصناديق التنموية، مع استمرار تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي تعزّز من نمو الناتج المحلي للأنشطة غير النفطية بمعدلات مرتفعة ومستدامة، باتجاه التنويع الاقتصادي؛ كونه أحد أهم مستلزمات «رؤية 2030».

د. ثامر محمود العاني

كوب28: كل ما تريد معرفته

كونه حدثا يناقش قضية تتعلق بمستقبل كوكب الأرض، اهتمت CNBC عربية ليس فقط بحضور مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب28” التي تحتضنها مدينة دبي في دولة الإمارات العربية المتحدة، ولكن أيضا بتقديم ملخصاً يومياً لأبرز الأحداث، ليكون بمثابة ملفا مختصراً لتدوين تلك الوقائع من داخل أروقة الحدث.

وإليكم أبرز الأحداث:

اليوم الثاني:

شهد اليوم الثاني من “كوب28” الجزء الأول من كلمات الزعماء، الذين توالوا على منصة المؤتمر للتعبير عن مواقفهم ودعواتهم من أجل تحقيق إنجاز يتمثل في إنقاذ كوكب الأرض من مستقبل مظلم حسب تعبير كثير منهم.

بدأت الخطابات بكلمة لرئيس الإمارات محمد بن زايد، والذي أعلن عن إطلاق صندوق جديد لـ”الحلول المناخية” مختص بجذب الاستثمارات في مجال معالجة الأزمة المناخية.

وأشار الرئيس الإماراتي إلى إنشاء الصندوق الذي يطلق عليه “ألتيرا” بقيمة 30 مليار دولار، وأنه يستهدف جذب استثمارات بقيمة 250 مليار دولار بحلول نهاية العقد. ويخصص الصندوق 25 مليار دولار لاستراتيجيات المناخ، و5 مليارات دولار لتحفيز تدفقات الاستثمار إلى جنوب الكرة الأرضية.

وبحسب بيان صادر عن الرئاسة الإماراتية لـ”كوب28″، يستهدف الصندوق، بالتعاون مع شركات إدارة الأصول العالمية بلاك روك وبروكفيلد وتي.بي.جي، “توجيه أسواق القطاع الخاص نحو الاستثمارات المتعلقة بالمناخ والتركيز على التحول في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية” التي قال إن ارتفاع المخاطر المحتملة فيها أدى إلى عرقلة الاستثمار التقليدي.

وقالت شركة بلاك روك في بيان إن صندوق “ألتيرا” سيستثمر مليار دولار في استراتيجية الديون الخاصة المتعلقة بالمناخ التي تستهدف التحول. كما التزمت بتقديم مبلغ مليار دولار للاستثمار في أعمال البنية التحتية الخاصة بشركة بلاك روك أو المشاركة في الاستثمار معها.

وسادت نبرة إنقاذ الأرض على كلمات الزعماء، حيث حث الملك البريطاني تشارلز الثالث المشاركين في المؤتمر إلى اتخاذ خطوات سريعة وحازمة لحماية الكوكب، موضحا ان “آمال العالم ترتكن إلى رؤساء الدول والحكومات”، ومعربا عن رغبته في أن يكون كوب 28 “نقطة تحول مهمة باتجاه عمل تحولي حقيقي”.

ومن جانبه، حث رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي القادة على العمل معا وتزويد البلدان النامية بالتكنولوجيا والتمويل لمواجهة تغير المناخ. فيما قال الرئيس البرازيلي لويس إناسيو لولا دا سيلفا إن بلاده التي تضم معظم غابات الأمازون المطيرة، مستعدة لريادة الطريق في حماية المناخ.

وخيمت حرب غزة على أروقة قمة المناخ، حيث دان كثير من القادة الحرب، فحض عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني المجتمع الدولي على منع إسرائيل من “ارتكاب مجازر ونكبات” لا يمكن تحمل تبعاتها بعد تجدد القتال بين إسرائيل وحركة “حماس”، مشيرا إلى أن تغيّر المناخ يزيد صعوبة حياة الفلسطينيين في قطاع غزة.

كما أدان الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد الهجمات الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة وطالب المجتمع الدولي بوقفها. بينما اعتبرت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا أن استئناف الهدنة بين إسرائيل و”حماس” في غزة أمر “ضروري”.

وانسحب الوفد الإيراني من المؤتمر احتجاجاً على وجود ممثلين لإسرائيل، على ما ذكر الإعلام الرسمي.

اليوم الأول: 

فيما يوصف بأنه أكبر حدث من نوعه، افتتح مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ “كوب28” في دبي يوم الخميس، ليحقق اختراقا سريعا على غير العادة في المؤتمرات المماثلة، بالإعلان في اليوم الأول عن تفعيل صندوق الخسائر والأضرار المختص بتعويض الدول الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.

ومع حضور رسمي في المنطقة الزرقاء يقدر بنحو 80 ألف شخص، وممثلين عن نحو 200 دولة، جرت مراسم التسليم والتسلم في افتتاح المؤتمر بين رئاسة القمة السابقة التي عقدت في مدينة شرم الشيخ بمصر.

والقمة الحالية التي تحتضنها دبي، ليعلن رئيس القمة “كوب28” سلطان الجابر سريعا تبني قرار تشغيل صندوق “الخسائر والأضرار”، قائلا: “أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا. لقد كتبنا صفحة من التاريخ اليوم… السرعة التي فعلنا فيها ذلك غير مسبوقة، هائلة وتاريخية”.

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتبني قرار تشغيل الصندوق، داعيًا المانحين الى تقديم “مساهمات سخية”.

وبدأت المساهمات المالية الأولى تتدفق: 225 مليون يورو (نحو 245 مليون دولار) من الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك مائة مليون دولار سبق أن أعلنت ألمانيا تقديمها)، مائة مليون دولار من الإمارات، عشرة ملايين دولار من اليابان، و17,5 مليون دولار من الولايات المتحدة، وأربعون مليون جنيه استرليني (نحو 50 مليون دولار) من بريطانيا.

وعلى مدار نحو أسبوعين، أو أكثر إذا ما تقرر تمديد أيام عمل المؤتمر كالعادة، يناقش الحضور من زعماء وقادة وسياسيين ومسؤولين، عدة موضوعات تتعلق جميعا بمساع خفض التهديدات المناخية وعلاج آثار التغير المناخي.

ويأتي المؤتمر في عام وصف بأنه الأكثر حرارة في التاريخ، وشهدت شهوره الماضية كوارث طبيعية واسعة النطاق وفادحة من حيث التكاليف البشرية والمادية.

وسيكون التمويل من أبرز القضايا التي يهتم بها المؤتمر، فيما يشهد للمرة الأولى مشاركة واسعة النطاق لقطاع النفط عبر الشركات والمؤسسات، والذي رأت الإمارات أنه أمر واجب لمحاولة علاج المشكلة من أحد أهم جذورها.

وبينما ستكون مسألة التخلي عن الوقود الأحفوري الأكثر حساسية على أجندته، لكن رئاسة المؤتمر عبر الجابر أكدت أنها لن تتزحزح عن النقاش ومحاولة بلوغ اتفاق، وقال الجابر: “نحن بحاجة إلى التأكد من إدراج دور الوقود الأحفوري” في الاتفاق النهائي للمؤتمر.

التهرّب الضريبي نموذج … أدنى من مرتبة “دولة”

الانتقادات التي يتعرّض لها مشروع موازنة العام 2024، تعود في قسمٍ كبير منها الى المناخ العام المرتبط باستمرار الانهيار الاقتصادي، وعجز الدولة منذ اربع سنوات عن إطلاق مسيرة التعافي، لإعادة الاقتصاد الى وضع طبيعي، يسمح بإقرار موازنات تتماهى مع الرؤية الاقتصادية. وبالانتظار، كل الموازنات ستكون ناقصة وغير مُجدية، في غياب التوافق على مسار التعافي العام.

من خلال الضرائب والرسوم، الجديدة منها والقديمة، التي تجري محاولة لزيادتها لتتماهى مع نسَب التضخّم التي شهدها البلد، يُلاحظ انّ الحكومة تجهد لتحسين الايرادات بأي ثمن. ورغم العورات الكثيرة الواردة في المشروع الحكومي، إلا أن الطامة الكبرى تكمن في الوضع الاقتصادي القائم، حيث بات 80 % من اللبنانيين في قائمة المحتاجين الى مساعدة، بسبب تراجع قدراتهم الشرائية الى مستويات متدنية.

في الموازاة، استعاد قسم من القطاع الخاص حيويته، بفضل عوامل عدة، من اهمها:

أولاً – الاستقرار الامني (قبل عملية 7 تشرين الأول في غزة) الذي سمح بعودة المواسم السياحية، وأدّى الى دخول العملة الصعبة الى البلد.

ثانياً – قرارات مصرف لبنان التي سمحت بإعادة القروض بالليرة او باللولار، الامر الذي سمح لقسم كبير من المؤسسات بتحقيق ارباح استثنائية غير متوقعة، ساعدتها على الصمود، وربما ازدهار بعضها.

ثالثاً – الكلفة التشغيلية التي انخفضت نسبياً عمّا كانت عليه قبل أزمة الانهيار.

هذه العوامل ساعدت القطاع الخاص على استعادة نشاطه جزئياً، الامر الذي أدّى الى وقف الانكماش الذي كان قد بدأ قبل اربع سنوات.

لكن هذا التحسّن في اداء القطاع الخاص بقي هشاً، وهو معرّض للانهيار بسرعة، بسبب عدم توفّر مقومات التوسّع والصمود. وما دام القطاع المصرفي في «صالة الانتظار»، بسبب تقاعس «الدولة» عن البدء بمعالجة الأزمة النظامية (systemic crisis) التي ضربت البلد منذ اكثر من اربع سنوات، سيبقى القطاع الخاص في غرفة العناية الفائقة، ومُعرّضاً لانتكاسات خطيرة في اية لحظة. على سبيل المثال، ما فعله اصحاب بعض المؤسسات السياحية، أنهم جمعوا الارباح التي حققوها في فترة الصيف، وهم يُنفقون منها منذ 7 تشرين لضمان صمود مؤسساتهم. هذا النمط من العمل لا يمكن ان يدوم، ولا يمكن ان يبني مؤسسات قادرة على التوسّع والمنافسة، وبالتالي لا يمكن ان يؤدّي الى اقتصاد طبيعي ومزدهر. ومن دون اقتصاد طبيعي وقادر على النمو بنسب جيدة، ستبقى الأزمة قائمة، لأنّ الدولة لن تعثر على ايرادات كافية للقيام بدورها المألوف. الاقتصاد بوضعه الحالي، لا يكفي لتحقيق استقرار اجتماعي، يمكن تأمينه من خلال نظام ضرائبي مهمته اعادة توزيع الثروة لضمان حد أدنى من العدالة الاجتماعية، وضمان مقومات البنية التحتية لتقديم الخدمات للفرد والمؤسسات والمستثمرين.

ما يقوله المنتقدون اليوم، في موضوع الموازنة صحيح، لكنه يعبّر عن فشل الدولة في صياغة وبدء مشروع الانقاذ، اكثر ممّا يعكس وجود أخطاء او شوائب في الموازنة. مَن رَسَم الخطوط العريضة للموازنة، يدرك ويعترف مسبقاً بأنّ الدولة عاجزة عن اتخاذ القرارات المطلوبة للاصلاح، لذلك لجأ الى مبدأ «اذا لم يكن ما تريد، أرِدْ ما يكون». إذ يكفي ان يتم خفض التهرّب الضريبي الذي يجري تقديره حالياً بحوالى 60%، لكي تتحسّن الايرادات العامة بنسبة لا تقل عن 25 الى 30%. لكن الدولة تعترف مسبقاً بعجزها عن تنفيذ مثل هذه القرارات الامر الذي يجعلها أدنى من مرتبة «دولة». وهذه هي المشكلة الحقيقية التي تنسحب على كل القرارات الاخرى التي لا تستطيع السلطات اتخاذها لأنها عاجزة عن تنفيذها.

في وضعٍ مماثل، لن يكون مُستغرباً تصدير مشاريع موازنة غير متّزنة، لأنّ الرؤية الاقتصادية التي نطالب بها جميعاً، لا يمكن حصرها بالموازنة، وإبقاء ما تبقّى على ما هو عليه. بمعنى، ان الموازنة قد تصلح لتكون بمثابة رؤية اقتصادية مستقلة الى حد ما، في الاوضاع الاقتصادية الطبيعية، لكن الامر يختلف بعض الشيء في وضع استثنائي كما هو في لبنان منذ اربع سنوات. الدولة تحتاج الى تحديد مسار التعافي والمضي به ضمن خطة خمسية او عشرية واضحة، ومن خلال هذه الخطة يمكن إيراد رؤية اقتصادية في الموازنة، تتماهى مع هذه الخطة. اما الاعتقاد انّ الموازنة لوحدها «بِتشيل الزير من البير»، فهو لا يقع في محله، وفيه الكثير من الاوهام او المزايدات او الشعبوية. مع الاشارة الى ان كل هذا الكلام لا يبرر صدور الموازنة بثغرات كالتي ظهرت في مشروع موازنة 2024، لكن هذه الثغرات يمكن للمجلس النيابي معالجتها، وهو يفعل حالياً، وهذا واجبه، ولكن الانقاذ والتعافي في مكان آخر لا يزال مغلقاً حتى الآن.

انطوان فرح

السيناريو الأفضل هو سيناريو سيئ

يسيطر التدمير والإرهاب يوماً بعد يوم في مجزرة غزة، ويدفع الثمن الباهظ الأبرياء من النساء والأطفال والشيوخ، وهناك تخوّف جدّي وخطر من توسيع بقعة الحرب نحو كل المنطقة. وإذا ما حصلت سيكون لها تأثير دراماتيكي على جميع الأصعدة. فالسيناريو الأفضل اليوم هو وقف إطلاق النار، والمرفوض من أسياد الحرب. لننظر بإيجابية وبعض التفاؤل الى ما بعد القصف والتدمير.

مهما حصل، هذه الحرب أوقفت كل عقارب المفاوضات والمحادثات ومحاولة التطبيع التي كانت تتوسع في المنطقة. فسيكون صعباً للغاية أن تُعاد المفاوضات وخصوصاً بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وبقية البلدان العربية، فتراجعت المحادثات أشواطاً إلى الخلف، لا بل جُمّدت أو حتى دُمّرت.

أما على الصعيد الإقتصادي الشرق أوسطي، فمهما حصل، فقد جُمّدت الإستثمارات، وتراجعت الحركة والتبادل التجاري، وتراجع دراماتيكياً النقل الجوي في المنطقة، وسيأخذ وقتاً طويلاً لإعادة الثقة والنمو.

أما على الصعيد الدولي، فإن هذه الحرب الجديدة صرفت الأنظار عن الحرب الأوكرانية – الروسية المتكاملة، بعيداً عن الأنظار وعدسات الكاميرا والصحافة الدولية. ولم تعد في سلّم الأولويات الدولية.

في لبنان، نسينا أو تناسينا أولوياتنا وهمومنا المعيشية والمصيرية، ولم يتحدث أحد عن الفراغات الدستورية في أعلى المناصب، بدءاً من منصب رئاسة الجمهورية الفارغ منذ سنة، والمناصب الأمنية، والمالية والنقدية، وقريباً في قيادة الجيش.

على الصعيد المالي والنقدي، لم تعد إعادة الودائع، ليس فقط في الأولويات، لكن حتى في الأحاديث، كأنها طُمرت تحت الركام. أما عمليات التنقيب المنتظرة منذ عقود، فلم يتحدث أحد بأنّها قد جُمّدت، ولم يتناول أحد أي نتائج مرجوة عنها، ولن تبدأ من جديد قبل الإستقرار التام. وهذا أمر مستبعد.

حتى لو حصل السيناريو الأفضل، وهو وقف إطلاق النار المرفوض من جهات عدة حتى اليوم والمُستبعد، حتى لو حصل، فإنّ عدم الإستقرار والمخاوف والمخاطر قد أوقفت كل عقارب التفاوض، وإعادة النمو، وإعادة بناء بلدنا المكسور والمنهوب.

في المحصّلة، هناك سيناريوهات عدة، سوداوية ومخيفة، والسيناريو الأفضل في الأفق هو وقف المدفع والتدمير والإرهاب والدماء، لكن حتى هذا السيناريو الإيجابي لن يُرجعنا إلى نقطة الصفر، لا بل سنعود أشواطاً وعقوداً إلى الوراء. فكل يوم يمرّ نتراجع خطوات كبيرة إلى الوراء، وتُطمر وتُدفن أولوياتنا الأساسية وإحترام دستورنا ومواجهة أزمتنا الإقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية، وقد أصبح همّنا الأكبر اليوم عدم الإنزلاق في حرب جديدة، ناسين وراءنا أزمتنا الراهنة ومشاكلنا المعيشية التي ستتضاعف يوماً بعد يوم.

د. فؤاد زمكحل

باول: من السابق لأوانه الحديث عن خفض الفائدة .. بل ربما يتم رفعها ‏

تسببت تصريحات رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي جيروم باول اليوم الجمعة في ‏انحسار توقعات السوق بشأن تخفيضات في أسعار الفائدة في المستقبل، واصفًا أنه ‏من السابق لأوانه إعلان الانتصار على التضخم.‏

وعلى الرغم من سلسلة من المؤشرات الإيجابية في الآونة الأخيرة فيما يتعلق ‏بالأسعار، قال رئيس الفدرالي إنه وفريقه يخططون “لإبقاء السياسة النقدية مشددة” ‏حتى يقتنعون بأن التضخم يتجه بقوة إلى المستهدف عند 2%.‏

وقال باول في تصريحات معدة سلفا في أتلانتا: “سيكون من السابق لأوانه أن ‏نستنتج بثقة أننا حققنا موقفا تقييديا بما فيه الكفاية، أو التكهن بموعد خفض الفائدة”. ‏‏”نحن على استعداد لتشديد السياسة النقدية بشكل أكبر إذا دعت الضرورة لذلك.”‏

وأفاد باول أيضاً: “بعد أن قطعت اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة شوطاً كبيراً في ‏مكافحة التضخم، فإنها تمضي قدمًا بحذر”.‏

وأضاف: “التضخم لا يزال أعلى بكثير من المستهدف، لكنه يتحرك في الاتجاه ‏الصحيح، لذلك رى أن الشيء الصحيح الذي يجب فعله الآن هو التحرك بحرص، ‏والتفكير بعناية في كيفية سير الأمور، والسماح للبيانات بإخبارنا ما التالي”.‏

وعلق: “ستخبرنا البيانات ما إذا كنا قد فعلنا ما يكفي أم أننا بحاجة إلى بذل المزيد ‏من الجهد”.‏

قمة «أبيك» فرصة للتنمية الاقتصادية في العالم

عقدت القمة السنوية للرؤساء التنفيذيين لمنظمة التعاون الاقتصادي لآسيا والمحيط الهادي أبيك، في سان فرانسيسكو، كاليفورنيا، في الفترة من 14 إلى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023. وجمعت القمة الرؤساء التنفيذيين ورجال الأعمال وقادة الفكر وأصحاب المصلحة الآخرين مع كبار القادة السياسيين من منطقة آسيا والمحيط الهادي، للحوار حول الفرص والتحديات العالمية التي تشكل الاتجاهات الاقتصادية والبيئية والمجتمعية في المنطقة، وتضمن برنامج القمة التركيز على خلق الفرص الاقتصادية من خلال مجموعة من المتحدثين الذين سلطوا الضوء على إمكانات التعاون والتفكير الجديد لبناء المستقبل من خلال التركيز على الاستدامة والشمول والمرونة والابتكار، وسيتضمن معرض القمة المصاحب، حلولاً وتقنيات رائدة يمكن أن تساعد في دفع النمو الاقتصادي العادل المستدام.

إن أبيك منتدى حكومي دولي يضم 21 دولة عضوا في حافة المحيط الهادي، وهو يعزز التجارة الحرة في جميع أنحاء منطقة آسيا والمحيط الهادي، بعد نجاح سلسلة المؤتمرات الوزارية لرابطة دول جنوب شرقي آسيا التي بدأت في منتصف الثمانينات، إذ تأسست المنظمة الاقتصادية في عام 1989، تلبية للنمو الاقتصادي المتزايد واستجابة للاعتماد المتبادل المتزايد لاقتصادات المنطقة وظهور التكتلات التجارية الإقليمية.

وتسعى أبيك لرفع مستوى المعيشة والتعليم من خلال تحقيق نمو اقتصادي متوازن وتشارك العوائد بين دول آسيا والمحيط الهادي؛ حيث يشكل تعداد السكان للدول المطلة على المحيط الهادي ما يقارب من 40 في المائة من عدد سكان العالم، ويعد المنتدى واحدا من أعلى التجمعات المتعددة الأطراف وأقدم المنتديات في منطقة آسيا والمحيط الهادي، وله تأثير عالمي كبير في الملفات الاقتصادية المهمة في العالم، ويتكون من 21 دولة وهي: أستراليا، البيرو، الصين، الفلبين، المكسيك، أميركا، اليابان، إندونيسيا، بابوا غنيا الجديدة، بروناي، تايلاند، تايوان، تشيلي، روسيا، سنغافورة، فيتنام، كندا، كوريا الجنوبية، ماليزيا، نيوزيلندا، هونغ كونغ.

ويعد هذا الاجتماع في المؤتمر السنوي، لزعماء الاقتصادات الـ21، فرصة تاريخية مهمة لتعزيز التعاون الاقتصادي في العالم، إذ يحظى بأهمية كبيرة من خلال مشاركة أميركا والصين بوصفهما أكبر اقتصادين في العالم يسعيان إلى إيجاد قدر من الاستقرار بعد عام صعب في العلاقات الأميركية – الصينية، إذ إن قادة دول أبيك طرحت رؤيتها الاقتصادية للمنطقة، إذ هم المحرك البارز للنمو الاقتصادي المستدام في آسيا والمحيط الهادي، الذي يجعل المنطقة ذات أهمية حاسمة للنمو الاقتصادي في العالم.

إن دول أبيك ترغب في رؤية حوار أفضل بين أميركا والصين لأنه يقلل من خطر الصراع الإقليمي، وفي الوقت نفسه، يعلمون أن الآخرين في المنطقة يشعرون بالقلق من أن المحيط الهادي يُنظر إليه في كثير من الأحيان من خلال منظور تقوم فيه مراكز القوى المهيمنة في واشنطن وبكين باتخاذ القرارات المتعلقة بالمنطقة من دون مشاركة الدول الأقل قوة، لتحقيق هذه الغاية، فإن قادة الدول قدموا مبادرات جديدة لتعزيز استثمارات الاقتصاد النظيف، وتطوير سياسات مكافحة الفساد والضرائب من خلال المنتدى الاقتصادي للمحيطين الهندي والهادي، وهي استراتيجية اقتصادية أُعلنت بهدف مواجهة القوة التجارية المهيمنة في المنطقة.

إن معظم أعضاء المنظمة غير جديين فيما يتعلق بالمنتدى الدولي الذي يركز على البيئة والطاقة، إذ تراجعت الشراكة عبر المحيط الهادي في بعد الأوقات، إلا أن المنطقة شهدت اتفاقات تجارية كبرى في السنوات الأخيرة، شملت الصين واليابان وكوريا الجنوبية وغيرها من الاقتصادات الإقليمية الكبرى، ولدى أعضاء أبيك بعض الاهتمام بجوانب «أبيف»، مثل الجهود الرامية إلى تعزيز مرونة سلسلة للتوريد واقتصاد الطاقة النظيفة، لكنهم يريدون رؤية الدول في إفساح المجال أمام المزيد من الوصول إلى الأسواق الأميركية والصينية وغيرها من دول أبيك في سياق التجارة الحرة.

تعد أميركا والصين القوتين الاقتصاديتين الرئيسيتين في العالم والمنتدى، وتنتجان معاً أكثر من 40 في المائة من إجمالي السلع والخدمات عالمياً؛ لذا، فعندما تنخرط واشنطن وبكين في معركة اقتصادية، كما حدث لخمس سنوات متتالية، فإن العالم بأسره سيعاني أيضاً، إذ إن التوترات بين البلدين تؤثر سلباً على الاقتصاد العالمي، وإن اجتماع هذا العام، فرصة للحد من تلك التوترات وتعزيز التعاون الاقتصادي، وهذا ما يجعلها حدثاً بالغ الأهمية للاقتصاد العالمي؛ خصوصاً بعد أن عانى من سلسلة أزمات متتالية منذ عام 2020، مثل جائحة كوفيد – 19، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار الفائدة، والصراعات العنيفة في أوكرانيا ومؤخراً في غزة.

ويعتقد صندوق النقد الدولي أن هذا التباين الاقتصادي سيكون له تأثير سلبي على العالم؛ حيث من المتوقع أن يؤدي ارتفاع الحواجز التجارية إلى خسارة 7.4 تريليون دولار من الناتج الاقتصادي العالمي، كما زادت الحواجز التجارية بشكل حاد في السنوات الأخيرة، إذ إنه في عام 2022، فرضت الدول ما يقرب من 3 آلاف من القيود الجديدة على التجارة، مقارنة بأقل من 1000 في عام 2019. ونتيجة لذلك، فمن المتوقع أن تنمو التجارة الدولية بنسبة 0.9 في المائة فقط هذا العام و3.5 في المائة في عام 2024، بانخفاض حاد عن المتوسط السنوي 2000 – 2019 البالغ 4.9 في المائة.

ومن الجدير بالإشارة، ضرورة التعاون في ملفات عدة، بدءاً من التغير المناخي ومكافحة المخدرات إلى فرص وتحديات الذكاء الاصطناعي، وضرورة النظر إليها في سياق واسع من التحولات العالمية المتسارعة وأن تتطور بطريقة تعود بالنفع على جميع شعوب العالم، إذ لا يمكن للدول، أن تدير كل منها ظهرها للأخرى، إذ إن النزاع والمواجهة لهما عواقب لا تُطاق، كما أن التعافي الاقتصادي العالمي بعد جائحة كوفيد – 19 لا يزال بطيئاً، ولا تزال سلاسل الصناعة وسلاسل التوريد معرضة لخطر الانقطاع، وخطر الحماية بوصفها مشكلة خطيرة حسب وجهة نظر دول مهمة في الأبيك.

وفي الختام، تعهد زعماء أبيك، بدعم إصلاح منظمة التجارة العالمية، وإصرارهم على توفير بيئة تجارية واستثمارية حرة ومنفتحة وعادلة وغير تمييزية وشفافة وشاملة يمكن التنبؤ بها، والعمل على الإصلاح الضروري لمنظمة التجارة العالمية لتحسين جميع وظائفها، بما في ذلك إجراء مناقشات بهدف وجود نظام كامل وفعال لتسوية النزاعات التجارية، إذ إن تعزيز التجارة سيساهم في توحيد صفوف الدول المطلة على المحيط الهادي، إذ إن الأهداف المشتركة لدول أبيك هي خلق فرص متكافئة وعلاقات اقتصادية مستمرة وذات مغزى ومتبادلة المنفعة.

د. ثامر محمود العاني

ليست الصين .. S&P تكشف عن الدولة التي ستقود النمو الآسيوي بالسنوات الـ3 المقبلة

ترى وكالة S&P Global أنه في ظل تباطؤ اقتصاد الصين، فإن المحرك الرئيسي للنمو في منطقة آسيا المحيط الهادئ سينتقل بعيداً عن الدولة صاحبة ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلى جنوب وجنوب شرق القارة.

ووفقاً لوكالة التصنيف الائتماني، فمن المتوقع أن يصبح الاقتصاد الهندي أكثر قوة في السنوات الثلاث المقبلة، ليقود النمو داخل الإقليم.

وفي تقرير منفصل للوكالة هذا الأسبوع، فإنه من المتوقع نمو الاقتصاد الهندي 6.4% في العام المالي الذي ينتهي في مارس آذار 2024، وهو مستوى أعلى من التقديرات السابقة عند 6%.

وأرجعت S&P هذا التغيير إلى الزيادة في الاستهلاك المحلي الهندي والذي ساعد في الموازنة ما بين تضخم الغذاء المرتفع وضعف نشاط التصدير.

كما أشار التقرير إلى أن اقتصادات ناشئة أخرى في آسيا مثل إندونيسيا وماليزيا والفلبين ستشهد نمو اقتصادي إيجابي هذا العام والعام المقبل بدعم من الطلب المحلي القوي.

ومع ذلك، خفضت S&P توقعاتها لنمو الاقتصاد الهندي على مدار العام المالي 2025 من 6.9% إلى 6.4%، لكنها توقعت قفزة في مستويات النمو عن العام المالي 2026 إلى 7%.

وفيما يتعلق بالصين، توقعت وكالة التصنيف الائتماني نمو الناتج المحلي الإجمالي 5.4% هذا العام، وهو مستوى أعلى بنحو 0.6% من التقديرات السابقة.

أما على مدار العام المقبل، فمن المتوقع نمو الاقتصاد 4.6%، وهي تقديرات أعلى بنحو 0.2% من التوقعات السابقة، ومع ذلك حذرت S&P من أن قطاع العقارات الصيني سيواصل الضغط كتهديد للاقتصاد.

وقالت رئيسة أبحاث الائتمان عن منطقة آسيا المحيط الهادئ يونيس تان إن الطلب على العقارات الجديدة لا يزال ضحلاً بما يؤثر على التدفقات المالية ومبيعات الأراضي.

وأضافت: في ظل السيولة المقيدة، فإن أدوات تمويل الحكومة المحلية قد تزيد ضغوط الائتمان لتؤثر على الأوضاع الرأسمالية للبنوك الصينية.

وعلى الرغم من التوقعات الإيجابية لاقتصاد آسيا المحيط الهادئ، خفضت S&P توقعاتها لإجمالي النمو داخل الإقليم (عدا الصين) عن العام المقبل إلى 4.2% من 4.4%، وذلك بفعل الصدمات في قطاع الطاقة بفعل الحرب بين إسرائيل وحماس، ومخاطر هبوط قاس للاقتصاد الأميركي.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات