نوعية جديدة من المواجهات بين المصارف و«الدولة»

 

لا شك في انّ قراءة متأنية في مضمون البيان الصادر عن المصارف في 3 آذار الجاري، تُظهر انّ أسلوب المصارف في مقاربة الأزمة بدأ يتبدّل، وأن المقتنعين في صفوف المصرفيين بضرورة اتخاذ موقف صَلب حيال السلطتين السياسية والنقدية، بدأ يزيد عددهم. وهذا يعني ان نوعية المواجهات في المرحلة المقبلة قد تتغيّر. لماذا هذا التغيير الآن؟ والى أين يمكن أن يصل في النتيجة؟

يبدو انّ ادارات المصارف أُصيبت بصدمة بعدما لاحظت انّ المسؤولين لا يقدّرون حجم المخاطر التي تهدّد القطاع المالي، جرّاء بعض الممارسات القضائية، وبعض الاستهتار القائم، سواء من السلطات القضائية المختصة، او من قبل السلطات السياسية. وشهدت المصارف على حالة من العقم في اتخاذ القرارات، وشعرت في فترة من الفترات بأن القطاع المصرفي قد ينهار بخفّة غير مسبوقة. وهذا ما يفسّر اللجوء الى الاضراب، مع علمها المسبق بأنّ الاغلاق سيؤدي الى زيادة النقمة الشعبية ضدها. لكنها اعتبرت انها الطريقة الوحيدة التي قد توقِظ من يعنيهم الامر من سباتهم العميق.

اليوم، تبدو المصارف وكأنها انتقلت الى مرحلة جديدة عنوانها الضغط والمواجهة مع الطرفين اللذين يرتبط الحل بالقرارات التي سيتخذانها، وهما «الدولة» ومصرفها المركزي. وهنا، يعتبر البعض ان لا وجود لطرفين، بل لطرف واحد هي الدولة على اعتبار انّ البنك المركزي، وإن كان يتمتع بالاستقلالية في عمله، الا أنه جزء من هذه الدولة، بل انّ الدولة مسؤولة عنه وفق ما ينص القانون. وهذا ما يفسّر ورود المادة 113 من قانون النقد والتسليف في بيان المصارف الاخير. وهو البند الذي ينصّ على مسؤولية الدولة في تسديد الخسائر التي قد يُمنى بها مصرفها المركزي.

بالاضافة الى خسائر المركزي، باتت المصارف تصرّ على ان تحسم الدولة أمرها من مسألة الديون المترتبة عليها، وان تعلن كيف ستتعاطى مع هذه الديون. ولا بد من البدء في التفاوض مع الاطراف الداخليين والخارجيين حول مصير هذه الديون، لأنّ ذلك سيشكّل خارطة طريق لمعرفة الاتجاه الذي ستسلكه الأزمة في المرحلة المقبلة.
إنطلاقاً من هذه المواقف المصرفية، يمكن توقّع مرحلة عضّ اصابع قاسية في الفترة المقبلة، بين المصارف والدولة ومعها مصرف لبنان. فقد وصلنا الى ساعة الحسم، خصوصاً ان المودع، وإن أدرك ان امواله أنفقتها الدولة، إلا أنه يعتبر، وهذا حقه الطبيعي، انّ المصرف هو المسؤول تجاهه عن ضياع وديعته. وبالتالي، أدركت المصارف بدورها ان سياسة المهادنة الدائمة مع الدولة ومع مصرف لبنان قد تجعلها تدفع الثمن لوحدها. وبالتالي، سيدفع المودع ايضا الثمن الأكبر، بحيث سيفقد امواله، وسيفقد البلد قطاعه المصرفي.

هذه الوقائع التي شكّلت الدافع الاساسي نحو اعلان الاضراب، ومن ثم إصدار البيان الأخير، تعني عملياً انّ المصارف تتخلى تدريجاً عن سياسة التحفّظ والمهادنة، وقد نشهد في المستقبل القريب قرارات لم تكن واردة من قبل. هذه القرارات يمكن ان تأخذ سياق محاولة تحديد المسؤوليات، لكي لا يبقى القطاع لوحده في المواجهة، في حين انّ الطرف الاساسي في الأزمة (الدولة) تلعب دور الحَكَمْ، وأحياناً المُحرّض. وما هو مُستغرب اكثر ان الدولة تتعاطى مع مصرفها المركزي وكأنه كيان غريب عنها، اذ انّ قسماً ممّن في السلطة يهاجم البنك المركزي ويحمّله مسؤولة الانهيار، من دون ان يَعي انّ الدولة، والسلطة السياسية التي تمثل هذه الدولة، بموجب نتائج الانتخابات النيابية الاخيرة، هي المسؤولة قانونياً وأخلاقياً عن النتائج التي قد تتمخّض عن اي سياسة يتبعها البنك المركزي.

في المرحلة الجديدة، لن يكون مستبعداً ان ينتقل «الصراع» بين الدولة ومصرفها المركزي من جهة، وبين المصارف من جهة أخرى، الى القضاء، سواء المحلي او الدولي. وهناك من يعتقد ان الوصول الى هذه المواجهة قد لا يكون كارثياً، لأنه قد يحسم الجدل في تحديد المسؤوليات، وفي توزيع الخسائر، ويعطي دفعاً لتسريع الاتفاق على خطة للتعافي، تسمح بإعادة الحقوق الى المودعين المستحقين، وتمنع انهيار القطاع المصرفي، وتعيد الاقتصاد الى سكة
التعافي.

انطوان فرح

اقتصاد الابتكار والمسائل الأخلاقية

منذ وصف جيمس واتسون وفرانسيس كريك البنية اللولبية المزدوجة للحمض النووي لأول مرة، ناقش العلماء إمكانية تكوين أطفال معدلين وراثياً. ففي عام 2018، أعلن عالم صيني، يدعى هي جيانكوي، أنه نفّذ ذلك بالفعل، إذ استخدم أداة للتعديل الجيني تُسمى «كريسبر» لتعديل أجنة الفتيات التوائم، على أمل جعلها مقاومة لفيروس نقص المناعة البشرية.
كانت قوانين الصين الحاكمة للطب الإنجابي وتعديل الجينات مُحددة بصورة غير جيدة في ذلك الوقت. لكن الغضب بين العلماء والجمهور أدى إلى الحكم على الدكتور جيانكوي بالسجن 3 سنوات بتهمة «الممارسة الطبية غير القانونية»، بموجب قانون واسع النطاق، ونُدّد به بصفته ساعياً إلى «الشهرة الشخصية والربح».
شددت الصين، منذ ذلك الحين، من قوانينها الحاكمة لتعديل الجينات وطب الخصوبة. كان الدكتور جيانكوي قد تحرك في أبحاثه بسرعة كبيرة، وفشل في إثبات حمايته الفعلية للتوائم من فيروس نقص المناعة البشرية. لذلك ينبغي على الحكومات والمجتمع العلمي تطوير أطر قانونية واضحة لمنع العلماء المارقين من تتبع خُطاه.
ألفتُ كتاباً عن تجربة الدكتور جيانكوي، وكنت أحادثه بانتظام منذ إطلاق سراحه من سجنه في مارس (آذار) 2022. قال لي: «التأمل في هذه الانتقادات ألهمني رؤى جديدة». ومع ذلك، شرع الدكتور جيانكوي مؤخراً في مشروعات جديدة ضمن مجال التقنية الحيوية تعكس إشارات على تكرار زلاته الأخلاقية الماضية. يمنح هذا الجدل الفرصة لمناقشة أكثر قوة بشأن مستقبل تقنيات تعديل الجينات في عيادات الخصوبة.
وتوضح قصة الدكتور جيانكوي مشكلة غير محلولة في اقتصاد الابتكار. وتتصادم قيم السوق (المُحبذة للسرعة، والأرباح، والطفرات) مع قيم أساسية أعمق تتعلق بصحة الإنسان، والإنصاف، والتنوع.
تلقى الدكتور جيانكوي تدريباً لمدة عام في جامعة ستانفورد، في قلب وادي السيليكون، حيث «يتحرك التقنيون بسرعة عالية ويعصفون بالأشياء». ثم عاد إلى الصين بفضل الحوافز الحكومية في عام 2012. وأنشأ هناك مختبراً في مدينة شينزين، المدينة المعروفة صينياً بالسرعة والإبداع. بعد تأسيس شركة ناشئة، بقيمة 312 مليون دولار، أنفق بعض أسهم الشركة لتمويل مشروعه «كريسبر».
كان مسؤولو الحزب الشيوعي الحاكم قد دعموا في البداية أبحاث «كريسبر» للدكتور جيانكوي، في سياق الحلم الصيني للرئيس شي جينبينغ، وهي سياسة داعمة «للتقنيات المتطورة» لجعل «الصين بلد المبتكرين». وهكذا، قال الدكتور جيانكوي إنه ظن أنه سوف يُصبح بطلاً وطنياً، ثم تفاجأ عندما صار منبوذاً.
دفع أكاديميو أخلاقيات علم الأحياء بأنه لا ينبغي السماح للدكتور جيانكوي بنشر أبحاثه، لانتهاكه المبادئ والمعايير الأساسية للعلم. أنا لا أوافق على ذلك، فلا يزال هناك كثير مما يمكن أن نتعلمه من زلاته الأخلاقية الخاطئة، فضلاً عن بياناته العلمية.
وينبغي إخضاع مزاعمه بشأن المقاومة الهندسية لفيروس نقص المناعة البشرية للتفحص النقدي الذي يقترن مع المراجعة العلمية للنظراء. ويجب نشر بياناته الأصلية حتى يتمكن المجتمع العلمي من التعرف على إمكانات ومشكلات «كريسبر» في الطب الإنجابي.
إذا ما نجح أسلوبه، فلا بد من معالجة التساؤلات الأخلاقية واسعة النطاق، وليس دسّها أسفل البساط، إذا كان بوسعنا تعديل الحمض النووي للأجنة البشرية بصورة فعالة، فهل ينبغي لنا ذلك حقاً؟
استخدام «كريسبر» على الأجنة البشرية يمكن أن يُغيّر التركيب الجيني للأجيال القادمة بطرق متنوعة. ربما نستهدف بعض أشكال الصمم والعمى بأدوات تعديل الجينات قبل ولادة الأطفال. وربما يستخدم الأطباء تقنيات تعديل الجينات في الأجنة لإصلاح الأمراض الخلقية، مثل «فقر الدم المنجلي» و«التليف الكيسي».
كما أن تعديل الجينات يُغذي المناقشات بشأن مبحث تحسين النسل (أو علم الوراثة البشرية). وكما ذكرت مجلة «بيزنس إنسايدر»، فإن أصحاب رؤوس الأموال المتجاسرين وأهل الرؤى التقنية الذين يطلقون على أنفسهم مسمى «المؤيدين للإنجاب»، يريدون إنقاذ الحضارة عبر إنجاب أطفال متفوقين وراثياً. ويبدو أن بعض أصحاب الرؤى المثالية يعتقدون أنهم يمتلكون بالفعل جينات جيدة، في حين يسعى آخرون إلى التحسينات الوراثية. ويعمل رواد الأعمال في وادي السيليكون على استقطاب علماء «كريسبر» ضمن مساعيهم لتصميم جينات الأطفال المثاليين.
نظراً لإمكانية إساءة استخدام هذه التقنية، فإن فوائد استخدام «كريسبر» في طب الخصوبة قد لا تفوق المخاطر. وبصفة جماعية، يمكننا اتخاذ القرار بنقل هذه التقنية إلى المحفوظات، لأن تعديل «كريسبر» للجينات لصالح الاستخدامات الإنجابية يمكن أن يسير في سبيل الاستنساخ البشري، ومن ثم حظره، أو قد يُقرر أساتذة العلم وزعماء المجتمع المدني أن بعض استخدامات تعديل الجينات مسموح به في الأجنة البشرية، إذا كان «كريسبر» قادراً على طرح حلول للمشكلات الطبية المنتشرة، على سبيل المثال. لكن هناك حاجة إلى مبادئ توجيهية أخلاقية وقواعد قانونية جديدة لتنظيم هذه التقنية في عيادات الخصوبة.
لتنفيذ ذلك بصورة جيدة، نحتاج إلى فهم المخاطر التقنية، فضلاً عن المخاطر الاجتماعية.
لقد ضلّل الدكتور جيانكوي الجماهير عندما أصدر إعلانه عام 2018 على موقع يوتيوب قائلاً: «جاءت فتاتان صينيتان صغيرتان جميلتان، اسمهما لولو ونانا، إلى هذا العالم بصحة جيدة مثل أي طفل آخر، قبل بضعة أسابيع».
في الواقع، أمضى التوأمان الأسابيع الأولى في وحدة العناية المركزة لحديثي الولادة في المستشفى. فقد ولدت لولو ونانا قبل الأوان، بعملية قيصرية طارئة في الأسبوع 31، وكانتا تُعانيان في البداية من صعوبة في التنفس.
يمكن أن تكون المشكلات الصحية التي واجهتها لولو ونانا عند الولادة ناتجة عن المخاطر المعروفة للحمل بالتوائم وعلاجات الإخصاب التقليدية في المختبر، أو قد تكون نتيجة لمخاطر غير معروفة مرتبطة بتعديل الجينات بتقنية «كريسبر». واليوم، يُقال إنهما تتمتعان بصحة جيدة، لكن مستقبلهما غير معروف.
يقول الدكتور جيانكوي إنه يجب استخدام «كريسبر» لأسباب طبية فقط، برغم أنه يمكن القول إن تجربته الخاصة أسفرت عن طمس الحدود ما بين الطب الإكلينيكي والتحسين البشري. جاء في ورقة بحثية بشأن أخلاقيات تعديل الجينات، شارك الدكتور جيانكوي في تأليفها (وسُحبت الدراسة لاحقاً): «ليس لأحد الحق في تحديد الخصائص الوراثية للطفل إلا بغرض الوقاية من المرض». لكن الدراسة تابعت: «كل شخص يستحق التحرر من المرض الوراثي».
كما يمكن للمبادئ المجردة بشأن الوقاية من الأمراض في المستقبل أن تسفر عن حدوث مشكلات غير مقصودة. ويشعر كثير من الصُمّ والمكفوفين بالقلق من أن أشخاصاً مثلهم سيجري تعديلهم (استبعادهم) من الوجود، بدلاً من أن يتعلم المجتمع كيفية استيعابهم بصورة أفضل. في الوقت نفسه، تحتشد بعض جماعات الدفاع عن المرضى مؤيدةً لعلاجات «كريسبر».
كما أن الحصول على هذه التقنية في المستقبل هو مصدر قلق أيضاً. إن تعديل الجينات في الأجنة قد يكون باهظ التكاليف بالنسبة لأغلب الأزواج. وتتراوح دورة واحدة من الإخصاب المختبري في الولايات المتحدة من 15 ألفاً إلى 30 ألف دولار، اعتماداً على احتياجات المريض، في حين أن تكاليف العلاجات الجينية المعتمدة للبالغين باهظة بالفعل.
القوانين ذات الصلة بتعديل الجينات في الولايات المتحدة غامضة حالياً، على الأقل مقارنة باللوائح الصارمة التي أقرتها الصين. وقد حظر الكونغرس الأميركي التمويل الفيدرالي لأي تجربة إكلينيكية تتعلق بتعديل جينات الأجنة البشرية، غير أن هذا الحظر يخضع لإعادة التفويض بصفة دورية.

إيبن كيركسي

“Bregret” .. مصطلح جديد يجوب شوارع لندن .. فماذا يعني؟

منذ نحو 7 سنوات، طرق مصطلح “Brexit” باب البريطانيين، وهو اختصار لـ “British Exit”، أي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

أمّا اليوم .. هناك مصطلح جديد يتردد على مسامع الكثيرين ويدعى “Bregret”، والذي يعني “British Regret”، أي ندم البريطانيين على الخروج من الاتحاد الأوروبي !

فما القصة؟

منذ ما يقرب من 7 سنوات و4 رؤساء وزراء .. صوّت البريطانيون في المملكة المتحدة لصالح الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، لكن استطلاعات الرأي اليوم تشير إلى أن المشاعر العامة قد انقلبت على هذا القرار، وأصبحت مكلّلة بـ “الندم”..

استطلاعات :

في أحدث استطلاع لشركة الأبحاث البريطانية YouGov، والذي نُشر الأسبوع الماضي، قال 53% من المشاركين في الاستطلاع إن المملكة المتحدة كانت مخطئة في مغادرة الاتحاد الأوروبي، مقابل 32% ممن ما زالوا يعتقدون أنها كانت الخطوة الصحيحة.

كما أشارت استطلاعات لشركة الأبحاث الفرنسية Ipsos في يناير إلى أن 45% من السكان يعتقدون أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي جعل حياتهم اليومية أسوأ ، مقابل 11% فقط قالوا إنها حسنت من معيشتهم.

كما وجد استطلاع للرأي أجرته شركتا Focaldata و UnHerd البريطانيتين بنهاية 2022، أنه من بين حوالي 10 آلاف مشارك على مستوى البلاد، 54% إما “يوافقون بشدة” أو “موافقون بشكل معتدل” على العبارة القائلة بأن “بريطانيا كانت مخطئة بمغادرة الاتحاد الأوروبي”.

توقعات :

من المتوقع أن يكون اقتصاد المملكة المتحدة هو الأسوأ أداءً في مجموعة العشرين على مدار العامين المقبلين، في حين أدت أزمة تكلفة المعيشة والاضطرابات السياسية إلى تفاقم المشاكل في حكومة المحافظين، حيث يتقدم الحزب الحاكم الذي يتزعمه رئيس الوزراء ريشي سوناك الآن على حزب العمال المعارض الرئيسي بأكثر من 20 نقطة عبر استطلاعات الرأي العامة قبل الانتخابات العامة في عام 2024.

لبنان لم يعد في أولويات الدول الكبرى وأجنداتها

ينتظر بعض اللبنانيين الأيادي الدولية للتدخّل المباشر وحل مشاكلنا السياسية والإقتصادية والإجتماعية والمالية والنقدية، لأنهم اعتادوا عبر العقود الأخيرة، على واقع أنّ فك العقد يأتي من الخارج وليس من الداخل.

علينا أن نُدرك أن العالم قد تغيّر، كذلك حكّامه واستراتيجياتهم، وأولوياتهم وطريقة إدارتهم وأيضاً أجنداتهم. أما في لبنان فم يتغير شيء، ولا حكامنا ولا إداراتهم الفاسدة والسيئة، ولا أولوياتهم الغامضة، ولا وعودهم الوهمية، ولا تشنجاتهم التدميرية.

إن أولويات دول العالم اليوم، تركّز على إعادة هيكلتها الداخلية، من بعد مواجهة وباء «كوفيد-19» وإعادة بناء اقتصاداتها والإتفاقات التجارية، وإعادة نموها الداخلي.
إن أولوياتها الثانية هي الحد من التضخم الجامح، والذي سيصل إلى التضخم المفرط والذي يُسمّى بالـ Hyperinflation، المتزامن مع الإنكماش والركود، والذي سيصل إلى Stagflation، فدول العالم تواجه زيادة خانقة في أسعار صناعتها ومنتجاتها الأولية، والإنحدار بالإستهلاك.

أما الأولوية الثالثة والأهم فهي مواكبة الحرب الروسية – الأوكرانية، والتي مرت الذكرى السنوية الأولى على اندلاعها، والتي زعزعت استقرار أوروبا والعالم، ودفعت كل الأسعار النفطية والغازية وحتى المواد الزراعية، وتحولت إلى حرب عالمية ثالثة، باردة مع تدخلات عظمى.

إن تداعيات هذا الخلاف الدولي، يؤثر مباشرة على أكثرية الدول ونلاحظ تدخلاً كبيراً أميركياً – صينياً وطبعاً أوروبياً في أرض هذه المعركة الشرسة.
أما الأولوية الجديدة فهي المساعدات الإنسانية لسوريا وتركيا من بعد «زلزال القرن»، الذي خلّف دماراً كبيراً بالأرواح والممتلكات.

فمن ينتظر في لبنان أو يَعِد نفسه بأنه ستعقد مؤتمرات إستثمارية ومالية لمساعدة لبنان مثل الماضي، فهو واهِم لأن هذا البلد لم يعد، ليس فقط في سلم الأولويات، لكن أيضاً في الأجندات الدولية.

ومَن يعتقد أن دول العالم ستنتخب لنا رئيساً للجمهورية وحكومة فاعلة وخطة إنقاذ إقتصادية وإجتماعية هو واهم أيضاً، لأننا لم نعد تحت الأضواء والهموم بعدما أهدرَ السياسيون كل المساعدات السابقة وأفسدوها، بينما بنوا منها قصوراً لهم ودمّروا بيوت شعبهم.

فلبنان واللبنانيون الذين يواجهون أكبر أزمة إقتصادية وإجتماعية في تاريخ العالم، وخسروا 90% من مداخيلهم، وودائعهم ونسبة عيشهم، ونجوا من أكبر ثالث انفجار في تاريخ العالم، ها هم متروكون لوحدهم لمواجهة إدارة المافيات والإقتصاد الأسود وهم أسرى التهريب والترويج وتمويل الإرهاب، وينظرون عاجزين إلى انهيار عملتهم المتجهة نحو آفاق مجهولة ومخيفة.

العالم من حولنا قد تعب من سياسيينا وإدارتهم الفاسدة وليس لهم عندئذ شبه ثقة ولن يستثمروا سنتاً واحداً لِمن أهدروا مئات المليارات. فالذي ينتظر التدخل الإقليمي والدولي واهِم وكاذب، وسينتظر سنوات عديدة وطويلة. لقد حان الوقت ليصبح لبنان أولوية اللبنانيين وقرار لبنان يُصنع في لبنان، وليس في الخارج، والذين سينتظرون الحل المستورد يكونون في الحقيقة يحفرون بالنفق الأسود ذاته المظلم. فالحل الوحيد هو بالإتفاق الداخلي والحل اللبناني، واستراتيجية إعادة البناء عوضاً عن استراتيجية الشلل والتدمير الذاتي.

 

د. فؤاد زمكحل

رئيس الإتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين MIDEL وعميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف USJ

هبوط وول ستريت وسط قلق بشأن البنوك

أغلقت مؤشرات الأسهم الرئيسية في وول ستريت منخفضة يوم الجمعة وسط موجة بيع مع قلق المستثمرين بشأن أوضاع البنوك الأمريكية بعدما اضطرت جهة تنظيمية لإغلاق بنك مهم لقطاع التكنولوجيا مما أبطل تأثير تقرير الوظائف لشهر فبراير شباط.

وقالت الجهة التنظيمية للقطاع المصرفي في ولاية كاليفورنيا إنها أغلقت مجموعة (إس.في.بي) المالية لحماية الودائع، وذلك في أكبر انهيار مصرفي منذ الأزمة المالية. وكانت أزمة رأسمالية لدى (إس.في.بي) أثرت بالفعل على أسهم البنوك على مستوى العالم.

 

ووفقا لبيانات أولية، أغلق مؤشر ستاندرد آند بورز 500 منخفضا 56.64 نقطة، أو 1.45 بالمئة، عند 3861.78 نقطة بينما خسر المؤشر ناسداك المجمع 199.20 نقطة، أو 1.76 بالمئة، ليغلق عند 11139.16 نقطة.

وتراجع المؤشر داو جونز الصناعي 342.20 نقطة، أو 1.06 بالمئة، إلى 31912.66 نقطة.

بورصة انفو: الموقع الرائد لأخبار الذهب ، العملات ، البورصات. مع تحليلات