متابعة قراءة الديون الأجنبية غير المسددة للصين تسجل 2.63 تريليون دولار حتى يونيو 2022
سعر رسمي 15 ألف ليرة… انعكاسه على الودائع وسعر الصرف والأسعار والقروض
بعد 3 سنوات على الأزمة، قرّرت الدولة تغيير #سعر الصرف الرسمي واعتماد سعر صرف 15000 ليرة لبنانية مقابل كل دولار أميركي، أواخر الشهر المقبل، بدلاً من 1507 ليرات كـ”إجراءٍ تصحيحيٍ لا بدّ منه… بعدما بات من المُلحّ تصحيح تداعيات التدهور الحاد في سعر الصرف وتعدّديته على المالية العامة، وذلك تقليصاً للعجز وتأميناً للاستقرار المالي”.
تساؤلات عديدة تُطرح إزاء خطوة المالية غير الواضحة، على مستويات عديدة أوّلها التوقيت، أي بعد 3 أعوام على الأزمة، وما سيحلّ بمنصّة “#صيرفة” ومصير الودائع والقروض وسعر صرف الدولار في #السوق الموازية واتجاه التضخّم وما إلى ذلك من أسئلة، مهما أُجيبَ عنها، تبقى النتيجة العملية واحدة على المواطن: ارتفاع في الأسعار وخسارات إضافية.
لا يمكن فهم الاعتبارات النقدية الاقتصادية والقانونية التي أُخذت لتغيير السعر الرسمي، إذ ليس هناك أيّ اعتبار يوصي بأن يكون السعر الرسمي 15 ألف ليرة ولا الدولار الجمركي كذلك، هذا ما يؤكّده الخبير الاقتصادي، البروفسور بيار الخوري لـ”النهار”. ولا إجابة واضحة وتقنية عن الأسئلة التالية: لماذا اعتماد 15 وليس 20 ألف ليرة أو 12 ألفاً؟ ولماذا لا يُعتمد سعر المنصّة أو سعر الدولار الحرّ؟ “فهنا يكمن الخطر”، وفق الخوري، إذ لا جواب لدى السلطة ولا مبرّرات اقتصادية على الإجراءت التي تطلقها، فهي تقوم بإجراءت ولا تضع سياسات.
إضافةً إلى أنّه ليس في قانون النقد والتسليف ما يُسمّى “الدولار الرسمي” بل هناك “الدفاع عن سعر الصرف” فالدور الأساسي لأيّ مصرف مركزي في العالم هو ضبط الأسعار ولجم التضخّم. ففكرة سعر الصرف الرسمي مأخوذة من الأنظمة ذات سعر الصرف المُدار، فيما لبنان لا يتبنّى هذه الأنظمة، لا بطبيعة نظامه الاقتصادي ولا بانفتاحه على التجارة الخارجية والرساميل، وفق الخوري. حتى إنّ تعدّد الأسعار هو اجتهاد حصل بعد أزمة 2019 وهو غير موفَّق قانونياً ولا اقتصادياً.
علمياً، يبرّر حكّام البنوك المركزية والفيديرالية سلوكهم المتعلّق بالقرارات الاقتصادية المفصلية، ولا يمكن للتبرير أن يكون لتلبية حاجات الدولة عامةً، بل لتلبية حاجات الاقتصاد ومصلحة الإقتصاد الوطني.
وفيما أكّدت وزارة المالية أنّ إجرائها هو “خطوة أولى باتجاه توحيد سعر الصرف تدريجاً”، بحسب الخوري، فإنّ “توحيد سعر الصرف ضرورة ملِحّة، للإسهام في استقرار العملة، لكن التوحيد لا يكون عبر فرضه بإجراءٍ خارج نطاق العرض والطلب، ولا يمكن الجزم إن كان هذا الإجراء فعلاً هو خطوة تجاه توحيد سعر الصرف إذ إنّه سلوك غير مضمون لكونه غير متوقَّع”.
كذلك، منصّة “صيرفة” تعكس روح السوق وتواكب حركة الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً وتراجعاً. واعتماد سعر متحرِّك للمنصّة يلتمس أقلّه روح العرض والطلب، وهو أفضل بكثير من الأسعار الجبرية المفروضة كالـ1500 والـ3900 والـ8000 والـ15000، فهي أسعار لا علاقة لها بمشروع النموّ الاقتصادي.
وعن اتّجاه سعر الدولار في السوق السوداء، يؤكّد الخوري أنّه على سعر 15 ألف ليرة، سنكون بحاجة إلى سيولة أكبر في الاقتصاد. وهنا يجب البحث في حجم الليرات التي ستلمّها الدولة مقابل مدى حاجة الناس إلى الليرة لتسديد نفقاتها، وإلى أي مدى تدفع الحكومة للخدمات التي تُسدّد بالدولار على 15 ألف ليرة، ومدى حاجة المصارف إلى سيولة لتسعير الودائع على 15 ألف ليرة بدلاً من 8000 ليرة بموجب التعميم 151، وكم ستلمّ المصارف من السوق القروض بالدولار على سعر 15 ألف ليرة. فمجموع كل هذه العناصر، يحدّد اتجاه سعر الصرف، وفق الخوري.
من شروط تثبيت سعر الدولار على 15 ألف، حلّ مشكلة الودائع
تغيير السعر الرسمي يحمل 3 سيناريوهات، وإجراء المالية غير واضح المعالم، وفق الخبيرة الاقتصادية، الدكتورة ليال منصور. نظرياً، إعلان سعر صرف رسمي جديد يعني أنّ الدولة تنوي تثبيت سعر الصرف، أي إنّ الودائع “نظرياً” تُسحب على سعر 15 ألف وكذلك القروض، وتُلغى منصّة “صيرفة” ومعها السوق الموازية وتعدّدية الأسعار، ويعيش اللبناني كما كان على أيام الـ1500 ليرة لكن على سعر 15 ألف ليرة. وهذا السيناريو الأول.
وترجّح منصور أن يكون هذا السعر فُرض لتحسين إيرادات الدولة وللتبرير أمام صندوق النقد الدولي زيادة الرواتب وزيادة الضرائب، وقد يُطبَّق هذا السعر على الودائع والقروض وهنا “سنشهد صرخة”، وهذا هو السيناريو الثاني. فإن لم يُطبَّق بشكله النظري، “فعملياً “صيرفة” باقية ومعها السوق الموازية والدولار سيرتفع تدريجاً وليس تحليقاً”.
لذلك، وتطبيقياً، تستبعد منصور كلّياً، أن يكون مسار تغيير سعر الصرف الرسمي إلى 15 ألفاً، في إطار السيناريو الأول. فلكي يُطبّق هذا السيناريو، يجب أن تكون الودائع – التي قُدّرت بحوالي 80 مليار دولار، مغطاة بالليرة على سعر 15 ألف ليرة، و”هو أمر غير موجود”، إضافة إلى شروط عديدة منها المساعدات الخارجية للبنان ورضى صندوق النقد الدولي، وإبرام اتّفاقيات دولية مع الخارج، وتطبيق الإصلاحات، إلى جانب حلّ مشكلة الودائع، إلى جانب أنّ تطبيق هذا الإجراء بهيئته النظرية، لا يُطبَّق بقرار من وزير المالية.
فاعتماد قرار تغيير سعر صرف رسمي دون إرفاقه بأيّ من الخطوات المذكورة، يعني أنّه يهدف فقط إلى تحسين إيرادات الدولة، و”قد يشمل معه الودائع والقروض، وهنا نتحدّث عن السيناريو الثالث”، بحسب منصور، بحيث يبقى الوضع النقدي الراهن على حاله، مع “صيرفة” والسوداء، وتُسدَّد القروض وتُسحَب الودائع على سعر 15 ألف ليرة.
فلتثبيت سعر الصرف، يجب حلّ ملفّ الودائع، ومن هنا حتى أواخر الشهر المقبل، أي موعد العمل بسعر 15 ألف ليرة للدولار رسمياً، لن تُحلّ هذه القضيّة. إذن، تسأل منصور، “هل ستلجأ المصارف إلى إلغاء الودائع نهائياً؟ هل الشعب سيقبل؟”. وتوضح أنّ الكتلة النقدية لا تغطي الودائع على سعر 15 ألف ليرة. ففي شهر كانون الأول من العام الماضي، وبعد دراسة أجرتها منصور، خلصت إلى أنّه إذا ما أُلغيت الودائع نهائياً وأصبحت 0، يمكن تثبيت الدولار على سعر 20 ألف ليرة. لذلك لا يمكن تثبيت سعر الصرف على 15 ألف ليرة.
وعن توقيت هذا الإجراء بعد 3 سنوات على الأزمة، برأي منصور، فهو لتمرير الاتفاق مع صندوق النقد الدولي الذي لن يرضى بأن يرتفع التضخم باستمرار.
الدولار إلى ارتفاع
كل السلع والخدمات سيرتفع سعرها على دولار 15 ألفاً الرسمي و”الدولار سيرتفع في جميع السيناريوهات”، وفق منصور، لكن “لا جنون أسعار”، باستثناء السيناريو الأول “النظري”، الذي يخفض سعر الصرف ويثبّته.
وكلمة “خطوة أولى نحو توحيد سعر الصرف”، كما جاء في بيان المالية، تعني، وفق منصور، العزم على التفاوض على الودائع لكي يتمكّنوا من تثبيت السعر الرسمي على 15 ألف ليرة.
فرح نصور
دورة التشديد النقدي من جانب الاحتياطي الفدرالي أوشكت على الانتهاء
ما علاقة هبوط سهم Apple باقتراب السوق الأميركي من القاع؟
شركة وارن بافيت تخسر 36 مليار دولار بسبب استثماراتها في Apple خلال 2022
خسرت شركة Berkshire Hathaway التابعة للملياردير وارن بافيت 36 مليار دولار بسبب استثماراتها في Apple خلال عام 2022 تزامناً مع خسائر السهم.
تراجع ملحوظ للقيمة السوقية لـ Apple
ووفقاً لموقع بيزنس إنسايدر، فإن Berkshire Hathaway تمتلك 908 ملايين سهم في صانعة الآيفون، وتراجعت قيمة تلك الاستثمارات من 161 مليار دولار إلى 125 مليار دولار.
وهبطت القيمة السوقية لـ Apple بحوالي 700 مليار دولار إلى 2.2 تريليون دولار، في حين تبلغ القيمة السوقية لشركة بافيت 600 مليار دولار.
وكان بافيت قد اشترى 3.9 مليون سهم في Apple خلال الربع الثاني من العام الجاري.
خسائر كبيرة في سبتمبر
ويحتل سهم Apple المركز الأول في محفظة بافيت، كما أنه أكبر مستثمر في الشركة عبر حصة 5.6%.
ولكن مع خسائر السهم في سبتمبر، خسرت استثمارات شركة بافيت في Apple نحو 9 مليارات دولار في الثالث عشر من سبتمبر، وبإجمالي خسائر بلغت 18 مليار دولار في الشهر الماضي فقط.
متابعة قراءة شركة وارن بافيت تخسر 36 مليار دولار بسبب استثماراتها في Apple خلال 2022
إشكالية العملات الرقمية
ناقشت قمة العشرين بالرياض (21 – 22 نوفمبر «تشرين الثاني» 2020) الأوضاع الاقتصادية في العالم، وكلفت صندوق النقد الدولي (IMF) دراسة الآثار المالية الكلية للعملات الرقمية وما يطلق عليها العملات المستقرة العالمية، إذ أكد القادة في البيان الختامي في الفقرة 17 أنه على الرغم من قدرة الابتكارات التقنية المسؤولة على تحقيق فوائد كبيرة للنظام المالي والاقتصاد، فإننا نتابع التطورات عن كثب ونظل متيقظين للمخاطر الحالية والناشئة لهذه العملات. ويجب عدم تداول ما يطلق عليها العملات المستقرة العالمية حتى يتم وضع جميع المتطلبات القانونية والتنظيمية والرقابية ذات الصلة بشكل مناسب وبما يتماشى مع المعايير المطبقة. ورحب القادة بالتقارير الصادرة عن مجلس الاستقرار المالي (FSB) ومجموعة العمل المالي وصندوق النقد الدولي بشأن ما يطلق عليها العملات المستقرة العالمية. وقد وجه القادة بوضع المعايير بمراجعة المعايير الحالية في ضوء هذه التقارير وإجراء التعديلات اللازمة، وكان من أهم ما وجه به القادة من خلال كلماتهم، دراسة ضرورة وجود تنسيق وتعاون نقدي دولي يعمل على وضع الأطر الكفيلة بحماية المتعاملين بهذه العملات، مع العمل على صياغة قوانين تضبط إصدار هذه العملات وآليات تداولها على المستوى الدولي، وأصدر تعليمات إلزامية تمنع تداول هذه العملات، لحين الوصول لضوابط دولية بشأنها.
انتشر التعامل بالعملات الرقمية في كثير من دول العالم، إذ إنها عملة ليس لها وجود مادي ويتم تداولها في الإنترنت فقط وتوليدها من خلال برامج خاصة في الحاسب الآلي ولا يزال غالبية الناس غير ملمين بخصائص ومخاطر هذه العملات، ولذا فقد وجهت القمة صندوق النقد الدولي لدراسة وبيان حقيقة العملات الرقمية وأنواعها وخصائصها، مع تحليل لأبرز الآثار الاقتصادية الناشئة عن انتشارها واستخدامها كوسيلة دفع حديثة.
وبناءً على تكليف القادة في قمة العشرين بالرياض (21 – 22 نوفمبر 2020)، نشر صندوق النقد الدولي (IMF) منشوراً حول الأصول المشفرة ولوائحها، إذ طالب الصندوق بنهج عالمي شامل لتنظيم الأصول الرقمية، وسلط الضوء على بعض القضايا الرئيسية المتعلقة بـ«بيتكوين» والأصول الرقمية الأخرى، حيث هناك مبالغة في تقدير الكثير من العملات الرقمية، ولا تزال حماية مستثمري العملات الرقمية مشكلة كبيرة بسبب عدم وجود لوائح واضحة. يعتقد الصندوق أن اتباع نهج عالمي غير منسق للوائح العملة المشفرة سيؤدي إلى زعزعة استقرار النظام المالي. من ناحية أخرى، صرحت كريستالينا جورجيفا المدير الإداري لصندوق النقد الدولي (IMF)، بأنه من الصعب التعامل مع «بيتكوين» والعملات المشفرة الأخرى كأموال، وفي سياق الإطار التنظيمي للعملات المشفرة، حدد صندوق النقد الدولي الحاجة الملحة للتعاون الدولي لحل التحديات الفنية والإشرافية والتنظيمية المتعلقة بالعملات المشفرة، إذ تعتقد المؤسسة المالية أن العملات الرقمية تغير النظام النقدي والمالي الدولي.
أكد صندوق النقد الدولي أنه سيحتاج إلى تعزيز موارده مع سعيه للاضطلاع بدور المراقبة وإسداء المشورة والمساعدة في إدارة التحول واسع النطاق والمعقّد نحو العملة الرقمية، لا شك أن العملات الرقمية قادرة على تسهيل المدفوعات وتسريعها وخفض تكاليفها، لكن ذلك يتطلب أن يعالج صناع السياسات تحديات رئيسية، فالنقد الرقمي ينبغي أن يكون موثوقاً، كما يجب حماية الاستقرار الاقتصادي والمالي المحلي، واستقرار النظام النقدي الدولي، وعلى صندوق النقد دور حاسم في مساعدة أعضائه على الانتفاع بمزايا النقود الرقمية وإدارة مخاطرها، كما يجب على النقود الرقمية أن تخضع للإشراف التنظيمي وأن يسمح هيكلها وطريقة توافرها للدول بمواصلة السيطرة على السياسة النقدية والأوضاع المالية وأنظمة الصرف الأجنبية.
بدأت فكرة هذه العملة في أواخر عام 2008، وظهرت على أرض الواقع في بداية عام 2009 عن طريق مبرمج مجهول يدعى ساوتشي ناكاموتو، والذي تبنى فكرة العملة الرقمية بهدف تغيير العملات التقليدية السائدة واستبدال العملة الجديدة بها التي تحفظ خصوصية البائع والمشتري ولا تتحكم بها البنوك والحكومات، ويتم التعامل بها من خلال بروتوكول الند للند (متعامل مع متعامل) مع اعتماد تقنيات التشفير الحديثة بهدف زيادة الأمان فيها، ولذا فهي عملة لا توجد إلا في الإنترنت فقط ومن خلال المحافظ الإلكترونية وتعد العملة الافتراضية (بيتكوين) من أكثر النقود الافتراضية انتشاراً وقبولاً، ويمكن الحصول عليها إما عن طريق التعدين وفق آليات محددة، وإما من خلال الشراء من الأسواق والبورصات المتخصصة بهذه العملات.
وسوف يسبب انتشار هذا النوع من العملات الرقمية عند استخدامها عدداً من الآثار الاقتصادية السلبية؛ والتي ينبغي على المتخصصين دراستها، ولا سيما أنه لا دور للدول أو بنوكها المركزية في إصدار هذه العملة الجديدة، مما سيؤثر بشكل كبير في السياسات النقدية للدول، ويقلل من قدرة البنك المركزي على الحفاظ على الاستقرار النقدي من خلال إضعاف دوره في السيطرة على حجم السيولة النقدية وسرعة دوران النقود، وهذا بالإضافة إلى تأثير هذه النقود على السياسات المالية أيضاً، من خلال تأثيرها على حجم الإيرادات الضريبية، حيث سيكون من الصعب على السلطات المالية المختصة أن تراقب جميع الصفقات والدخول التي يتم دفعها أو تسلمها بالعملات الرقمية، علماً بأنه قد تُستخدم هذه العملات أو النقود كأداة لتمويل الصفقات غير المشروعة، ومع ازدياد ترابط الأسواق المالية الدولية وارتفاع معدلات التعامل الدولي بوسائل الدفع الإلكترونية، فإن حجم المشكلات الاقتصادية والمالية والقانونية التي يمكن أن تنشأ كنتيجة لظهور وشيوع النقود الرقمية سيكون كبيراً جداً.
إن العملات الرقمية لا تقدم أي إضافة نوعية متميزة عمّا تقدمه العملات المتداولة الحالية الدولار، واليورو، واليوان، والين وغيرها من العملات المتداولة إذ سيعقّد تداولها المشهد المالي الدولي من خلال تمويل الصفقات غير المشروعة والتهرب الضريبي وإرباك وظائف البنوك المركزية في العالم وغيرها من المشكلات المحتملة، إذ يتم تداول عدة ملايين من الأموال يومياً التي لا تنتمي لأي دولة، ولا يدعمها وينظمها ويطبعها أي بنك مركزي في العالم، ولا تخضع لسياسات الدول، كما أنها لا تتأثر إلا بقانون الثقة بين المتعاملين وسمعة التعاملات.
هذه إشكالية، بين استعمال العملات الرقمية، أو الامتناع عنها، حتى يضع صندوق النقد الدولي، التعليمات التي تضمن الاستعمال والتداول الآمن لهذه العملة، إذ بيّن مجلس الاستقرار المالي (FSB) أن فشل لاعب واحد في سوق العملات الرقمية كفيل بأن يفرض خسائر كبيرة على أهل القطاع ككل من مستثمرين وأسواق ناشئة وأنظمة بيئية أخرى في مجال العملات والأصول الرقمية.
د. ثامر محمود العاني
Standard & Poor’s تعدل نظرتها المستقبلية لبريطانيا إلى سلبية
نائب رئيس الفدرالي الأميركي: التضخم مرتفع للغاية ولا يمكن التراجع قبل مكافحته
الخطة: ودائع وإصلاحات وضرائب… وفَسِّر على ذوقك
يبدو انّ صندوق النقد الدولي ليس مرتاحاً للنص الجديد الذي قدّمته الحكومة على أساس انّه نسخة مُعدّلة لخطة التعافي التي تمّ الاتفاق عليها في نيسان. النقطة التي وضع عليها الصندوق علامة استفهام تتعلّق بالغموض الذي يكتنف كيفية معالجة موضوع الخسائر في القطاع المالي. وما هو دور الدولة في هذه المعالجة.
وبموضوعية، هناك خمس نقاط اساسية كان يُفترض بالخطة معالجتها، وهي: الاصلاحات، الحماية الاجتماعية، السياسة الضريبية، انتظام المالية العامة، توزيع الخسائر تمهيداً لإعادة إطلاق عمل القطاع المصرفي.
هذه النقاط الخمس تشمل بطبيعة الحال مسألة الودائع وما يتصل بها من مسؤوليات يُفترض ان يتمّ توزيعها على الدولة ومعها مصرف لبنان، المصارف وأصحابها، ومن ثم المودعين.
في عملية تفنيد دقيق لما ورد في ما سُمّي خطة، للنقاط الخمس، يتبيّن مقدار الغموض والتسويف والعجن واللكن في الكلام، من دون ان تكون هناك دقة رقمية او زمنية (إلّا فيما ندر) وهي الأساس في أي معالجة جدّية لهذه المشاكل.
اولاً- في موضوع الاصلاحات، تكتفي الخطة بلمحات غير كافية، وتنقصها الدقّة بما يوحي بعدم جدّيتها. وعلى سبيل المثال، تتحدث الخطة عن» ﺗﺟﻣﯾد اﻟﺗوظﯾف ﻋﻠﻰ ﻣدى اﻟﺳﻧوات اﻟﻘﻠﯾﻠﺔ اﻟﻣﻘﺑﻠﺔ ﻓﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم ﻛﺎﻓﺔ.» طبعاً، إلى جانب انّ مثل هذا القرار سبق وتمّ اتخاذه، ومن ثم رأينا إلى اين وصل، حيث تمّ توظيف اكثر من 5 آلاف شخص خلافاً للقانون، ولا يزالون في مواقعهم الوظيفية، وكان اللافت هذه المرة استخدام عبارة «السنوات القليلة المقبلة»، فكيف سيتمّ تفسير ذلك؟ 3 أو 5 أو 10 سنوات أو اكثر. كلها ينطبق عليها هذا التعبير الفضفاض. أو ان تقول الخطة انّه سيتمّ «رﺑط أي زﯾﺎدة ﻓﻲ رواﺗب ﻣوظﻔﻲ اﻟﻘطﺎع اﻟﻌﺎم ﺑزﯾﺎدة ﻓﻲ اﻹﻧﺗﺎﺟﯾﺔ». هذه العبارة اصبحت مملة من كثرة تكرارها منذ عقود. كذلك تتمّ مقاربة ملف الكهرباء الأكثر حساسية بالطريقة الانشائية نفسها. إذ تتحدث الخطة عن ضرورة تنفيذ الخطة التي أُقرّت، وكأنّ المواطن منع الحكومة من تنفيذ خطتها. او ان يُقال انّه ينبغي تشكيل هيئة ناظمة ورفع تعرفة الكهرباء. وكأنّ البنك الدولي لا ينتظر منذ اكثر من 8 اشهر هذه الخطوات ولم تُنفّذ حتى الآن. أو كأنّ الموفد الفرنسي بيار دوكان لم ينتظر لسنتين تحقيق هذه الخطوة لبدء الافراج عن اموال «سيدر»، ولم تُنفّذ.
ثانياً- في موضوع الحماية الاجتماعية المطلوبة في الفترة المقبلة خلال تنفيذ برنامج التمويل، لا تحدّد الخطة أية اجراءات عملية، بل تتحدث عن «ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻹﻧﻔﺎق اﻻﺟﺗﻣﺎﻋﻲ ﺑﻣﺎ ﻓﯾه ﻗطﺎعا اﻟﺗﻌﻠﯾم واﻟﺻﺣﺔ، واﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن ﺣدّة اﻟﻔﻘر»… و»فسّر إذا فيك تفسّر».
ثالثاً- في موضوع السياسة الضريبية، تعلن الخطة بوضوح انّها ستبقي على الضريبة على ارباح الشركات كما هي (17%)، لكنها عندما تتحدث عن زيادة الضريبة على القيمة المضافة، والتي تطال المواطن مباشرة، فانّها تستخدم الغموض عبر القول: «ﻣن اﻟﻣﻣﻛن زﯾﺎدة ﻣﻌدل اﻟﺿرﯾﺑﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻘﯾﻣﺔ اﻟﻣﺿﺎﻓﺔ اﻟذي ﯾﺑﻠﻎ ﺣﺎﻟﯾﺎً 11 ﻓﻲ اﻟﻣﺋﺔ».
رابعاً- في موضوع انتظام المالية العامة، فحدّث ولا حرج عن الغموض الخبيث والمكشوف. وهنا تكتفي الخطة باستخدام حرف «السين»، والوعود على طريقة «ﺳﺗﺳﻌﻰ اﻟﺣﻛوﻣﺔ إﻟﻰ ﺗﻘﻠﯾص ﻋﺟز اﻟﻣوازﻧﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻣدى اﻟﻣﺗوﺳط» و» ﺗﻌﺗزم ﺧﻔض ﻧﺳﺑﺔ اﻟدﯾن إﻟﻰ اﻟﻧﺎﺗﺞ اﻟﻣﺣﻠﻲ اﻹﺟﻣﺎﻟﻲ بشكل تدريجي». أين الخطة في هذا الكلام؟ ألا يُفترض ان تحدّد نسبة العجز المستهدف، ونسبة التدرّج السنوي في هذا الخفض، والطريقة التي ستسمح بهذا الخفض؟
خامساً- في موضوع معالجة وتوزيع الخسائر، وهو الملف الأكثر حساسية، فإنّ الحل بالنسبة للحكومة هو في ان يكون هذا البند هو الاكثر غموضاً في نصّها الادبي الذي أسمته خطة. فهي تتحدث عن «ﻣﻌﺎﻟﺟﺔ اﻟﺧﺳﺎﺋر اﻟﺗﻲ ﺗﻛﺑّدهﺎ اﻟﻘطﺎع اﻟﻣﺎﻟﻲ ﺑﺷكل ﻋﺎدل وﻣﻧﺻف». وما علينا لكي نعرف كيف ستفعل الحكومة ذلك، سوى أن نبحث في المعجم عن معنى عادل ومنصف!
واللافت انّ الخطة تعترف بالوقائع ثم تلتف عليها. فهي تعترف مثلاً، انّه «ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻣﺻرف ﻟﺑﻧﺎن ﻓﻲ هذه اﻟﻣرﺣﻠﺔ أن ﯾﻌﯾد ﻟﻠﺑﻧوك ﻣﺟﻣل وداﺋﻌهﺎ ﺑﺎﻟﻌﻣﻼت اﻷﺟﻧﺑﯾﺔ»، كما «ﻻ ﯾﻣﻛن ﻟﻠﺑﻧوك أن ﺗﻌﯾد ﻣﻌظم اﻣوال ﻣودﻋﯾهﺎ ﻓﻲ اﻟوﻗت اﻟذي ﯾطﻠﺑوﻧه وﺑﺎﻟﻌﻣﻠﺔ ذاﺗهﺎ».
وبالإضافة إلى لغة العدل والانصاف في توزيع الخسائر، تلجأ الخطة إلى تعبير انشائي مطّاط، كأن تقول انّ المطلوب «ﺣﻣﺎﯾﺔ اﻟﻣودﻋﯾن إﻟﻰ أﻗﺻﻰ ﺣدّ ﻣﻣﻛن». وما علينا سوى ان نفسّر معنى «أقصى حدّ ممكن» لكي نُدرك ما هي المبالغ او النسب التي سيحصل عليها المودعون.
وتلجأ الخطة إلى العبارة نفسها في مكان آخر، لتحديد حجم مشاركتها في تعويض الخسائر، فتقول انّها ستشارك «إﻟﻰ أﻗﺻﻰ ﺣدّ ﻣﻣﻛن ﻓﻲ اﺳﺗﻌﺎدة اﻟﻣﻼءة اﻟﻣﺎﻟﯾﺔ ﻟﻣﺻرف ﻟﺑﻧﺎن».
وطبعاً، تبقى مسألة كيفية التعاطي مع حقوق المودعين في المصارف التي قد تتمّ تصفيتها. وهنا ايضاً تبدو الخطة جازمة وواضحة في قرار ﺣل اﻟﻣﺻﺎرف اﻟﺗﺟﺎرﯾﺔ ﻏﯾر اﻟﻘﺎدرة ﻋﻠﻰ اﻻﺳﺗﻣرار». و»ﺣﻣﺎﯾﺔ ﺟﻣﯾﻊ اﻟﺣﺳﺎﺑﺎت ﻟﻐﺎﯾﺔ ﻣﺑﻠﻎ 100 أﻟف دوﻻر، وهذا اﻷﻣر ﻣﺷروط ﺑﻛﻔﺎﯾﺔ ﺣﺟم أﺻول ﻛل ﻣﺻرف ﻋﻠﻰ ﺣدة». وهنا الطامة الكبرى، حيث يتداخل الغموض بالخبث وتصبح اعادة الودائع بمعدل 100 الف دولار، غير مضمونة. كما انّ عدد المصارف التي قد تتمّ تصفيتها يصعب تقديره، طالما انّ مشاركة الدولة في تعويض الخسائر غامص إلى هذا الحد.
يبقى الخوف الأكبر، اننا ننتظر بفارغ الصبر توقيع اتفاق مع صندوق النقد لبدء مرحلة الخروج من الأزمة، لكن مع هذا الكمّ من الغموض والخبث والعجز، قد ننضمّ إلى لائحة الدول «المضروبة»، والتي تتعاون مع صندوق النقد، وتحصل على برامج تمويل وقروض متتالية، لكنها باقية في دائرة التعثر والفقر والتعتير منذ عقود، وقد تبقى كذلك.
انطوان فرح