متابعة قراءة مؤشر إيفويتراجع ولكنه يتوقع نمو الاقتصاد الألماني 0.2% في الربع/1
النفط يواصل التراجع مع انتشار فيروس كورونا في الصين
الذهب يرتفع مدفوعا بمخاوف انتشار كورونا في الصين
مقاومات ودفاعات: يورو + ذهب + نفط + داكس
محطات اوبشن تستحق ال 15:00 جمت.
معوقات الازدهار الاقتصادي في البلدان المتقدمة
تحقق أغلب البلدان المتقدمة النمو الاقتصادي بمعدل متوازٍ تقريبا، وذلك يرجع إلى الوثبات الكبيرة في التطور التقني والعولمة. لكن في كل عقد من الزمان، هناك نجوم يزداد تألقها عن نجوم أخرى في سماء الازدهار. وفي المعتاد، تنظر البلدان الغنية الأخرى إلى تلك النجوم الساطعة بحثا عن إشارات حول كيفية تعزيز معدلات النمو لديها.
وخلال العقد الذي أعقب الأزمة المالية العالمية، برزت كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة في سماء النمو الاقتصادي. وتفوقت هذه البلدان الثلاثة مجتمعة على الولايات المتحدة في مضمار النمو الاقتصادي منذ عام 2009.
بالنسبة لكل دولة من هذه الدول، يمكن سرد قصة عن سبب نجاحهم وما حققوه من إنجازات. إذ يُعزى الأداء الألماني القوي في غالب الأمر إلى شركات الصناعات التحويلية الصغيرة ذات الإنتاجية العالية، والتناغم الفائق بين العمل المنظم والإدارة، ونظام التعليم المهني الرائع هناك، فضلا عن الفائض التجاري الكبير.
ويرجع الفضل في نجاح سنغافورة في بعض الأحيان إلى امتياز نظام التعليم، وتميز نظام الإسكان، والاستثمار الحكومي في مجال التكنولوجيا الحيوية، وغير ذلك من متطلبات الصناعات المتطورة. أما النمو المحقق في كوريا الجنوبية فيرجع إلى قوة ورسوخ الشركات الوطنية الكبرى، ولا سيما شركة سامسونغ العملاقة. ويميل بعض الكتاب، وأنا من بينهم، إلى توصية الولايات المتحدة بمحاولة استنساخ بعض من هذه السياسات الناجحة من أجل اللحاق بالركب المتطور.
لكن خلال السنة الماضية، بدأت اقتصادات هذه البلدان الثلاثة تبدو أكثر هشاشة. وبرغم أن الأرقام الاقتصادية الأميركية تعكس صورة أقوى، فإن ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة، إما أنها قد خبرت فترات الركود الاقتصادي أو هي قريبة للغاية منها.
سجل الاقتصاد الألماني انكماشاً خلال الربع الثاني من العام الجاري، ومن المتوقع أن يواصل الانكماش خلال الربع الثالث كذلك.
ويعد انخفاض الصادرات هو السبب الرئيسي وراء ذلك. ويرجع ثُمن هذا الأمر إلى التباطؤ الاقتصادي في الصين، والتي كانت من كبار زبائن أدوات الرأسمالية الألمانية وغيرها من المنتجات الأخرى. غير أن العالم بأسره لا يشتري الكثير من المنتجات الألمانية في هذه الأيام. وأينما ذهبت الصادرات، يذهب بقية قطاع الصناعات التحويلية.
يعتقد الزميل كريس براينت أن هناك عدد من الاتجاهات التي تعمل ضد كبريات الشركات الصناعية في البلاد. إذ تتعرض صناعة السيارات الألمانية وبصورة كبيرة للتغيرات المناخية العالمية، مع تشديد القواعد الرقابية الخاصة بانبعاثات الكربون مما يشكل تهديدا كبيرا على مستقبل السيارات العاملة بالديزل بصفة خاصة. وشرعت العديد من المدن الأوروبية بالفعل في حظر سير مركبات الديزل في شوارعها، كما تعهدت بعض بلدان المنطقة كذلك بحظر كافة أنواع المركبات العاملة بمحركات الاحتراق الداخلي في المستقبل القريب.
ويشير هذا التحول إلى إجراء تعديلات مؤلمة للغاية بالنسبة إلى ألمانيا. حيث يمثل قطاع صناعة السيارات الألماني مجموعة هائلة وواسعة وعميقة من المعرفة على مدار قرن كامل من الزمان في هذا المجال وحده. ومن شأن التحول السريع إلى إنتاج السيارات الكهربائية أن يلقي بجانب كبير من هذه المعرفة في سلة مهملات التاريخ.
حقق اقتصاد كوريا الجنوبية نموا جيدا في الربع الثاني من العام الجاري، غير أنه كان قد انكمش بنسبة 0.4 في المائة خلال الربع الأول. والتضخم آخذ في الانخفاض مما يشير إلى هبوط الطلب.
وكما هو الحال بالنسبة إلى ألمانيا، فإن المشكلة تكمن في الصادرات، حيث يتعلق القلق الكبير بقطاع صناعة أشباه الموصلات. وفي السنوات الأخيرة، تحولت كوريا الجنوبية إلى أحد المراكز القوية في هذه الصناعة، حيث تفوقت شركة سامسونغ على شركة إنتل الأميركية باعتبارها أكبر شركة آسيوية مصنعة لأشباه الموصلات على مستوى العالم (وربما هي الأكثر تفوقا من الناحية التقنية كذلك). تمثل صادرات أشباه الموصلات حوالي ربع الاقتصاد الكلي في كوريا الجنوبية. ولذلك، فإن الهبوط الأخير في الصادرات – ربما إثر التباطؤ المسجل في الصين، والنزاع التجاري القائم مع الولايات المتحدة، والحرب التجارية المتصاعدة بين كوريا الجنوبية واليابان – سوف يكون مؤلما للغاية.
ومن شأن تراجع المستهلكين في كوريا الجنوبية إلى تفاقم الصدمات الخارجية. ولقد تحملت الأسر الكثير من الديون الباهظة في السنوات الأخيرة، ويمكن أن يسفر تراجع الصادرات إلى تقليص المديونية بصورة شديدة.
أما في سنغافورة، فإن اقتصاد البلاد سجل انكماشا ملحوظا في الربع الثاني من العام الجاري. ومرة أخرى، لا يخرج الجاني الحقيقي عن تراجع الصادرات وضعف التصنيع التحويلي. ومع الصادرات التي تشكل نسبة 170 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، فإن سنغافورة تتصدر بلدان العالم كواحدة من أكثر الدول اعتمادا على التجارة، وسوف تتأثر بشدة بالحرب التجارية الأميركية الصينية – بما في ذلك القيود الأميركية المفروضة على صادرات التكنولوجيا. ومن المفارقات الساخرة أن المظاهرات الصاخبة التي تجتاح هونغ كونغ الصينية، ربما تساعد سنغافورة في تفادي الوقوع في الركود الاقتصادي على المدى القصير، إذ يتحول النشاط المالي والتجاري في البلاد وفقا لتغيرات الأوضاع الجارية. غير أن الأثر بعيد المدى للحرب التجارية، مضافا إلى مشكلة شيخوخة السكان وتباطؤ الإنتاجية، سوف يستمر ويبقى.
وبالتالي، تشترك النجوم الاقتصادية الثلاثة في قضايا مماثلة – بطء التجارة العالمية، مع تراجع الطلب على الواردات الصناعية. وتسفر نهاية النمو الاقتصادي الصيني السريع، فضلا عن الحرب التجارية القائمة مع الولايات المتحدة، إلى نهاية النموذج الاقتصادي العالمي الذي كان دافعا كبيرا للكثيرين خلال العقدين الماضيين. وإذا ما تحولت الخلافات التجارية بين كوريا الجنوبية واليابان إلى الاندفاع صوب النزعات القومية الاقتصادية، فإن الاقتصادات القائمة على التصدير في العالم سوف تتعرض للمزيد من الآلام. وفي الأثناء ذاتها، من شأن الإلحاح المتزايد لمشاكل التغيرات المناخية العالمية أن يعطل صناعات السيارات التي تعتمد على منتجات الوقود الأحفوري. ومن المتوقع للبيئة الاقتصادية التي كانت سببا في بزوغ نجم كل من ألمانيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة في عام 2010، وما تلاه أن تقترب من فصل النهاية. ولا يعني ذلك بالطبع أن الولايات المتحدة ليس لديها ما تتعلمه من الأنظمة التعليمية لهذه النظم الاقتصادية، وعلاقات العمل، والسياسات الصناعية في تلك البلدان. بل في واقع الأمر، يجب على الولايات المتحدة استنساخ أفضل عناصرها والاستفادة المثلى منها. ولكنها تذكرة بأن الأنواع المختلفة من الاقتصادات تتناسب مع أوقات وأزمنة متباينة، وعندما تتغير الأوقات، يتغير بتغيرها الفائزون والخاسرون في كل مجال.
نوح سميث
بلغاريا بسبيلها لتبني عملة اليورو في 2023
بريطانيا ستحدد أهداف التجارة مع الاتحاد الأوروبي الشهر المقبل
بريطانيا قد تستخدم التهديد بفرض رسوم عالية لزيادة الضغط في المحادثات التجارية
العجز في الميزانيات
ما أن تعلن ميزانيات الدول حتى يكون أول ما ينظر إليه هو الفارق بين إيرادات الدولة ونفقاتها، وهو ما يعرف بالعجز أو الفائض في الميزانية. وبالنظر المجرد إلى هاتين الكلمتين، يتضح أن «العجز» مفردة تدل على السلبية، بينما تعبر كلمة «الفائض» عن الإيجابية، وكثيراً ما تقترن كلمة «العجز» بالمعاناة، فيقال إن الدولة تعاني من عجز في الميزانية، بينما يعبر عن الفائض بالتمتع، فيقال إن الدولة تمتعت بفائض في الميزانية، إلا أن السؤال الذي يطرح كثيراً: هل يعبر العجز فعلياً عن معاناة للدولة؟ وهل يعني وجود الفائض أن الدولة تتمتع باقتصاد جيد ومستقبل زاهر؟
يختلف الكثير من الاقتصاديين حول كون العجز أمراً سلبياً في ميزانيات الدول، حتى وإن استمر هذا العجز لسنوات طوال، فقد لا يؤثر هذا العجز في اقتصاد الدولة في حال السيطرة على مستوياته. فعلى سبيل المثال، لم تسجل الولايات المتحدة فائضاً في الميزانية إلا 3 مرات فقط منذ ما يقارب 6 عقود، وهي في سنوات: 1960 و1969 و2000، بينما سجلت جميع السنوات الباقية عجزاً في الميزانية، وبلغ العجز مستويات وصلت إلى 10 في المائة (نسبة من الناتج القومي) في عام 2009 إبان الأزمة المالية وما يقارب 8 في المائة في 1975. ومع ذلك فلا إنكار أن اقتصاد الولايات المتحدة هو أقوى اقتصاد في العالم طيلة هذه المدة، ولا يؤثر هذا العجز في متانة اقتصادها.
وبالنظر إلى حالة الولايات المتحدة أو غيرها من الدول، يرى جانب من الاقتصاديين أن العجز أداة للدولة (وهو عادة ما يُغطى بإصدار السندات)، تتمكن من خلاله من ضخ الأموال في السوق المحلية وتحريك الأسواق، معطية فرصة للشركات بالتوسع. كما تستخدم هذه الأداة للاستثمار وتطوير البنية التحتية للدولة، وقد يكلف عدم تطوير هذه البنية الدولة بشكل مباشر أو غير مباشر، تكلفة تزيد على فوائد السندات، وبذلك يكون إصدار السندات حلاً أوفر للدولة. وفي حالات الركود الاقتصادي، تستدين بعض الدول لتغذي السوق المحلية محاولة انتشالها من الركود، حتى لو كان ذلك على حساب العجز في الميزانية. وبكل الأحوال، فإن وجود عجز في الميزانية يعني أن الدولة لا تمانع في الإنفاق حتى لو كان ذلك عن طريق الاستدانة (سواء كان ذلك أمراً إيجابياً أو سلبياً). في المقابل، فإن الإعلان عن فائض في الميزانية قد يبدو إيجابياً من ناحية تحسن الإيرادات للدولة أو تخفيض نفقاتها، إلا أنه يعني أيضاً أن الدولة تفضل الاحتفاظ بهذه الإيرادات وعدم إنفاقها، وهو مؤشر يراه الكثير من المستثمرين سلبياً.
أما من يرون العجز أمراً سلبياً، فهم يستندون على مدرسة ترى أن العجز عادة يكون بسبب عدم ترشيد الإنفاق الحكومي، وأن ما يحفزها على الاستدانة هو عدم الرغبة في التصادم مع الرأي العام بتخفيض الإنفاق، إضافة إلى سهولة إصدار السندات بسبب انخفاض سعر الفائدة، وأن الحكومات الحالية تورط مثيلاتها المستقبلية في وحل من الديون قد لا يسهل الخروج منه. كما أنهم يفضلون أن يكون التطور بشكل بطيء ومدروس دون الحاجة إلى توسعات سريعة قد تجعل الاقتصاد في وضع هش. ولا شك أن نسبة العجز إلى الناتج القومي مهمة كذلك، فبعض نسب العجوزات يصعب النظر إليها بشكل إيجابي، وقد أصدر البنك الدولي مؤخراً تقريراً يشير إلى أن حجم الديون في الأسواق الناشئة تعدى 55 تريليون دولار، وهو ما يساوي 170 في المائة من الناتج القومي لهذه الدول، وهو أمر لا يمكن النظر إليه بشكل إيجابي على مستوى هذه الدول التي قد يصعب على كثير منها الإيفاء بهذه الديون دون التعرض لأزمات اقتصادية.
إن العجز في الميزانية ليس مؤشراً حاسماً على صحة الاقتصاد، فقد يكون هذا العجز بسبب زيادة إنفاق الدولة لمشاريع مستقبلية مع زيادة في إيراداتها كذلك، وقد يكون هذا العجز بسبب انخفاض في الإيرادات وزيادة في إنفاق غير مدروس، ولمعرفة الفارق بين النقيضين يجب الاطلاع على تفاصيل الميزانيات وعلى بنود المصروفات والإيرادات، ومعرفة النشاطات المشمولة في هذه البنود وتناسبها مع توجه الدولة، واستشراف المستقبل العالمي لهذه النشاطات، والتأكد من جدواها الاقتصادية والاجتماعية. كما أن الفائض كذلك ليس مؤشراً إيجابياً، فقد يعني أن الدولة بإمكانها زيادة الإنفاق من خلال تخفيض الضرائب على قطاعات مستهدفة، أو استثمارات في البنية التحتية.
د. عبدالله الردادي.